|
أغاني الناس وأغاني العمائم
حمزة الكرعاوي
الحوار المتمدن-العدد: 4920 - 2015 / 9 / 9 - 22:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كل الاغاني إنتهت إلا أغاني الناس ، والاغنية التي يغنيها المواطن العراقي هي الحقيقية ، على العكس من إغنية السلطة مهما كانت ، طغت إغاني الناس على أغاني العمائم . لاصوت يعلوا صوت الشعب الذي يطالب بحقوقه ، ومن المعيب على أي جهة أن تتهم الجماهير وتشوه سمعتهم ، وتلصق بهم التهم ، وتضعهم في محكمة . ملايين عاطلة عن العمل وتعاني من الجوع والتهميش ، وسياسات التركيع والتجهيل ، سرقت ثرواتهم ، ومستقبلهم مجهول في ظل سلطات لاتعرف غير الاقصاء والتخادم مع الغريب . ملايين تبحث عن رغيف الخبز في النفايات ، في بلد تنهب ثرواته يوميا ، وهم يشاهدون ألسنة اللهب تخرج من حقول النفط والغاز لتصل الى عنان السماء ، ومنازلهم بدون كهرباء ، وهناك من يتحدث عن كرامات أولياء الله الصالحين وكرامات الاجداد ، في مشهد مخزي . الاغتيالات بمسدسات كواتم الصوت مستمرة ، وكل من يطالب بحقه مصيره السجن او القتل ، والمنادي ينادي هلموا الى الاسلام لانه دين الرحمة ، وإتركوا الدولة وآلياتها ، وكأن العقيدة كائن مشخصن . الحركات الدينية سقطت وإنتهت ، في لحظة الارتطام التي حصلت بين الناس وحركات الاسلام السياسي التي شرعت للمحتل وغلمانه ، ولو كانت أحزاب الاسلام السياسي في مواجهة أنظمة حكم ، لكان من الممكن لها أن تحقق نتيجة ، ولها أن تبرر أفعالها ، لكنها أصبحت في مواجهة شعوب المنطقة بكاملها ، وهذا دليل على رفضها شعبيا ، ونهايتها الى الابد ، ولن تقوم لها قائمة بعد مشاهد الخراب التي حصلت ، وجيوش المهاجرين الذين غرقوا في البحار والمحيطات ، هربا من ( أولياء الله ) خير دليل على سادية احزاب الدين . حاولت وتحاول حركات الاسلام السياسي والمرجعيات الدينية ، خلط الخنادق ، والتلاعب على طائفية المجتمع وعواطف البسطاء ، لكنهم إصطدموا بلحظة الارتطام الخفيفة ، والاقوى قادمة لامحالة ، وستكون ليس بين الناس في العراق والحركات الاصولية ، بل بينهم وبين مرجعيات الدين المستوردة ، ومليشياتها ، والاخيرة هي المصد الاخير للمرجعيات الدينية ، وعند سماعهم للهتافات والشعارات التي خرجت من حناجر الناس في ساحات التظاهر ، التي تستهدف سلطة الدين ، سحبوا مليشياتهم من الانبار ، لتحضير وتجهيز المليشيات داخل بغداد والبصرة ، لاهمية المدينتين بالنسبة لسلطة الدين وولي الفقيه الايراني . وبعد أن تبلغ المظاهرات سن الرشد وتنضج ، والنضج هو إستهداف أصل المشكلة في العراق وهي مرجعيات الدين الدخيلة ، والمنطقة الخضراء التي تدعم من قبل تلك المرجعيات وأمريكا وايران ، وتحاول الجماهير الغاضبة إقتحام المنطقة الخضراء لاكتساح أدوات الاحتلال وحراس شركات النفط العابرة للقارات ، ستتحرك مليشيات المرجع ( الاعلى ) لتقوم بتصفية المتظاهرين بقيادة العمامة الغير ناطقة . وستلعب المرجعيات الدينية لعبة الحكم في البداية ، ولاترغب في بداية الامر بضرب المظاهرات ، لانها تحاول أن تلعب دور الحكم والوسيط ، مثلما فعلت مع المحتل ، وأخفت دورها في تأمين قوات المحتل ، لكي تصل الى حل وسط لانهاء المظاهرات ، وهذا مستحيل ، لان الشباب الغاضب خرج الى الشارع ولن يعود الا بدولة مدنية وفصل الدين عن السياسة ، والجميع في العراق قد ركب الاحزاب والمراجع الدينية . عملية سحق المرجعيات الدينية الدخيلة التي أتت بها بريطانية وأسس لها اليزدي ، قريبة جدا ، وهي نهاية مسلسل الكذب والاختطاف الديني للناس الذي دام لاكثر من 500 سنة ، ونهاية لمشروع تخريب العراق . في النجف شاب قرب بيت المرجع الاعلى يقول : أوصلونا الى لحظة لم نحس فيها أننا بشر .... فعندما تصل الامور الى هذه الحالة ، لايمكن أن تنتهي المظاهرات بمساومات وصفقات خلف الابواب المغلقة ، أو حلول وسط . أهم شيء في مظاهرات العراقيين عام 2015 م إكتشفنا أن شعب العراق لازال سليما ، وبعافيته وعنده فائض قوة ، وهذا هو المهم ، وقد فشلت كل حملات التجهيل التي قادتها مرجعيات الدجاج والبيض المرتبطة بالبيت الابيض الامريكي . أرادت العمائم المستوردة أن تخدع الجميع أن شعب العراق مات ، ومستقبله ( إيمو ) وإعطاء فكرة عن الشباب العراقي على أنهم شباب إنتهى دورهم ولا فائدة منهم ، وماكنة أعلامية تبث السموم ليل نهار للتخدير ، وأرادوا إقناع الناس والرأي العام أن شباب العراق مدمن على المخدرات التي يتاجر بها أولاد الفقهاء ووكلاءهم ، لكنهم فشلوا . وفجأة خرجت ملايين من الشباب المتحمس المتعافي الذي أظهر أن وعيه نظيف ، وهذا مهم جدا لنا كعراقيين ، أننا تيقنا أن شعبنا سليم ، وحي وفتي ، وليس المهم أن تأتي بنتيجة أولا تأتي بها ، لانه في النهاية مع هكذا شعب فتي متعافي ، سيحدث التغيير الحقيقي ونتخلص من سلطة الدين ، التي سبقتنا الى إزاحتها شعوب أوربا التي نفر اليهم اليوم . كل شيء قابل للنقد الا شعب ، وخصوصا من قبل أبناء الوطن ، لانه ليس جمعية ولا أحزابا ، ولامسافرين في قطار . وهل يعقل أن الشعب يتآمر على وطنه ، كما تصور أحزاب الدين الغاطسة في وحل التآمر ، وترفض أن تكشف للشعب عن ثرواته ؟. وليس من حق أحد أن يحاكم شعبا ، لانه الجهة الوحيدة التي توصف بأنها حق غير قابل للمساومة ، والحاكم أي حاكم كان يجب أن يوضع في دائرة الشبهات ، ويحاسب يوميا ويذل ، ولو كان الحاكم موضع ثقة ، لما ذهبت الامم والشعوب لسن القوانين ؟. الشعوب لاتخضع لمنطق الصواب والخطأ ، وليس من المنطق أن يسأل الشعب لماذا الان حدثت الثورة أو المظاهرات ؟. ولماذا لم تكن قبل هذا الوقت ؟. لان هذا السؤال لشعب غير وارد ، حركة التأريخ تتجلى بأفعال الشعب ، وهذه حالة غير خاضعة للسؤال ، وليس من المنطق أيضا أن يوضع شعب في محكمة ، وإعلاميا يحاولون تشويه صورة المتظاهرين ، وهذا كفر في الديمقراطية والدول التي تقدمت ، ويناقضون أنفسهم ، مرة يتهمون المتظاهرين بالدواعش ، واخرى بتحريك من الخارج ، وثالثة المرجعية وراءها . ملايين تطالب بما يقلم اظافر المرجعية الدينية ، وهو المطالبة بدولة مدنية ، وفصل الدين عن الدولة ، والقضاء على الاحزاب الدينية ، وهذه المطالب وغيرها ، لاتشتغل لصالح المرجعية الدينية . كل حملات التجهيل والتخدير لم تنفع مع الشعب العراقي ، وبمظاهرة واحدة إنهزمت ايران في العراق ، بينما لو قاتلنا مليشيات ايران عشرين سنة ، فلن نهزمها ، لكن إرادة الشعب العراقي كما هو حال شعوب الارض ، قادرة على هزيمة اي حالة غير سليمة . البنية العميقة للمجتمعات هي الوحيدة القادرة على هزيمة الدخلاء والمحتلين ، وقلب الطاولة على الحاكم الفاسد ، وتهزمهم بإجراء سريع كالذي شاهدنا في مظاهرات العراقيين التي أسقطت سلطة الدين التي هي أخر ورقة للمحتل الامريكي في العراق . ايران عام 2015 م في أضعف حالاتها ، وأحزاب ايران كذلك في أسوأ حالة ، وكذلك المرجعية . لايتوفرون على حل ، ومنذ زمن صارت المرجعية عند العراقيين كش ملك ، ولم يبق الا إعلان موت الملك ( المرجعية ) وتنتهي الامور ، وهذا الموت والافلاس تنبأ به مرجع من نفس المؤوسسة الدينية وهو محمد باقر الصدر ، عندما أعلن إفلاسها وموتها ، انها تعيش في العراق قرون من الزمن ، واذا بها تظهر مفلسة من الفكر ومن القاعدة الجماهيرية ، وأن ابناء البلد يتحولون الى أعداءها . كل الاغاني إنتهت الا أغاني الناس ، وهي الحق بعينه . عندما ترسل رسالة عبر اليوتوب من ابناء المرجعية بالامس ، من المانيا والنمسا ، يطالب فيها الشباب رفاقهم في العراق بإستغلال الفرصة للهروب من العراق ، ويطلب منهم عدم الاستماع لصوت العمائم ، وبجانبه فتاة جميلة شقراء ... فهل هذا الشباب له علاقة بعد الذي حصل بشيء اسمه مرجع ؟. من يخرج من سجن الدين لن يعود إليه ، والحالة الغير سليمة لن تدوم ، والباطل ضعيف دائما .
#حمزة_الكرعاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدولة المدنية
-
فساد رجال الدين
-
مرجعية الوطن ومرجعية الغريب
-
العراقي برميل نفط
-
بإسم الدين باكونا الحرامية
-
إحذركم من الاسلام والمسلمين
-
( داعش ) تحطم إصول القرآن في الموصل
-
حكومة أبو إجخيل
-
مآساة الطب في العراق
-
اللعب على المشكوف
-
داعش ... خنزير طروادة الامريكي
-
النفوذ الايراني في العراق
-
دستور الاحتلال الملغوم
-
لاجهاد تحت راية ضلال
-
الاسلام في خدمة الشيطان
-
( الولاية الثالثة ) للمختار
-
ثورات النعال في العراق
-
الجلاد المقدس
-
ايها الوحش ايها الاستعمار
-
المواطن ( ينتصر )
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|