أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عماد صلاح الدين - إدراك الذات والعلائق والحضور















المزيد.....

إدراك الذات والعلائق والحضور


عماد صلاح الدين

الحوار المتمدن-العدد: 4920 - 2015 / 9 / 9 - 09:50
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إدراك الذات والعلائق والحضور
عماد صلاح الدين
تنبني تصورات وحتى اعتقادات، في حال مجتمعنا، منها ما هو تقليدي شعبي، ومنها ما هو ديني في قالب شعبي، وضمن عموم روح العرق والجماعات والطبقات الاجتماعية عندنا، بان ثقافة وفقه الإيمان، والتطلع دائما نحو الأمل، مع حضور طاقة العمل وترجماتها ومجالاتها بين ذلك الإيمان والأمل، كفيل بحل مشكلات الفرد والمجتمع، وبما يخدم حتى قضية التحرر الوطني الفلسطيني، وتقرير المصير على الأرض الفلسطينية المحتلة.

هذا، وقد قمت بمراجعات فلسفية وفكرية ومنهجية، سواء على صعيد النظر إلى الدين أو إلى كثير من الأفكار والمعتقدات الاجتماعية السائدة لدينا، وقد تبين لي من خلال تلك المراجعات بان المجتمع الفلسطيني يقوم أفراده بأداء الشعائر الدينية، ولدرجة افراطية في كثير من الأحيان، وذلك يحدث منذ سنوات مبكرة من عمر الطفولة والصبا، فهل حقق ذلك الإيمان المطلوب والمقصود كقاعدة للانطلاق وتفجير الطاقات للفرد والعموم؟؟.
ثم إن أفراد المجتمع الفلسطيني ينشطون في مجالات العمل المختلفة، ويبذلون في ذلك جهدا كبيرا، بما فيه أيضا الجهد التعليمي والمعرفي، فهل هذا –أيضا- حقق المطلب والمقصد؟؟.

وأرجو أن لا يكون مغلوطا عند كثيرين، بان المجتمع الفلسطيني، وكذلك مجتمعات الدول العربية، لا تعمل كثيرا في الأنشطة المختلفة التقليدي أو الأكاديمي منها، وغيرها، فلقد ثبت بموجب دراسات علمية وإحصائية دولية وازنة صادرة عن جهات اختصاصية تفوق دولة مثل مصر على عديد دول حتى متقدمة صناعيا وتكنولوجيا، من ناحية معدل الوسط الحسابي لساعات العمل السنوية، التي يؤديها العامل المصري. وقد أشرت إلى ذلك في دراسات سابقة منشورة لي.(انظر: دراسة أعدها البنك السويسري يو بي اس ونقلتها قناة سي ان ان الاقتصادية العربية مشار إليها في مقال فهمي هويدي بعنوان: أيكون الشعب هو المشكلة؟ منشور على الموقع الالكتروني لجريدة الشروق المصرية بتاريخ 14- مايو- أيار- 2015، وكذلك انظر مقال: لماذا نفشل في العالم العربي؟ عماد صلاح الدين.


ومع ذلك كله لم يتحقق الأمل المنتظر بين ما هو ممارسة شعائرية دينية كإيمان، وما هو ممارسة عملية في نشاطات العمل الإنساني المختلف والمتنوع.

فأين هو الخلل الكامن وراء هذا الفشل على مستوى الأفراد وعلى مستوى الجماعة - الجماعات في المجتمع؟
يبدو أن هنالك حالة من العبط، إن جاز التعبير هنا، في مجتمعنا في قضية التعامل مع الدين والمنشط الإنساني وممارسته، وكذلك فيما يتعلق الأمر بالنسبة للأمل؛ ذلك أن المجتمعات التي تعاني الانحطاط والتأخر الإنساني، يفقد الإنسان عندها قيمته وأهميته كعامل أول في النهضات الإنسانية، وقيام حضاراتها، بل قيمة الإنسان كمخلوق أول على الأرض، وعند ذلك نجد هذه المجتمعات لها سمتان أساسيتان:

1- هي في عدم التركيز على البناء القاعدي المادي، إلى حد السيرورة والاكتمال، في دورة الإنسان الحياتية الاجتماعية الكاملة، أو اسميها هنا الوعائية المادية المتمثلة في الاحتياج الإنساني إلى التزويد والمتابعة والاستمرار، في الأبنية الصحية والجسدية والنفسية والاجتماعية التعالقية على غير صعيد.

2- وهو في وجود حالة الشحية(البخل) المادية، في الاستعداد لأداء الإنفاق اللازم، والواجب المقتضى، الذين يتطلبان أقدارا، من العطاء والتضحيات والدفاع الإنساني والاجتماعي، وان لزم كذلك الدفاع القتالي أو الحربي، لتحقق السير نحو تكوين الوعائية المادية للإنسان والمجتمع المشار إليها في البند الأول أعلاه.
وهذا – طبعا- سببه حالة الخوف التي تملكت الأفراد وجماعات وتكوينات المجتمع نفسه، نتيجة حالة الضعف والانحطاط .

ويبدو أن كرم الإنسان في عطاءه وتضحياته، يتوقف هنا على مقدار شجاعته ومبادرته وقلة شحه وحرصه المادي، والأخير يتوقف أيضا على تأسيس أساس قاعدة الانطلاق والتفاعل عند الإنسان، وهي مرة أخرى القاعدة البنيوية المادية(الوعاء المادي وضمانات متطلبات وجوده)، هذا مع اخذ الاعتبار على ما بين الأفراد والجماعات من تفاوت سمتي وإرادي.ولذلك فان الإيمان الديني والنشاط الإنساني، وان كثر كحالة شعائرية وإجرائية في غياب مكون القاعدة المادية والمكون الوعائي، فانه لا يكون إيمانا حقيقيا وواعيا، ولا يؤدي إلى نشاط هادف وخلاق، وحينها لا يكون هناك تفاعل ايجابي ونشط بين المكونات المختلفة، ينتج عنه – بالتالي- مكون تكوين شخصية الفرد والمجتمع، التي تدرك ذاتها وقدراتها ومجال ميلها واتجاهها، بحسب التنوع الإنساني المعروف، وبالتالي تحقق القدرة على تحقيق المصير الذاتي والجماعي.

وهنا – أيضا- يحدث في ظل غياب القاعدة والمكون المادي حالة من التشوه في الفهم ألعلائقي الإنساني وجدلياته النظرية والممارسية، فتغيب المرونة والتفاعلية البينية بين أفراد المجتمع وجماعاته وطبقاته المختلفة، ويحضر بدلا عنها التشنج والتطرف والإرهاب والعصبيات المختلفة، والأخطر هنا على مستوى الذات، وفي غياب التفاعلية الذاتية والبينية المطلوبتين، لقيام الأفراد وتقدمهم، ونهضة المجتمع وتحضره، وهو فقدان معنى الحضور وجوهره؛ فتمر الوقائع والأحداث، وحتى الممارسات النشاطية للإنسان، وحتى الكلمات والحوارات والاحتكاكات، في سياقها الإنساني السلمي، دون إدراك لبعض حقائقها وماهيتها . وهنا تغيب التراكمية الايجابية التي يبنى عليها عبر سنوات وعقود وربما قرون، دون فائدة أو استثمار لها. إنها حالة التيه الإنساني عندئذ، وهي إجرائية حركية دون عقل أو منطق عاطفي أو اجتماعي أو حتى ديني، وعندها يحس الفرد والمجتمع بان؛ إما أنهما بجهودهما التراكمية الصماء كجبل أتربة وصخور لم يتمخض عنها شيء ايجابي، على صعد نمائية وتقدمية معيارية، مما يدفعهما إلى اليأس والإحباط، وهذه مشكلة كبرى.

أو أنهما، وطبعا وهما لا يدركان قيمة المجهودات المبذولة منهما كتراكم مادي يفتقد التوجيه والاستثمار فيه، بسبب غياب مكون المنطقية المتكاملة في الإنسان؛ سجية عاطفية ودينية وعقلية، يظنان أنهما يعيشان الإرجاء والانتظار المستمرين، دون طائل لأمل وهمي، وهذه الأخرى مشكلة كبرى.

لذلك، فان الإيمان والعمل والأمل، ومسيرة النهضة والحضارة، هي جدليات ذهنية ونفسية وممارسية، قاعدة تفاعليتها ومن قبل تشغيلها، متوقفة على مكون المادية الوعائية، في توفير الناس الأصحاء، على صعد مكون بناهم الخامية الصحية؛ جسديا ونفسيا واجتماعيا، كمتطلبات أولية، لا يصح بعدها كل شعائرية، أو شكلية دينية، أو ممارسة نشاطية عملية، أو تطلع للمستقبل بلهفة المتأمل باستمرار في غيابها. وهي بتصوري ضمانات أولية للعيش الإنساني الفردي والمشترك، في الأنساق الدينية والإنسانية.



#عماد_صلاح_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشرعية للفعل الوطني وليس للهياكل
- التعامل بحكمة مع النظام المصري
- وقف مخطط الاستدراج الإسرائيلي الحلقة الثانية
- وقف مخطط الاستدراج الإسرائيلي
- الحتمية التاريخية وممكن الحتمية
- مخطط تفكيك وحدة القضية الفلسطينية
- إعادة تأهيل الإنسان الفلسطيني
- الخوف على الضفة الغربية
- الدعوات المجردة إلى التدين والتمسك بالهوية
- حين يقولون عن الثورة مؤامرة وعن المقاومة إرهاب
- مشكلة النضال النخبوي الفلسطيني
- البنى التحتية للحب
- لماذا يفشل الفلسطينيون؟
- خطورة الانقسام الفلسطيني
- لماذا نفشل في العالم العربي؟
- ديباج الامتياز عند الشعوب المتخلفة
- النموذج الإرهابي الأسوأ
- التحرك الدبلوماسي والحقوقي الفلسطيني
- القيم النسبية والحلولية الشاملة
- القيم النسبية والقيم السيولية الشاملة


المزيد.....




- لاستعادة زبائنها.. ماكدونالدز تقوم بتغييرات هي الأكبر منذ سن ...
- مذيع CNN لنجل شاه إيران الراحل: ما هدف زيارتك لإسرائيل؟ شاهد ...
- لماذا يلعب منتخب إسرائيل في أوروبا رغم وقوعها في قارة آسيا؟ ...
- إسرائيل تصعّد هجماتها وتوقع قتلى وجرحى في لبنان وغزة وحزب ا ...
- مقتل 33 شخصاً وإصابة 25 في اشتباكات طائفية شمال غرب باكستان ...
- لبنان..11 قتيلا وأكثر من 20 جريحا جراء غارة إسرائيلية على ال ...
- ميركل: لا يمكن لأوكرانيا التفرّد بقرار التفاوض مع روسيا
- كيف تؤثر شخصيات الحيوانات في القصص على مهارات الطفل العقلية؟ ...
- الكويت تسحب جنسيتها من رئيس شركة -روتانا- سالم الهندي
- مسلسل -الصومعة- : ما تبقى من البشرية بين الخضوع لحكام -الساي ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عماد صلاح الدين - إدراك الذات والعلائق والحضور