|
الدولة المدنية
حمزة الكرعاوي
الحوار المتمدن-العدد: 4919 - 2015 / 9 / 8 - 01:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يروجون الى أن المتظاهرين خرجوا بإسم ( المرجع ) وهو الذي أخرجهم ، ويريدون تصوير الامور أن شعب العراق مات ، وإيصال الاخرين الى لحظة ترفع فيها الراية البيضاء ، ويغلق ملف العراق ونتخلص منه ، وأن سيستاني أخرجهم للتظاهر وهو يرجعهم الى منازلهم . مشكلة المطبلين والابواق ، لايعرفون الشعب العراقي ، وإلا لماذا خرج العراقيون في ثورة ضد رجال الدين عام 2015 ولم يخرجوا قبل هذا الوقت وبهذا الحجم ؟. وعلى سبيل المثال : لماذا كانت الثورة الفرنسية في نهاية القرن الثامن عشر ولم تكن في بدايته ؟. وبدل التشكيك بالملايين التي خرجت ، عليهم أن يشككوا بشخص واحد ، وهو المرجع الذي أسس لعملية الاحتلال التي دمرت العراق . ولماذا من وجهة نظرهم إلتحق المرجع بالمظاهرات ولو تقية وإبراء للذمة ؟. أسئلة كثيرة بحاجة الى إجابة ، لكن أبواق السلطة يختارون السؤال الذي يعجبهم ، ليخلصوا الى نتيجة أن العراق فيه شعب ميت . والسؤال الحقيقي : هل سلطة المرجع السيستاني هي علاقة طردية مع سلطة الدولة ، ومع تعافي الدولة العراقية ، وكلما تعافت سلطة الدولة تتعافى سلطته ؟. أم أن الامر معكوس ، كلما تعافت سلطة الدولة العراقية ، تضمحل سلطته وسلطة أحزاب الدين ؟. وهل من العقل أن يقف شخص مع خيارات تضعف سلطته ، وهي سلطة الدولة المدنية ، وفصل الدين عن الدولة ؟. وهل يقف شخص مع شعب أسقط كل أدواته التي يستمد منها قوته ؟. تم تسقيط كل الاحزاب الدينية في العراق ، من نوري المالكي وعمار وإنتهاء بالحزب الاسلامي ، وهذه المسميات خيارات المحتل الامريكي والايراني والمرجعية الدينية ، التي دعمتهم بفتاوى تحث الناس على إنتخاب قائمة الشمعة . فهل من مصلحة رجل أن يفقد أذرعه ويقف مع شعب يريد التخلص من احزاب بشعارات ( باسم الدين باكونا الحرامية ) ؟. يحاول أتباع المرجعية المقارنة بين ثورة تونس ومصر ، وينسون أن مصر وتونس خاليتين من المليشيات ولايوجد فيهما إحتلالات مركبة ولامراجع دين ، ولامشروع خندقة المجتمع ، ولم تصفر الدولة ومؤسساتهما ، مثلما صفرت الدولة العراقية بالكامل . وجيش مصر وتونس وقفا على الحياد ووفرا الحماية للشعب ، ولم يقفا مع الحاكم ، وفي العراق أكثر من 50 مليشيا مسلحة مدججة بالسلاح عدا مليشيات داعش ، تمول جميعها من المال الحرام ، وهي ادوات المرجعية الدينية ، عندما تصل المظاهرات الى لحظة الحسم ، ستتحرك المليشيات بأمر من المرجعية الدينية ، لتبطش بالمتظاهرين الذين قسم منهم هرب وغرق في البحار ، وعندما تتحرك المليشيات بقوة لقمع المتظاهرين ، ستكون لحظة الحسم الافتراق النهائي ، وإنهاء الزواج الكاذب . الملايين الذين خرجوا يطالبون بحقوقهم التي سلبها منهم رجال الدين ، فمن العيب أن يقال : أخرجتهم عمامة ، أو بدفع من الخارج أو تيارات ضد الاسلام . ملايين عاطلة عن العمل تعاني من الجوع ، ويأس من المستقبل ، وبلدهم إنتهى ، وفي النجف قرب بيت السيستاني يطالبون بالدولة المدنية ، وهناك فتاة نجفية محجبة ، ترفع لافتة كتب عليها ، نطالب بدولة مدنية ، وفصل الدين عن السياسة ، وبينها وبين بيت المرجع بضعة أمتار . فهل أن المرجع اليوم نزل عليه الوحي ، واخبره بأن الوضع في العراق وصل الى الحد الذي وصل اليه ، وإصطف معهم ؟. أم كان يعرف الوضع المتردي في العراق ؟. سلطة الدين في العراق والمنطقة في أضعف لحظاتها ، واضطرت بعض العمائم لتصطف مع المتظاهرين ، لاجل التخدير ، لحماية سلطة الاحتلال المحلية . المتظاهرون في العراق ركبوا على الجميع ، بما فيهم العمائم ، والرؤوس الكبيرة ، وهذه ليست المرة الاولى ، لكن التعميم الاعلامي حجب اصوات الناس ، وبالامس خرجت ملايين تهتف لعبد الكيرم قاسم ضد المرجعية ، لصالح قانون الاصلاح الزراعي وقانون الاحوال المدنية التي حرمهما رجال الدين ، مثلما حرموا فتح مدارس لتعليم النساء ، وهجاهم الجواهري بقصيدتين ( علموها ورجعيون ) ، وهم دائما حجر عثرة وعقبة أمام التطور وتحديث العقل ، وضد مشروع بناء الدولة والانسان . الناس في النهاية تبحث عن لقمة العيش ، وكرامتها ، ولهذا السبب طالبوا بدولة مدينة ، وسلطة تخشى هذه المطالب ، بل لاتفهم معنى المدنية . العلمانية التي يقولون عنها ، أنها ضد الدين ، هي إجراء مرتبط بالدولة ، ولا علاقة لها بالعقيدة ، وهي تحافظ على كل المعتقدات وتديم إستمراريتها ، وتؤمن للناس حرية العقيدة ، وفي دولة العلمانية لاتوجد إجتثاثات ولا تصفيات عرقية ولا دينية ، وها نحن نهرب الى دول علمانية حتى وان غرقنا في البحار ، والذي يحترم عقيدته يجب عليه أن يدعوا الى الدولة المدنية ، والى الحكم المدني الليبرالي العلماني لان هكذا نوع من الحكم يحافظ على الجيمع ، ويوفر الامن المجتمعي . السلم الاهلي لايوفره الا المشترك الوطني ، وهو ليس الحكم بإسم طائفة ، بل الحكم بإسم الدولة وآلياتها ، لا بدين ولا طائفية ، ولا حتى قومية ، الذي يدير الدولة موظف ، يسمى إداري لاسلطوي ، لاعلاقة له بالعقيدة ولا حاجة له بالدين ، فمن يريد ان يضع موظفيه في قائمة معينة لايحتاج الى دين ، والطبيب اذا اراد تطوير ادواته لاعلاقة لها بالدين ولايحتاجه ، واذا ارادت الشركات تعبيد الطرق لاتحتاج الى دين ، او تصفية مياه صالحة للشرب ، هذه هي الدولة المدنية العلمانية هكذا تشتغل ، والدين المقدم من قبل العمائم مشروع تخريب . العلمانية مشروع متصل بالدولة ، وهي آلية ، لاعقيدة لها ولا دين . فمن كان غير متدين ، فهل هو غير قادر على بناء دولة ؟. العلمانية لاتتعارض مع الدين ولاعلاقة لها به ، لانها مشروع بناء وتحضر وتقدم ، ولهذا طالب المتظاهرون بها ، لانهم شاهدوا خراب مشروع الدين .
#حمزة_الكرعاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فساد رجال الدين
-
مرجعية الوطن ومرجعية الغريب
-
العراقي برميل نفط
-
بإسم الدين باكونا الحرامية
-
إحذركم من الاسلام والمسلمين
-
( داعش ) تحطم إصول القرآن في الموصل
-
حكومة أبو إجخيل
-
مآساة الطب في العراق
-
اللعب على المشكوف
-
داعش ... خنزير طروادة الامريكي
-
النفوذ الايراني في العراق
-
دستور الاحتلال الملغوم
-
لاجهاد تحت راية ضلال
-
الاسلام في خدمة الشيطان
-
( الولاية الثالثة ) للمختار
-
ثورات النعال في العراق
-
الجلاد المقدس
-
ايها الوحش ايها الاستعمار
-
المواطن ( ينتصر )
-
أنعاك يا ابن العم : خالد جامل الكرعاوي
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|