|
تحل مشكلة و تخلق مشكلة
جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 4918 - 2015 / 9 / 7 - 20:40
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
تحل مشكلة و تخلق مشكلة الذي لا يثق بالطب المدرسي traditional medicine بسبب الاعراض الجانبية side effects يستعين بالطب البديل alternative medicine. المانيا اليوم كالمريض الذي يذهب الى الطبيب لمعالجة مرض ليرجع الى البيت بمرض اخر. كان الحزب الديموقراطي المسيحي الالماني CDU (حزب المستشارة ميركل) و ميركل نفسها تعارض اعتبار المانيا بلد الهجرة دستوريا Wir sind kein Einwanderungsland اي لسنا بلد المهاجرين و رفعت شعار Kinder statt Inder اي نحن في حاجة الى اطفال بدل الهنود.
عندما تفتح المانيا اليوم ابوابها على مصراعيها لاستقبال اللاجئين بالالاف من سوريا و العراق و غيرها من الدول لا تؤكد من جديد انسانيتها فحسب بل تعبر بالدرجة الاولى عن قناعتها بان الثروة البشرية المؤهلة الشابة هي اهم من الثروات الطبيعية في بلد تطور بسرعة مذهلة فيما سميت سابقا باعجوبة الانتعاش الاقتصادي Wirtschaftswunder و تؤكد من ناحية اخرى بان اللاجئين لا يتجهون الى بلدان اشتراكية بل تفضل ديموقراطية الانظمة الرأسمالية الانسانية الكافرة حتى على دول المسلمين رغم بعد المسافة و صعوبة العبور لان اللاجيء الذي يستقر في المانيا يتمتع بحياة افضل بكثير من اللاجئ في لبنان او تركيا او الاردن. انظر الى الدول الشرقية التي تملك ثروات طبيعية هائلة و لكنها ليست فقط غير قادرة على اعداد ثروة بشرية مؤهلة بل تجبرهم على الهجرة و الهرب بسبب انظمتها التعسفية لتبقى اتكالية على الله و على الخبرة الاجنبية الى الابد. هل سألت حكومة شرقية واحدة نفسها و هي تحارب شعبها: ماذا عندنا غير شعبنا؟
تعتقد بعض الاقلام الساذجة ان (الرقيقة) انجيلا ميركل - المستشارة الالمانية - تتحرك بدوافع انسانية فقط و كانما هي ام المسيح و القرار لها لوحدها و تستعجل في اصدار حكمها كما استعجلت بعاطفتها تجاه ما سمي بالربيع العربي. المانيا بلد براغماتي تريد بالدرجة الاولى حل المشاكل التالية و تجابه المستشارة رغم ذلك معارضة من الحزب الاشتراكي المسيحي لان في ما قررته حكومتها تكمن اخطار كثيرة: اولا سد النقص في عدد المؤهلين (نقص 20 الف apprentice) لمختلف الحرف المهنية ثانيا مجابة مشكلة الشيخوخة اي النقص في اهم الثروات الاقتصادية الني طورت المانيا و هي الثروة البشرية ثالثا توفير ايدي عاملة رخيصة
للسيطرة على الاعداد الهائلة من اللاجئين تريد المانيا ايضا محاربة عصابات التهريب في الشرق و هنا مدحت وزيرة الدفاع الالماني Ursula von der Leyen القوة الكردية في كردستان الجنوبية في محاربة داعش و هي تقول حرفيا: علينا ان نركز على القوة الكردية لانها الوحيدة التي اثبتت بانه من الممكن تحطيم اسطورة داعش. تضيف الوزيرة ان الشعب الكردي ترك لديها انطباع عميق عن قابليتهم المذهلة. المشكلة هنا هي انها تميز بين اكراد كردستان الجنوبية و اكراد كردستان الشمالية الذين يجازفون بحياتهم لمقاومة دولة تركية عنصرية شرسة. في الحقيقة لدى الحزب العمال الكردي في كردستان الشمالية خبرة طويلة في مقاومة الاستعمار التركي. فاذا كانت المانيا فعلا انسانية فكيف يمكن مساعدة الاتراك في رمي المناطق الكردية بالقنابل لمجرد كونها عضو في الناتو و مساعدة داعش بصورة غير مباشرة؟
عندما تستقبل المانيا اللاجئين لاي سبب كان فانها لا تحل مشاكلها فقط بل تخلق لنفسها مشاكل كثيرة من بينها: اولا ان معظم اللاجئين من ثقافة اسلامية تختلف عن الثقافة المسيحية او العلمانية الالمانية فسوف تزداد المجابهات و المشاكل مع التطرف الاسلامي و يزداد عدد المساجد و نساء الحجاب و المحاولات الاسلامية التبشيرية. لقد اعلنت سلوفاكيا بانها مستعدة فقط لاستقبال 200 لاجيء سوري مسيحي فقط: لا نريد ان نصحى في اليوم التالي على الالاف من العوائل العربية المسلمة خاصة و ان مسألة التاكثر و التناسل تحول مليون لاجئ بسرعة الى الملايين و تخلق مجتمعات مختلفة داخل مجتمع واحد.
ثانيا مشكلة العقلية و الثقافة الشرقية خاصة في نظرتها الى المرأة
ثالثا تستفز الحكومة الالمانية المنظمات اليمنية التي لا تريد غرق المانيا بالجنس الاسمر و الاسود. بدأت بعض الجهات الالمانية اليوم التكلم عن المانيتين – المانيا بيضاء و المانيا داكنة. يتهيأ لك احيانا بانك لست في المانيا بل في دولة افريقية شرقية اسلامية يمتلئ بالاوربيين الشرقيين ايضا. يؤدي هذا الخلط الى مجابهات ثقافية مختلفة فمثلا صعوبة تدريس مجموعة من النساء الروسيات و البولنديات في دورة واحدة اي كيف تضع ناس من ثقافتين تكره بعضها في دورة واحدة؟ يهرب اللاجيء المسيحي خوفا من الاسلام الى الغرب ليجد نفسه في احضان الاسلام مرة اخرى.
رابعا و كما قالت هنغاريا (رئيس الوزراء فكتور اوربان) بان مشكلة اللاجئين اصبحت الان مشكلة المانية لان الجميع يريد ان يذهب الى المانيا (اعلى نسبة لقبول اللاجئين 40%). تحولت المانيا الى بلد الاحلام ولكن الواقع تتكلم دائما لغة اخرى عندما تنتهي مرحلة الترحيب و تبدأ مرحلة الحياة اليومية. تحاول الحكومة الالمانية ان تقلل من وسائل الاغراء لجعل المانيا البلد المفضل للهجرة بالغاء المساعدات المالية و تعويضها بالمساعدات المادية (الاغذية و غيرها من وسائل العيش) و باعتبار عدد من الدول امينة لا يمكن قبول طلبات اللجوء من مواطنيها و ارجاع الذين لا يستحقون اللجوء الى بلدانهم.
خامسا لن تستطيع المانيا محاربة اوكار عصابات التهريب التي تطورت الى تجارة عالمية لها خلاياها داخل المانيا نفسها. اعتقدت المانيا سابقا ان اللاجيء الذي يأتي من دول الشرق الاوسط يجابه مشاكل كبيرة في الوصول الى اوربا الغربية لذا لم يكن هناك خوف او استعداد للتعامل مع هذا العدد الهائل من اللاجئين.
سادسا تعرض المانيا جاليتها الاجنبية القديمة الى المشاكل من جديد بسبب زيادة عددها (كلما زاد عدد الاجانب قل قيتهم). استطاعت المانيا سطحيا دمج مهاجرين من مختلف الجنسيات و لكن الاغلبية الالمانية الصامتة تعبر عن استيائها في مناقشات شخصية جانبية. استقبال اللاجئين بهذه الاعداد و بهذه الطريقة تشجع قدوم اعداد هائلة اخرى و تستفز دول الاتحاد الاوربي.
السؤال الكبير هو: هل هناك حدود لاستقبال الاجانب و محاولة دمجهم في المجتمع الالماني؟ يهرب اللاجيء الى دول تعتبرهم ضيوف الى الابد و المثل يقول ان للضيف و السمك رائحة كريهة بعد ثلاثة ايام.
سابعا تخصيص مبلغ 6 الالاف مليار يورو (الدولة الوحيدة في العالم التي تخصص هذا المبلغ الهائل) اضافة الى مبالغ اخرى تاتي من الولايات الالمانية (كان مخصصا لتسديد ديون الحكومة) لمساعدة اللاجئين يعني بان الحكومة الالمانية لا تستطيع الان تسديد ديونها.
اخيرا لا استطيع الا ان اعبر عن اعجابي بما تنبأ به المستشار الالماني الراحل Willi Brandt بان دول الشمال ستواجه موجات من الهجرات من الجنوب اذا لم يساعد الشمال الجنوب في حل المشاكل الاقتصادية و السياسية. www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تحولت حياتي الى قائمة
-
قرار العين
-
لا تحسب: 2 + 2 = 5
-
الاضطرابات الاسلامية Islamic Disorders
-
لا تصدقني زوجتي..
-
الصعلوك النبيل
-
الجندي الغبي – الشرطي المفلس 2
-
الجندي الغبي - الشرطي المفلس
-
الخادم - الخالق - الفندق
-
ما فائدة الحبر للبدوي؟
-
ارهاب النظام المكاني
-
صحة قصة اصحاب الفيل؟ 2
-
صحة قصة اصحاب الفيل؟
-
لحظة الانتقال Moment of Transition
-
دشداشة محمد
-
التجارة و المروة
-
على خط الدثار
-
فقدان الطاقة اللغوية
-
قبل الديك - بعد الديك
-
دمه حلال
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية
/ هاشم نعمة
-
من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية
/ مرزوق الحلالي
-
الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها
...
/ علي الجلولي
-
السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق
...
/ رشيد غويلب
-
المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور
...
/ كاظم حبيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟
/ هوازن خداج
-
حتما ستشرق الشمس
/ عيد الماجد
-
تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017
/ الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
-
كارل ماركس: حول الهجرة
/ ديفد إل. ويلسون
المزيد.....
|