أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ثامر - الضمانات القانونية لحق الانسان في الحياة















المزيد.....



الضمانات القانونية لحق الانسان في الحياة


محمد ثامر

الحوار المتمدن-العدد: 4917 - 2015 / 9 / 6 - 10:11
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    





ضمانات
حق الإنسان في الحياة

الأستاذ المساعد الدكتور محمد ثامر
كلية القانون --- جامعة ذي قار
المدرس المساعد
مازن عثمان الجميلي


الخلاصة
لقد اسفرت الجهود الدولية عن دعم حق الانسان في الحياة بنصين هما المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة السادسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وهما قد يبدوان كافيان لضمان هذا الحق إلا إن الدول دعمت ذلك بضمانات أخرى لم تتوفر لأي حق أخر من حقوق الإنسان وقد اتخذ هذا الدعم طريقا مزدوجا ؛ تمثل الأول في إبرام المزيد من الاتفاقيات والبروتوكولات خصوصا البروتوكول الثاني الذي دخل دور النفاذ سنة 1991 والمتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام , في حين تمثل الثاني في تعيين مقرر خاص لبحث المسائل المتعلقة بالإعدام التعسفي أو بالمحاكمة المقتضبة ويمثل تعيين هذا المقرر إجراء فعال من إجراءات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان للحد من حالات الإعدام التعسفي التي تجاوزت المليوني حالة في مدة خمسة عشرة سنة فقط , وان المجلس الاجتماعي والاقتصادي قد حدد ولاية المقرر الخاص في حالات عديدة منها حالات الإعدام التعسفي أو الوشيك , دون محاكمة ,. كما سمح المجلس للمقرر الخاص إن يتلقى التقارير والبلاغات من الإفراد ومنظمات حقوق الإنسان والحكومات متى ما تضمنت معلومات عن حدوث حالات إعدام تعسفي أو بإجراءات موجزة أو التهديد بها .
ليس من اليسير إن يتصدى بحث موجز لعنوان كبير هو حق الحياة أو حتى ضمانات حق الحياة ولكن البحث حاول إن يكشف عن المستجدات التي أضيفت لضمانات هذا الحق خصوصا الضمانات القضائية التي زخرت بتا إحكام المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان والتقارير الصادرة عن المقرر الخاص ناهيك عن إن البحث حاول الإشارة ولو بشكل موجز لضمانات هذا الحق في الشريعة الإسلامية وهي إشارة وان جئت موجزة إلا أنها حظيت بالكثير من الدقة والمعلومات والأسانيد .


Abstract
The international efforts succeded in reach to tow very important articles , the first was article number three from universial decleration in 1948 which was very summery and link between the right of life and the right of personal freedum , the seconed was the article number six from international convenant of civil and boltical rights.
The international efforts don’t stop in this point but try to search more protection of human right of life therefore apear the first protocol in 1966 and seconed in 1989 which inter to force in 1991 this tow protocols support the international effortes to protect the right of life.
The important of this research was it try to explore the new arrangements of international protection of the right of life.







المقدمة
يشكل حق الحياة الركيزة الأساسية لمنظومة حقوق الإنسان فلكي نتحدث عن مجموعة حقوق الإنسان يجب إن نبدأها بتوفير حياته أولا قبل الخوض في ضمان أي حقوق أخرى مهما كانت طبيعتها سياسية أم مدنية أم اجتماعية أم اقتصادية أم ثقافية .
ويرتبط حق الحياة في علم القانون ارتباطا وثيقا بفرض عقوبة الإعدام إذ إن هذه العقوبة تنصب مباشرة على تجريد الإنسان من التمتع بالحق بالحياة وهبة الحياة التي منٌ الله بتا عليه ولذلك سارعت الدول إلى إيجاد أكثر من ميثاق دولي وإقليمي حرصت جميعها على الحد أولا ومن ثم إلغاء عقوبة الإعدام قدر الإمكان مرورا بحصر حالات الإعدام التعسفي أو الإعدام خارج نطاق القانون كما إن العمل في هذا الإطار ابرز إلى الوجود الجهود التي بذلها المجلس الاجتماعي والاقتصادي حيث وضع مبادئ قانونية على درجة كبيرة من الأهمية هي مبادئ المنع والتقصي الفعالين لعمليات الإعدام خارج نطاق القانون والإعدام التعسفي والإعدام دون محاكمة والتي كان لها فيما بعد دورا كبيرا في عمل المقرر الخاص وهو شخص ذو مركز دولي معترف به يتولى بحث المسائل المتصلة بالإعدام التعسفي أو بالمحاكمة المقتضبة .
ليس من اليسير إن يتصدى بحث موجز لعنوان كبير هو حق الحياة أو حتى ضمانات حق الحياة ولكن البحث حاول إن يكشف عن المستجدات التي أضيفت لضمانات هذا الحق خصوصا الضمانات القضائية التي زخرت بتا إحكام المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان والتقارير الصادرة عن المقرر الخاص ناهيك عن إن البحث حاول الإشارة ولو بشكل موجز لضمانات هذا الحق في الشريعة الإسلامية وهي إشارة وان جئت موجزة إلا أنها حظيت بالكثير من الدقة والمعلومات والأسانيد .
إن بحثا بمثل هذه الأهمية الشمولية تأتي الصعوبة فيه من محاولة التركيز على الأهم من مفاصله وجنباته وخباياه كما تبرز صعوبة أخرى إن معظم الكتب والبحوث التي درست هذا الحق تناولته من جهة جنائية بحتة وهي تتطرق لشرح عقوبة الإعدام وجريمة القتل ولم يحدث إن اختص كتاب أو بحث بدراسة هذه الضمانات من جهة القانون الدولي لحقوق الإنسان عموما , وهكذا وبغية إحاطة الموضوع بدراسة شاملة تركز على الجوانب المهمة تم تقسيم البحث إلى أربعة مطالب وكالاتي :-
المطلب الأول : الضمانات الدولية .
المطلب الثاني : الضمانات القضائية.
المطلب الثالث : ضمانات المقرر الخاص .
المطلب الرابع : الضمانات الشرعية .














المطلب الأول
الضمانات الدولية


نصت المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948 على (( لكل فرد حق في الحياة والحرية وفي الأمان على شخصه )) ونصت المادة السادسة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بفقراتها السادسة على ما يلي : ـ
(( 1 ـ الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان . وعلى القانون أن يحمي هذا الحق . ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفا .
2 ـ لا يجوز في البلدان التي لم تلغ عقوبة الإعدام ، أن يحكم بهذه العقوبة ألا جزاء على اشد الجرائم خطورة وفقا للتشريع النافذ وقت ارتكاب الجريمة وغير مخالف لإحكام هذا العهد ولا تنافيه منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها ، ولا يجوز تطبيق هذه العقوبة ألا بمقتضى حكم نهائي صادر من محكمة مختصة .
3 ـ حين يكون الحرمان من الحياة جريمة من الجرائم الإبادة الجماعية يكون من المفهوم بداهة أنه ليس في هذه المادة أي نص يجيز لأي دولة طرف في هذا العهد أن تعفي نفسها على أية صورة من أي التزام يكون مترتبا عليها بمقتضى أحكام اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها .
4 ـ لأي شخص حكم علية بالإعدام حق التماس العفو الخاص أو أبدال العقوبة ويجوز منح العفو العام أو العفو الخاص أو أبدال عقوبة الإعدام في جميع الحالات .
5 ـ لا يجوز الحكم بعقوبة الإعدام على جرائم ارتكبها أشخاص دون الثامنة عشر من العمر ، ولا تنفذ هذه العقوبة بالحوامل .
6 ـ ليس في هذه المادة أي حكم يجوز التذرع به لتأخير أو منع إلغاء الإعدام من قبل أية دولة طرف في هذا العهد . ))
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد دعت الدول الإطراف في 1989 إلى تبني إجراءات معينة أو ضمانات في الحالات التي توجه فيها التهمة في قضايا تكون عقوبتها الإعدام وسبق للجمعية العامة و أن حثت الدول في عام 1974 على حصر الحالات التي يجوز فيها تنفيذ العقوبة الرئيسية الإعدام ثم تلي ذلك المقترح المقدم من ألمانيا والمتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام والذي عرف فيما بعد بالبروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والذي اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 44 / 128 المؤرخ في 25 ديسمبر ودخل دور النفاذ في 11 تموز 1991 وفقا لإحكام المادة 8 منه والذي يهدف إلى إلغاء عقوبة الإعدام ولان هذا البروتوكول يرتبط ارتباطا وثيقا بالحق بالحياة فلا بد من الإشارة إلى إحكامه ولو بإيجاز .
ويتكون البروتوكول الاختياري الثاني من ديباجة واحد عشر مادة نضمت الديباجة والمواد الأولى والثانية منه مسائل موضوعية في غاية الأهمية بينما نضمت المادة الثالثة وما تلاها من مواد بعض المسائل الإجرائية المتعلقة بالتقارير التي تقدمها الدول الأعضاء في هذا البروتوكول إلى اللجنة المعنية بحقوق الإنسان والتي يجب أن تتضمن معلومات عن التدابير التي اتخذتها لإنفاذ هذا البروتوكول .
لقد جئت ديباجة البروتوكول لتؤكد الهدف من البروتوكول إلا وهو إلغاء عقوبة الإعدام بعده مساهمة فاعلة في تقرير حق الإنسان بالحياة وبالتالي الارتقاء بحقوق الإنسان بشكل إجمالي وتعزيز الكرامة الإنسانية ولذلك ربطت الديباجة بين التزامات الدول الواردة في المادة 3 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمتعلقة بحق الإنسان بالحياة وبين المادة 6 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والمتعلقة هي الأخرى بحق الإنسان بالحياة على اعتبار إن هناك اتصال وثيق الصلة بين ما يرد في هذا البروتوكول من إحكام والتزامات وما تضمنته المادتين أنفتي الذكر وبالأخص المادة السادسة من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية والتي تشير الديباجة إلى أنها استخدمت عبارات توصي بشدة بإلغاء عقوبة الإعدام ـ وان كل الإجراءات والتدابير التي تتخذها الدول الإطراف وتصب في هذا الاتجاه تشكل تقدما ملموسا في حق الإنسان التمتع بالحياة . لذلك أوجبت المادة الأولى على الدول الإطراف بان لا تقوم بإعدام أي شخص خاضع لولايتها القضائية وان تتخذ جميع التدابير اللازمة لإلغاء عقوبة الإعدام داخل نطاق ولايتها القضائية . كما حرم البروتوكول وفي مثال واضح على المعاهدات التي تمنع التحفظ بشكل جزئي حرم البروتوكول أي شكل من إشكال التحفظ سواء عند التصديق أو الانضمام إلا التحفظات المتعلقة بتطبيق عقوبة الإعدام في وقت الحرب وبالنسبة لجرائم بالغة الخطورة وتكون ذات طبيعة عسكرية وترتكب في وقت الحرب وعلى الدولة الطرف وهي تعلن التحفظ أن ترسل نسخة منه إلى الأمين العام للأمم المتحدة كما عليها إن ترسل نسخة من تشريعاتها الوطنية ذات الصلة والمعدة للتطبيق إثناء الحرب .
وكان الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان الصادر 1779 قد نص في مادته الأولى (( إن من واجب كل دولة إن تعترف لكل إنسان في حق متساو في الحياة )) .
إما الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان والتي دخلت دور النفاذ في عام1953 فقد نصت المادة الثانية في الفقرة الأولى منها (( يحمي القانون حق كل إنسان في الحياة )) وانه لا يجوز إن يحرم إنسان من حقه تعسفا ولعل الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان كانت أكثر دقة في تحديد الظروف التي يمكن فيها تجريد الإنسان من حق الحياة وهي حالة الدفاع الشرعي أو إثناء الاعتقال وقد وردت هاتين الحالتين على سبيل الحصر ثم جاء البروتوكول السادس الملحق بالاتفاقية ليعلن إلغاء عقوبة الإعدام فيما عدى حالة حرب ، ومنذ عام 1994 أصبح الأعضاء الجديد في مجلس أوربا إما إن يكونوا إطراف في البروتوكول السادس أو إن يقدموا تدابير قانونية تهدف إلى تعطيل تنفيذ الإحكام الجنائية التي تتضمن الحكم بالإعدام ، وقد أصبح ألان البروتوكول ملزم لجميع الدول الأعضاء في الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان ما عدا روسيا التي تعهدت باتخاذ تدابير قانونية تأجل تنفيذ حكم الإعدام منذ انضمامها للمعاهدة سنة 1996 . إما البروتوكول الثالث عشر لسنة 2002 فقد الغي عقوبة الإعدام في جميع الظروف بدون استثناء وقد صادقت على هذا البروتوكول إلى ألان تسع وعشرون دولة ، وهكذا فالاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان لم تلغ عقوبة الإعدام ولكنها قيدتها إلى ابعد الحدود وحصرتها بأكثر الجرائم خطورة ومنعت مع توفر هذه الخطورة إيقاعها بالنساء الحوامل أو بالجناة الذين تقل أعمارهم عن ثمان عشرة سنة ، ويذكر إن الولايات المتحدة وهي تصادق على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية تحفظت بحقها في إيقاع عقوبة الإعدام بمن هم دون سن الثامنة عشر من العمر دون إن يشمل هذا التحفظ إعدام النساء الحوامل . وقد نصت المادة الثالثة من ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوربي لسنة 2000 على حق الإنسان في السلامة أخذة في الحسبان ثورة التقدم العلمي والتكنولوجي خصوصا في حق الاستنساخ البشري بقولها :
( 1 ـ لكل شخص الحق في احترام سلامته البدنية والعقلية
2 ـ في مجال الطب وعلم الأحياء يجب احترام ما يلي على وجه الخصوص : ـ
ـ الموافقة الحرة والمعلومة للشخص المعني طبقا للإجراءات التي يضعها القانون
ـ حظر الممارسات التي تتعلق بتحسين النسل ـ وخاصة تلك التي تهدف إلى انتقاء الأشخاص
ـ حظر جعل جسم الإنسان وأجزائه مصدرا للكسب المالي
ـ حظر الاستنساخ التناسلي البشري .
وهذا ، ويقسم رجال القانون ، قتل الرحمة إلى نوعين : قتل الرحمة الايجابي ، وفيه يقوم الطبيب المعالج للمريض الميئوس من شفائه بناء على طلبه ، بإنهاء حياته بواسطة حقنة مميتة ، تحتوي على جرعة كبيرة من مادة مخدرة تؤدي إلى وفاة فورية للمريض . وهذا الفعل يعد جريمة قتل عمد ، تتوافر فيه جميع أركان الجريمة ، من فعل مادي من شأنه إزهاق روح إنسان حي ، وقصد جنائي يتوافر باتجاه إرادة الجاني إلى الاعتداء على حياة إنسان حي إزهاق روحه مع علمه بذلك ، بصرف النظر عن البواعث الإنسانية والاجتماعية التي ارتكبها.
وقتل الرحمة السلبي ، وفيه يتوقف الطبيب عن إعطاء العلاج ، وهو عملية تسهيل وفاة المريض الميئوس من شفائه ، ليلاقي حتفه بسبب إمراض ومضاعفات أخرى يمكن معالجتها والتصدي لها مؤقتا . وهنا يعد قاتلا عمدا بالامتناع أو الترك ، وهي جريمة الامتناع عن تقديم العون والمساعدة لشخص في خطر . مع العلم بأن أخلاقيات المهنة الطبية تفرض على الطبيب المعالج احترام الحياة الشخصية والإنسانية للمرضى في جميع الظروف ، وهو ما يشكل واجبا أساسيا للطبيب .














المطلب الثاني
الضمانات القضائية

يسير القضاء الأوربي نحو تعزيز الضمانات المتعلقة بحق الحياة وكان القرار ألأكثر وضوحا هو القرار الذي اتخذته المحكمة الدستورية الاتحادية الألمانية في 15 شباط 2005 وألغت بموجبه الفقرة 14 البند الثالث من قانون رقم 11 لسنة 2005 والمسمى بقانون أمن الطيران ، إذ أن هذا القانون يعطي للحكومة الاتحادية وفي حال ألاستعجال لوزير الدفاع بالاتفاق مع وزير الداخلية الاتحادي سلطة إصدار أمر للقوة الجوية بإسقاط طائرة استولى عليها إرهابيون وكان رئيس الجمهورية نفسه قد أبدى شكوكا حول القانون ولكنه أقره مع ذلك عادا أن البند 3 من الفقرة 14 وحده الذي يتضمن هذا الترخيص غير دستوري وأنه وبخلاف المحكمة الاتحادية ليس لديه صلاحية لا فتطاع جزء من القانون يعتقد بأنه غير دستوري . وقد طعن في ذلك الوقت بالقانون وفق دعوى أقامها ملازم طيار وعدة نواب من الحزب الليبرالي أي من قبل أشخاص يستعلمون عادة الطائرات ومن الممكن بالتالي قبول دعواهم للطعن مباشرة بالقانون .
وكان البند 3 من الفقرة 14 من القانون ينصص على أن (( التدخل الفوري بألاسلحة غير مقبول ألا أذا نجم عن ظروف ستستعمل فيها الطائرة ضد حياة كائنات حية ، وإذا كان هذا التدخل الوسيلة الوحيدة للدفاع عن النفس ضد هذا الخطر الداهم )) وتم الإعلان بأن هذا النص غير دستوري بسبب عدم الاختصاص ولانتهاكه الكرامة الإنسانية والحق بالحياة في أن واحد . والأكثر أهمية في نظر المحكمة هو انتهاك هذا القانون أثنين من الحقوق الأساسية والثمينة بشكل خاص وهما الكرامة الإنسانية والحق بالحياة وقد كان من مفاعيل النص المدروس برأت المحكمة السلطات الحكومية بمعاملة الناس الأبرياء الذين تواجدوا في الطائرة المخطوفة كما لو أنهم مجرد مواضيع فيما تقوم به من عمل ، الأمر الذي يعد انتهاكا للمبدأ القائل بأن الإنسان هو موضع الحقوق ولا يقبل التقادم وأنه شخص له كرامة خاصة ويعد هذا الأمر خطيرا بشكل خاص لأن من الصعب على السلطات الوزارية أن يكون لها تقدير دقيق للوضع وهكذا فأن حماية المسافرين والطاقم يجب أن تتغلب على حماية أشخاص يتواجدون أمام احتمال إسقاط الطائرة ، ولقد استبعدت المحكمة فيما بعد سلسلة كاملة من الحجج المقدمة من أجل تبرير النص المدروس ، ومنها أن الأشخاص المعنيين لم يكن لديهم على كل حال ألا حظوظ قليلة بالبقاء على قيد الحياة لكن الإنسان ، بنظر المحكمة ، يحتفظ بكل كرامته وقيمته طالما أنه ما يزال على قيد الحياة كما أن الحجة القائلة بأن الرهائن قد تحولوا إلى مجرد أسلحة في أيدي الارهابين هي أيضا قابلة للقبول يقدر أقل وأن الفكرة القائلة بأن المسافرين على متن الطائرة عليهم واجب التضحية لن تكون مفيدة للجماعة بصفتها تلك وأخيرا فأن واجب الدولة بحماية حياة الإنسان ، يمكن الوفاء بها باستعمال رسائل يحرمها الدستور . ومن المؤكد أن انتهاك كرامة الشخص البشري وحق الحياة لا يشمل ألا الفرضيات التي تكون فيها الطائرة التي استولى عليها الإرهابيون تنقل مسافرين أبرياء وهو لا يشمل فرضية كون الطائرة بدون طيار أو الطائرة التي لاتنقل ألا إرهابيون ولكن حتى في هاتين الفرضيتين فأن هذه الفقرة حول أمن الطيران تعد غير دستورية . كما يتضمن الالتزام المترتب على الدولة بحماية حياة الأشخاص الخاضعين لاختصاصها القضائي التزاما بحماية الصحة , كما يبرر ذلك قرار الحكم في قضية سكا فيزو وهاجر وآخرين ضد سويسرا الصادر في 7 شباط 2006 وقد وضعت قيد الاتهام في هذه القضية العمل السلبي لرجلي شرطة أهملا ، على أثر فقدان أحد الأشخاص الذين كانا يستجوبانه ، القيام بأي حركة إنعاش له إلى حين وصول سيارة إسعاف ، وللمرة الأولى أكدت المحكمة بصراحة أن المادة 2 ترتب على الدولة بالنسبة للأشخاص الموقوفين أو الموضوعين قيد الحراسة ، التزاما بحماية صحتهم ، يتضمن توفير العناية الطبية العاجلة عندما تستلزم الحالة الصعوبة للشخص ذلك بغية تجنب نهاية محتومة له وفي قضية مشابهة قضت المحكمة في قضية تتايس ضد فرنسا في 1 حزيران 2006 حيث تم العثور على المستدعي ميتا في حجرة ضيقة كان قد وضع فيها بعد استجوابه على أثر حادث سير ريثما يستعيد وعيه بعد حالة السكر التي كان يعاني منها بأن سلبية رجال الشرطة في أثناء حالة ضيق جسدي ومعنوي عانى منها المعنى بألا مر وغياب المراقبة الفعلية من جانب رجال الشرطة ، خرقا الالتزام
المترتب على الدولة بحماية حياة الأشخاص الموضوعين قيد الحراسة


















المطلب الثالث
ضمانات المقرر الخاص
ولحماية حق الإنسان في الحياة في مواجهة هذه الانتهاكات الخطرة فقد اعتمد المجلس الاقتصادي والاجتماعي في 24 مايو 1989 مجموعة ( مبادئ المنع والتقصي الفعالين لعمليات الإعدام خارج نطاق القانون والإعدام التعسفي والإعدام دون محاكمة ) ، وذلك بناء على التوصية التي قدمتها لجنة منع الجريمة ومكافحتها في دورتها العاشرة التي عقدت في فيينا في الفترة من 5 إلى 16 فبراير 199:

وفيما يلي أهم هذه المبادئ :

1 ـ تحظر الحكومات ، بموجب القانون ، جميع عمليات الإعدام خارج نطاق القانون والإعدام التعسفي دون محاكمة ، وتكفل اعتبار هذه العمليات جرائم بموجب قوانينها الجنائية . . . ولا يجوز التذرع بالحالات الاستثنائية بما في ذلك حالة الحرب أو التهديد بالحرب أو عدم الاستقرار السياسي الداخلي أو أي حالة طوارئ عامة أخرى لتبرير حالة الإعدام هذه .
2 ـ تتكفل الحكومات بفرض رقابة دقيقة ذات تسلسل قيادي واضح على جميع الموظفين المسئولين عن القبض على الأشخاص وتوقيفهم واحتجازهم وحبسهم وسجنهم ، وعلى الموظفين المخول لهم قانونا استعمال القوة والساحلة النارية .
3 ـ تحظر الحكومات على الرؤساء وعلى السلطات العامة إصدار أوامر ترخص لأشخاص آخرين بتنفيذ أي نوع من أنواع الإعدام خارج نطاق القانون أو الإعدام التعسفي أو الإعدام دون محاكمة أو تحريضهم على ذلك . ولأي شخص كان حق وواجب الامتناع عن الامتثال لهذه الأوامر .
4 ـ تكفل الحكومات وضع الأشخاص المجردين من الحرية في أماكن للاحتجاز معترف بتا رسميا وموافاة أقاربهم أو محاميهم أو غيرهم من الأشخاص المتمتعين بثقتهم فورا بمعلومات دقيقة عن احتجازهم وأماكن وجودهم بما في ذلك عمليات نقلهم .
5 ـ يضطلع مفتشون مؤهلون ضمنهم موظفون طبيون ، أو سلطة مستقلة مناظرة لهم ، بعمليات التفتيش المنتظمة في أماكن الاحتجاز ، ويمنحون صلاحية إجراء عمليات تفتيش مفاجئة بمبادرة منهم .
6 ـ يجري تحقيق شامل عاجل نزيه عند كل اشتباه بحالة إعدام خارج نطاق القانون أو إعدام تعسفي أو إعدام دون محاكمة . . والقيام بتشريح الجثة وجمع وتحليل كل الأدلة المادية والمستندة وأقوال الشهود ، وينبغي أن يميز التحقيق بين الوفاة الطبيعية والوفاة بحادث والانتحار والقتل .
7 ـ يكون لهيئة التحقيق سلطة الحصول على جميع المعلومات اللازمة للتحقيق .
8 ـ لا يجوز التصرف في جثة المتوقي إلا بعد إجراء تشريح واف لها بواسطة طبيب شرعي . . وإذا اتضح بعد الدفن أن الأمر يتطلب إجراء تحقيق تخرج الجثة دون إبطاء لتشريحها .
9 ـ تكفل الحماية لمقدمي الشكاوى والشهود والمحققين وأسرهم من العنف والتهديد بالعنف أو أي شكل من أشكال التخويف .
10 ـ يعد خلال فترة معقولة ، تقرير كتابي عن الأساليب التي اتبعت في التحقيقات والإجراءات والطرق المستخدمة لتقييم الأدلة والاستنتاجات والتوصيات المستندة إلى ما تكلف من وقائع والى القانون الواجب التطبيق .
11 ـ تكفل الحكومات محاكمة الأشخاص الذين يظهر التحقيق أنهم اشتركوا في عمليات الإعدام خرج نطاق القانون أو الإعدام التعسفي أو الإعدام دون محاكمة .
12 ـ لا يجوز التذرع بأمر يصدر من رئيس أو سلطة عامة لتبرير الإعدام خارج نطاق القانون أو الإعدام دون التعسفي أو الإعدام دون محاكمة . ويمكن اعتبار الرؤساء وكبار الموظفين وغيرهم من المواطنين العامين مسؤلين عن الأفعال التي يرتكبها من يعملون تحت رئاستهم إذا كانت قد أتيحت لهم فرصة معقولة لمنع حدوث هذه الأفعال . ولا تمنح حصانة شاملة من الملاحقة لأي شخص يعزي إليه التورط في عمليات الإعدام خارج نطاق القانون أو الإعدام التعسفي أو الإعدام دون محاكمة أيا كانت الظروف بما في ذلك حالات الحرب أو الحصار أو غيرها من حالات الطوارئ العامة .
13 ـ يحق لأسر ضحايا عمليات الإعدام خارج نطاق القانون أو الإعدام التعسفي أو الإعدام دون محاكمة ، ولمن يعول هؤلاء الضحايا ، الحصول خلال فترة معقولة على تعويض عادل وكاف .
ونظرا لتزايد حالات الإعدام التعسفي أو بإجراءات موجزة مقتضبة في شتى الدول ، فقد طلب المجلس الاقتصادي والاجتماعي من رئيس لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في 7 مايو 1982 تعيين شخص ذي مركز دولي معترف به ليكون مقررا خاصا لبحث المسائل المتصلة بالإعدام التعسفي أو بمحاكمة مقتضبة .
وقد أورد المقرر الخاص في تقاريره تعريفا مؤقتا لحالات الإعدام التعسفي أو بإجراءات موجزة على النحو التالي :
1 ـ الحرمان من الحياة نتيجة لحكم مفروض بمقتضى إجراء لم تتم فيه مراعاة الأصول القانونية ، ولا سيما الضمانات الدنيا المحددة في المواد 6 ، 14 ، 15 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية ، والضمانات التي تكفل حماية حقوق من يواجهون عقوبة الإعدام والتي اعتمدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي في قراره المؤرخ 25 مايو 1984 .
2 ـ الحرمان من الحياة نتيجة عمليات قتل تنفذ من قبل الحكومة أو باشتراكها أو بتغاضيها عنها أو بقبولها ضمنا ، دون أي إجراء قضائي أو قانوني .
3 ـ الحرمان من الحياة نتيجة لإساءة المعاملة أو للإفراط في استخدام القوة من قبل الشرطة أو الموظفين المكلفين عموما بتنفيذ القانون .
4 ـ حرمان المدنيين من الحياة على أيدي أفراد القوات المسلحة أو قوى الأمن انتهاكا للقانون المنظم لحالة الحرب أو المنازعات المسلحة .
وتعتبر الحكومة مسئولة بصفة أساسية عن حالات الإعدام التعسفي أو بإجراءات موجزة والتي تحدث عادة في حالات الاضطرابات الداخلية ، حيث تكون الحكومات في مواجهة مع غيرها من القوى السياسية أو المدنية أو الطائفية ، أو في حالات التنازع بين فئات من الناس تتباين معتقداتهم الدينية والسياسية ، أو في حالات الانقلابات العسكرية الفاشلة ، أو حالات التوتر السياسي والمظاهرات والمسيرات ، أو في ظل تطبيق عشوائي ومتعسف لقوانين الطوارئ وتعذيب المعتقلين تعذيبا يفضي إلى قتلهم .
وتعيين المقرر الخاص لمواجهة حالات التهديد بسلب حق الحياة هو إجراء فعال من إجراءات لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان للحد من حالات الإعدام التعسفي التي تجاوزت مليوني حالة في مدة خمس عشرة سنة فقط . وقد حدد المجلس الاقتصادي والاجتماعي ولاية المقرر الخاص بالتدخل في حالات التالية :
1 ـ الادعاءات بحالات الإعدام أو القتل التي ربما تكون قد حدثت في غياب الضمانات التي تستهدف حماية الحق في الحياة في شتى المواثيق والإعلانات الدولية ، وتتمثل تلك الحالات بصفة خاصة فيما يلي :
(أ) حالات الإعدام الفعلي أو الوشيك دون محاكمة ، أو بمحاكمة صورية خالية من الضمانات القانونية المرعية .
(ب) حالات الموت التي حدثت نتيجة التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاانسانية أو المهينة أثناء الاعتقال أو نتيجة إساءة استعمال القوة من جانب الشرطة أو رجال الجيش أو أية قوات حكومية أو شبه حكومية ، أو نتيجة اعتداء قامت به جماعات شبه عسكرية تخضع لتوجيه رسمي ، أو نتيجة اعتداء قام به أفراد أو جماعات شبه عسكرية غير خاضعة لتوجيه رسمي لكنهم يعملون بتواطؤ تغاضي رسمي .
(ج) حالات التهديد بالقتل من جانب الشرطة أو الجيش أو أيه قوات أخرى حكومية أو شبه حكومية أو أفراد أو جماعات شبه حكومية يخضعون لتوجيه رسمي أو يعملون بتواطؤ أو تغاضي رسمي .
ويتلقى المقرر الخاص عددا كبيرا من الرسائل والالتماسات والتقارير والبلاغات من الإفراد ومنظمات حقوق الإنسان والحكومات تتضمن معلومات عن حدوث حالات إعدام تعسفي أو بإجراءات موجزة أو تهديد بها ، ويواجه المقرر الخاص هذه الحالات بالوسائل التالية :
1 ـ إبلاغ الحكومات بادعاءات حدوث حالات إعدام تعسفي أو بإجراءات موجزة ، وطلب معلومات ولا سيما عن التحقيقات الرسمية واجراءات المحاكمة ، ومقاضاة المسئولين عن أعمال القتل هذه ومعاقبتهم .
2 ـ في حالات الإعدام الوشيكة أو التهديد بالإعدام ، يبعث برسائل عاجلة إلى الحكومات المعنية ، طالبا أليها الامتثال للمعايير الدولية في العدالة الجنائية وموف بمعلومات عن ذلك ، ويناشدها في بعض الحالات وقف تنفيذ الحكم أو إصدار عفو لأسباب إنسانية .
3 ـ يقوم المقرر الخاص بزيارة الدول استجابة لدعوات من حكومات فيما يتعلق بالادعاء عن حدوث حالات إعدام تعسفي أو بإجراءات موجزة أو خارج نطاق القانون .
4 ـ يشارك المقرر الخاص في حلقات دراسية أو مؤتمرات تتطرق إلى موضوع عمله بغية زيادة الوعي بدوره بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية .
5 ـ يعقد المقرر الخاص جلسات استماع مشتركة للاطلاع على حالات معنية .
6 ـ يعقد المقرر الخاص بانتظام اجتماعات مع ممثلي الحكومات لإجراء مشاورات بشأن الحالات الموضحة سابقا .
ويقدم المقرر الخاص سنويا تقريرا إلى لجنة حقوق الإنسان عن نشاطه وعن حالات الإعدام التعسفي أو بإجراءات موجزة وردود الحكومات مع استنتاجاته وتوصياته حيث تقوم اللجنة بمناقشة هذا التقرير علنا في دورتها السنوية بمشاركة ممثلين عن الحكومات والمنظمات غير الحكومية المعنية بحقوق الإنسان .
ومن بين توصيات المقرر الخاص الهامة للحد من حالات الإعدام التعسفي أو بإجراءات موجزة أن تعمد الحكومات إلى كافة إجراء التحقيقات باستفاضة وروية ، وأن تكفل مقاضاة ومعاقبة من ثبتت التهم المواجهة إليهم ، وأن تكفل الحماية الوافية للشاكين والشهود والمحققين وأسرهم . كما اقترح المقرر الخاص على الحكومات أن تؤكد على أهمية الحق في الحياة في برامج تدريب الشرطة وجميع الموظفين الآخرين المكلفين بإنفاذ القوانين ، إلى جانب المبادرة بالتصديق على المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وإعادة النظر في قوانينها ونظمها بغية اتخاذ تدابير وقائية أقوى للحيلولة دون الموت نتيجة أاستخدام القوة استخداما غير قانوني أو مفرطا من جانب موظفي الأمن أو الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين أو غيرها من الموظفين الحكوميين ، وإعادة النظر في آليات التحقيق في حالات الموت المثيرة للشبهة بغية إجراء تحقيقات محايدة ومستقلة ، ومع تشريح الجثث بصورة كافية ، وإعادة النظر في إجراءات المحاكمة وخاصة إجراءات المحاكم الخاصة للتأكيد من وجود ضمانات مناسبة لحقوق المتهمين .








المطلب الرابع
الضمانات الشرعية

لقد أكد الإسلام أهمية وقدسية الحفاظ على النفس البشرية من الفناء وحقها في الحياة والحرية والأمان ، وبما أن الحق في الحياة والحرية هبتان من عند الخالق وليس لأحد الحق في مصادرتهما ، فأن النفس مخلوق حرم الله قتله ظلما أو عدوانا أو تعريض سلامة البدن للخطر لأي سبب من الأسباب بغير حق يوجب ذلك ، يقول تعالى : ( من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ) ، لقد شبه الخالق سبحانه قاتل النفس أو من استحل القتل بغير سبب من قصاص أو جناية أو فساد في الأرض كقاتل الناس جميعا ، وهذه دلالة قاطعة تؤكد القيمة الإنسانية وحرمتها ، وأنه ليس لأحد الحق في انتزاعها سوى خالقها ، وهذا الأمر يتضح في قوله تعالى : ( وهو الذي أحياكم ثم يميتكم ) ، وفي قوله : ( وهو خلقكم أول مرة وأليه ترجعون ) ، كما أن الباري عز وجل شبه من أحياها أي حرم قتلها كالذي أحيا الناس جميعا ، وعن أبي هريرة قال : دخلت على عثمان يوم الدار فقلت : جئت لأنصرك وقد طاب الضرب ياأمير المؤمنين . فرد علية قائلا : يا أبا هريرة ، أيسرك أن تقتل الناس جميعا واياي معهم ؟ قلت : لا ، قال : فانك أن قتلت رجلا واحدا فكأنما قتلت الناس جميعا ، وقال تعالى : ( ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون ) ، ويقول الشارع جل جلالة : ( ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم أن قتلهم كان خطئا كبيرا ) ، والآية الأخرى تقول : ( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل أنه كان منصورا ) . وفضلا عن عقوبة الآخرة التي بينها الله للناس فانه سبحانه أكد كذلك على أن ينال القاتل والمعتدي على حياة الإنسان جزاءه في الدنيا بتطبيق أقصى درجات العقاب حيث يقول : ( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والإذن بالإذن والسن بالسن والجروح قصاص ) وفي آية كريمة أخرى يقول جل شأنه : ( ولكم في القصاص حياة يا أولى الألباب لعلكم تتقون ) ، وهذه أفصح وأبلغ وأوجز حكمة ربانية في شرع القصاص ، وهو قتل القاتل والقصاص من المعتدي بمثل ما اعتدى ، والهدف من ذلك بقاء المهج وصونها : لأنه أذا علم من ينوي القتل العمد أنه سيقتل ، وأن من أراد الاعتداء أنه سينال العقاب كف عن صنيعه فكان في ذلك حماية وحفظ لنفوس .
ويحظى حق الإنسان بالحياة بقدسية تعززها النصوص والممارسة والتطبيق فقد قال عز وجل في سورة النساء ( الاثنين 92 ـ 93 ) ] وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا ألا خطا . . . [ وفي سورة المائدة ( الآية 33 ) ] أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا [ وفي سورة الفرقان ( الآية 68 ) ] . . . ولا يقتلون النفس التي حرم الله ألا بالحق [ وجاء في السنة النبوية المطهرة ] لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا أله ألا الله وأن محمد رسول الله ألا بإحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزاني ، والمفارق لدينه التارك لجماعته [
والتحريم في الإسلام لم يقتصر فقط على قتل النفس للنفس ، بل أنه حظر على الإنسان أن يعتدي على نفسه أو يؤذيها : لذا فأن عقوبة المنتحر تساوي عند الله عقوبة قاتل النفس ، حيث أن الخالق أرحم بالعبد من نفسه ، قال تعالى : ( ولا تقتلوا أنفسكم أن الله كان بكم رحيما ) ، كما أن الإسلام حذر من أن يغامر الإنسان بحياته وهو يعلم مسبقا بأن ذلك قد يؤدي به إلى الهلاك : ( ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ) ، وقد روى البخاري ومسلم أن النبي (ص ) قال (( من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى خالدا مخلدا فيها أبدا ، ومن تحسي سما فقتل نفسه فسمه في يده ينحساه في نار جهنم خالدا مخلدا فيها أبدا )) .

ونصت المادة 15 من الدستور العراق على (( لكل فرد الحق في الحياة والأمن والحرية ، ولا يجوز الحرمان من هذه الحقوق أو تقييدها ألا وفقا للقانون ، وبناء على قرار صادر من جهة قضائية مختصة ))



















الخاتمة
على الرغم من إن ضمانات حق الإنسان في الحياة تكرسن في نصين هما المادة الثالثة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة السادسة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وهما قد يبدوان كافيان لضمان هذا الحق إلا إن الدول دعمت ذلك بضمانات أخرى لم تتوفر لأي حق أخر من حقوق الإنسان وقد اتخذ هذا الدعم طريقا مزدوجا ؛ تمثل الأول في إبرام المزيد من الاتفاقيات والبروتوكولات خصوصا البروتوكول الثاني الذي دخل دور النفاذ سنة 1991 والمتعلق بإلغاء عقوبة الإعدام , في حين تمثل الثاني في تعيين مقرر خاص لبحث المسائل المتعلقة بالإعدام التعسفي أو بالمحاكمة المقتضبة ويمثل تعيين هذا المقرر إجراء فعال من إجراءات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان للحد من حالات الإعدام التعسفي التي تجاوزت المليوني حالة في مدة خمسة عشرة سنة فقط , وان المجلس الاجتماعي والاقتصادي قد حدد ولاية المقرر الخاص في حالات عديدة منها حالات الإعدام التعسفي أو الوشيك , دون محاكمة , وحالات الموت التي حدثت نتيجة التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاانسانية أو المهينة وكذلك حالات التهديد بالقتل من جانب الشرطة أو الجيش أو أية قوة أخرى حكومية أو شبه حكومية أو حتى من قبل إفراد أو جماعات شبه حكومية يخضعون لتوجيه رسمي أو يعملون بتواطؤ أو تغاضي رسمي . كما سمح المجلس للمقرر الخاص إن يتلقى التقارير والبلاغات من الإفراد ومنظمات حقوق الإنسان والحكومات متى ما تضمنت معلومات عن حدوث حالات إعدام تعسفي أو بإجراءات موجزة أو التهديد بتا .
كما ساهم القضاء الدولي أو بالأحرى القضاء الإقليمي خصوصا المحكمة الأوربية لحقوق الإنسان في إيجاد ضمانات أخرى لحق الحياة وذلك في نقضه للعديد من القوانين التي صدرت في أوربا والتي جئت تحت عنوان مكافحة الإرهاب خصوصا الحكم الصادر من المحكمة الدستورية الاتحادية الألمانية في شباط 2005 , وكذلك القرار الصادر في قضية سكا فيزو سنة 2006 حيث عدت المحكمة امتناع رجال الشرطة عن تقديم الإسعاف الأولي للمتهم من قبيل الإهمال الذي أدى إلى فقدان حياة المتهم وجرمتهما على اثر ذلك .
ولكن الضمانات الشرعية تبقى اقوي الضمانات ويبقى قوله تعالى (( من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا )) أوثق ضمان لهذا الحق وانه موكل لله تعالى هو الذي يبدأ هذه المنحة وهو الذي ينهيها ولذلك فقد قرنها الشارع الكريم بإيقاع القصاص , والتجريم في الإسلام لم يقتصر على قتل النفس للنفس بل انه حظر على الإنسان إن يعتدي على نفسه أو يؤذيها لذا فان عقوبة المنتحر تساوي عند الله عقوبة القاتل حيث إن الخالق ارحم بالعبد من نفسه.
إن دراسة هذه الضمانات يمكن إن تقود إلى بعض الاستنتاجات هي :-
1- لايمكن إلغاء عقوبة الإعدام ولكن يمكن الحد منها بتحديد الجرائم التي يعاقب عليها بالإعدام .
2- إن الخطر الحقيقي الذي يداهم حق الإنسان في الحياة هو المخاطر التي ترافق عمليات الدهم التي تقوم بها قوات الشرطة إثناء تعقب المجرمين أو المتهمين . ولذلك لابد من إدخال قوات الشرطة والجيش في دورات مكثفة بغية تعريفهم بخطورة الإقدام على مثل هذا العمل الذي يشكل جريمة لا تعفي منها أنها صدرت من رئيس اعلي.
3- ليس هناك إلزام في الشريعة لضرورة إيقاع عقوبة الموت بالقاتل بل يمكن استبدالها بما هو دون ذلك كالدية مثلا بل إن هناك حث على العفو وقبول الدية وعدم الإسراف .
4- إن تعيين مقررا خاصا لحالات الإعدام التعسفي يشكل بحق إجراء فعالا للحد من هذه الظاهرة .
5- إن قوانين مكافحة الإرهاب التي أساءت إلى مفهوم حقوق الإنسان ككل أساءت أيضا و بشكل واضح إلى ضمانات حق الإنسان في الحياة ولكن القضاء الأوربي تصدى لهذه المهمة بشكل واضح .







#محمد_ثامر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصياغة المرنة في القانون الدولي
- الحماية الدولية للاعيان المدنية
- 23-5-2015
- لا والنبي
- حق الانسان في الخصوصية
- اعتراف
- في الثامنة الا ربع
- :حق الانسان في التنقل والاقامة واللجوء في القانون الدولي وال ...
- عقد الزواج بين القانون والشرع وةالقضاء والدستور
- اجراءات الاصلاح الاقتصادي بعد اقرار الميزانية
- - النطيحة والمتردية في عقود التوريد
- نقص فيتامين وطن
- نحن الدولة
- استفتاء تنظمه البغدادية
- الحرم الحسيني..... هو العراق..
- جهاد المال ...دعوة البغدادية...وفزعة الخيرين
- النساء ورود فكيف تتجرء على القتل
- استاذي اكرم الوتري
- حق الانسان المعاق
- ادب التعامل مع الحيوان


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد ثامر - الضمانات القانونية لحق الانسان في الحياة