مازن الشيخ
الحوار المتمدن-العدد: 4916 - 2015 / 9 / 5 - 12:44
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
السيد الرئيس باراك أوباما
احييك
واحب ان أوجه لك سؤلامهما جدا:- هل رأيت جثث الأطفال المهاجرين,يخرجون من شاحنات,بضائع معبئة بالبشر’وهم في طريقهم للهرب من واقع هوأصعب من الموت؟هل شاهدت جثث امهاتهم وهم يحتضن أطفالهم’وهل يمكنك تخيل تلك اللحظات الرهيبة’حين يستنجد الطفل بأمه طالبا منها حليبا’وضرعها جاف من العطش والجوع,فيبكي خوفا’ثم يتضورجوعا’ولتصعد روحه شاكية الى بارئها, وهوفي حضنها’لتموت بعده ألماوحزنا وجوعا؟’بل لاشك انك رأيت جثة الطفل ,ايلان’الذي ,رمته الأمواج على ساحل بحرايجة على الطرف التركي’وهو يرتدي اجمل ملابسه,وكان سعيدا فرحا’كانه سيذهب الى مدينة العاب؟هل يمكنك تصوراللحظات التي كان يغرق خلالها ويستنجد بأمه وهوغيرمصدق بان امه ستتخلى عنه غيرواعيا,انهاتعاني بأسوأ مايمكن تصوره’وهي تموت وفي قلبها لوعة وقلق اقسى من الاحتضار’عندما ترى فلذة كبدها يغرق امامها’دون ان تستطيع انتشاله؟وهل تابعت اخبارأمواج البشرالتي تهيم على وجوهها’واغلبهم من الشباب اليائس المحبط’والتي سقطت ضحايا لمافيات التهريب’ حيث اضطرت في سبيل البحث عن ملاذ امن’الى بيع كل ماتملكه وخسرته في لحظات ’بل وحتى بيعت أجسادهم قطعااحتياطية لتجارالأعضاء البشريةالاتراك؟فما الذنب الذي ارتكبوه ليعاقبوا بمثل هذه البشاعة؟مع العلم ان ماذكرته ليس الاغيظا من فيض’وما خفي’وما لم تصل اليه كاميرات الاعلام’هوأفضع بكثيرلكني يقيناماكنت لازعجك,وانت تتناول قهوة الصباح لولا اني واثق من ان جيش بلادكم المحترمة’وقيادته السياسية’هم الذين تسببوا في وقوع الكارثة’ابتداءا من قيام سلفكم الرئيس جورج بوش الابن’باصدارأوامره بالهجوم على العراق’واحتلاله’ثم قيامكم شخصياباصدارأوامركم الى جيوشكم في العراق بالانسحاب’بتوقيت’وبقراريفتقرالى الشعوربالمسؤولية’حيث كانت الضروف سيئة جدا’والعراق لم يستقربعد,غادرتم’فتركتم العراقيين’تحت رحمة حكومة’ليس فيها مختص’يترأسها’شخص’كان من الواضح انه مشروع ديكتاتور,جيرالحكومة والقضاء لحسابه’استولى على كل الوزارات الامنية’رغم افتقاره الى اية موهبة في تلك الاختصاصات’تركتم العراق’وانتم تعلمون ان من يحكمه’هم عصابات نهب وسلب ’وتبييض اموال’وقطع ارزاق’اغتيالات في الشوارع’وامان مفقود,بنية اقتصادية محطمة,يعني’ان الوضع كان كارثيا’ومع ذلك تركتموه فجأة رغم انكم انتم من تسببتم به’وذلك:-انكم عندما احتليتم العراق(واقصد الحكومة الامريكية’كائن من كان الرئيس)لم تفعلواذلك بتفويض من الأمم المتحدة’كما انكم تجاهلتم ملايين الأصوات التي تظاهرت في كل انحاء العالم رفضا لخطوتكم تلك’وقد بررتم ذلك’بزعمكم’والذي لم تؤكده جهة محايدة’عن وجود أسلحة دمارشامل’يمكن ان تهدد الولايات المتحدة’أوحلفائها!ويجب التخلص منها’وانقاذ شعب العراق من ديكتاتورغاشم,ونشرالديموقراطية والحرية’.
وبعدأن هاجمتم العراق بقسوة مفرطة’وغيرمبررة,وقتلتم الأبرياء من العباد’وحطمتم بنية البلاد’اعترفتم بأنكم لم تجدوااسلحة دمارشامل!وكان عليكم آنذاك ان تعتذروا من الشعب العراقي’وتعوضوه عمااقترفت اياديكم ضده ’وتساعدوه على إعادة اعماروبناءبلده عن طريق مشروع مشابه لمارشال’لكنكم تصرفتم بشكل مشبوه’حيث اسستم لمجلس حكم’على أساس طائفي عرقي’ووزعتم الأدوارعلى اشخاص’لايليقون بالمرحلة’ولاخبرة سياسية لديهم’والاسوأ انكم ايقظتم شيطان الطائفية في العراق’واشعلتم نارفتنة’بين ابناء الشعب الواحد’فتحتم حدود العراق لكلمن هب ودب’وسمحتم لكل المنظمات المتطرفة في العالم’بالدخول اليه دون رقابة أوتحسب’والغرب’انكم سلمتم زمام الأمورالى عملاء ايران ومريديها’رغم انكم على عداء’معها!والنظام الرسمي الإيراني يسميكم(الشيطان الاكبر)سلمتموهم زمام الامور’رغم علمكم بأن بيننا وبين ذلك البلد الجار
تاريخ من العداء وصلت الى حد نشوب حرب ضروس في التاريخ الحديث استمرت’8سنوات’ولم تفعلوا شيئا عندما تبين امامكم بشكل واضح ان عملاء ايران بدأوا بتصفية كبارالضباط والطيارين الذين اشتركوا في الحرب’كما كانت عملية قتل وتصفية اعلى كوادرالبلدتجري امام اعينكم’ويقينا لم يبدرمن قواتكم المحتلة’اي رغبة حقيقية بإيقاف تلك الفضائع’رغم قدرتكم الواقعية على فعل ذلك.
لقد اسستم لنظام ديموقراطي كسيح,ومشوه حطم بلدنا وبنيته البشرية والمادية.
قبل احتلالكم للعراق’كان يحكمه ديكتاتوربغيض وقاسي’لكن كان هناك دولة’بكل معنى الكلمة,كان النظام قائما وصارما,وكان البناء والتطوريجري’ولوأنه تباطأ اخيرا’ونتيجة للحصارالذي فرضته أمريكا ايضا’على شعبنا’وبسبب حماقة ارتكبهاديكتاتورالعراق’فعاقبتم الشعب’رغم اقراركم’بأنه لم يخول زعيمه احتلال الكويت’بل لم يكن يوافقه’كان هناك امان’كانت هناك وحدة وطنية’كان هناك جامعات مرموقة وتعليم جيد’وكاد العراق يكون الأول في محوالامية’صحيح انه كان هناك صراعا سياسيا واعتقالات واعدامات’وانتهاك لحقوقالانسان’لكن ذلك اقتصر على اللاعبين على المسرح السياسي والمتنافسين على السلطة’والذي تبين انهم جميعا من نفس الطينة,لم يكن هناك في اطراف الصراع حزبا يدعو الى إشاعة الديموقراطية,واحترام حقوق الانسان’بل الجميع كان يدعواالى حكم الحزب الواحد’وشيطنة المنافس’المهم ان عهد صدام امتاز بالأمان لمن لم يتدخل في السياسة’ولايرغب باغتصاب السلطة’.
كماان صدام لم يكن الديكتاتورالوحيد في المنطقة’بل كل الحكام هم كذلك’نحن الشعوب العربيةالاسلامية’تعودنا على ذلك النمط من الحكم وتعايشنامعه’ووجدنا استقرارنا فيه’بل ,حتى اغلبية من المتدينيين تحرم الديموقراطية’مما يدل على نفاق قادةالاحزاب الدينية’التي استعملوا ذلك المفهوم كغطاء للاستيلاء على السلطة’وسرقة المال العام,لقد كان العراق ينهارويتحطم تحت قيادة مجموعة من العصابات والمافيات’من الذين اتيتم بهم معكم’وساعدوكم في احتلال العراق’وساعدتموهم في فبركة عملية ديموقراطية فجة’فاقدة أصلا,لأي من اساسيات اللعبة,خصوصا’وكما اسلفت اعلاه’ان الأحزاب الدينية لاتؤمن بالديموقراطية’بل تحرمها تماما’مما يدل على ان تلك العملية لم تكن الا مسرحية سمجة اعد لها مسبقا ومن اجل غاية ستراتيجية مشبوهة الهدف والمقاصد’ومع ذلك’ما كان ليكون عندنامانع ’ان يحكمونا تحت ادارتكم’لوأنكم علمتموهم أصول الحكم’وراقبتم سلوكهم وحاسبتموهم على مااقترفت اياديهم’لكن الأمور كلها كانت تسيرالى حضيض’وانتم تراقبون’ولاتفعلوا شيئا يمكن ان يوقف نزيف البلد الذي احتلتموه’رغم ان هناك قرارات عدة صدرت عن مجلس الامن والأمم المتحدة’تفرض واجبات على الدول التي تحتل غيرها’ويفرض عليها حمايةمواطنيها’ورغم انكم كنتم من الموقعين عليها’الا انكم لم تنفذواأي منها ’بل بالعكس.
لقد تسبب احتلالكم العراق’وتحطيم هيكل الدولة’وحل الجيش وكل الأجهزة الامنية’الى شيوع حالة من الفوضى وانعدام الامن’وشاعت شريعة الغابة وفقد الناس الامان وانتشرت عصابات الخطف والسرقات بعد ان اطمأن المجرمون العاديين الى انه ليس هناك شرطة تتابعهم وتحاسبهم’وليس هناك قضاء يعاقبهم’فتحول العراق الى جهنم مصغرة,واصيب غالبية الشعب بامراض نفسية مستعصية’ولأن الفوضى والفتنة الطائفية’هي كالجراثيم ’فقد انتشرت العدوى الى سوريا المحاددة لنا,وتداخلت الاجندات السياسية سيئة الهدف التي قادتها ايران’’من جهة ودول الخليج وتركيا من جهة اخرى’وبدأو عملية صراع بالوكالة وتصفية حسابات وقودها شعبينا’فانهارت كل القيم والاسس الحضارية’وتحت سمعكم وبصركم’واحترقت المنطقة,وعم الدماروالخراب’واكتفيتم بالاستنكارالإعلامي’وشكلتم تحالفا دوليا!وتم ارسال بعض الخبراء,وطائرات نفذت اكثرمن 6الاف غارة’دون ان تستطيع تغييرالواقع على الارض’حتى هذه اللحظة’مما يجعلنا نشك بأنكم لستم جادين في إطفاء الحرائق التي اشعلتموها’وانكم لازلتم تكتفون بالتفرج من بعيد’وكأن الامرلايعنيكم!سيدي الرئيس:-اريد ان الفت عنايتكم الكريمة’الى اننا بشرا’مثل الامريكان والاوربيين تماما’نحس’نتألم ونخاف’اطفالنا بحاجة الى امان ودف’شبابنا يحلمون بحياة كريمة وبفرصة للعمل والانتاج’واخذ دورهم في هذا العالم ليواكبوامسيرة التقدم والبناء’ومواكبة مسيرةالحضارة’سيدي الرئيس:-ان اغلبيتنا يكرهون الحرب والعدوان’وان من يحرق بلداننا هم اقلية متطرفة’تستعين بالسلاح لتخرس السنتنا’نحن شعب مسالم’نريد العيش بامان وسلام في اوطاننا’نحن شعبي العراق وسوريا اسرى بيدحكوماتنا’اجبرنا على ان نعيش بين سندان حكوماتنا الفاشلة الفاسدة’وبين منظمات التطرف والهمجية’اصبحنا نعاقب بقسوة لامثيل لها’دون ذنب ارتكبناه!فهل ذلك عدل يارجل القانون ؟سيدي الرئيس:-ان صورة الطفل ايلان ’التي هزت ضمير العالم’يجب ان تكون فاصلا’بين مرحلة زمنية وسياسية,وتاخرى,ودفن الرأس في الرمال,لايجدي لمن عندهم ضمير’وهي كافية لتنبيهه’ان كان غافلا’أو تغافل’,يقينا لولا تدخل بلادكم في شؤون المنطقة الداخلية,لما وقعت مثل تلك المئاسي الجسام’واذا ما افترضنا’ان الذي حدث’قدمضى’لكن ماسيأتي’ومنذهذه اللحظة’ستقع مسؤوليته الأخلاقية والإنسانية عليكم’اسيدي الكريم:- التاريخ ليس له لسان’لكن من المؤكد أنه يراقب ويسجل’ولن يرحم,من ساهم بانتهاك حقوق الانسان’وخاصة الاطفال’والمدنيين الابرياء’لذلكارى ان من واجبكم’انتعملوا معحلفائكم’ومع مجلس الامن’أو اية دولة في العالم’على الاجتماع’والعمل فورا على دراسة الوضع الحالي الذي تسبب في هذه التراجيديا’عليكم فرض’مناطق امنة’بالقوة العسكرية’وحتى ان اقتظى الامرتدخل جيوشكم ’وحلفائكم المباشرفي عملية إعادة الامن’حتى وان سقط منهم شهداء’فهم ليسوا افضل’من الأطفال الذين’يدفعون حياتهم ,برائتهم ثمنا للاهداف السياسية والستراتيجية’لقادة دولكم’فالانسان هو انسان’مهما اختلف عرقهوجنسه’وهذا ما مثبت في دستوركم’ولاتنسى انك تجلس تحت علم يمثل ذلك الدستور’وتلك القيم التي قامت عليها الولايات المتحدة’ويقينا لو كان للعلم لسان’وعقل يرصد الاشياء’لرأيته الان منكسا ’خجلا’مما اقترفتهقوات بلدكم,في العراق’والتسبب بهذه النار التي تزداد استعارا’الفرصة امامكم’والوقت يمضي بسرعة’وينتج سلاسل لاتنقطع من المئاسي’والجميع ينتظرون’طوق النجاة’الذي لايملكه غيركم’هذا ندائي,وانا ازعم’وبقوة’ان امثل رأي الأغلبية’من شعوب العراق وسوريا ’
بل واغلبية الرأي العام العالمي
#مازن_الشيخ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟