أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - لماذا يكرهون هذا الرجل؟














المزيد.....

لماذا يكرهون هذا الرجل؟


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4914 - 2015 / 9 / 3 - 13:34
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


وقف رجلٌ ذاتَ نهار يحملُ في يده مصباحًا، لكي يُنير الطريقَ لمَن ضلّوا، وفي اليد الأخرى يحملُ مرآةً هائلة. راح يُوجّه صفحةَ المرآة العاكسة صوب وجوه الأدعياء المُضلّين الذين يخدعون الناسَ. كان يعرف أن المرآة سوف تعكس قبحَ أرواحهم، فإن شاهدوا دمامتَهم، انفجروا، أو اِرعووا عن غِيّهم. هذا الرجل موجودٌ في كل عصرٍ، ومنتشرٌ كل بقعة من بقاع الدنيا. تمنحه السماءُ لأهل الأرض في كل حين حتى يُنقذ البسطاءَ من تغوُّل الزائفين الذين يستغلون جهل الناس لكي يقتاتوا على جهلهم ويرتزقوا من غفلتهم.
ما شكلُ هذا الرجل، كيف يتكلم وما لسانه؟ له أشكال عديدة، وله ألسنٌ كثيرة، وملامح مختلفة، ويرتدي في كل زمن ملابسَ تشبه ذلك الزمان، وفي كل أرض ثيابًا تناسب تلك الأرض.
ما اسم هذا الرجل؟ له أسماءٌ لا حصر لها. فتارةً اسمه الحلاج، وتارةً اسمه ڤ-;---;--ولتير، وتارةً اسمه نصر حامد أبو زيد، وتارة اسمه ديڤ-;---;--يد هيوم، وتارةً اسمه الكِندي، وتارةً اسمه بروتاجوراس، وتارةً اسمه ابن عربي، وتارة اسمه كارل ماركس، وتارةً اسمه محمد عبده، وتارة اسمه ملك سيام، وتارةً اسمه جمال الدين الأفغاني، وتارةً اسمه فرنسيس بيكون، وتارة اسمه أبو بكر الرازي، وتارةً اسمه جبران، وتارة اسمه فرج فودة، وتارةً اسمه برتراند راسل، وتارة اسمه الوليد ابن رشد، وتارةً اسمه مارتن لوثر، وتارة اسمه الخوارزمي، وتارةً اسمه طه حسين، وتارةً اسمه السهروردي، وتارةً اسمه جلال الدين الرومي، وتارةً اسمه سبينوزا، وتارةً اسمه شمس الدين التبريزي، وتارةً اسمه چون لوك، وتارةً اسمه كوبرنيكوس، وتارةً اسمه السهروردي، وتارةً اسمه ديكارت، وتارة اسمه ابن الفارض، وتارةً اسمه مهاتير محمد، وغيرها كثير الأسماء.
هذا الرجلُ خصيمُ الجهل، وخصيمُ التجارة الكذوب، وخصيمُ الارتزاق باسم السماء. لهذا اختصمه كلُّ زائف، وكرهه كلُّ جهول، ومقته كلُّ متاجر باسم الله، وبغضه كل من يرتزق على الغافلين. اجتمعت عُصبةُ الشر في كهفهم المعتم يتآمرون ضده لأنه العدو الذميم والخطر المقيم.
هو لم يقاتلهم، فهو لا يعرف القتال. ولم يشهر سيفًا في وجوههم؛ فهو لا يحمل سيفًا ولا خنجرًا. كل ما لديه مصباحٌ صغير غزيرُ الضياء، يحمله في يمناه، أشهره أمام عيونِهم. فآلمتهم عيونُهم، وأوجعتهم عقولُهم. ذاك أن عقلَ المتعصّب مثل حدقة العين، كلما زاد الضوءُ المسلّط عليه، زاد انكماشُه، وضيقه؛ كما قال أوليفر هولمز.
أعشى عيونهم وهجُ المصباح، فوضعوا أكفَّهم فوق مآقيهم ليحجبوا الضوء. وما أن رفعوا الأكفَّ عن العيون حتى وجدوا صفحة المرآة العاكسة في يد الرجل مصوبةً نحو أبصارهم. شاهدوا قبحهم فجفلوا وارتعبوا. هاجوا وماجوا وضجّوا وصخبوا وأرغوا وأزبدوا. هددوا وتوعدوا، ثم أشهروا السيوفَ.
ما كان الرجلُ الأعزل ذو البصر والبصيرة والعقل المثقف ليحتاج أكثر من طعنة صغيرة ف القلب حتى يسقط مضرجًا في دمائه ليُريح ويستريح. لكن الغلاظ لم يرضوا بغير أن يذيقوه من العذاب بقدر ما أذاقهم من التنوير. فراحوا يمزقون ملابسه ويجلدونه، وراحوا يضربونه فوق رأسه بالكتب التي كتبها حتى فقد البصر، وراحوا يصلبونه على عمود خشبي، وراحوا يقطّعون أطرافه، وراحوا يحرقونه، وراحوا يسملون عينيه، وراحوا يضربونه بالرصاص، وراحوا يشنقونه، وراحوا ينشرونه بالمناشير، واستخدموا من كل عصر ما أتاحت لهم صنوفُ العذاب والويل والتنكيل والإهانة.
مات الرجلُ ألف مرةٍ ومرة. وفي كل مرّة كان لسانُه يلهج بآخر ما جادت به الكلمات: “يا ربُّ جوهرُ علمٍ لو أبوحُ به/ لقيل لي: أنتَ ممن يعبد الوثنَا/ ولاستحلًّ رجالٌ مسلمون دمي/ يرون أقبحَ ما يأتونه حسنًا.”
جميعُنا قتلنا ذلك الرجل حامل المشعل والمرآة، لأنه أشهرَ في وجوهنا مرآته ونحن لا نريد أن نرى قبحنا ودمامتنا.
قتلناه وهو يردد بلسان الأفغاني: "ملعونٌ في دين الرحمن: مَن يخنق فكرًا، مَن يرفع سوطًا، مَن يُسكِت رأيًا، من يبني سجنًا، من يرفع راياتِ الطغيانْ. ملعونٌ في كلِّ الأديانْ: مَن يهدرُ حقَّ الإنسانْ، حتى لو صلَّى أو زكّى وعاش العمرَ مع القرآنْ."



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تعرف طاعن نجيب محفوظ؟
- صفر مريم النبيل
- حزب النور، حاوي الحواة
- طاووس حزين
- هندوسٌ في الإمارات وأقباطٌ في مصر
- مَن يذكر -فرج فودة-؟
- قلب ابتهال سالم... عصفورة الجنة
- رسالة إلى نقابة المحامين.. نقابة العظماء
- الفارس -بدر عبد العاطي-
- جمال الغيطاني، ستعيشُ ألفَ عام
- سجّلْ يا زمان
- رئيس الغلابة
- قالت المحروسة
- قبطانةٌ على صفحة مياه القناة
- ماذا قال لي يختُ المحروسة؟
- هل تغفرين لنا يا مصرُ؟
- على متن يخت المحروسة
- هالةُ الأموات … تُجرّم نقدَ ما فات
- صخرتان من أرض القناة
- بلحةُ المحب... قضية


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - لماذا يكرهون هذا الرجل؟