|
تغيير المناهج الدراسية ضرورة
صبيحة شبر
الحوار المتمدن-العدد: 1352 - 2005 / 10 / 19 - 11:49
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
الأدب العربي قديما وحديثا : في المدارس العراقية تطورت الحياة ، وتشعبت طرقها ، وتداخلت مسالكها ، وبقيت مناهج التعليم كما هي ، عندما انشات المدارس حين نيل الاستقلال الوطني في بدايات القرن العشرين ،بقيت المادة العلمية ، تلقى على مسامع الطلاب ، او تلقن لهم ، ويرغمون على حفظها صما دون أن يناقشوها ، صحيح إن الدروس العلمية من رياضيات او كيمياء او فيزياء او علوم الأحياء تخضع للتجارب ، فهناك مختبرات للمواد العلمية ، تؤدى فيها التجارب لإثبات صحة المعلومات التي وضعها الكتاب ، المشكلة تكمن في الدروس الأدبية من لغات وجغرافية وتاريخ وعلم اقتصاد ، فان هذه المواد مجتمعة لا يراعى فيها التطور الحضاري ، كما لا يراعى فيها صحة المعلومات التي تعطى للطلاب وكأنها حقائق مسلمة بها ، لنأخذ درس اللغة العربية للسنة السادسة ثانوي ونناقشه حسب تقبل الطلاب من جهة وحسب الثورات المعلوماتية والعلمية الحاصلة في عالم اليوم ، مادة القواعد النحوية والتي تعاني من كثرة الموضوعات وتشعبها حيث تصنع بعض العراقيل والصعوبات أمام استيعابها من قبل الطلاب ، وان كانت مادة القواعد من المواد التراكمية بمعنى ان ما يتعلمه التلميذ في المرحلة الابتدائية ينفعه في المراحل الاخرى مثل الدراسة المتوسطة والثانوية ، فان مادة القواعد تظل مشكلة كبيرة أمام طلاب اليوم لعدم إقبالهم على تكلم العربية الفصحى ، ولعدم تشجيع القائمين على العملية التعليمية ، لذلك التكلم ، وبذلك تكون مادة النحو من المواد التي لا تفيدهم في الحياة ، وإنما يتعلمونها للحصول على النجاح فقط ، اما الذين يحبون الكتابة ، فعليهم تعلم القواعد النحوية ، وعلى واضعي المناهج والمدرسين ان يجعلوا الطلاب يقبلون على تعلم هذه المادة بعد إدراكهم أنها مفيدة لهم في حياتهم المستقبلية ، عند القراءة واستيعاب المعاني الظاهرة او الكامنة ،والإطلاع على الكتب الكثيرة المكتوبة باللغة العربية او عند الكتابة ، بهذه اللغة الجميلة التي لا يدرك جمالها وما تتمتع به من خصائص كثيرة الا القليلون ، حيث لا يحسن الكتابة بالعربية شعرا او نثرا او في أي مجال من مجالات العلوم والآداب الا من عرف القوانين التي تتكون منها هذه اللغة الجميلة وأدرك أسرارها ، اما مادة الأدب العربي ، وطلاب السنة السادسة يدرسون الأدب العربي الحديث ، كانت مواضيع الأدب من الموضوعات الجافة التي لا يقبل عليها الشباب عادة ، وكان المنهج في الأدب العربي الحديث يحاول ان يستبعد الأقلام الشابة الوضاءة ،المكافحة ، التي ناضلت بإبداعها من اجل خير الإنسان وسؤدده في هذه الأرض ، ضد الطغاة والمستبدين ، أولئك الذين يحاربون إنسانية الإنسان ، وينكلون به لأنه يؤمن بالمباديء الأصيلة الداعية الى رفض الظلم والهوان ومحاربة سياسة التجهيل ، ولقد اتبع النظام الدكتاتوري السابق سياسة التبعيث ، مما حدا بالآلاف من خيرة الأساتذة العراقيين الى مغادرة وطنهم الحبيب العراق ، والذهاب الى أقاصي الأرض ، بعيدين عن الأمان والأسرة وكل الضمانات التي تحفظ كرامة الإنسان ، وهذا الخروج الجماعي للأساتذة المختصين من العراق أدى الى ان يعمل في مجال التعليم من لم يكن مؤهلا لهذا العمل النبيل من قدرة ورغبة وكفاءة ، فاستعان المسئولون بمن لا يملك المؤهلات الكافية ، فيقوم بواجب المعلم الذي يجب ان يكون مربيا أيضا ، كان من النتائج الكارثية لابتعاد الأساتذة الحقيقيين ومجيء عدد كبير من أولئك الذين يبدلون جلودهم وقت الطلب ، ان ابتعد الأساتذة المبدأ يون عن مهنة التدريس ، وجاء بدلا منهم من يستطيع ان يغير لباسه كما يطلب منه ، واذا درسنا المناهج التعليمية في مادة الأدب العربي للسنة السادسة الثانوية وجدناها تخلو من ذكر الأدباء الكبار الذين اغنوا العربية ، وأنقذوها من الجمود الى فضاء التجديد امثال ألجواهري والسياب وبلند الحيدري وعبد الوهاب البياتي ونازك الملائكة ورشدي العامل من الشعراء ويخلو المنهج من كتاب كبار اثروا الحركة الأدبية الحديثة في مجال القصة والرواية أمثال غائب طعمة فرمان ، ذلك الروائي المبدع الذي مات في المنفى ، كانت في المنهج القديم ، قصيدة واحدة للسياب هي أنشودة المطر ، اما الشعراء المناضلون الذين لم يرتضوا التخلي عن مواقفهم النضالية ، والذين فضلوا ان يرحلوا بعيدا عن نعيم الوطن متنقلين من مكان الى آخر على ان يتخلوا عن مواقفهم التي اقتنعوا بها وضحوا في سبيلها ، وتعرضوا من اجلها الى السجون والتعذيب والإبعاد والحرمان من الحقوق سقط النظام الدكتاتوري ، وأبدلت المناهج في مادة الأدب العربي ، حذفت القصيدة التي تغنت بالنظام واستبداده وقهره للشعب لعبد الرزاق عبد الواحد ، وذكر الكتاب الجديد بعض الأسماء الكبيرة التي تنكر لها في العهد القديم أمثال الجواهري ورشدي العامل منهج اللغة العربية في مادة الأدب يجب ان يهتم بالمبدع العراقي وبما قدمه من إسهامات كبيرة في مجال الشعر والقصة والرواية والنقد الأدبي ، وان يتعرف الطالب العراقي والعربي الى السيرة النضالية الطويلة التي قطعها أولئك الكتاب والشعراء والى الطريق الطويل والمتعب الذي مشى عليه المبدعون العراقيون والأشواك التي اعترضت طريقهم ، فلم تمهد لهم السلطات طريق الإبداع يوما ، وإنما خاضوا ذلك الطريق وبذلوا عرقا ودموعا وحرمانا وهم يضحون بحقوق المواطنة واحدا بعد الآخر ، ثم استطاعوا نتيجة دأبهم وإصرارهم ان يبدعواا أدبا جميلا يدعو الى نصرة الإنسان والتغني بأمجاده ودحر قوى الشر والهزيمة والعدوان ، كما على القائمين على العملية التعليمية ان يغرسوا بذور الإبداع والكتابة في نفوس الطلاب الذين ابتعدوا عن أصول الكتابة الصحيحة لأنهم دربوا على التقليد ، والحفظ الغيبي البعيد عن التذوق الجميل والفهم العميق ، وكان درس الإنشاء والمطالعة من المواضيع التي لا يشجع عليها مدراء المدارس في العهد القديم ، لعدم فهمهم اهميتهما ، في تثقيف الطلاب ، وتنمية مداركهم ، يجب غرس عادة القراءة النقدية الواعية ، والمناقشة المدركة لما يقراه الطالب بعد ان يعلم انه ليس كل كلام مطبوع صحيح مائة بالمائة ، وعلى إدارات المدارس ان تشجع القراءة الواعية بعيدا عن الدروس ، لا ان يكتفي الطالب بما يقدم له في الكتب المنهجية ، ولا يعرف شيئا عن مبدعي بلده الذين ضحوا وناضلوا من اجل ان تنتصر قيم الإنسان ، في الحرية والعدالة والمساواة في مجتمع حر لا يستغل فيه الإنسان ولا يعمل شيئا بالضد من إرادته ورغما عن قناعا ته يجب ان تغرس في نفوس أبنائنا مباديء الحق والعدل وانتصار الإنسان على أعدائه من فقر وجهل وظلام ويأس واندحار
صبيحة شبر
#صبيحة_شبر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اليوم عيدي
-
الديمقراطية في العالم العربي
-
المعاملة الزوجية
-
امراة سيئة السمعة : قصة قصيرة
-
قراءة في ( اسرة الفتنة ) لموفق السواد
-
الطبع أم التطبع ؟
-
حرية المرأة في الزواج والطلاق
-
نازك الملائكة : عاشقة الليل والطفولة
-
المرأة بين الماضي والحاضر
-
وليمة
-
الارهاب .... لماذا ؟
-
قراءة في ديوان بلند الحيدري - ابواب الى البيت الضيق
-
اليك عني ياهمومي :
-
المرأة العراقية والحقوق
-
عدو لدود اسمه الفقر
-
المهجرة
-
المساواة خرافة
-
أحرام أم حلال؟
-
نوع من العنف مسكوت عنه
-
الايجابي والسلبي في الاديان
المزيد.....
-
في ظل حكم طالبان..مراهقات أفغانيات تحتفلن بأعياد ميلادهن سرً
...
-
مرشحة ترامب لوزارة التعليم تواجه دعوى قضائية تزعم أنها -مكّن
...
-
مقتل 87 شخصا على الأقل بـ24 ساعة شمال ووسط غزة لتتجاوز حصيلة
...
-
ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من ا
...
-
كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة..
...
-
لو كنت تعانين من تقصف الشعر ـ فهذا كل ما تحتاجين لمعرفته!
-
صحيفة أمريكية: الجيش الأمريكي يختبر صاروخا باليستيا سيحل محل
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان مدينة صور في جنوب لبنا
...
-
العمل السري: سجلنا قصفا صاروخيا على ميدان تدريب عسكري في منط
...
-
الكويت تسحب الجنسية من ملياردير عربي شهير
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|