أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - رضا الأعرجي - عن العراق وفلسطين وإسرائيل















المزيد.....

عن العراق وفلسطين وإسرائيل


رضا الأعرجي

الحوار المتمدن-العدد: 364 - 2003 / 1 / 10 - 02:26
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

     ننشغل، وتنشغل أمم العالم كله بالبحث عن مكان تحت سقف المتغيرات التي لا تعرف التوقف أو الانتظار. ولكن، بينما تتلاحم كواكب أوربا من شرق القارة وغربها، نقف، نحن العرب، على أطلالنا وخرائبنا، نقول كلامنا المعاد المكرور، كما لو كنا لا نجيد سوى الرثاء، ولا نملك إلا دموعنا سلاحا في المواجهات.

     وعندما نعجز عن استثارة الآخرين بقاموسنا من الكلمات الميتة البائدة، نختلق الأعداء لنلقي عليهم بالتهمة الجاهزة: المؤامرة. فالعالم، من أقصاه إلى أقصاه، ليس من هدف له إلا التآمر علينا وتدبير المكائد لنا، أما لماذا، فالجواب لدى محترفي الرثائيات من طليقي اللسان الذين لا يملون ترديد هذه التهمة المبتذلة وإطلاقها بمناسبة أو بدونها، مثلما هو الأمر هذه الأيام، حيث يشتد الندب والنواح على العراق. فبالتضليل والتدليس، يحاول هؤلاء الكتبة أو الكَذَبة، لا فرق، صرف الأنظار عن واقع ما يجري هناك، وعن الأعداء الحقيقيين للشعب العراقي الذي يتباكون عليه.

     وهل هناك عدو اكثر وضوحا من الاستبداد الذي يتزيا بزي الشرعية القومية؟

     هذا فقط جزء من جبل الجليد العائم، فما هو تحت الماء اكثر بكثير، فإضافة إلى خطط الإبادة الجماعية التي نفذها النظام العراقي ضد الأكراد وتهجير عرب الأهوار بعد تجفيف هذه الأهوار التي عاشوا فيها قرونا متواصلة، كانت نزعة الهيمنة والاستئثار بكل شيء تزيد من معاناة الشعب، ليصبح، في نهاية المطاف، مسلوب القدرة، محروما من ثرواته الطبيعية ومن إمكاناته الذاتية الضخمة.

     وإذا كانت هناك أوهام بان الشعارات القومية أدت أو كانت ستؤدي إلى تحقيق قدر قليل من المساواة والعدل، فقد تحطمت هذه الأوهام يوم دفع العراقيون كلهم، ثمن هذه الشعارات دماً لرسم مستقبل بلادهم من جديد.

     والاستنتاج هو ان النظام فشل في تسويق نفسه كرائد للوحدة العربية، لأن الشعارات لا تطعم خبزا، تماما، مثل قصائد الرثاء التي نسمعها هذه الأيام حول المصير الذي ينتظره العراق والمنطقة إذا ما هزم صدام حسين أو أضطر للتنحي أو طلب اللجوء. فمع تطلع الجميع إلى وحدة الأمة العربية، ومباركتها، إلا ان سنوات التجربة العراقية المريرة تحت وطأة "النظام القومي" أثبتت ان الحاجة للاستقرار والحياة الكريمة تسبق كل الحاجات، وان البديل عن "القطرية" ليس بالضرورة التسلط أو فرض الشعارات بالقوة، بل لا يوجد أساس من الصحة للافتراض بان تحقيق الوحدة العربية يتطلب دائما غزو الجيران وبالتالي، خوض بحور من الدماء.

     ومرة أخرى نجدنا عاجزين عن قطع شوط جديد كان علينا ان نقطعه لنلحق بمن سبقونا، لأن هناك من يريد ان يجبرنا على إضاعة الوقت بالجري وراء تلك الشعارات الجوفاء والكلمات المعلبة.

     وليت الأمر توقف عند هذه الجناية، ذلك ان ما يراد منا هو تصديق كذبة المؤامرة الخارجية حتى لا نحتج أو نقوى على اعتراض ما يجرى في العراق بذريعة الحفاظ على وحدة الأمة من الضياع، وحتى لا يضطر النظام إلى النقد الذاتي والاعتراف بخطيئته وأخطائه.

     لقد ظننا ان تفوق غيرنا من البلدان النامية وتقدمهم في مضمار البناء والتنمية وتبوأهم المكانة اللائقة في الساحة الدولية سيدفعنا للتخلي عن جميع المظاهر التي تستنفذ مشاعر الناس وتغسل شعورهم بالذنب، لكننا سرعان ما نكتشف أننا مازلنا غارقين في الأوهام  وضباب الكلمات، بكل ما يعنيه ذلك من استهانة بالعقل واحتقار للوقت وقوانين الأشياء.

     وليس الهدف هنا التذكير بهذه الحقيقة المعروفة، بل التساؤل عن سبب بقائها أساسا للكثير من المواقف السياسية، وعن سبب الاستمرار في القبول بها، في حين تعرضت جميع المشاريع الوحدوية للدحض والانتقاد، حتى في صفوف القوميين، فمن يجزم بان الشعارات القومية الصاخبة صالحة للاستمرار في خضم المعاناة التي يئن تحت وطأتها الشعب العراقي؟ وهل بالإمكان استمرارها بعد تخليها عن وجهها الإنساني وكبتها الحريات، حيث إرهاب الدولة المادي والجسدي والاضطهاد المتزايد؟ وهل من المبادئ تبرير الدكتاتورية بحجة الدفاع عن المصير العربي وتحرير فلسطين؟

     لقد آن الأوان لفهم هذه الحقيقة التي طالما دفعنا ثمنها غاليا، آن الأوان لندرك ان قيام

"النظام القومي" في إطار التسلط، يعني سرعة تحوله إلى مأساة مروعة، وقد اثبت نظام صدام حسين الذي يتبارى للدفاع عنه سدنة القومية وكهانها من صنعاء إلى الرباط صعوبة بقاء الشعارات فعالة مع بقاء آلة التسلط فعالة أيضا، وباختصار، فأن واقع التجربة العراقية ليس سوى مثال على ذلك.

     والخاسر الوحيد في هذه التجربة العبثية هو الشعب العراقي الذي صادر "النظام القومي" حرياته، وفرض عليه الواجبات من دون حقوق، وجرده من ابسط شروط الكرامة، كما لو كانت الفكرة القومية فرصة للدفاع عن الامتيازات وتبرير الفساد السياسي والأخلاقي، وظروف العيش المتدهورة بفعل تراكم الأخطاء.

     ومن الطبيعي ان يمثل الخيار الديمقراطي الخطر الأكثر تهديدا لهذا النظام القائم على البطش والإرهاب، لأن من شأن ذلك سقوطه وسقوط شعاراته التي يتعكز عليها، ولكن هل هناك غير الإطاحة به من طريق لوقف الجنون وإنقاذ ملايين العراقيين من الذين تتهددهم الحرب القادمة بالفناء؟

     ليس غير الإطاحة بالنظام العراقي من طريق. وعلى الذين يقيمون الدليل على الشبه بين القضيتين العراقية والفلسطينية ان لا يتصرفوا بثعلبية، ويدسوا برأسهم في الرمال كالنعامة.

     عليهم أن يأخذوا في الاعتبار ممارسات هذا النظام تجاه فلسطين والفلسطينيين قبل غيرهم.

     على هؤلاء أن يتذكروا الاتصالات السرية التي أجراها النظام مع إسرائيل، بهدف الخروج من دائرة الحصار الدولي المفروضة عليه عبر البوابة الإسرائيلية، وتحسين صورته في نظر الغرب. ولسنا أول من يشير إلى هذه الاتصالات، بل المصادر الإسرائيلية نفسها هي التي أشارت اليها، وهي التي أعلنت عن وقفها عام 1995 بناء على طلب من الولايات المتحدة.

     وعندما يثار موضوع الاتصالات السرية بين العراق وإسرائيل، على هؤلاء أن يتذكروا ما كشفته الدكتورة ميلوري الأكاديمية الأمريكية المتخصصة في شؤون العراق والعالم العربي عن اتصالات مشابهة في أواسط الثمانينات، أي خلال الحرب العراقية الإيرانية، حيث أبدى العراق منذ ذلك الوقت استعداده لتغيير عباءته السياسية. كما يجب أن لا يغيب عن بالهم ان نشرة ( كورني ريبورت ) البريطانية كانت هي الأخرى قد كشفت عن رسالة سرية بعث بها «بطل القادسية» إلى القادة الإسرائيليين يطلب فيها السماح للسفن العراقية المحملة بالسلاح بالرسو في ميناء حيفا أو ميناء النافورة. وقد صرح وقتها الجنرال افيهو بن نون قائد سلاح الجو الإسرائيلي بان إسرائيل لن تتدخل لمنع العراق من تسليح قوات العماد ميشال عون.

     وعلى هؤلاء ان يتذكروا كيف ألقى النظام العراقي بكل ثقله وراء حكومة عون لعرقلة تطبيق اتفاق الطائف الذي رعته السعودية لوضع نهاية للحرب الأهلية اللبنانية. فمنذ تلك الفترة امتدت يد النظام العراقي علانية لمصافحة إسرائيل الحليفة الكبرى لعون ورهطه من تجار الحرب. 

     وكان نزار حمدون سفير العراق السابق في أمريكا وسفيره الحالي في النمسا بادر منذ توليه مهامه في واشنطن عام 1982 بإجراء اتصالات منتظمة مع مسؤولين إسرائيليين وشخصيات يهودية نافذة، وقد أثمرت هذه الاتصالات عن عقد لقاء عام 1988 بين وزير الطاقة الإسرائيلي وقتها موشيه شاحال ومسؤول حكومي عراقي كبير لبحث العلاقات الثنائية.

     وهناك من يرجع بهذه الاتصالات إلى عام 1968، أي منذ الانقلاب العسكري الذي جاء بالنظام الحالي، حيث ذكر ان المقدم سعدون غيدان قبل تسلمه وزارة الداخلية، قام بالاتصال بالملحق الجوي الإسرائيلي في لندن، وطلب منه دعم وصول النظام للحكم لقاء وعد بسحب القوات العراقية من الأردن. وقد وقع سحبت هذه القوات بالفعل عام 1970.

     ان كل هذه الاتصالات وغيرها مما لم يكشف عنها بعد، تدحض مزاعم النظام العراقي وشعاراته الصاخبة التي ظل يطرق بها آذاننا صباح مساء، وطوال اكثر من ثلاثين عاما من الزمن، عن تحرير فلسطين من الماء إلى الماء !!

     على هؤلاء أن يتذكروا أيضا ان اغتيال عز الدين قلق في باريس وسعيد حمامي في لندن وغيرهما من رموز النضال الفلسطيني في الخارج تم بأيدي المخابرات العراقية وليس على أيدي الموساد.

     إننا لا نذكر بأمور منسية، ولكن لنرد على الحجة بالحجة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صحفي عراقي ـ كندا
 

 



#رضا_الأعرجي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما هي -إمكانيات- الحوار مع النظام العراقي؟


المزيد.....




- من زاوية جديدة.. شاهد لحظة تحطم طائرة شحن في ليتوانيا وتحوله ...
- أنجلينا جولي توضح لماذا لا يحب بعض أولادها الأضواء
- مسؤول لبناني لـCNN: إعلان وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرا ...
- أحرزت -تقدمًا كبيرًا-.. بيان فرنسي حول وضع محادثات وقف إطلاق ...
- هجوم صاروخي روسي على خاركيف يوقع 23 جريحا على الأقل
- -يقعن ضحايا لأنهن نساء-.. أرقام صادمة للعنف المنزلي بألمانيا ...
- كيف فرض حزب الله معادلة ردع ضد إسرائيل؟
- محام دولي يكشف عن دور الموساد في اضطرابات أمستردام
- -توجه المحلّقة بشكل مباشر نحوها-.. حزب الله يعرض مشاهد من اس ...
- بعد -أوريشنيك-.. نظرة مختلفة إلى بوتين من الولايات المتحدة


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - رضا الأعرجي - عن العراق وفلسطين وإسرائيل