محمد البسفي
الحوار المتمدن-العدد: 4911 - 2015 / 8 / 31 - 17:56
المحور:
الصحافة والاعلام
*إرهاب شعب بقانون.. ودور "فتاة الساحر":
منذ أن هاجت نقابة الصحفيين "الحكومية", ممثلة في مجلسها و"أحدي" لجانها, علي "قانون مكافحة الإرهاب" قبل ثلاثة أو أربعة أسابيع تقريباً وهو مازال في مرحلة "المسودة", مختصة تلك النقابة في جميع بيانات شجبها وتصريحات نقيبها - ومعاونيه – واحدة فقط من مواد هذا القانون المكَون من 54 مادة, توجست خيفة – حتي قبل أن أطالع مواد القانون - أو حتي تلك المادة التي تصاعد توتر التصريحات والتصريحات المعقبة عليها وبإيقاع ليس بالرافض أكثر منه خلق "شو إعلامي" لتمرير القانون, لدرجة خروج تصريح إعتذاري صدر من المستشار "أحمد الزند" بصفته وزيراً للعدل!
وكان توجسي في محله.. فبعد أن قامت نقابة الصحفيين "الحكومية" بدور "فتاة الساحر" التي تتلوي وتلهي أعين المشاهدين بالنذير من الملابس – والذي أجادته تلك النقابة منذ زمن مع عدد من مؤسسات وكيانات المجتمع المدني شبه الحكومية أو المستقلة في الظاهر والحكومية من الباطن – بإلهاء المتابعين والرافضين لذلك القانون المسرف في ديكتاتوريته وقمعه, بإعتراضها علي "صياغة" أحدي مواده فقط. تمر الأيام والأسابيع ونفاجأ جميعاً بالإصدار الرسمي له ولكن تحت "ستار بهلواني" جديد حاولت "فتاة الساحر" إستغلاله لصرف أعين الجماهير عن بشاعة هذا القانون!
في نفس التوقيت تقريباً تقوم أحدي الصحفيات الميدانيين "تطوعاً" بإبلاغ الأمن عن زميلاً لها في نفس المهمة الصحفية متهمته بتصوير رجال الشرطة لتسهيل العمليات الإرهابية ضدهم ويتم إحتجاز الزميل علي أثر ذلك, وبالطبع تثور الحسابات الشخصية لمواقع التواصل الإجتماعي الخاصة بـ"بعض" العناصر الشابة المتحمسة من الصحفيين – وهم مازالوا للأسف قلة بعمومية النقابة – علي هذا الفعل المشين والمهين لكافة الممتهنين لهذه المهنة التي يُصر الجهاز الأمني وعملائه علي خلطها بوظيفة "المخبر الأمني" أو "الجاسوسية". وهنا "تقفز" النقابة "الحكومية" – في أحدي حركاتها البهلوانية - لتصدر "أعجب" قراراً إداري حينما حرمت تلك "المتطوعة تخابراً" من دخول مبني النقابة الرسمي – رغم علمها الأكيد بعدم عضويتها الرسمية بالنقابة – لتتجلي عجائبية هذا القرار مع المنطق البديهي بأن هذه المتطوعة لو كانت أحدي عضوات عمومية النقابة فلا يحق لأي فرد بمجلس إدارة النقابة إصدار مثل هذا القرارقانوناً بمن فيهم نقيبها ذاته, وفي حالة عدم عضويتها – وهي الحالة الواقعية بالفعل – فهناك قرار يتم تجديده علي مدار عهود مجالس تلك النقابة بمنع غير الأعضاء الدخول لمقر المبني(!)
ولكن "بهلوانية" المؤسسة "شبه" الحكومية أختارت بهذا القرار الهزيل إمساك العصا من المنتصف, و"حاولت" كعهدها دائماً إستغلال الموقف لعدة أهداف: أولاً إنقاذ بعضاً من ماء وجهها أمام فعل مشين قامت به أحدي المنتسبات إلي المهنة وسبق لنفس النقابة بتكريمها هي ورئيس تحريرها – والذي يشتهر بعلاقاته الوثيقة بأجهزة الأمن لدرجة تسليم شقيق والدته لها في بداية حياته العملية – والجريدة التي تنتسب إليها بدرع تكريمي مفتخر, ثانياً للمزيد من الشو الإعلامي وتغذية "التغييب المجتمعي" للرأي العام, وثالثاً – وهو الأهم – صرف النظر والإنتباه عن إصدار قانون مكافحة الإرهاب و"مسودة مشروع قانون تنظيم الصحافة والإعلام" – التي صدرت في نفس اليوم – وبالتالي تمرير فرص الإحتجاج والإعتراض عليهما من قبل "المجتمع الصحفي" وإبراز ما حواهما من مواد "كارثية" علي الحريات العامة "للمجتمع" ككل والحريات المهنية "للصحافة", لذا فبمرور أقل من أيام معدودات تناست النقابة موعد التحقيق الذي أعلنت "جريدة المتطوعة" عن إقامته معها بحضور ممثل من النقابة وتجاهلته تماماً, لترضي آراء أغلبية أعضاء عموميتها التي تعاطفت مع "المتطوعة" وتابعت "قضيتها" بإشفاق شديد ولم تري فيما سلكته أي شائنه(!)
وبهذه "الأغطية البهلوانية", يخرج النقيب الحالي ليصرح لوسائل الإعلام بـ"أن تعديل مواد قانون مكافحة الإرهاب قد جاء بفضل جهود نقابة الصحفيين" معتبراً أن تعديل صياغة المادة التي "كانت" تقضي بحبس الصحفي إلي تغريمه بمبلغ يتراوح بين 200 إلي 500 ألف جنيه, وتقديم تراتب ترقيمها بنصوص القانون من رقم 54 إلي رقم 35 "إنجازاً" عظيماً يضاف إلي إنجازات نقابته وعموميتها المهجنة!.. بل ويأتي النقيب السابق ليزايد علي زميله ويقر بأحدي وسائل الإعلام الفضائية بأن "المادة "35" توفر الحماية للصحفي لكونها تقصُر مسئولية التصريح والتعقيب الصحفي علي مصدره دون المحرر عندما ألزمت الأخير بعدم نشر غير البيانات الرسمية من مصادرها الأمنية أو السيادية" (!!).
"فتاة الساحر".. حاولت لعب دورها علي أكمل وجه بهلواني, في صرف نظر المجتمع والرأي العام عن تأثيرات "المادة 2" من قانون مكافحة الإرهاب "الكارثية", والتي عَرفت العمل الإرهابي بصيغة مسرفة في التوسع والشمولية حتي تحتوي علي أي عمل "إحتجاجي" – دون النظر للتعريف بحقيقته السلمية كانت أو المسلحة – وبالتالي تشمل جميع الفئات الشعبية العامة والعاملة بداية من الريفي البسيط الذي يقضي حاجته علي شاطئ ترعة صغيرة أو فرعاً للنيل في أنأي قرية ريفية ونجع صعيدي علي مستوي الجمهورية بإعتباره "ضاراً بالبيئة"!, وليس إنتهاء بالمحرر الصحفي "العامل" بمؤسسته الصحفية صغيرة كانت أو كبيرة ويعاني عدم حصوله علي حقوقه المالية أو المعنوية!
فقد جاء نص "المادة 2" من القانون تُعرف حرفياً: "يقصد بالعمل الإرهابي كل إستخدام للقوة أو العنف أو التهديد أو الترويع في الداخل أو الخارج, بغرض الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع أو مصالحه أو أمنه للخطر, أو إيذاء الأفراد أو إلقاء الرعب بينهم, أو تعريض حياتهم أو حقوقهم العامة أو الخاصة أو أمنهم للخطر, أو غيرها من الحريات والحقوق التي كفلها الدستوروالقانون, أو الإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الإجتماعي أو الأمن القومي, أو إلحاق الضرر بالبيئة, أو بالموارد الطبيعية أو بالآثار أو بالأموال أو بالمباني أو بالأملاك العامة أو الخاصة, أو إحتلالها أو الإستيلاء عليها, أو منع أو عرقلة السلطات العامة أو الجهات أو الهيئات القضائية أو مصالح الحكومة أو الوحدات المحلية أو دور العبادة أو المستشفيات أو مؤسسات ومعاهد العلم, أو البعثات الدبلوماسية والقنصلية, أو المنظمات والهيئات الإقليمية والدولية في مصر, من القيام بعملها أو ممارستها لكل أو بعض أوجه نشاطها, أو مقاومتها, أو تعطيل تطبيق أي من أحطام الدستور أو القوانين أو اللوائح, ...", فكما شملت هذه المادة "جميع" فئات الشعب المصري بداية من المواطنين الذين "يعترضون" علي تدني مستوي الخدمة الطبية أو العلاجية بأحدي المستشفيات الحكومية أو الخاصة علي مستوي الجمهورية مثلاً, مروراً – بالطبع – بمجموعة من عمال أو موظفين في مصلحة حكومية أو قطاع عام أو شركة ومصنع خاص يقررون "الإعتصام" أو "الإضراب" أو حتي "الإحتجاج" بمجرد وقفة سلمية كمثال, وكذلك طلاب بمدارس أو جامعات خاصة كانت أو حكومية تجرأوا علي إقتراف هذه السلوكيات, أصبحوا جميعهم "إرهابيين" بنص هذه المادة من القانون, مثلما تطول – بالتالي وبالطبع – أي محرر صحفي أو مجموعة من الصحفيين بأحدي المؤسسات الصحفية أو الإعلامية يعانون من تأخر وصرف رواتبهم المالية أو عدم حصولهم علي حقوقهم المهنية, خاصة في ظل تلك الحالات التي كثرت – وسوف تكثر مستقبلاً – من فصل تعسفي بل وغلق الإصدار وتشريد العاملين به في ظل قوانين "تشجع الإستثمار الخاص" وغياب نقابي لنقابة ركزت علي "تأميم" المهنة وخاضعة للحكومة بكافة أجهزتها التنفيذية والإدارية. فيكفي لتلك المجموعة المعترضة من الصحفيين أن يقرروا "الإعتصام" أو"الإضراب" عن عملهم داخل دار مؤسستهم الصحفية ليتم إتهامهم من قبل الإدارة بالعمل "الإرهابي" لتعطيل العمل والإستيلاء علي ممتلكات عامة أو خاصة بسهولة شديدة.
#محمد_البسفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟