|
رد على الأستاذ / سعد الله خليل / عن آية السيف !!
فائز البرازي
الحوار المتمدن-العدد: 1352 - 2005 / 10 / 19 - 08:02
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الأستاذ سعد الله خليل المحترم . تحية إحترام : أول من أمس قرأت تعقيبك في ( الحوار المتمدن ) حول " آية السيف " وأعتذر لتأخري عليك . مع كامل إهتمامي بكل ما كتبت . وإسمح لي قبل التعقيب ، توضيح بعض النقاط الكاشفة والخاصة بالحوار : 1- إن لأي حوار كما تعرف أسس إرتكاز ووظيفة وهدف ونتيجة . وبالتالي يجب أن تكون المنطلقات واضحة ومحددة . وحوارنا هنا إن كان يستند إلى رفضك ، عدم إيمانك بالله ، بالأديان ، بالرسل ، فهو حق إنساني كامل لك لايستطيع أحد إجبارك أو حتى لومك حول ما تؤمن به أو لا تؤمن . وهنا لن يكون لحوارنا من معنى لأنه بين الإيمان وعدم الإيمان بشيئ ما ، خاصة أن الحوار مرتبط كليآ بكلام الله ( القرآن ) وبالتالي لايمكن أن يكون الإستشهاد بما لا تؤمن به أصلآ . ( فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ) والكفر هو بمعنى الرفض . وعندما يوجد الرفض لشيئ ما بهذه الأهمية اليقينية لايبقى معنى للحوار . و ( جادلهم بالتي هي أحسن ) فأنا لست في موضع لإدارة مثل هذا الجدل . وإن كان حوارنا ينطلق من الإيمان المشترك ، لكن تشوبه شوائب تستدعي الحوار ، فأنا مستمر معك على قدر " إمكانياتي " المتواضعة . 2- وأنا معك بالمطلق .. لنقدك رجال الدين بعدم الرد أو إدارة الحوار حول ما تفضلت به عن آية السيف . 3- أود أن أوضح بعض مرتكزاتي الفكرية التي أنطلق منها .. إيمان مطلق بما ورد في القرآن وبأي شكل من الأشكال . لأنه إما إيمان بإله أو رفض للإله . أما تفسيرات القرآن وإشكالياتها اللغوية مثار بحث المفسرين والمجتهدين ، فهو محل جدل وحوار . ولأنه لو كان هناك تفسير ثابت في المكان والزمان لا يتغير ، فكان الأجدى بالرسول أن يطرح مثل هذا " التفسير الثابت " كرسول ، وليس كنبي . فيصبح التفسير الرسولي " بالوحي " جزءآ لا يتجزأ من القرآن . لكن بهذه الحالة لايصبح القرآن صالح لكل زمان ومكان ، من إستنباطاته . 4- أعتقد أنه يجب التفريق بين ( الرسول / الموحى إليه ) وبين ( النبي / الإنسان ) . 5- وأعتقد أن ( نقد الفكر الديني ) بكل تنوعاته .. تفسيرات ، إجتهادات ، فقه ، تراث ، نقل .. الخ وبكل ما يمت إلى العقل الإنساني ، يجب أن نستمر فيه بوتيرة أسرع وأدق ، وبطريقة علمية واضحة ، وهو ( غير مقدس ) . 6- الإختلاف حول ( الحديث ) ، أحاديث الرسول ، يجب إعادة بحثة وتنقيته حتى يمكن أيضآ التمييز بين : أحاديث الرسول ، وأحاديث النبي . والتمييز بين السنة القولية ، وبين السنة العملية . ويدخل في هذا مبتدأ وأساسآ بحث إصرار الرسول على عدم " القول عنه " ... ( لا تكتبوا شيئآ عني ، من كتب فليمحه ) . وهذه نقطة تستوجب البحث والوقوف عندها . فأحاديثنا كلها في العنعنة .. قال رسول الله ، ولم نجد حديثآ .. قال نبي الله . وقول الرسول يندرج تحت " الوحي " أما قول النبي فيندرج ضمن الفكر والسلوك الإنساني الغير معصوم . وعندما كان الله يعاتب النبي محمد ، كان يتوجه له بالحديث .. يا أيها النبي .. ما كان لنبي .. وأعود بشكل سريع – إن سمحت لي – لأتناول بعض ما ورد في تعقيبك على تعقيبي ، وأترك الباقي للمتفقهين في اللغة والدين ، لأبتعد عن التطاول والخوض فيما لا أعلم جازمآ . 1- إن ردك المستشهد برد " أكبر القادة الإسلاميين " يمكن أن يكون محل خلاف . وهذا الأمر أصبح واضحآ . فهناك من يستشهد بمقولات / سيد قطب / أو أستاذه / أبو الأعلى المودودي / والذي عاد وتراجع عن معظم أقواله وإستغفر اله له ولنا بعد هدر دماء وإفراز متشددين وقتلة وتكفيريين . وفي موضوع ( الجهاد ) بحث واسع يجب أن لا تسخر هذه الكلمة لخدمة " الفكر الديني السياسي"، ويجب توضيح أنواع الجهاد ومعانيها . فكلمة حق عند سلطان جائر ، تعتبر جهاد . العلم جهاد ، العمل جهاد ، العدل جهاد .. الخ . و ( القتال ) يختلف في مفهومه عن ( الجهاد ) . والقتال لتكون كلمة الله هي العليا ، يجب البحث أيضآ في هذا المعنى .. متى يجب ، كيف يكون ، ضد من ولماذا ، هجومآ أم دفاعآ ، متى يقاتل المشركون ، و .. الخ . أما بالنسبة للفتوحات الإسلامية فهي أيضآ تاريخ يجب قراءته بعناية ، وهل كان القتال فيها ضد الرومان والفرس مثلآ ، أم ضد أهل البلاد التي تم " فتحها " ؟ .. والفتح هنا لا يعني " الإستيلاء بالقوة " . إذ يمكن أن ( تفتح ) الباب بالإذن ومن أهل الدار ، ويمكن أن تفتحه عنوة وبالقوة . 2- فيما خص ( أهل الكتاب ) فما تفضلت به عن أبي هريرة ، وعن رواية عبد الرحمن الأشعري فلن أقف عند " محتواها " . بل سأتطرق إلى جملة من الأحاديث المرواة في البخاري ومسلم وهي متضادة في بعضها البعض . ليس من حيث " العنعنة " وإنما من حيث المضمون وتلازمه مع مفهوم القرآن ، ومع أحاديث أخرى . حتى يقال : أن عمر بن الخطاب كان يضرب أبي هريرة بالدرة إن قال .. قال رسول الله ، لأن عمر كان يرفض القول عن رسول الله بسبب ماذكرت سابقآ من حديث المنع . ويقال : لو أن أبي هريرة قد مات قبل عمر ، لما كان وردنا شيئآ كثيرآ من الحديث . كما أن كثير من المفكرين الإسلاميين القدماء مثل الإمام /إبن حزم / قد تصدوا لأقوال كثيرة للبخاري في صحيحه . ومنها .." حد الردة " ومنها " تشريع الرجم " الذي لم يرد في القرآن على أهميته ، لأنه يسبب قتل الإنسان الذي لايقتل إلا بإنسان أو العفو من أهل المقتول ، مقابل ( الزنا ) . وقد أورده " البخاري " . فكم من بشر ماتوا بسبب " البخاري " ؟؟ . 3- عن المساواة : فليس هناك مساواة بالمعنى العددي : 2+2=4 ، 1+3=4 . المساواة الإلهية والدينية وما إستتبعها من مساواة إنسانية هي في " نسبيتها " . فمثلآ لايمكن أن نساوي بتحصيل الضريبة بين فقير وغني ، ولا يمكن أن أطلب من المجنون ما أطلبه من عاقل ثم يكون الحساب متشابه ، ولا أن أساوي بين جاهل وعالم ، ولا يمكن أن أدفع ذات الأجر للحمال والمهندس .. الخ . فالمساواة مرتبطة ( بالوظيفة ) – لا أعني الوظيفية - . فليس هناك مساواة مطلقة . وضمن ذلك يمكن أن نفهم معنى المساواة بين البشر ، وبين الذكر والأنثى ، وبين بني الإنسان ، وداخل المجتمعات حتى بين ذكر وذكر ، وأنثى وأنثى . فالوظيفة مهمة في معيار المساواة . وأيضآ هناك حالات تكون فيها حقوق المرأة أكبر من حقوق الرجل ، وهناك حالات تكون حقوق الرجل أكبر من حقوق المرأة ، وهذا أمر مرتبط بالوظيفة ، وليس مرتبط بتخلف العقل والعادات والتحجر لدى الكثير . وهذا أيضآ بحث أكبر من الإحاطة به هنا في هذه العجالة . 4- الجزية : لست ، لم أرغب في الخوض بها . إذ أنني إن كنت كذلك ، لقلت لك .. هذا ما كتب من الله ، ولك أن تقبل أو ترفض . وأنا لم أقل . بل لأنه أيضآ بحث خارج عن المعنى المحدد الذي تفضلت بطرحه في آية السيف . والآية التي تقضلت بذكرها تتعلق في ظرفها ومكان ورودها . خاصية القتال فيها مرتبط " بإعتداء الآخر " ومن هنا أتت كلمة " صاغرين " . وهذا واضح بعد الإقرار أن كلام الله لا يحتوي تناقض . تعليمات هنا ، وأخرى مختلفة هناك . وكل ما ورد من .. لايؤمنون بالله .. لايحرمون .. لا يدينون .. كلها قبل ( من الذين أوتوا الكتاب ) أي ليس القتال لكل أهل الكتاب وهم غير مسلمين ولا يدينون " بدين الحق " . فالمعنى هنا .. لمن إعتدى أو حارب المسلمين " من " الذين أوتوا الكتاب ، حتى يعطوا الجزية " عن يد " وهم صاغرون . أي مستسلمون " بالذات " وليس هاربون ، ومسلمون بعدم الخروج على السلطة ، وعودتهم كأهل كتاب ، أو حتى المشركين ، ضمن المجتمع السلمي . أما ما قال إبن العربي وما سمعه عن أبي الوفاء ، فهو متناقض بالرواية مع ( فذكر إنما أنت مذكر ، لست عليهم بمسيطر ) . كما أنه واضح في آية المائدة ‘ن : ميثاق أهل الكتاب ( فما نقضهم ميثلقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية ... إلى قوله : ولا تزال تطلع على خائنة منهم ، إلا قليلآ منهم فإعف وإصفح إن الله يحب المحسنين ) . كما أن نقض العهد أو العقوبة تشتمل العقاب في آيات أخرى حتى للمسلمين . ومن هنا أهمية دراسة القرآن دراسة جمعية متكاملة . 5- أما العودة لتسؤلك عن التعارض بين آية السيف ومضمن الدين ألذي ذكرته في تعقيبي السابق ، فقد ذكرت سبب التعارض أيضآ فيه . علمآ أنه ليس هناك شيئ إسمه آية السيف . 6- يجب أن نعي تمامآ وبشكل واضح . أن ( بسم الله الرحمن الرحيم ) ليست بآية ، وبالتالي فلا ينطبق عليها ما ذكرت حضرتك عن الحفظ ، والصون ، واللوح المحفوظ ، والقرآن كذلك . فهو محفوظ بالقدرة الإلهية والتأكيد على ذلك . بسم الله الرحمن الرحيم هي بداية .. أي أنني أقرأ ما سيرد من قول الله .. أقرأ بإسم الله ، وليس بإسم الملك ولا بإسم الشعب . هي توضيح لبداية تلاوة ، حتى في نفس الآية عند إنقطاع التلاوة ثم العودة إليها .. أي ما سأقرأ هو قول الله . مثل ( صدق الله العظيم ) عند نهاية التلاوة تأكيدآ على إيماننا بقول الله وصدقه ، ونهاية تلاوتنا لقول الله تمييزآ عن قولنا. أما إجمال سورة الأنفال بأنها من أوائل ما أنزل بالمجمل ، فغير صحيح . وكذلك أن سورة التوبة من أواخر ما أنزل بالمجمل ، فغير صحيح أيضآ . بل ان آخر آيات الأنفال ، أنزلت متقاربه مع آخر ما أنزل من آيات بسورة التوبه . والقول أن عثمان إختلط عليه الأمر فلم يفصلهما ولم يسأل الرسول ، فهذا كلام ليس من عندي ، وهو لا يحط من قدر عثمان لأنه متعلق بتحديد بداية ونهاية سورة ، وليس بتحوير كلام الله أو نسيانه أو إسقاطه . والدليل على الصدق والإلتزام ، الإعتراف بذلك ، مع وجود إمكانية إضافة لفظ بإسم الله بدون إعتراض أو شعور بذلك من أي كان . كما أن ( تفسير الجلالين ) تفسير إنساني ضعيف ليس له من القوة والدقة ما لتفاسير إنسانية أخرى . وأعتقد بأنك تجد الفرق حتى في التسمية بين ( سورة التوبة ) و ( آية السيف ) وأحب أن أذكر ما ورد في ( سورة التوبة ) وقيل عنه " آية السيف " لتجد الفرق والذي أعتقد أنك تفرق فيه : ( براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين ) – 1- . فهنا براءة وتوبة عمن عاهدوا المسلمين ، من المشركين . ثم : ( إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئآ ولم يظهروا عليكم أحدآ فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم إن الله يحب المتقين ) – 4- . وهنا نزلت هذه الآيات " بظرف محاولة الرسول الحج " ومحاولة المشركين منعه ومحاربنه ، فأذن له الله بقتالهم بعد إنسلاخ الأشهر الحرم : ( فإذا إنسلخ الأشهر الحرم فإقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم وإحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وءاتوا الزكاة فخلوا سبيلهم ان الله غفور رحيم ) 5 وقد أمر الرسول بلال وعلي بقراءة الآيات بصوت عالي ليسمع الجميع عند منعه من الحج . يقول الله تعالى ( وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله برئ من المشركين ورسوله فإن تبتم فهو خير لكم وإن توليتم فإعلموا أنكم غير معجزي الله وبشر الذين كفروا بعذاب أليم ) – 3 - . وأرجو أن تعود لقراءة هذه السورة – التوبة – من جديد ضمن سياقها الذي أنزلت فيه ، فهي مرتبطة في بداياتها بحدث " منع الحج " وليست معممه على جميع الأحوال . لك مني خالص تقديري وإحترامي .
#فائز_البرازي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العـــراق بين زمنيـــن
-
الشرق الأوسط الكبير و قمة الثماني
المزيد.....
-
82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
-
1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
-
أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
-
غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في
...
-
بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
-
بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
-
قائد الثورة الاسلامية آية اللهخامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع
...
-
اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع
...
-
إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|