|
اعلان دمشق ومأزق قواه السياسية
محمد مقداد
الحوار المتمدن-العدد: 1352 - 2005 / 10 / 19 - 07:39
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
صدر في دمشق في 16 أكتوبر بيانا باسم "اعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي" بتوقيع التجمع الوطني الديمقراطي وتحالفين للاحزاب الكرية ولجان احياء المجتمع المدني وعدد قليل من الشخصيات. وفور صدوره بسويعات اعلنت جماعة الاخوان المسلمين انضمامها وكذلك فعل فريد الغادري وحزبه وتحالفه. اثار صدور الاعلان ضجيجاَ اعلامياَ لمدة يومين ، وكيف لا ؟ وسوريا اليوم في قلب العاصفة، وحتى كتابة هذه الكلمات لم تعلن اية هيئة او حزب اخر انضمامه لهذا الاعلان من داخل سوريا، لماذا؟ في الواقع ، ان اول ما يثير الانتباه هو الشكل المحدود والضيق والاقصائي –بخلاف ما هو وارد في نص الاعلان- لاليات الاعداد له. فاية عريضة او بيان حول الديمقراطية تحوز اليوم على التوقيع"السهل" لعشرات الاحزاب والهيئات والشخصيات. وثاني الامر ، هو ان الاعلان والانضمامات المباشرة-بسرعة مذهلة – لحزبي الاخوان والى حد اقل حزب الاصلاح للغادري، اضافة الى ما رشح من اخبار ، تؤكد ان المقصود بالتحديد هو مناورة من احزاب التجمع، التى كانت ما تزال لا تجرأ على اصدار بيان مشترك مع هذه الاحزاب(الاخوان والغادري) ، وبالتالي فان اصدارها لبيانها لوحدها ثم اعلان الاخيرين انضمامهما له يعفيها من عبء تحمل تبعات موقفها هذا. وهذا يفسر جزئياَ غياب توقيعات لاحزاب وهيئات سورية اخرى على الاعلان.
من جهة اخرى ، لا بد من القول ان نص الاعلان لم يأت بجديد ، فاغلب ما ورد به من مطالب ومحاور انما هي تكرار لما كانت تطالب به العديد من الاحزاب والهيئات السورية في الداخل منذ سنوات. لكن الجديد هو تبني –اخيرا- التجمع لهذه المطالب ، بعد ان التصقت به سمة سعيه الدائم لارضاء كل من النظام السوري والمطالب الشعبية بالديمقراطية، اضافة الى ممارسة قيادته لسياسة عتيقة تقوم على الشطارة و"الحرتقة". لذلك فان التحاق التجمع الوطني الديمقراطي ، ولو متأخراَ،بالمطلب العام بضرورة " التغيير الديمقراطي الجذري" هو موقف ايجابي. بالرغم من ذلك احتوى الاعلان على ثلاث نقاط تنسف اسسه. الاولى ، ان ارساء الديمقراطية في مجتمع ما ،مهما كانت الاديان والاعراق فيه، يقوم على مبدأ المواطن" المجرد" وتساوي المواطنين امام القانون. بينما الفقرة الواردة في الاعلان والتي تقول بأن"الاسلام الذي هو دين الاكثرية وعقيدتها"انما ينسف الفحوى اللغوية الديمقراطية للاعلان. ان تقول ان الاسلام احصائيا هو الدين الاول في سوريا، نعم. ولكن ان تقول انه دين الاكثرية-هذا كلام انتخابي- فهذا موقف سياسي يقطع الطريق على الممارسة الديمقراطية و على الجمعية الدستورية التي ينادي بها الاعلان ، ويضع لها سلفاَ بنود دستورها؟ ما هو بعد اسوأ، القول كما ورد في الاعلان ان الاسلام "عقيدة" الاكثرية وليس فقط دينها-وهذا موقف اكثرسلفية تتجنبه جماعة الاخوان نفسها- انما يعني ان جوهر"الديمقراطية العتيدة" لهذه الاحزاب انما هي لاهوتية. بل بالاحرى طائفية متزمتة ، تغوص في غول "عقيدة" البشر ، وليس فقط انتماءاتهم الدينية. ثانياَ،من هنا ،يمكن ان نستكمل تفسير غياب توقيعات اخرى على الاعلان ، يتجاوز الطابع "الطائفي" الواضح للموقعين. انه النفس الطائفي الواضح لهذا الاعلان. وهذا مقتل آخر له. وعلى هذا الاساس،تحديداَ، تعامل الاعلان على طريقة "النطق باسم الاغلبية الدينية والعقيدية" ب(ضمان حريات الافراد والجماعات والاقليات القومية ) ، ونادى الموقعون اخوتهم (من ابناء مختلف الفئات السياسية والثقافية والدينية والمذهبية..). لقد تم اسر اللغو الديمقراطي لما ورد في "اعلان دمشق" ، باليات استقصائية في الاعداد له ، وبمخاتلة جبانة للالتحاق بتحالف خارجي.اضافة الى موقف طائفي واضح . وبعض العطايا "للمواطنين الاكراد". ثالثاَواخيراَ ، وعلى الرغم من "العنترية" الكلامية للاعلان باستعداد الموقعين على"تقديم التضحيات الضرورية" ، ولكن لأن الطبع يغلب على الطابع، فقد تدارك كاتبوا الاعلان ان يسئ النظام تفسير هذه"الشجاعة" المفاجئة ، بتضمين الاعلان دعوة واضحة لجميع القوى بما فيها "اهل النظام". لن يضيف "اعلان دمشق" سوى زيادة الانشطارات ، ومضاعفة الصعوبات على طريق بناء سوريا الديمقراطية الحديثة لكافة ابنائها، ومواجهة الطائفية والنظام الاستبدادي والشمولي ، ببناء دولة المؤسسات والحق والقانون ، باعتبار الدين والعقيدة شأن شخصي. وتأخذ فيها القومية الثانية في سوريا أي الشعب الكردي، حقوقها الشرعية. وبلهاث القوى الموقعة على الاعلان لاقتسام "الكاتو "المبكر بتقديم نفسها-رغم هزالها التنظيمي- على انها تعبر عن اغلبية"طائفية"، انما تراهن على وهم سقوط النظام الدكتاتوري الوشيك عبر الضغط الامريكي . لعل الخيار الثالث حقاَ هو ما يدفع بالقوى الناشطة والديمقراطية الحقيقية الاخرى ان كانت يسارية او ليبرالية .او هيئات اجتماعية..لمواصلة السعي الجدي من اجل بناء ائتلاف ديمقراطي واسع يعبر حقاَ عن هذا التطلع من اجل الحرية والعدالة. وتبقى الممارسات والنضالات الديمقراطية على الارض. هي المحك الاساسي.
#محمد_مقداد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سوريا: من علامات الساعة؟
المزيد.....
-
المافيا الإيطالية تثير رعبا برسالة رأس حصان مقطوع وبقرة حامل
...
-
مفاوضات -كوب 29- للمناخ في باكو تتواصل وسط احتجاجات لزيادة ت
...
-
إيران ـ -عيادة تجميل اجتماعية- لترهيب الرافضات لقواعد اللباس
...
-
-فص ملح وذاب-.. ازدياد ضحايا الاختفاء المفاجئ في العلاقات
-
موسكو تستنكر تجاهل -اليونيسكو- مقتل الصحفيين الروس والتضييق
...
-
وسائل إعلام أوكرانية: انفجارات في كييف ومقاطعة سومي
-
مباشر: قوات الأمن الأردنية تعلن قتل شخص بعد إطلاقه النار في
...
-
كوب 29: اتفاق على تقديم 300 مليار دولار سنويا لتمويل العمل ا
...
-
مئات آلاف الإسرائيليين بالملاجئ والاحتلال ينذر بلدات لبنانية
...
-
انفجارات في كييف وفرنسا تتخذ قرارا يستفز روسيا
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|