تابعنا تصريحات المعارضة العراقية، قبل وبعد مؤتمر لندن. وأثار إنتباهنا أن بعض القوى أو الأفراد لازال حتى اللحظة لم يعرف لم ذهب وشارك ولم هو الآن داخل أو خارج ما إرفض عنه هذا المؤتمر. وقبل أيام نشر (كتابات) حديث خالص للسيد نجيب الصالحي عن هذا الموضوع، والذي نراه يستحق المراجعة مليا.
قبل كل شيء، فالعميد نجيب سبق وأعطى بعض التصريحات هنا وهناك، نم عنها ولشديد الأسف روح من الطائفية لا تقل عن تلك الروح البغيضة التي يتشدق بها حكيم. فتولد لدينا ودون أدنى شك بأن الصالحي سيكون أحد رموز هذه الطائفية البغيضة وأحد مثبتي أركانها في العراق للعقود القادمة.
وهي طائفية ربما ستكون أسوأ بكثير من تلك التي زرعها السيد ساطع الحصري لصالح الأتاتوركية في العراق. أسوأ، لأن الطائفية الأتاتوركية تعمل لصالح الماسونية، بينما طائفية نجيب – حكيم تعمل لصالح الماسونية واليمين المسيحوصهيوني المتطرف، وهو القوة الصاعدة والتي ستسيطر على مقدرات العالم بسطوة أشد مما لو كانت الماسونية وحدها هي الحاكمة.
على أن السيد الصالحي ذهب إلى المؤتمر بروح وخرج منه بروح، وبفارق نفسي ظاهر لصالح شخصية أخرى تماما. أما من هي هذه الشخصية، فليسمح لنا العميد نجيب وبما له من دماثة خلق ولين العريكة، أن نحددها ومن خلال ما فهمناه من تصريحه إلى (كتابات).
يقول السيد نجيب أنه: (( انا قرأت نص بيان المعارضة العراقية باللغة العربية وليس الانكليزية ))
وليعد السيد العميد بالذاكرة إلى أيام المؤتمر، وكيف أنه وفي اليوم الأول وعلى عتبة باب قاعة المؤتمر قدم له شخص محسوب على الكلبي كتيب الوثائق التي أعدتها اللجنة التحضيرية! ولزيادة بالتذكير، ننبهه إلى أن الكتيب أبيض مكلبس بالنايلون الأسود، ونذكره أيضا كيف أنه أشاح بوجهه ولم يستلم الكتيب أصلا. أي إن الوثائق الأصل موجودة وهي باللغة الإتجليزية من إعداد السيد ديفيد فيليب لامبرت، وهو منسق المؤتمر وهو بالمناسبة الذي وجه الدعوة إلى السيد الصالحي وتجمعه لحضور المؤتمر. والدعوة وجهت إليه باللغة الإنجليزية، ناهيك عن أن السيد الصالحي سبق وعرضت عليه بعض الدراسات (باللغة الإنجليزية) المعدة للمؤتمر. وإن أنكر السيد الصالحي هذا، فسنذكر إسم الشخص الذي عرض عليه دراسته.
وبالتالي، فنحن لا نرى بقوله هذا غير ملاحظة مغرقة بالدبلوماسية لا يقولها عسكري إعتاد أن يتعامل مع الأمور آليا وبلا عواطف. وهو قالها أو صاغها بذلك الشكل الدبلوماسي (الذي يخالف الحقيقة على أية حال) ليس إلا تبرؤا مما قد يعاب عليه من حضوره مؤتمرا كانت وثائقه الأصل باللغة الإنجليزية، وحين عرّبت فإلى لغة إنشاؤها دون مرحلة محو الأمية.
في مثل هذا التبرؤ المنكور ندخل قول السيد العميد: (( نحن لم نستلم أي دعم مادي حتى الآن من أي جهة أمريكية أو غيرها، والحركة تعمل بالامكانيات الذاتية المتواضعة لأعضائها )) لا يا سيادة العميد أستلمتم، وشملكم قانون تحرير العراق سيئ الصيت، ولا تقل غيرها! وهذه مما لا يشمله القول التراثي (( وإذا بليتم بالفضائح فإستتروا )) لأنك حضرت وإسلتمت فإذا إستعرت من هذا، فالأولى بك إعادة النظر وليس إعادة النكر.
أما وصف السيد العميد لهذا المؤتمر، فطريف هو الآخر: لقد قال عنه: (وبالرغم من الملاحظات الكثيرة عن هذا المؤتمرالاّ اني حرصت على التصريح بنجاح المؤتمرلأننا نعيش وسط هجمة اعلامية وسياسية مضادة تهدف تفتيت المعارضة العراقية ,، وتعمل على اسناد نظام صدام بأيّ شكل من الاشكال، وعلينا كعراقيين ان نظهر امام العالم متوحدين متماسكين .. حتى لو كانت الحقيقة خلاف ذلك ،، ولكن هذا لايعني السكوت على الاخطاء،, أن الاجتماع يفتقر الى الممارسات الديمقراطية .. حيث لم يقر مبدأ التصويت والانتخاب والاستماع الى الرأي الآخر مع بروز مظاهر البيروقراطية والعمل خلف الكواليس وغياب الشفافية . حيث بدا الاجتماع ليس أكثر من مهرجان خطابي .. وعرض مظلوميات ،, كنا نأمل ان يكون المؤتمر ديمقراطياً شفافاً يتفاعل فيه الجميع وهذا ما لم يحدث للأسف !))
وفات السيد العميد أن المظلوميات عرضت على زلماي وليس غيره. المهم، فالمؤتمر كان فاشلا عمليا، لكن مع ذلك صرح العميد بنجاحه نكاية بالشمات والعاذلين! وكأن الحال يخص فتاة تحت الخطوبة ولابد من تجميل صورتها مهما كانت الحقيقة. أي إننا أمام الرياء ذاته الذي كان يواجه به صدام حسين حين يظهر أمام عسكرييه أو أمام الشارع، لتهتز الحناجر هاتفة بإسمه، ثم تشتمه في قلبها، ولازلنا بتلك النفسية الخائفة عديمة الروية التي تسوقها العواطف والميانات. والعميد نفسه خير من يعرف هذه النفسية، وبالذات حين كان شبيه الريس يزورهم في معسكراتهم. ثم يا سيادة العميد هل أنت أيضا ممن قسم العالم إلى قسمين فقط، مع صدام أو مع بوش؟! أين هو العراق في ذاتك؟! أو يا سيادة العميد قلها صراحة: هل أبقيت شيئا من أسرار العراق وجيشه حين جلست كالطفل الصغير أمام المحقق الأمريكي يوم فصمت العروة الوثقى التي ربطتك بمسؤولك السابق، فهربت إلى مسؤولك الجديد – ديفد لامبرت أو ضابط ما دونه؟!
أما قول العميد بأنه: (( ليس صحيحا أن المؤتمر عقد برغبة أمريكية، ولا لتسويق الإجتياح الأمريكي للعراق وبيانها ليس أمريكيا، ولم ألمس تأثيرا أمريكيا في المؤتمر ،، وهذا لايعني انّ امريكا تدخلت ولها تأثير على المؤتمر ..هذا البيان وغيره .. وهذا لايعني ان هناك تأثيرا امريكيا .. ليست هناك بصمات امريكية على البيان )) . فهذا ما نرجو منكر ونكير أن يذكراه به ويحاسباه على تبعاته! وإلا كيف يتعامى شخص عن حقيقة أن المؤتمر نظمه قسم شمال الخليج بوزارة الخارجية الأمريكية وحضره علنيا زلماي زادة مبعوث بوش وحضره أيضا ما لا يقل عن 20 أمريكيا وبريطانيا ثلاثة منهم ألقوا خطبا، وأن المؤتمرين وبما لهم من حاسة شم قوية لذا فـ ((عندما يحضر السيد زلماي زادة تمتلىء قاعة المؤتمر وبغيابه يكون نصف الحضور)) كما قال العميد: (( يتسابقون لتسجيل اسمائهم لمقابلته ويعرضون وجهات نظرهم )) على – زلماي وليس على عراقي ما ولو من وزن كلبي وحكيم. ونسأل السيد العميد عما دار في خلده أن يطرحه على زلماي حين سجل إسمه أيضا لمقابلته؟
كما قال العميد: (( سمعت كلاما من السيد زلماي يقول فيه اننا نحترم الشعب العراقي ونحترم ارادته )) إذن فقد سمع العميد فوثق! وهو ينقل إلينا هذه الثقة لنأخذ بها أيضا!
كما قال سيادته: (( لم نلمس تأثيرا لدول الجوار على المؤتمر لكني أعتذر عن الجواب فيما إذا كان هناك تأثير إيراني على المؤتمر)) إذن فأيران ليست من دول الجوار، أو هي دولة جارة، قرأ عليها السيد الحكيم أية الكرسي فأخفاها عن عين (الحاسود) كي لا يرى أحد حصته التي خرج بها من المؤتمر ولذلك قال العميد: (( ليست هناك حصص بشكل مطلق في لجنة الـ 65 ))
ويقول السيد العميد: ((القوات العسكرية العراقية ليست مستعدة للدفاع عن صدام, ولانجد سبباً لوضعها ضمن قائمة الأهداف الأمريكية, امريكا لديها من الخبرة والتكنولجيا المتقدمة والاساليب والامكانيات المختلفة للتخلص من نظام صدام, وبدون الحاق الاذى بالشعب العراقي والقوات المسلحة العراقية أوضحنا موقفنا للادارة الامريكية بشكل مباشر, نحن حركة الضباط والمدنيين الاحرار نرفض ضرب ايّ موقع عسكري عراقي مثلما نرفض ضرب البنية التحتية المدنية العراقية)) فإذا لم يلق الأمريكيون بالا لرفض السيد العميد لضرب العراق وإحتلاله فهو: (( يأمل خروج أمريكا بأسرع مايمكن وان تترك للعراقيين بناء البيت العراقي الجديد )) وهو أضعف الإيمان! أو هو دعاء لا يتعدى الشفة، وشر الدعاء الذي لا يسمع!
وبالمناسبة فالسيد الصالحي عسكري عراقي. أي هو وليس غيره أول المعنيين بالدفاع عن الوطن وطرد الغزاة المحتلين منه! وهو إلتحق بالكلية العسكرية بعد التي واللتيا من التزكيات الحزبية، ثم إلتحق بكلية الأركان بعد ألف توصية وتوصية حزبية وأكاديمة وحب للوطنية كما يفترض، فصار عميد ركن. أي هو وليس غيره من يضع خطط الدفاع عن الوطن وطرد الغزاة عنه. فإذا كانت كل حيثيات خطته لطرد الغزاة والدفاع عن وطنه هي مجرد الرجاء والتوسل، فلله الأمر من قبل ومن بعد وإليه المشتكى وحده!
ومن هنا فما قاله العميد لا يشتمل على غير التورية والمغالطة والتهرب ونكران الحقيقة. وهو بالتالي لا ينم إلا عن نفسية الخارج من المولد بدون حمص، والآمل بعزومة حمّص جديده قد يكرم بها بباطية! وهذه هي الشخصية التي خرج بها السيد العميد، أو هكذا أراه!
كلمة أخيرة أوجهها للسيد العميد الركن نجيب الصالحي، ومعه أيضا سيادة رئيسك السابق الخزرجي. أقول لكما يا سيادتكيما: أن في ذمتكما ما لا تتحمله الجبال! ولتدركا حجمه ووزنه فعليكما أولا وقبل أن تدخلا المعترك السياسي وتدعيا الوطنية، عليكما أن تمتلكا أدنى قدر من الجرأة، وتقولا كم من الأسرار العسكرية الخطرة سربتماها إلى أمريكا؟ وكم من معلومات إفتعلتماها وصنعتماها في التحقيق الذي أجراه معكما شرطي إدارة الهجرة، أول يوم هربتما من العراق لتثبتا إخلاصكما وبرائتكما مما كان؟ ما هي التعهدات التي إلتزمتماها لأمريكا فأبقت عليكما، وأنتما من النظام وصنيعته ويده العسكرية الطولى؟
إعترفا بذنبيكما، ثم تحدثا بالوطنية، شريطة أن تنتبها إلى أمر بسيط جدا وهو: إن خطة طرد الغزاة من العراق والدفاع عن إستقلاله لا ولن تتم بالرجاء والأمل، ولا بالتوسل بالغازي! هكذا يقول عسكر كل الدول وهكذا يقول تاريخ الجيوش، ولا تتقولا!