غسان صابور
الحوار المتمدن-العدد: 4908 - 2015 / 8 / 26 - 16:57
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تـــدمــر... تدمر السورية.. أم حضارات الدنيا وتاريخها... كيف تتركونها يا بــشــر.. يا مسؤولي ديمومة الإنسانية, بين أيادي جحافل "داعش"؟؟؟... أو أنكم شــركـاء بجريمة مدبرة مرسومة.. أو أنكم غارقون بهلوسات قــات وحـشـيـش شريعة خلافتهم... وكلاهما يستحق ألا تبقوا ملتصقين بكراسيكم ومناصبكم... ولا حتى بوظيفة حــاجــب بأية وزارة تطبيل وهمية كراكوزية!!!...
كيف تتركونهم يفجرون تدمر؟.. كيف تتركونهم يغتالون حارس آثارها وحضارتها خالد الأسعد.. تتفرجون.. وتنظرون.. وتصمتون.. وتهمهون.. فلا نفهم ماذا تقولون من همهماتكم المشبوهة, تحت دشداشاتكم الحريرية البيضاء.. وتبسملون وتتعوذون.. ثم تعودون إلى حشيشكم وقاتكم وصلاتكم.. وتنسون.. آملين من إلهكم أن يغفر خطاياكم وخياناتكم... وتعودون إلى أراكيلكم وحريمكم وحلالكم وحرامكم.. كأنما لا شيء يــمــر ويــعــبــر على أيام حكمكم المهبول العادي... بينما على أطرافكم ملايين المهجرين.. يهربون.. يهربون.. يهربون قوافل بلا بداية ولا نهاية.. نحو المجهول... كأننا عدنا خمسة عشر قرن إلى الوراء.. وما من شــيء تغير.. سوى هيمنة العتمة الكاملة.. والغزو التي سموها فتوحات.. نفس قطع الرؤوس إن أسلمت أو لم تؤسلم.. نفس الاغتصابات.. ونفس السبايا.. والعودة إلى العبودية التي لم تتغير... رغــم مرور خمسة عشر قرن من الزمن...
ها نحن عدنا إلى الخلافة الإسلامية.. ها نحن عدنا لها.. كما عبرت.. عربية.. عثمانية.. وعدنا لها من جديد إلى صــفــر الوحشية الجاهلية... والعالم العربي.. صامت أو شريك... والعالم الإنساني الفوضوي المادي الرأسمالي.. يــفــاوض.. يــتــاجــر.. يــشــارك.. شراء سبايا.. شــراء بترول.. شراء آثار وحضارة.. لقاء صــمــت آثــم.. وأسلحة فتــاكــة.. وحتى غــازات ســامــة ممنوعة... تصرخون من وقت لآخر بعفة العاهرة العتيقة.. أنها ممنوعة.. وتتهمون بها زورا من ترغبون أن تتهموا.. مدافعين بصوت دون كيشوت Don Quichotte أنها ممنوعة.. حتى تفضحون وتحاسبون بها من يطلب منكم أن يـحـاسـب...
الشرف العربي والشرف الغربي اليوم.. يشبه " معارض الجنس " اليوم.. كل شــيء مباح.. وحتى " الشرمطة " و " القوادة " أصبحتا مهنة احترافية مرخصة.. بشرط أن تشتري وتبيع.. برخصة كأي تاجر.
وكلمات مثل الحرية, حرية الشعوب, الديمقراطية, العلمانية, الشرف الإخلاص, احترام الكلمة.. احترام الآخر, المبادئ الإنسانية.. أصبحت مادة استهلاكية, كالجنس, كالبترول, كالآثار, كالمواد الغذائية اليومية.. أو الموت.. تباع وتشترى.. وأسعارها وقيمتها تختلف يوما عن يوم.. حسب بورصة عالمية.. تقيمها مافيات بلا حدود عالمية معولمة.. تسيرها روبويات بلا مشاعر, لحساب نفس المافيات الرأسمالية التي تهيمن على العالم.. غالبا تحمل ماركة Made In U S A ... موزعة في العالم كله مثل الكوكاكولا والهامبورغر... ونفسها تبيع وتوزع كل ما يحتاجه انتشار الإرهاب الإسلامي في العالم.. ونفسها التي تبيع كل أساليب محاربته.. وحتى أساليب إدعاءات محاربته الكاذبة.. لأنه كلما انتشر وتوزع.. تزداد قيمة ما تبيعنا إياه.. حتى نهرب ونهاجر.. حلقات مافياوية معولمة مشتركة.. تباع في البورصات العالمية.. تبيع وتشتري كل شـيء.. كل شيء.. بشرعيات عربية.. إســلامية.. كما ذكرت لكم في البداية.. كالكوكاكولاCoca Cola و الهامبورغر Hamburger... أصلي.. أو مقلد... كل شــيء يباع اليوم ويشترى...
************
من كان يتصور أن الدولة السورية يمكن أن تتراجع وتنهار أمام الغزاة الإسلاميين الداعشيين وغيرهم بهذا الشكل... وهي الدولة التي كانت إن طار "دبور" من شجرة إلى شجرة.. تسجل كل تحركاته وتنفساته وألوان الزهور أو المخلفات القذرة التي يحط عليها.. لدى سبعة عشر أجهزة مخابرات مرعبة رهيبة منظمة.. تعرف الشاردة والواردة داخل البلد, وحيث توجد أية جالية سورية في العالم.. ومع هذا انهارت حدودها واغتصبت مدنها وقراها وأحياءها.. شــراذم تحولت إلى جحافل بآلاف غير محصورة تسربت من غابات العالم وعتماتها.. وتسللت واقتحمت واغتصبت.. وها هي تحتل أكثر من ثلثي الأراضي السورية.. فارضة شــريـعة عجيبة غريبة.. ساندتها حاضنات محلية نائمة استغلت كل عوامل الفساد الذي هيمن خلال أكثر من خمسين سنة على جميع مؤسسات الدولة السورية الخاصة والعامة, وحتى على أجهزتها الحكومية والأمنية... مما فتح كل المعابر والخنادق والمزاريب, لكل هذه الجحافل الإسلامية التي تسربت من كل حدود جيراننا وأبناء عمنا, بكل سهولة... لأنني كما ذكرت لكم بالمقطع الأول من هذا المقال الواقعي.. أن كل شـيء يباع اليوم ويشترى.. حتى الوطنية والعروبة العرجاء.. والشرف التاخخ, والذي دوخنا بـه إعلام سـوري مجنزر تاخخ, منذ ما سمي استقلال هذا البلد.. متابعا عاداته اليابسة حتى هذه الساعة.. رغم كل النكسات الإنسانية التي أصابتنا.. وأهمها خلافة داعش وحلفائها التي تنشر الموت والشريعة الإسلامية, مثلما بدأت من خمسة عشر قرن, على ثلثي البلد.. والثلث الباقي ينتظر.. وينتظر.. لـيلـة الــقــدر!!!...
***********
عــلــى الــهــامــش :
رغم كل ما قدمت فيما سبق من صور إنسانية عربية أو غربية حزينة معتمة بائسة يائسة.. يوجد أفراد عاديون.. نساء ورجال.. بأشكال فردية أو جمعيات فقيرة محلية مكونة من أفراد قلائل.. بالعديد من مدن الحدود الأوروبية المختلفة.. حيث يعبر يوميا آلاف المهاجرين الأفارقة... والآلاف من الأفغان والعراقيين.. والسوريين... يعبرون أو يموتون ضحية المافيات الحدودية التركية أو الألبانية وغيرها.. ولكن يوجد بشر عاديون, فقراء مثل الهاربين, بحثا عن لقمة العيش والأمان لهم ولعائلاتهم وأطفالهم.. أفراد يتركون حقولهم وأعمالهم, حتى يتفرغوا لمساعدة هؤلاء اللاجئين الهاربين.. فتيات وشباب ونساء ورجال.. عاديون.. عاديون جدا.. ومنهم مدرسة أسمها Nathalie Perlin, عمرها إثنا وثلاثون عاما, من مدينة Calais الفرنسية المواجهة للشواطئ البريطانية.. حيث يتجمع آلاف اللاجئين بأحوال وصعوبات جمة, راغبين الوصول إلى أية مدينة بريطانية مواجهة.. هذه الفتاة أخذت إجازة سنة كاملة بلا راتب.. حتى تساعد جميع اللاجئين, وحتى بطرق غير مشروعة على مسؤوليتها الشخصية, كإيوائهم عندها بالعشرات في منزلها الضيق.. ومساعدتهم بالتنقل والعلاج واستئجار المواصلات بلا انتفاخ واستغلال أسعار وشراء حاجاتهم اليومية.. وأحيانا مساعدتهم على الوصول إلى الأرصفة التي تمر منها الشاحنات والاختباء فيها.. للعبور.. وحتى أنها تسافر إلى بريطانيا.. للتأكد من وصول بعضهم سالمين... دون أي مقابل... إنسانة فرنسية عادية.. لا تشبه أيا من السياسيين الفرنسيين أو البريطانيين أو الألمان وغيرهم من الأوروبيين الذين ينفخوننا يوميا بخطابات مسجلة مدروسة عن مشاريعهم الأمنية, أو مساعداتهم الإنسانية للاجئين السوريين وغيرهم الهاربين من الحروب الغاشمة التي حرضوها بسياساتهم الغاشمة, والتي لم تــؤد سوى إلى مجازر داعشية جماعيةGénocide ... ومــا تــزال.. وما من أحد يعرف متى ســوف تنتهي...
شـــتــان ما بينهم وما بين الإنسانة العادية الرائعة Nathalie Perlin وغيرهم من المتطوعين الإنسانيين العاديين المغمورين المجهولين, والذين يعملون بصمت كامل, بلا ثمن... هؤلاء أفضلهم عن أخوتي وأبناء عمي ومعارفي وأصدقائي من السوريين, والذين يقومون من سنوات " بحملات جمع شمل " أو " مؤسسات دينية خيرية " من سنوات... وحتى اليوم بقيت طبولا عربية.. فــارغـة!!!...................
ــ تعليق إضافي شخصي
تمكنت هذا الصباح من مشاهدة واستماع إعادة على الفييسبوك, لمقابلة الرئيس بشار الأسد مع قناة " المنار " اللبنانية المحجوبة عادة في فرنسا. مقابلة استمرت ساعة واحدة كاملة, البارحة مساء الثلاثاء بتاريخ 25 آب 2015, بمكتب رئاسة الجمهورية بدمشق.
تمت المقابلة مع صحفي مصري يعمل بقناة المنار, وكانت مجموعة الأسئلة عن التطورات (السياسية) الدولية حول الأزمة السورية, والعلاقات السورية الإيرانية, بعد التوقيع الأولي للملف النووي الإيراني, وتقييم نتائجها وحساباتها وتبادلات المصالح المشتركة. وما يباع ويشترى من مصالح. وخاصة العلاقات السورية الروسية وديمومة متانتها, وتحضير استقبال وفد من المعارضة السورية في موسكو.. والعلاقات المصرية ــ السورية حاليا.. وبالنهاية عن الصداقة والتحالف بين سوريا وحزب الله اللبناني.
ولأول مرة, وبالرغم من الوضع السوري الحالي, بما يتحمل من حروب في جميع المجالات.. رأيت الرئيس الأسد جديا, براغماتيا, سياسيا, غير متردد بأجوبته, واثقا بأن التطورات الدولية, لا بـد على المدى المتوسط والبعيد سوف تنصب بحل يتوافق باتجاه السلطة الحالية, مع تفاهم محدود مع بعض المعارضات (الديمقراطية) السورية المحلية... أما الثقة بقرارات وسياسة الولايات المتحدة الأمريكية.. سـوف تبقى.. كالعادة حـــذرة!!!...
ولكن هذا الخطاب الثابت الواثق... حاليا... لن يغير أي شـيء من النكبات والمجازر المستمرة يوميا على الأرض... إنها ديمومة الــحــرب... وديــمــومـة الــكــلام.. وديــمــومــة الــتــهــجــيــر والــمــوت..........
مع مزيد الحزن والأسى والأسف...
بـــالانـــتـــظـــار...
للقارئات والقراء الأحبة الأكارم.. هـــنـــاك و هـــنـــا.. وبكل مكان في العالم.. كل مودتي وصداقتي ومحبتي واحترامي ووفائي وولائي.. وأصدق تحية طيبة مهذبة.
غـسـان صــابــور ـــ لـيـون فــرنــســا
#غسان_صابور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟