أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاتن نور - بين العقل العلمي والعقل الديني














المزيد.....

بين العقل العلمي والعقل الديني


فاتن نور

الحوار المتمدن-العدد: 4908 - 2015 / 8 / 26 - 08:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



يقول العلم الحديث: نحن أبناء النجوم. العناصر المكوّنة لأجسامنا مصدرها تفجرّات النجوم الناجمة عن انهيار قوة جاذبيتها أو السوبرنوفا. وهذا لربما يسلط الضوء على أصول الظاهرة الروحية وأحاسيس الانتماء الوجودي للكون عند الإنسان وما يخامرها من إجلال ورهبة.

لو ظل الدين على أصالته الروحية صافياً نقياً؛ لما تعارض مع العلم كما هو اليوم. لكنها تشوّهت مع ظهور طبقة الوسطاء والوعاظ والكهنة والدجالين الذين دنسوا العمق الروحي بسطحيات نفعية. وبظهور الأديان المنظمة وقيام المؤسسات الدينية، أصبح لهذه الظاهرة الروحية سلطة مركزية؛ قامت بتسويقها عبر الوكلاء والمتعهدين كأيديولوجيا دوغمائية مقدسة تفرض قيمومتها وحدودها على البشر.
هؤلاء الذين حافظوا على الأصالة الروحية في دواخلهم، بعيداً عن التلوّث بالأدلجة المؤسساتية الذكورية، التي انقلبت على النظام الأمومي-الطبيعي وقضت علية، وتعاملوا معها بعفوية وجودية دون وسيط أو رقيب أو ولي؛ هؤلاء هم الراشدون الأنقياء ويستحقون خلافة الكون.. بتصوري طبعاً..

المجال الديني ليس كالمجال العلمي، والعقل العلمي ليس كالعقل الديني؛ فثمة فروقات جوهرية في أساليب المجالين، وثمة هوة واسعة بين منطق العقلين وطرائق تفكيرهما وتدبيرهما للأمور. مع هذا يعتقد غالبية أتباع الأديان بعدم التعارض بين الأثنين قفزاً على جملة حقائق صارخة نوجز بعضها أدناه وبالصيغة الظاهرة بين قوسين (أسلوب وعقل علمي/ أسلوب وعقل ديني):

أساسه جهود دراسية ومثابرة علمية حرة. لا يعتمد حقيقة مطلقة ولا يضيره أن يقول لا أعرف/ أساسه الموروث المتوارث تبعاً للصدفة الجغرافية. دوغمائي، يدعي الحقيقة المطلقة وما يتبعها من مفاهيم مطلقة ولا يتردد أن يقول "أعرف" من حيث لا يعرف.

يؤمن بالتعددية في كل مجالات الحياة الثقافية والفكرية والفنية ويعتمد النسبية والتغيّر ولا يفرض سلطة على العقل/ يؤمن بالآحادية الفكرية والثوابت اليقينية ويعتمد النسبية داخل الصندوق الديني فقط وبتعصب. أهم استراتيجياته، فرض سلطة رقابية على العقل لتحجيم طاقاته. عدائي مع الفنون.

لا يحيد عن المنهجية العلمية في التجريب والتطبيق ويعتمد القواعد البيانية في البحث والاستقصاء وجمع الأدلة والبراهين/ يعتمد النقل والتواتر وقاعدته البيانية متن وسند واجتهاد حر داخل الصندوق الديني فقط.

صريح ومباشر ولا يعرف اللف والدوران، ولا يدعي دون بينة من الأدلة أو البراهين/ مراوغ ومضلل؛ يمتهن الزخرف الكلامي بوجهين كوسيلة للتعظيم والتسفيه. يدعي دون بينة، قاعدته الأساس جملة إدعاءات يقينية دون بينة، ويطالب المعارض أو الرافض لها بـ بيـّنات النفي.

يحترم النظرية العلمية كونها تفسر ظواهر الكون والطبيعة وبواطنها بمنهجية معلوماتية رصينة لا تتعارض مع القوانين الطبيعية/ انتقائي، يستخف بنظرية علمية ويستثمر آخرى، نتيجة الجهل بطبيعة الشغل العلمي المنتج للنظرية.

لا يقبل تزوير الحقيقة أو التلاعب بها أو اختلاقها ولا يستثمر المعارف الدينية في مجاله ولا يستند إليها/ يقبل التزوير والتلاعب ويختلق ثم يبرر بكفاءة ميتافيزيقية متميزة. انتقائي في استثمار العلم ضمن مجاله.

لا يردع السائل ويجيب بحدود المعرفة العلمية في مجاله. منفتح على على الحياة وتطورها المستمر ويتوعّد البشر بالمزيد من زاد المعرفة العلمية/ يردع بدوغما الخطوط الحمراء ويجيب خارج سياق السؤال غالباً. منفتح على حياة الآخرة؛ ودائم التذكير بنعيمها وجحيمها في عطلة نهاية الأسبوع خصوصاً، حيث راحة الأتباع.

يتناول الأخلاق بصفتها إنتاج بشري نسبيّ ومتغير من المفاهيم التي تنظم التعايش الجماعي/ يتناول الأخلاق بصفتها ثوابت مُنتَجة إلهيا أو بشكول مقدسة.

يسهل التحاور معه على أساس المنفعة الفكرية والعلمية المتبادلة ولا يتهم الآخر بالظن/ يصعب التحاور معه وغالبا ما ينقلب الحوار الى جعجعة لإثبات الذات والهوية وعلى أساس أما النصر أو الهزيمة المنكرة، يثق بظنونه ثقة يقينية أو تكاد، ويتهم الآخر بموجبها.

نختم بالمثير الذي يستحق الدراسة على ضوء ما يقدمه العلم الحديث عن كيفية عمل المخ البشري وطبيعة نشاطه الموجي-الكهرومغناطيسي إثناء التفكير والإنتاج المعرفي: وهو أن صاحب العقل العلمي إذا كان متديناً، وصاحب العقل الديني إذا كان عالماً بالمعني العلمي للعلم بفروعه الطبيعية؛ كلاهما يفصل بين العلم والدين في المجال العلمي فصلاً تاماً؛ لما يفرضه العلم من أكاديمية مهنية لا تسمح بالمفاهيم غير العلمية أو الميتافيزيقية. أما في المجال الديني؛ فثمة تسيّب نفعي وتداخل؛ فقد يستثمر كل منهما العلم أو يتجاهله تماماً وبانتقائية غائية حسب ما تقتضيه المصلحة الدينية. ولهذا نسأل:إذا كان المجال العلمي يدفع العالم المتدين/ المتدين العالم الى صحوة عقلية لابد منها لممارسة العلم ضمن مجاله بوعي وتركيز، فهل يدفعه المجال الديني الى الانفصام الفكري والازدواجية لممارسة الدين؟ وكيف يستند مخ الإنسان في المجال الديني على أساسين بينهما مشقة اختلاف جوهري؛ ثم يدعي إنتاج معرفة عقلانية ضمن المجال؟
لهؤلاء الذين يمسكون العصا من المنتصف كي يبدوا لطفاء على باب الاعتدال لربما؛ أقول: من المهم أن نكون لطفاء معتدلين، لكن الأهم والضروري جداً، أن لا يكون هذا على حساب الحقيقة أو بخداع الذات والآخر.



#فاتن_نور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شعارات تعبّر عن جزع السنين
- الإسلام الصحيح مفهوم واقعيّ أم متخيل؟
- فوتوشوب..
- وقفة مع التحليل السياسي.. 
- لماذا التباكي على الآثار؟
- أكثر من رواية
- زفرات الشوط الأول
- عن تطور مفهوم الصراع من أجل البقاء..2
- عن تطور مفهوم الصراع من أجل البقاء..
- تقريع جسد المحنة..
- حورية الغريقين..
- احتكارالحقيقة وتجريم نسبيتها..
- الصيام بين التقليد والتحديث..
- حول الفن وعصبيات قراءته..3
- حول الفن وعصبيات قراءته..2
- حول الفن وعصبيات قراءته..1
- تَرْسِيل خارج الإطار..
- خدوش طفيفة المآل..
- قبل الأوان بقليل..
- التعددية الديكتاتورية في العراق..


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاتن نور - بين العقل العلمي والعقل الديني