أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ظاهر المسعدي - فجوة المسيحيّة بين الاسلام واليهوديّة















المزيد.....

فجوة المسيحيّة بين الاسلام واليهوديّة


ظاهر المسعدي

الحوار المتمدن-العدد: 4908 - 2015 / 8 / 26 - 06:16
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تزخر الأدبيّات المسيحيّة بالاحتجاج والامتعاض من تمادي الخطاب القرآني في المُماهاة بين المسيحية والنصرانية. ذلك لأنّ النصرانيّة لا تمثّل المسيحيّة في شيء، وهي بعدُ بِدعة يهودية ــ مسيحية نشأت في القرن الأول ميلادي على يد فرقة يهودية حافظت على قسط من يهوديّتها وقبِلَت بالمسيحية الوافدة جزئيّا وليس كليّا. وإذْ آمنتْ هذه الطائفة بنبوّة المسيح وبمعجزة ميلاده خلافا لليهود، فقد أنكرت التثليث المسيحي: الآب والابن والروح القُدس، واعتبرت شأن يسوع كشأن أنبياء العهد القديم: لا هُو ابن الله بالمعنى الحقيقي للكلمة ولا هُو الله ذاته ولا هُو أزليّ. كما تختلف الليتورجيا النصرانية عن نظيرتها المسيحية إما لسبب الالتزام المُطلق للأولى بناموس موسى (التوراة) أو لاختلاف شعائر الصوم والوضوء والصلاة وتقديس يوم السبت وفرض الختان على الذكور. فالنصرانيّة لا نبيّ لها وهي بذلك ليست ديانة، وإنما هي توْليفة دينيّة انبثقت من رحم التلاقح بين يهودية تليدة ومسيحية جديدة.
على أنّ هذا الصراع الثيولوجي الذي دشّن الديانة المسيحية في وقت مبكّر لم يعرف الموت وهو في المهد، إذْ بقدر ما ضعُف وامّحى في موطنه الأصلي فقد ترسّخ وانتشر في أنحاء عدّة جنوب الامبراطورية البيزنطية عشيّة اضطهادها للنصارى وتهجيرهم خارج أرض فلسطين في منتصف القرن الثاني للميلاد، كان ذلك إثر ثورة اليهود على الحيْف الروماني إبّان حكم الامبراطور هادريان، فكان جوف الجزيرة العربيّة ومحيطها ملجئاً آمنا لهؤلاء وبالتالي حاضنة لثقافة دينية جديدة.
صحيح أنّ شُتات المهجّرين من النصارى لم يكن يحمل لواء التبشير النصراني. إنما الدين ثقافة، وهو بعدُ ثقافة ساحرة في أوساط وثنيّة مُنفلتة من كلّ دين، وهكذا مع ترسّبات الزمن انصهرت ثقافة التنصير الوافدة مع الثقافات المحليّة المُستضيفة وتأقلمت معها على نحوٍ غير واعٍ فاكتسبت معنى محلّي واكتست ثوب «الوطنيّة» لدى الربوع التي استوطنتها، حيث حافظت على عُمق جوهرها وإن فقدت شيئاً من مظهرها. على هذا النحو انتشرت الأبيونيّة في شمال الجزيرة العربية، والنسطوريّة في الحِيرة بالعراق ثمّ باليمن بعد الغزو الفارسي حوالي 570م، والحنفيّة في قُريش قلب الوثنيّة. وما الأبيونيّة والنسطوريّة والحنفيّة إلاّ مُسميّات مختلفة لأصل واحد: النصرانيّة.
غداة بزوغ الدعوة المحمّديّة بأرض الحجاز يكون لهذه الفروع النصرانية من العُمر ما يفوق الأربعة قرون من الزمن، وبذلك باتت عقيدتها موغلة في القِدم ومُترسّخة في الوجدان والعقول دون أن تعرف مسيرتها صدًّا يُذكر. هذا واضح ومفهوم، ذلك أنها لم تُهاجم الطبقة الترسبيّة الأبعد في الزمن لدى عرب الجاهليّة، ونعني هنا الوثنيّة القابعة في أعماق الضمير الجمعي، خلافا لما سيفعل محمد لاحقا، وهي بعدُ عقيدة تلقائيّة ليست تبشيرية وغير مُهيكلة ولا يقف وراءها نبيّ أو رسول. كما تُزوّدنا كتب السيّر بأسماء أفراد من الحجاز اعتنقوا النصرانيّة قُبيل الدعوة الاسلامية، أشهرهم قس بن ساعدة، زيد بن عُمر، عثمان بن الحويرث، وأكثرهم شهرة ورقة بن نوفل خال خديجة بنت خُويلد. يقول بن اسحاق: «فأمّا ورقة بن نوفل فتنصّر، فاستحكم إلى النصرانيّة، واتّبع الكُتب من أهلِها، حتى علِم عِلماً كثيرا من أهل الكتاب» (السّيرة ــ ص 163). ومن ناحية أخرى كانت الجزيرة العربيّة تلِفّها النصرانيّة من كلّ الاتجاهات، وتُخبرنا باتريشيا كرون، في كتابها تجارة مكّة وظهور الإسلام، بأنّ النجاشيّ مَلِك الحبشة كان مُتنصّرا على نحوٍ أصيل وعميق حتى أنه رفض تسليم مُهاجري مكّة إلى مُشركي قريش على الرغم من هدايا الجُلود التي قدّمها له عُمرو بن العاص لاستمالة موقفه.
الكنائس المسيحيّة أنكرت الفكر التنصيري، ذلك لأنّ الدين لا يُساوم في عقيدته ولا يتسامح مع الانتقاء من شرائعه، فهو كُلاًّ لا يتجزّأ، وعلى معتنِقه أن يقبله بحذافيره دونما انتقاء: هذا هو لُبّ الاخلاص للدين. إنما جوهر الدّين هو الشعور بالتبعيّة المُطلقة على رأي شلايرماخر. من اللافت للنظر حقّاً ألاّ يُهاجم الاسلام العقيدة النصرانيّة جنبا إلى جنب مع الوثنيّة، ليس لكوْنها ليست ديانة فحسب، بل لأنها أيضا هرطقة متمرّدة على الديانة المسيحيّة وهي بعدُ ديانة توحيديّة إبراهيميّة. ولا يُمكن للإسلام ولا لأيّ ديانة توحيديّة الرجوع إلى اليهوديّة دون المرور بالمسيحيّة، ذلك أنّ عيسى اعترف بسلفه موسى: يقول المسيح في هذا الصدد «لا تظُنّوا أنّي جئتُ لأَنقُضَ الناموسَ أو الأنبياءَ. ما جئتُ لأَنقُضَ بل لأُكمّلَ» (إنجيل متّى 5 : 17). لا معنى إذن لرجوع الاسلام إلى اليهوديّة والاعتراف بموسى دون تنقية طريق المسيحيّة من شوائب الهرطقة وتطهيره من جحافل التمرّد.
إنما الاسلام لم يفعل ذلك ولم يُمارس في أسوأ الأحوال سياسة التجاهل تجاه النصرانيّة مثلما تجاهل القرآن البوذيّة والمانويّة وخصوصا الديانة الزُرادشتيّة المُتجذّرة الأقدام في ربوع العالم الساساني، بل اعترف بالنصرانيّة بديلا عن المسيحيّة الأم. إذْ لاَ وجود في القرآن لكلمة «المسيحيين» وكل ما يُذكر هو كلمة «النصارى»، ولا أثر أيضا في القرآن لاسم «يسوع» مثلما جاء في العهد الجديد، وإنما وقع استبداله بـاسم «عيسى» وهو اسم لا وجود له في الكتاب المقدّس! في المقابل وقع الابقاء على اسم «موسى» نبيّ اليهود كما ورد في العهدين القديم والجديد. مريم العذراء ذاتها أم المسيح يسوع شملتها هي الأخرى موجة الخلط والتلبيس. إذْ يرد في رسالة يعقوب أنّ أُمّ مريم العذراء تُسمّى «حنّة بنت متثات» وأبوها يُسمّى «يُواقيم بن متّان» وخطيب مريم يُسمّى «يوسف النجار» وهو ابن يعقوب بن متّان، أي أنه ابن عمّ خطيبته مريم. وتلعبُ صُدف التاريخ دورها عندما وُجد قبل ألف وأربعمائة سنة من عصر مريم العذراء والمسيح يسوع، فتاة أخرى تُسمّى أيضا «مريم» وهي أخت النبيّين موسى وهارون، وأبوهم يُسمّى «عَمْرَامُ بن قَهَاتُ» وأما الأمّ فتُسمّى «يُوكابَدُ بنتُ لاَوِي». يذكر ناموس موسى: «وَاسْمُ امْرَأَةِ عَمْرَامَ يُوكَابَدُ بِنْتُ لاَوِي الَّتِي وُلِدَتْ لِلاَوِي فِي مِصْرَ، فَوَلَدَتْ لِعَمْرَامَ هَارُونَ وَمُوسَى وَمَرْيَمَ أُخْتَهُمَ» (سفر العدد 26 : 59). ولذلك يُسمّى الإخوة الثلاثة موسى وهارون ومريم: «بني عَمْرام». يؤكّد التوراة مرّة أخرى فيقول: «وَبَنُو عَمْرَامَ: هارونُ ومُوسى ومريمُ. وَبَنُو هارونَ: نَادَابُ وَأَبِيهُو وَأَلِيعَازَارُ وَإِيثَامَار» (سفر أخبار الأيام الأول 6 : 3). هنا يأتي دور القرآن ليُدلي بدلوه في قصّة مريم العذراء الشهيرة، فيقول: «فأتتْ به قومَها تحمِلُه قالوا يا مريمُ لقد جئتِ شيئا فرِيًّا * يا أختَ هارونَ ما كان أبوك امْرأ سوءٍ وما كانت أمُّك بغيًّا». (سورة مريم، الآيتين 27 ــ 28). مِنَ البيِّن هنا أنّ الآية 27 من سورة مريم تتطرّق إلى ذلك المشهد المُحرج الذي يصف مريم العذراء وهي قادمة إلى قومها تحمل موْلودها الذي حبِلت به خارج الأطُر الشرعية كما ظنّ القوم عن سوء فهم «فقالوا يا مريمُ لقد جئتِ شيئا فرِيًّا» أي شيئا مُدهشا ومُحيّراً؛ فيما أنّ الآية 28 ما تلبث أن تُسجّل معراج كرونولوجي لافت نحو مريم أخت هارون (أي مريم بنتُ عَمْرام) على مسافة ألف وأربعمائة سنة إلى الوراء (وهي المدّة الزمنيّة التي تفصل بين موسى وعيسى، وثمّة قراءات تُشير إلى ألف وسبعمائة سنة)! هذا الخلط المُبهم بين مريم العذراء والدة المسيح يسوع ومريم بنت عَمْرام أخت موسى، تعامل معه البعض من مُفسّري القرآن بسلبيّة شديدة حيث اعتبروا أنّ القول «يا أُختَ هارون» ورد على لسان قوم مريم العذراء، وكل ما قام به القرآن هو أنْ نقل هذا القول بكلّ أمانة تاريخيّة، وبالتالي إن وُجد خطأ في هذا القول فإنّ القائل وحده يتحّمل مسؤوليّة الخطأ في قوله، أي أنّ المسؤوليّة ملقاة على عاتق قوم مريم العذراء وليس على القرآن بوصفه مجرّد ناقل للقول! فيما كان البعض الآخر من المفسرين أقل سلبيّة في التعامل مع هذا اللّغط، حيث اعتبروا معنى الأخوّة لا يعني بالضرورة الأخوّة البيولوجيّة وإنما يُحيل أحيانا إلى الأخوّة الدينيّة: «إنما المؤمنون إخوةٌ فأصلِحوا بين أخَويكُم واتّقوا الله لعلّكم تُرحَمون» (سورة الحُجُرات، الآية 10). تفسير معقول ومُمتع إلاّ أنه غير مُقنع. يرى تيودور نولدكه أنّ سورة الحُجُرات مدنيّة متأخّرة نسبيّاً، تنزّلت في سياق إخماد نار الفتنة بين طائفتيْ الأوْس والخزرج بعد أن كاد يوقدها مُجدّداً شأس بن قيس، وهو شاعر من بني قيْنقاع، إثر نَظْمه لقصائد تصبّ الزيت على نار ماضٍ قريب لا زالت جراحه حيّة لم تُرتق بعدْ، والآية التاسعة من هذه السورة تُدلّل على ذلك. من ناحية ثانية لوْ أنّ دائرة الأخوّة الدينيّة تتّسع هنا إلى اليهوديّة لقال القرآن «إنما أهل الكتاب إخوة» بدلاً من «المؤمنون» التي تنحصر دائما في الاسلام. وبعدُ، إذا أمكن لنا التسليم باتّساع دائرة الأخوّة الدينيّة المُشار إليها في الآية الأخيرة، كان من المنطقي أن تتّسع لأكثر من آل عَمْرام لتشمل أيضا آل إبراهيم، المؤسس الأوّل للديانات التوحيديّة، وهنا تغدو مناداة مريم العذراء بـ: «يا أُخت إسماعيل» مثلاً أو «يا أُخت إسحاق» أكثر معقوليّة وأقلّ تلبيساً من «يا أُخت هارون» خصوصا وأنّ هاروناً هذا بالذات له شقيقة تُسمّى مريم.
وإذْ أغلقنا باب الأخوّة الدينيّة فقد تفتّح أمامنا باب الأبوّة الدينيّة عبر الآية التالية: «ومريمَ ابنتَ عِمرانَ التي أحْصَنتْ فرْجَها فنفخنا فيه من روحنا وصدّقتْ بكلمات ربِّها وكتُبِه وكانت من القانِتين». (سورة التحريم، الآية 12). سنُشيح بوجهنا عن المُفردة الخادشة للحياء في هذه الآية، إذْ يُفترض بالقرآن أن يسمو عن هذا الأسلوب الإباحي تناسُقاً مع ما جاء بالعهد الجديد حيث استعمل مُفردات أكثر نُعومة وتعفّف للتعبير عن حمْل مريم العذراء: «أَمَّا وِلاَدَةُ يَسُوعَ المسيح فكانت هكذا: لمَّا كانت مريمُ أُمُّهُ مخطوبةً لِيُوسُفَ، قبْل أَنْ يجتمعا، وُجِدَتْ حُبْلَى مِنَ الرُّوحِ القُدُس» (إنجيل متّى 1 : 18). لن نتوقّف طويلاً عند اسم «عِمْران» الذي يرد بالقرآن بدلاً من اسم «عَمْرام» الذي يستعمله الكتاب المقدّس، ونكتفي بالإشارة إلى ما توصّل إليه تور أندري كوْن تسمية «عِمران» و«آل عِمران» كانت مُتداولة في سوريا منذ أمد بعيد قبل البعثة، وهذه نقطة مهمّة تدخل في باب التأثير الخارجي على النص القرآني إلاّ أنها ليست ذات صلة كبيرة بموضوعنا هذا. والواقع أنّ هذه الآية جاءت لتؤكّد ما ذهبت إليه الآية 28 من سورة مريم، أي أنّ الآيتان معاً كشفتا عن هويّة مريم العذراء بشكل تام: هي «أُخت هارون» في سورة مريم، وهي «بنت عِمران أي عَمرام» في سورة التحريم، والتاريخ يشهد على وجود شخصيّة مريمُ هذه، إلاّ أنها ليست مريم العذراء! رأي أهل التفسير بقي يُراوح مكانه: ما صحّ آنفا على الأُخوّة ينطبق هنا على الأُبوّة، ولطالما مريم العذراء وهارون إخْوة في الدين فلهما حتما نفس الأُبوّة الدينيّة، وبالتالي القول «مريم بنت عِمران» لا يعني بالضرورة أنّ عِمراناً يُعدّ الأب البيولوجي لمريم وإنما هي أُبوّة دينيّة لا غير، وبهذا نكون قد عُدنا إلى المربّع الأوّل للجدل.
الواقع أيضا أنّ هذه المكافحة بين النص القرآني وآفاقه الواسعة من جهة وبين حيْرة ألباب التفسير من جهة أخرى، سيحسمها القرآن ذاته إنما في مقام آخر وسيرفع براقعها على نحوٍ صريح لا غُبار عليه. فلنُتابع هذا المقطع: «إذْ قالتْ امرأةُ عِمرانَ ربِّ إني نذرتُ لك ما في بطني مُحرَّراً فتقبّل مِنّي إنّك أنت السميعُ العليمُ * فلمّا وضعتها قالت ربّي إنّي وضعتُها أُنثى والله أعلمُ بما وضَعَت وليس الذكرُ كالأُنثى وإنّي سمّيتُها مريمَ وإنّي أُعيذُها بك وذُرِّيَّتَها من الشيطانِ الرجيمِ» (سورة آل عِمران، الآيتين 35 ـــ 36). يُخبرنا هذا المقطع بأنّ امرأة عَمْرام دعت الله أن يُنذرها ولدًا مُحرّراً، أي خادما للدين وللكنيسة وفقا لتفسير الطبري، فاستجاب الله لدعائها إلاّ أنه رزقها أنثى وليس ذكرًا، ولمّا ولَدَتْها سمّتها «مريم». هكذا إذن يُعبّر القرآن بوضوح عن هويّة مريم ليُبدّد ما حفّ بها من لُبس وليتّضح أنّ مريماً العذراء، وفقا لرواية النص القرآني طبعا، هي بنت عَمرام بيولوجيّاً وليس رمزيّاً كما ذهب إليه أهل التفسير لشرح هذه اللُجّة المُربكة، وهي بذلك أخت هارون بيولوجيّا وليس بالمعنى الديني، وعلى هذا النحو يكون موسى خالُ عيسى! إنّ المعنى الكامن وراء هذا الخلط ليعكس توجّها صريحاً للإسلام صوب اليهوديّة مع القفز على المسيحيّة.
في مقام ثانٍ يُنكر القرآن صلْب المسيح وموته خلافا للعقيدة المسيحيّة ولِمَا ورَدَ بالعهد الجديد، ويُقرّر أنه شُبّه لهم بالمسيح، وما هو بالمسيح، إنّما المسيح رُفع إلى السماء روحاً وجسدًا: «وقولهم إنّا قتلنا المسيح ابن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شُبّه لهم وإنّ الذين اختلفوا فيه لفي شك منه ما لهم به علمٍ إلاّ اتّباع الظنّ وما قتلوه يقينًا * بل رفعه الله إليه وكان الله عزيزا حكيما» (سورة النساء. الآيتين 157 ــ 158). أخير، على غرار النصرانيّة يتّخذ القرآن موقف الإدانة من التثليث المسيحي وذلك بإنكاره أيّ تجسيد أو أُلوهيّة ليسوع فضلا عن مُماهاته بالله «لقد كفر الذين قالوا إنّ الله هو المسيح ابن مريم» يقول القرآن في سورة المائدة.
وبعدُ، لئن كان الخطاب القرآني ينضح بفكرة التوحيد، أي سلسلة آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى، فإنّ مواقفه لا تتوافق مع خطاب العهد الجديد، وما يتضمّنه القرآن من مواقع التقاء مع المسيحيّة إنْ هو سوى تقاطع رقيق مع النصرانيّة. على هذا النحو يكون الاسلام إذن رجوعا إلى رأس السلسلة التوحيديّة عبر النصرانيّة ومروراً باليهوديّة، مُستبعدا من طريقه حلقة المسيحيّة، وإنْ هذا لفجوة سحيقة بين الاسلام واليهوديّة.
في هذا الموضع يُطرح السؤال بديهياً: وهل عاد الاسلام حقاً إلى اليهوديّة؟ هذا السؤال يطرح أفقا جديدا سنعود إليه في مقال لاحق.



#ظاهر_المسعدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ظاهر المسعدي - فجوة المسيحيّة بين الاسلام واليهوديّة