|
الإحتجاجات . . ما المطلوب الآن ؟
مهند البراك
الحوار المتمدن-العدد: 4908 - 2015 / 8 / 26 - 01:00
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
فيما يُلمس بوضوح الدور الذي قامت به التظاهرات في تغيير المواقف و التعامل بين رجال الحكم و بين الشعب، و في رصد و كشف الفاسدين و السارقين علناً و بالأدلة و بشتى الأساليب غير المخلة سواء كانت باللغة الجادة او بلغة السخرية و الفكاهة و الأهازيج و الدبكات الشعبية، عاكسة لحقائق التنوع الفكري و الثقافي للتظاهرات الشبابية من الجنسين اضافة الى مشاركة انواع الفئات العمرية من الشعب و من كل الأطياف العراقية . . الأمر الذي كسر حواجز الخوف و الرهبة لأوساط شعبية واسعة، من السلطة التي يُفترض انها هي التي انتخبتها، منذ التجربة المرّة في ربيع 2011 حين وُوجّهت بالرصاص الحي في رابعة النهار من الوحدات الخاصة للمالكي آنذاك، الذي تسبب بسقوط اعداد الضحايا مضرجين بدمائهم الزكية . . رغم صعوبة البدء بالتحدي هذه المرة ثم ظهور احباطات و مماطلات بعد الخطوات الاولى للإصلاح، كما في النتائج المخيّبة للمطالبات المتعلقة بفساد القضاء . اضافة الى دور التظاهرات في ضخّ طاقة نشاط في البرلمان العراقي الذي تواجه آلية عمله و عدد كبير من عضواته و اعضائه انواع الإتهامات بالأدلة و على الهواء، حيث شحنت عدداً واضحاً من البرلمانيين بالشجاعة ليمارسوا دورهم المطلوب بإبداء آرائهم الصريحة عمّا جرى و يجري من الفساد المتضخّم بأنواعه. بعد اثبتت بأنواع احتجاجاتها و لغاتها و درجات تعبيرها التي ظهر قسم منها بكونه مشتت و غير مترابط بتقدير بعض المراقبين، الاّ انها اثبتت بمجموعها بكونها احتجاجات شعب بفئاته كلّها، و انها مطلبية لا تُخفي اهدافاً سياسية و لا تحريكاً من جهة ما كما يحاول وصمها المتضررون، و قد التزمت بالنظام الدستوري، الأمر الذي اكسبها تأييد الحكومة بشخص رئيس مجلس الوزراء د. العبادي و اكسبها بالتالي الحماية المخلصة للقوى الأمنية، اثر التدخّل الفاعل للمرجعية العليا للسيد السيستاني انقاذاً للبلاد من السقوط الكامل و التمزّق . . حتى صارت نموذجاً للإحتجاجات من اجل حياة يومية طبيعية بحرية و كرامة و درجة من الإستقرار الممكن و من اجل الأمل و المحبة كباقي الشعوب، لشعب عريق يعاني بطوائفه و مكوّناته المتنوعة . . و اثبتت بذلك فشل ممثلي الاحزاب الحاكمة و بالتالي فشل و سقوط المشروع الطائفي و وحدة الشعب بأطيافه الشيعية و السنية، مسلمة و مسيحية، عربية و كردية و باطيافه الأخرى كلّها ، و اثبتت الحاجة الماسّة لقيام دولة مدنية، و الحاجة الى توسيع دائرة المؤيدين و المشاركين في عملية الإصلاح سواء من الأوساط الصامتة الواسعة او من دوائر الحكم ذاته ممن سكتوا او ممن صحوا على الواقع المرير القائم، على اصوات الإحتجاجات و ما نقلته و تنقله الكاميرات. و الآن و بعد مرور شهر على بداية الإحتجاجات، لابدّ من الإنتباه الى ان اوساطاً متضررة تقاوم بصمت و من خلف الستار و ثانية تسعى لإنهائها من خلال المشاركة بها و محاولة تمزيقها، و اخرى تؤجّل بالإصلاحات مراهنة على الإنتظار الى ان يخفت حماس المتظاهرين و يصيبهم الملل و الترهّل كما يعتقدون، خاصة ان لم يلمسوا لمس اليد نتيجة و لو اوليّة على الطريق ثمرة لجهودهم الكبيرة و تحدياتهم البطولية بسبب الألم و المعاناة . . و على ذلك يرى مراقبون و خبيرون بأن على التظاهرات و على من يسهر على ضبطها و تنسيق نشاطاتها، خاصة و انها تزداد توسّعاً و مشاركة، ان ينتبهوا باقصى الدرجات على ان لاتكون تظاهرات الإحتجاج ساحة صدامات و نزاعات بين الأطراف المشاركة، لتزايد تنوّع الإنتماءات المشاركة و لوجود درجات من الحساسية بين بعض اطرافها و خاصة من المساهمين الجدد. وان تتجنّب الغرق في الشعارات و المطالبات الآن، و تركّز على المطالب العاجلة و الملحّة و الأكثر مركزية في شعاراتها، كالبدء بتوفير الكهرباء على مراحل، البدء بتطبيق سلّم الرواتب الجديد، صرف الرواتب و المستحقات غير المصروفة للمستحقين، صرف المنح و السلف للمعوزين، و الإهتمام الكبير بصرف رواتب و مخصصات مقاتلي و عوائل شهداء و جرحى الحشد الشعبي ممن لبّوا نداء المرجعية العليا للسيد السيستاني بالجهاد الكفائي لمواجهة داعش الإجرامية ممن لا ينتمون للأحزاب الحاكمة، و التنظيم السريع لسجلات عائديتهم للدولة . . و سعي دوائر الدولة المثابر للحصول على المصادر المالية على اساس الإستقلال و المنافع المتبادلة، من الدول و الكيانات الإقليمية و الدولية التي ابدت و تبدي استعدادها لدعم بلد نفطي معدني ثري يواجه الإرهاب و الحروب . المطالبة بالمباشرة السريعة بمحاكمة رموز و كبار رجال الفساد الذين تسببوا بخسارة البلاد مليارات الدولارات، بتشكيل محكمة عليا خاصة ترتبط برئيس الوزراء و القائد العام للقوات المسلحة، و لاعلاقة لها بالقضاء الفاسد القائم الذي أُنشأ على يد السفير بريمر و الذي عليه انواع الإتهامات و الاستفسارات لسكوته الخطير . . و السعي لاسترداد تلك الأموال الفلكية عبر الوسائل الدولية المعمول بها، و المطالبة العاجلة بإصلاح القضاء بدءاً برأسه و رؤوساءه. المطالبة بضرورة توسيع دائرة تشاور رئيس الوزراء د. العبادي والتنسيق مع القوى السياسية الأخرى و القوى و الشخصيات المعروفة التي ناضلت لاسقاط الدكتاتورية بتشكيل مكتب عاجل او هيئة عليا لذلك، وعدم الاعتماد على ردود الفعل فقط في اختيار و تقييم خطوات الإصلاح. ثم المطالبات بالسير على طريق اقامة الحكم المدني الذي تتعايش فيه السياسة مع الأديان، المستند الى وحدة الإنتماء للهوية الوطنية و ليس المحاصصة الطائفية و الإثنية و انما بمراعاة نسب عامة للإنتماءات تلك، و اعتماد الكفاءة و النزاهة و الإخلاص للوطن، اقرار قوانين : الأحزاب بشروط بناء الدولة الحديثة، الصحافة و حرية التعبير، و غيرها الأكثر الحاحاً. و بالتالي المطالبة بتشكيل لجان شعبية للاصلاح تنبثق من المتظاهرين و اشراكها بعملية الإصلاح بشروط و وسائل إدارية متنوعة معمول بها، التي ان حافظت الأطراف المعنية على سلميّتها، ممكن ان تكوّن مجلسا دائماً للرقابة الشعبية على تطبيق الدستور و اقتراح التعديلات عليه، و من اجل التنفيذ الناجح للإصلاح . .
25 / 8 / 2015 ، مهند البراك
#مهند_البراك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الإصلاح بين الواقع و الآمال !
-
بقاء المالكي بمنصبه ضرر على الاصلاح !
-
حشد ضد داعش و حشد ضد الفساد !!
-
اوقفوا العدوان التركي على كردستان !!
-
ثورة 14 تموز انتصرت للفقراء !
-
بعد عام على (الخلافة)
-
من (جمهورية الخوف) الى داعش
-
نهجٌ مدمّرٌ لحاكمين !
-
ملكية ارض الثروات و وحدة البلاد !!
-
عن تلاحم عشائر الانبار و الحشد الشعبي !
-
من اجل تفويت الفرصة على مشاريع التقسيم !
-
ماذا يريد السيد المالكي بتصريحاته ؟؟
-
سلاماً حزب الكادحين !
-
مخاطر الراية الطائفية في مقاتلة داعش !!
-
شرط النصر : حصر السلاح بالدولة !!
-
لماذا لايمكن التصالح مع الإرهابيين ؟؟
-
تشارلي و الإرهاب، الى ماذا ؟؟
-
في عيد الجيش !
-
المصالحة و الديمقراطية الإدارية . .
-
هل داعش منظمة اسلامية حقّاً ؟؟ (2)
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|