|
لا بديل عن الثورة ضد انظمة وأحزاب -المحاصصة-
راسم عبيدات
الحوار المتمدن-العدد: 4907 - 2015 / 8 / 25 - 14:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا بديل عن الثورة ضد انظمة وأحزاب "المحاصصة"
بقلم :- راسم عبيدات ما نشاهده في بيروت من حالة غضب جماهيري وثورة شعبية عارمة تحت شعار "ريحتكم طلعت"،هي أقرب الى الهبة الجماهيرية الواسعة،يشارك فيها اللبنانيون من مختلف مشاربهم وانتماءاتهم السياسية وتكويناتهم الطائفية والمناطقية منددين بالتقاسم الطائفي للنظام ورفضهم المطلق للفساد المستشري في كل مفاصل الدولة الطائفية،ومطالبين بإعادة تكوين النظام على أسس غير طائفية،وبأن تكون الدولة لكل مواطنيها ويتساوى فيها الجميع أمام القانون وتعمل على تامين خدماتها للجميع. وعجز أنظمة "المحاصصة" الطائفية والمذهبية عن تأمين الإحتياجات والخدمات والمواطنين،وعدم القدرة على توفير الأمن للوطن والمواطنين،او حماية استقلالها وسيادتها الوطنية،يعكس ويعبر عن أزمة عميقة لهذه الأنظمة،ففي لبنان تعجز الحكومة عن جمع القمامة من بيروت،وفي العراق تعجز عن تامين الماء والكهرباء،وهذه النماذج تمتد حتى لحركات تحرر تحت الإحتلال،لديها سلطة وسيطرة مدنية على مناطقها بشكل كلي أو جزئي غزة والضفة الغربية نموذجاً،حيث العجز عن توفير الخدمات والإحتياجات للمواطنين،وكذلك الأمن والأمان.،وهذا يعبر عن عمق الأزمة البنيوية لهذه الأنظمة القائمة او التي في طورها للتشكل والتكوين،وخصوصاً بعد ما يسمى ب "ثورات " الربيع العربي.ولذلك في إطار التوصيف لها هي أنظمة وكيانات خارج اطار العصر بقيمه ومعاييره لكونها معاقة. التاريخ يعلم بأن الأنظمة الشمولية والديكتاتورية و"الثيوقراطية" حكم رجال الدين،وكذلك الطائفية والمذهبية،هي التي يعشعش فيها الفساد بكل أشكاله،حيث لا يوجد رقابه ولا مساءلة او محاسبة،ومثل هذه الأنظمة تسيطر عليها السلوكيات والممارسات اللا معيارية،حيث يتفشى الكذب والدجل والنفاق والمحسوبية والواسطة والغش وغيرها،ومن رحم ذلك تولد طبقة من الفاسدين بحيث يجري مأسسة الفساد وتعميمه،بحيث يخلق جيش من المرتزقة والمنتفعين،غير المؤهلين او المنتجين،ولكن بحكم المذهب او الطائفة او الحزب يبقوا هم المتنفذين والمسيطرين على السلطة والقرار،وتغيب معايير العدالة والكفاءة،حيث لا قانون يحكم أو يعاقب،فالمرجعية هي الحزب او الطائفة او الحركة،بإختصار لا عدالة ولا مساواة ولا تكافؤ فرص ولا دولة مواطنة،وهذا يعمق من أزمة المجتمع،والتي قد تظهر على شكل إنفجارات اجتماعية وتحركات شعبية ضد مثل هذه الطغم او الأنظمة أو المذاهب والأحزاب،او تنهار من داخلها،حيث تتعمق الخلافات والصراعات بين اطرافها ومحاورها،فالأنظمة الشيوعية انهارت ليس بسبب عدم صحة النظرية،بل "تبقرط" قيادات الحزب وفسادها وقلة الإنتاجية قادت الى إنهيار تلك الأحزاب،وكذلك عندما سيطرة حركة الإخوان المسلمين على الحكم في مصر، وأعلت مذهبيتها وأيدولوجيتها فوق وطنيتها وقوميتها،وأرادت أن تأسلم السلطة والمجتمع والدولة،وتفصل دستور على مقاسها،دخلت في تناقض مع أغلب مكونات ومركبات الشعب المصري سياسية ومجتمعية،حيث قاد قصر هذا النظر الى ثورة شعبية عارمة أسقطت حكم الإخوان هناك. المذهبية والطائفية تتعمقان في المجتمع بسبب قيام الأحزاب الدينية بإعلاء شأن مذهبيتها فوق وطنيتها كما هو الحال عند العديد من الأحزاب الدينية الإسلامية حزب التحرير وحركة الإخوان المسلمين،وهنا يفتح المجال لتوظيف الدين لخدمة السياسة " تسييس" الدين،وفي ظل عمليات التحريض والإنقسام المذهبي والطائفي وتفتت وحدة المجتمع والدولة تتكاثر الأحزاب على أساس المذهبية والطائفية،حتى داخل وفي إطار الدين الواحد،تجد أكثر من حزب ديني إسلامي أو مسيحي،وهذا مرتبط بتعدد المرجعيات الفكرية والشعور عند الجماعة الموجودة أو غير منتمية لهذا الحزب الديني،بأنها بحاجة لحزب او إطار يعبر عن فكرها ورؤيتها واهدافها،ولذلك ترى بأن الدول المتقدمة صناعياً واقتصادياً وثقافياً،تمنع قيام الأحزاب على أساس ديني،لكونها ترى بأن الدولة هي لكل مواطنيها. أي يكن الحزب الديني المشكل،لا يمكن له أن يكون طائفياً او مذهبياً،وهذه الأحزاب وخصوصاً في الدول والبلدان التي تخوض صراعات ضد المحتل كما هو حال حماس في فلسطين والى حد ما الجهاد الإسلامي في فلسطين وحزب الله في لبنان، هذه الأحزاب تنجح في إستقطاب الجماهير والإلتفاف حولها،ولكن لا يمكن لها ان تشكل عنوان وطني او قومي جامع او موحد،إلا اذا تعاملت مع الدين كمنظومة قيمية وأخلاقية مجردة،وتفشل عند التعاطي او التعامل معه كنمط حياة ونهج مؤسس للأمور والشؤون الحياتية اقتصادية واجتماعية،ونحن نجد أن حزب الله هو الأقرب للنجاح بالإستمرارية كحزب جامع او موحد لكونه لا يتعاطي مع الدين على هذه الأرضية،في حين نجد الفشل عند حركة الإخوان المسلمين،حيث الفشل المدوي بعد الصعود والسيطرة على السلطة بفترة قصيرة الأمثلة كثيرة مصر،تونس والان تركيا عندما أراد أردوغان أن يستحوذ على السلطة و"يؤخونها" ويفصل دستور على مقاسات حزب العدالة والتنمية. هنا قد تثور ثائرة البعض عندما أقول بأن الدين ليس عاملاً موحداً للأمة،فالأمور تكشفت بشكل واضح بعد ما يسمى ب "الثورات العربية" حيث معظم الحروب في البلدان العربية الجارية الآن الداخلية والخارجية منها تجري على أساس مذهبي وطائفي،وبين أحزاب مختلفة ذات مرجعيات فكرية تقول بأنها تمثل "الإسلام " الحقيقي،ولا ندري في إطار البحث عن هذا الإسلام كم سيقتل من أبناء هذه الأمة..؟؟وحروب التدمير الذاتي هذه تخاض لمصلحة وخدمة من باسم الدين والملل والطوائف..؟؟ ما يجري في بيروت الآن من انتفاضة شعبية للبنانيين تحت شعار "ريحتكم طلعت" ضد تجار ومافيات وأباطرة المذاهب والطوائف،وكذلك ما يحدث في العراق وما يجري من تململ كبير في فلسطين يؤجل انفجاره وجود الإحتلال،يثبت بشكل قاطع وملموس عمق الأزمة ومدى إفلاس الأنظمة والسلطات القائمة على "المحاصصة" والمذهبية والطائفية،ولا بد للقوى الديمقراطية واليسارية والعلمانية من إعادة الإعتبار للخطاب المدني- الديمقراطي للدولة وادواته،فهو وحده القادر على التصدي بنجاح لتحديات العصر ومتطلباته....وحده القادر على توحيد الشعوب والمجتمعات وصيانة وحماية نسيجها وفسيفسائها بكل تلاوينها ومعتقداتها وتعدديتها الخادمة لنمو ونهوض وتطور المجتمعات.
القدس المحتلة – فلسطين 25/8/2015 0524533879 [email protected]
#راسم_عبيدات (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صفقة السلاح الروسي لسوريا......نهاية المنطقة العازلة
-
-السمسار- بلير .... التغيرات في القيادة الفلسطينية
-
لتأخذ قياداتنا وفصائلنا -هدنة كلام- و-فترة صمت-
-
لماذا طهران الآن ...؟؟
-
هل بدأت مسيرة التدحرج صوب الحلول السياسية في المنطقة
-
في القدس ....كيف نخرج من مأزقنا ..؟؟
-
المطلوب:- أكثر من -فورة- دم وردات فعل عاطفية
-
-هولوكست -جديد.....إستيطان ...وقمع للأسرى ...وقوانين عنصرية
-
تونس بداية الثورة....وبداية العودة
-
تركيا ....ليست حرباً على -داعش- ،بل تصفية حسابات مع الأكراد.
...
-
ما بين -فورة - الدم .....وثقافة -الروسلوجي-
-
الاتفاق النووي.. ايران والعرب و-اسرائيل-
-
-حماس- إقتراب من الرياض ...وإفتراق مع طهران
-
-اسرائيل- تحترق بلهيب تموز مرة أخرى
-
هل إنتصر مسار -أورانيوم- ....وانهزم مسار -كامب ديفيد-....؟؟
-
عبدربه وتجديد -المشروع الوطني الفلسطيني-
-
في ذكرى يوم القدس العالمي......دروس وعبر
-
اليونان قالت لا....فهل من زعيم عربي أو فلسطيني يقول لا....؟؟
-
مصر.....وتصاعد الإرهاب
-
-داعش-.....ومسيحيو القدس
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|