|
مأساة متواصلة برسم النظام العالمي الجديد
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 1351 - 2005 / 10 / 18 - 10:43
المحور:
القضية الكردية
المناسبة : اعادة رفاة الآلاف الثمانية من البارزانيين الى كردستان .
كتب على الأجيال الأربعة الأخيرة من أهالي بارزان منذ بداية القرن التاسع عشر أن تكون مسيرات – الكّر والفّر – جزء من حياتهم الاجتماعية وقد تطول المسيرة أو تقصر تتجه نحو الشمال أو الجنوب أو الشرق والغرب فانها تبقى السمة المميزة طوال عقود لطريقة عيش هذه النخبة القومية الثائرة أبدا في حلها وترحالها في مناطق سكناها ومساحات الجغرافيا الكردستانية الشاسعة المتجاوزة لحدود سايكس – بيكو بل وعدم الاذعان لها والتصدي لكل ما هو ظالم جائر لذا كانت الهجرة وكان التهجير والابعاد من أرض الآباء والأجداد ولم يرهن البارزانييون مصيرهم الا نادرا واضطراريا في أيدي العدو حتى في ظروف الهجرة القسرية بل مارسوها على طريقتهم الخاصة رغم المخاطر والأهوال على شكل تنقلات سريعة ومسيرات طويلة والتفافات لا تنقصها المناورة العسكرية البارعة وتكتيكات الهجوم والدفاع وخطط تضليل المقابل الاكثر عددا وعدة بما لا يقاس بالتماثل والمقارنة وذلك من أجل أن لا يقعوا في الاسرويتحولوا الى رهائن لا حول لهم ولا قوة خاصة وأن تجاربهم المريرة تؤكد أن العدو ليس الا من ذلك الصنف العنصري المتوحش غير آبه بأدنى متطلبات التعامل الانساني ولا يتوفر فيه أدنى شروط التفاهم وقابلية الحوار هدفه الوحيد اذلال الكردوتحطيم شخصيتهم القومية واخماد عنفوانهم الانساني المسالم بشتى الطرق والاساليب بما فيها المحظورة دوليا واخلاقيا كما حصل فعليا مع الآلاف من ضحايا عمليات الأنفال في عهد النظام الدكتاتوري المخلوع منذ ثمانينات القرن الماضي الذين يعاد اليوم ما تبقى من أجسادهم الطاهرة , وبما انهم ( البارزانييون ) كانوا وما زالوا الوجه الأبرز في طليعة حركة الكفاح الكردستاني لأكثر من قرن ونصف والحلقة الأصلب وخط الدفاع الأول في الجبهة الأمامية فقد باتوا مستهدفين حيث كانت نتائج معارك المواجهة معهم تحسم المصير الكردي الى حين ولهذا استخدم العدو معهم كل الاساليب الارهابية وجّرب على رجالهم في ساحات الحرب الدفاعية كما في الأسر مختلف الأسلحة الفتاكة بما فيها الكيميائية والبيولوجية الى درجة أن العشيرة وفي القلب منها العائلة وبخلاف كل التجارب التاريخية عوملت من منطلق عنصري كقومية وشعب بعينه يجب ابادته والتخلص منه بالجملة رجالا ونساء صغارا وكبارا وذلك دون الرجوع الى أي فرز سياسي وقانوني أو اتهامات مسلكية شخصية- ان وجدت أصلا - تختلف درجتها بين هذا الشخص وذاك وهنا تكمن صعوبة بل واستحالة فصل تاريخ بارزان بأبطاله ورواده ورموزه بمآسيه ومسيراته الزاخرة باالأحداث وانتصاراته واخفاقاته عن مجمل التاريخ القومي والوطني لشعب كردستان . في المسيرة التراجيدية الصامتة لهذه الكوكبة البارزانية – المؤنفلة – التي طال انتظارالأحبة لقدومها نتذكر المسيرة الكبرى التي قادها مع عدة مئات من مقاتليه باني نهج الكردايتي الخالد في مخيلة شعبه مصطفى البارزاني بعد سقوط جمهورية كردستان الديموقراطية عام 1947 انطلاقا من مهاباد الجريحة ومرورا بالعراق وتركيا ومن ثم ايران وانتهاء بعبور نهر – آراس – والحلول في الأراضي السوفييتية ومن ثم العودة المنتصرة الى بغداد بعد ثورة الرابع عشر من تموز والانتقال الى جبال كردستان لقيادة ثورة ايلول التحررية الديموقراطية دون أن ننسى المسيرات الأخرى خلال ثورتي ايلول وكولان والانتفاضة والمسيرة – الهجرة المليونية التي أنّبت الرأي العام وهزت الضمير الانساني من الصميم وأيقظت من جديد مشاعر الالتزام بمبادىء الحق والعدل والحرية . في ليلة ظلماء امتد يد الجلاد لاختطاف هذه الألوف من الأسرى والرهائن ومن بينهم عدد من أبناء وأحفاد وأقارب البارزاني الخالد دون الوقوف على تفاصيل الجنس والعمر والحالة الصحية لأن الأهم لديه هو كم من الرؤوس الكردية اصطاد خاصة من تلك النوعية النادرة الثمينة التي أرّقت وجوده , وتمر السنين مثقلة دون ظهور أي أثر الى حين تحرير العراق وسقوط الدكتاتورية وانكشاف بعض أسرار المنظومة الأمنية الرهيبة بما فيها المقابر الجماعية لعشرات الألوف من الكرد والشيعة وأعضاء حركات المعارضة الوطنية . اعادة رفاة والآثار المتبقية للشهداء البارزانيين الى موطنهم تعني الكثير في ظل الظروف التي يجتازها العراق فمن جهة هو شهادة حية على دموية وعنصرية النظام المقبور وادانة عميقة لايديولوجية الطغمة الحاكمة وحزبها وأدواتها ومرتزقتها ونظامها الأمني وبرهان على الأجواء الديموقراطية السائدة الآن في العراق ودليل آخر على مسؤولية النظام الرسمي وليس الشعب العربي في كل ما حلت من مآسي بمختلف الأطياف من الجهة الأخرى ان ذلك اشارة واضحة الى تمسك الكرد والقادة البارزانيين ذوي الضحايا المعنيين بنهج التسامح والمصالحة الوطنية في اطار العراق الجديد الحر الديموقراطي الفدرالي . بقي أن نقول أن جرائم ابادة الجنس – الجينوسايد – بحق البارزانيين والكرد عامة قد وقعت مرارا وتكرارا أمام أنظار العالم وتحت سمعهم وبصرهم وأمام عدسات أقمارهم الصناعية دون أن يحركوا ساكنا أو يسائلوا مستبدا ومن هنا يجوز لنا القول الصريح بمشاركة مباشرة وغير مباشرة من أكثر من طرف اقليمي عربي واسلامي ودولي في الجريمة , ان ما نشاهده اليوم من الآثار المتبقية لأحدى جرائم العصر بمثابة محاكمة مادية ومعنوية لثقافة القرن الماضي الشوفينية العنصرية التي كانت سائدة في أكثر من نظام اقليمي ودولي في ظل ثقافة التواطىء المصلحي من جانب معظم الدول الغربية ذات النفوذ والهيمنة ولم يصدر حتى اللحظة أي اعتراف بحصول الخلل أو أي تقييم نقدي أو اعتذار من أية جهة لارواح الشهداء وذوي الضحايا, وما من شك أن عزاؤنا الوحيد في الحالة هذه ظهور نظام دولي جديد عادل يستطيع حماية الشعوب المقهورة والأقوام المهددة بالانقراض ويستجيب لحقها في تقرير المصير ويواصل الحرب بكافة أشكالها على الارهاب الاصولي الديني منه أو العلماني ويمد يد العون والمساندة للحركات الديموقراطية التغييرية من أجل الانقاذ ودحر الاستبداد والمساهمة في الحوار الهادف لايجاد الحلول لقضايا الشعوب والأقوام والمكونات الاجتماعية كما حصل في بلدان عدة في السنوات الأخيرة وكذلك نجاح العملية السياسية في العراق الفدرالي على طريق التغيير الديموقراطي ليتحول نموذجا لبلدان الشرق الأوسط و تعميق التجربة الفدرالية الديموقراطية في كردستان لتصبح مثالا لحل المسألة القومية في المنطقة وتحقيق الأمن والاستقرار فيها .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحو دستور التوافق الوطني السوري - وجهة نظر كردية
-
الرئيس - المعارض - ضد الحزب - الحاكم - !
-
رسالتي الى الملتقى الوطني السوري - باريس 1 -
-
مداخلة في مهرجان تكريم الشاعر قدري جان
-
انفصالية المركز ... ووحدوية الأطراف ... العراق نموذجا 3
-
انفصالية المركز ... ووحدوية الأطراف ... العراق نموذجا - 2
-
نداء الى الجميع حول مؤتمر باريس نعم للقاء نعم للحوار
-
انفصالية المركز ... ووحدوية الأطراف العراق نموذجا ...
-
وأخيرا شرب المستوطنون من بحر - غزّة -
-
- طلاق فوري أو زواج كاثوليكي -
-
عودة الى- ثلاثيّ- زمن الردة
-
ماذا يجري في كردستان ايران ؟
-
في ذكراه السنوية الاربعين ماذا عن صرخة كونفرانس آب المدوية أ
...
-
كيف السبيل لمواجهة ارهاب جماعات - الاسلام السياسي - في كردست
...
-
موقع الارهاب في خارطة الصراع ( 2 ) الارهاب كرديا : - شيخ زان
...
-
موقع الارهاب في خارطة الصراع-1
-
رسالة مفتوحة الى - نخبة المجددين الكرد السوريين -
-
قراة في مقال ( نبذةتعريف ) - للمجلس الوطني للحقيقة والعدالة
...
-
جورج حاوي ذلك القائد الطليعي المتواضع
-
رئاسة اقليم كردستان العراق ( 3 ) ردود فعل واصداء
المزيد.....
-
منظمة حقوقية تشيد بمذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائي
...
-
بايدن يعلق على إصدار الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق نتني
...
-
وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وجالانت لأ
...
-
كندا تؤكد التزامها بقرار الجنائية الدولية بخصوص اعتقال نتنيا
...
-
بايدن يصدر بيانا بشأن مذكرات اعتقال نتانياهو وغالانت
-
تغطية ميدانية: قوات الاحتلال تواصل قصف المنازل وارتكاب جرائم
...
-
الأمم المتحدة تحذر: توقف شبه كامل لتوصيل الغذاء في غزة
-
أوامر اعتقال من الجنائية الدولية بحق نتانياهو
-
معتقلا ببذلة السجن البرتقالية: كيف صور مستخدمون نتنياهو معد
...
-
منظمة التعاون الإسلامي ترحب بإصدار المحكمة الجنائية الدولية
...
المزيد.....
-
سعید بارودو. حیاتي الحزبیة
/ ابو داستان
-
العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس
...
/ كاظم حبيب
-
*الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 *
/ حواس محمود
-
افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_
/ د. خليل عبدالرحمن
-
عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول
/ بير رستم
-
كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟
/ بير رستم
-
الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية
/ بير رستم
-
الأحزاب الكردية والصراعات القبلية
/ بير رستم
-
المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية
/ بير رستم
-
الكرد في المعادلات السياسية
/ بير رستم
المزيد.....
|