أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ريم شطيح - الإنسان في الحروب وثقافة الحياة














المزيد.....

الإنسان في الحروب وثقافة الحياة


ريم شطيح

الحوار المتمدن-العدد: 4907 - 2015 / 8 / 25 - 05:15
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الإنسان ابن مجتمعه و وليد الظروف المُحيطة به والبيئة والأحداث، وسلوكيّاته تأتي تِباعاً لفِكره وقناعاته بالإضافة لِما يتعرّض له ويختبره في حياته اليومية؛ فحتى الحروب وبعد مَضي عدد من السنوات قد تُصبح جزءاً من حياة مَن يعيش ضمنها حيث يستمرّ في ممارسة حياته وتكوين مستقبله تحت وابِل الموت والإنفجارات، وتُعتَبَر هذه المُقاوَمة نوعاً من البطولة!


فبين كل ما يواجه الإنسان وبين قدرته على التأقلم والدفاع عن وجوده، يتعامل مع الواقع بالتحدّي الدائم ومحاولة فهم منطق جدَلية التغيير والمفاجآت التي تُصيبه فيستعين بعقله ليضعَ فاصلاً بينه وبين الواقع كي يستمرَّ بالحياة.
إنها قُدرةٌ عقليةٌ عجيبة تلك التي تُبقي توازناً وأملاً وابتسامةً أيضاً عند الإنسان في أوقاتٍ كهذه تَعجَزُ فيها العقولُ عن تقبُّل ِواستيعابِ كل هذا القتل والرعب والترهيب اليومي. إلاّ أنّ الإنسان ليس بفِطرتِه فقط مُتبَنِّياً للأمل بقدر ما يوحي له ذلك العقل العبقري الذي يستطيع من خلاله تحليل واستيعاب وتقبُّل الأحداث والفواجع التي يمرّ بها؛ فمنه يستمدّ القوة ويلجأ للحماية من العالم الخارجي غير مُنعزِل عنه.


بالإضافة إلى أنّ هناك أسئلة وجودية - تلك التي تتفاعل دائماً داخلنا وتتصادم مع واقعنا تارةً ومع الغيبيّات والحقيقة تارةً أخرى - هي ضرورة حتمية لإبقاء آفاق الفِكر والحوار والتساؤلات مفتوحة ليس من منطلق صياغة أو ابتداع أقوال وأفكار؛ لكن في إطار ما يُعطي حضورنا الإنساني قيمةً تَليقُ بمعرفتنا للثابت والمُتحوِّل وقدرتنا على مواجهة الواقع بكلّ تغيّراته.


من هنا، فالتعامل مع المحيط يستلزم تلك الإشكالية الفِكرية القائمة بين الأسئلة الوجودية من جهة وبين حقيقة الواقع وتناقضات ما نعيشه ونؤمن به تباعاً لجدلية هذا الوجود من جهة أخرى والتي تولّد التحديات اللازمة لمواجهة الصراعات للمرحلة الراهنة.


هذا ما فعله كثيرون من السوريين اليوم في الداخل ليبقوا قادرين على التوازن نوعاً ما. ولكن، كثيرون من المهاجرين يَحكمون عليهم أي على مَن بقي في الداخل أنّ عليهم أَلاّ يَخرجوا من بيوتهم وأَلاّ يحتفلوا بأي صيغة من صِيَغ الإحتفال وأَلاّ يفرَحوا حتى بأدوات الفرَح المُتاحة؛ كأنهم يقولون لهم إِنْ لم يموتوا في الخارج (خارج البيت) عليهم الموت في الداخل. من هنا ولِمَن لا يفهم هذه الجدلية من المُهاجرين أقول، إنّ مَن يعيش داخل الحدَث وخاصةً في الحروب؛ قد يعتادها بعد فترة ويَكبر معها ويقوى عليها، وإلاّ، فكيف ستهزم الشعوبُ الحروبَ إذا كان الجميع سيستسلِمون للخوف والموت ويُغلِقون على أنفسهم أبوابَ الحياة؟!


"إنّ ثقافة الحياة أقوى من ثقافة الموت"، وإنّ مَن صنَعوا التاريخ لم يجلسوا في بيوتهم وينأَوْا بأنفسهم عن المجتمع والأحداث؛ هؤلاء مَن قاوَموا الموتَ بالحياة، والخوفَ بالإستمرارية. طريقتهم هذه هي الهواء الذي يُبقيهم على قَيد الحياة وعلى قَيد الإستعداد ليُواجهوا هذه الظروف الصعبة وهذه الكوارث الإنسانية التي يَشهدونها كُلَّ يوم.


إنّه لحُكمٌ جائِرٌ وطرحٌ غير منطقي هذا الذي يفرض على مَن يعيش في الحرب أن يموتَ مُختَبِئاً وراء الجدران، إنها قمة الأنانية أن تقولَ لِمَن يعيش في الحرب وبعد أربع سنوات؛ لا تفرَح ولا تذهب لحفلة ولا تُتابِع برنامجاً ترفيهياً ولا تنشر صورةً تبدو فيها سعيداً أو مُبتسماً. وكأنك تقول له/ا (وأنت بعيد تنعَم بالسلام والراحة وبيدك فنجان قهوتك) إمّا مُت بالرصاص أو أَرِنا أنك ميت بالحياة!


رسالتي لهؤلاء: إرحموهم من أحكامِكم، إنهم يركبون قواربَ الموت إلى أوروپا وغيرها بحثاً عن الحياة. وتذكّروا أنّ مَن بقيَ في سوريا هو مَن سيُعيد بناءَها وبناءَ الإنسان فيها.

تحية لكل مَن يُمارِس طقوس الحياة في زمن الموت؛ أنتم صُنّاع الحياة بجدارة.

ريم شطيح - كاتبة وباحثة سورية



#ريم_شطيح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المعرفة والنهوض المُجتمعي
- اليهود والصّهيونيّة العالَميّة


المزيد.....




- بدرهم واحد فقط.. قوارب خشبية في دبي تعود بك 50 عامًا إلى الو ...
- إسرائيل تدّعي قتل قائد منطقة طيبة في حزب الله جنوب لبنان
- توقع انتقام حماس لمقتل يحيى السنوار.. كاتب إسرائيلي يجيب CNN ...
- وزارة الدفاع الكندية تعلن تخصيص 47 مليون دولار كمساعدة عسكري ...
- حزب الله يعلن عن -مرحلة جديدة وتصاعدية-، وإسرائيل تؤكد مقتل ...
- كيم جونغ أون يأمر قواته بمعاملة كوريا الجنوبية كـ -عدو-
- الصورة الأخيرة للسنوار.. هاجم الطائرة المسيرة بخشبة
- -الإعلان الأخير-.. كيم جونغ أون يوجه تحذيرا لكوريا الجنوبية ...
- بعد أن خضعت لدورة كاملة من الاختبارات.. أهم خصائص بندقية -كل ...
- منع تقديم مساعدات عسكرية لأوكرانيا.. حزب ألماني يضع شرطا للت ...


المزيد.....

- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج
- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ريم شطيح - الإنسان في الحروب وثقافة الحياة