أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - هندوسٌ في الإمارات وأقباطٌ في مصر














المزيد.....


هندوسٌ في الإمارات وأقباطٌ في مصر


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4907 - 2015 / 8 / 25 - 00:01
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


“بدأت الحضارةُ في اللحظة التي توقف فيها إنسانٌ ما عن إلقاء حجر، ليُلقي كلمة.” هكذا قال سيجموند فرويد، ليصفَ اللحظة المفصلية التي تحولت فيها الإنسانيةُ من الهمجية إلى التحضّر. متى وأين تنشأُ الحضاراتُ؟ حين وحيث تزدهر الإنسانيةُ بقيم التعددية والقبول، فتحلُّ ثقافةُ المحبة والتعايش محلّ ثقافة العنصرية والإقصاء ومركزية "الأنا". هنا يبدأ البناء، والتراكم، وتنشأ الحضارات.
تلك هي الفكرة الناضجة التي أدركها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، وكرّسها في مجتمعه الوليد منذ قرر توحيد الإمارات ليكوّن ذلك النموذج الحضاري المشرق في المنطقة العربية؛ الذي يُعلي قيمة “الإنسان”، ويحترم حقَّ اختياره لمعتقده وفكره. متى يبدأ الإيمانُ الحقيقي بالله؟ حين نستوعب أن خالقَ هذا الكون ليس حِكرًا على طائفة دون سواها. تلك إرادة الله في كونه؛ أن تتعدد طرائقُ الوصول إليه. فكلُّ إنسان فوق الأرض يتوجّه إلى الله وفق منظوره ورؤيته ومعتقده. كلٌّ يسعى في طريقه الخاص موقنًا أنه ساعٍ نحو النور الذي في نهاية الطريق. ويبدأ التخلّفُ والاقتتالُ والدمار حين تبغى طائفةٌ على طائفةٍ لإجبارها على السير في طريق بعينه. وفي حين يقتلُ إنسانٌ إنسانًا وهو يرفعُ لواءَ الله زيفًا وكذبًا، يساعدُ إنسانٌ إنسانًا آخر على عبادة الله وفق معتقد مخالف، وهو يرفعُ لواء الله حقًّا وصدقًا، وفي الوقت نفسه، يقدم للآخر صورة طيبة عن معتقده الخاص. الفارقُ بين الحالين أن الأول طائفيّ همجيٌّ يحارب مشيئة الله في التعدد، والثاني مؤمنٌ متحضرٌ يحترم قولَ الله تعالى: “ولو شاء ربُّك لجعلَ الناسَ أمّة واحدة، ولا يزالون مختلفين” هود 118.
واليوم، يسيرُ آلُ الشيخ زايد وأبناؤه على ذات النهج المتحضّر الذي غرسَ قيمَه النبيلةَ الأبُ المثقفُ قبل بضع وأربعين عامًا. فقدّم الأبناءُ، مثلما قدّم الأبُ من قبل، الصورةَ الحضارية الأرقى للإسلام، حين يحتضنُ الإنسانيةَ ويحترمُ عقلَ الإنسان وحريته في اختيار دربه، وحين يحارب الطائفية والعنصرية والاقتتال والإقصائية الأنانية. لأن الحرية مناطُ التكليف: "وهديناه النجدين". تلك الصورة الراقية للإسلام قدمتها حكومةُ الإمارات بالأمس حين منحت أرضًا في العاصمة "أبو ظبي" للجالية الهندية بالإمارات لبناء معبد هندوسي، فقدمت للعالم درسًا "عمليًّا" في الاستنارة والتحضر ونبذ الكراهية والعنصرية. تقديم الوجه المشرق للإسلام لا يكون على الشاشات باللغو الصاخب غير المصحوب بالعمل، ولا في المؤتمرات بالتنظير الشكلاني وإطلاق شعارات رنانة حول سماحة الإسلام كما نردد كل نهار لغسل الضمائر والتبرؤ مما يفعله التكفيريون والإرهابيون، بل بالعمل. ذاك أن داعش وبوكو حرام وأشباههم "لا يتكلمون"؛ بل "يفعلون". ومن ثَمّ لا تكون مواجهتهم بالكلام، بل بالفعل المضاد. داعش تقول "بأفعالها" إن الإسلام دينُ سفك دماء ونحر رقاب، والإمارات تقول "بأفعالها" إن الإسلام دينُ سلام وإنسانية ومحبة واحتواء. ذلك هو التطبيق العملي لكلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي التي قالها في حفل افتتاح قناة السويس: “سنحارب الكراهية بالحب.” ولشدّ ما أتمنى أن تتحول تلك "الكلمة" الطيبة، إلى "فعل" طيب، يتجلى على نحو ملموس في مصر. فإن وجد الهنودُ "الوافدون" حقَّهم الفطريّ في ممارسة طقوس عبادتهم في دولة "ليست" وطنهم، فليس من المقبول أن يتعثر "مواطنون" أصلاء في الحصول على الحق نفسه في دولة هي "وطنهم"، فيعاني مسيحيو مصر في الحصول على ترخيص لبناء دير أو ترميم كنيسة أثرية متهدمة.
لن نبدأ مسار النهضة الحقيقية في مصر الجديدة، إلا في اللحظة التي تختفي فيها الطائفيةُ من بلادنا إلى غير رجعة. فتتعانق الأكفُّ، لا للاقتتال ولا للعراك، بل للبناء والتشييد وجرّ قاطرة الوطن.
تحية احترام لدولة الإمارات العربية المتحدة التي تقدّم لنا كل يوم درسًا حضاريًّا جديدًا. والعُقبى لنا.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مَن يذكر -فرج فودة-؟
- قلب ابتهال سالم... عصفورة الجنة
- رسالة إلى نقابة المحامين.. نقابة العظماء
- الفارس -بدر عبد العاطي-
- جمال الغيطاني، ستعيشُ ألفَ عام
- سجّلْ يا زمان
- رئيس الغلابة
- قالت المحروسة
- قبطانةٌ على صفحة مياه القناة
- ماذا قال لي يختُ المحروسة؟
- هل تغفرين لنا يا مصرُ؟
- على متن يخت المحروسة
- هالةُ الأموات … تُجرّم نقدَ ما فات
- صخرتان من أرض القناة
- بلحةُ المحب... قضية
- نفرتيتي.... جميلةٌ أتلفها الهوى
- على شرف علي الحجار
- يقول الدواعش... يقول المصريون
- هديتي للرئيس
- التكبير في ساحة الكنيسة


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - هندوسٌ في الإمارات وأقباطٌ في مصر