أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منذر ثامر - المرجعية الدينية الثورة الزعيم والدولة















المزيد.....

المرجعية الدينية الثورة الزعيم والدولة


منذر ثامر

الحوار المتمدن-العدد: 4906 - 2015 / 8 / 24 - 23:07
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



مقدمة
عاش العراق تحت حكم بني عثمان لأكثر من خمسمئة عام. حكم فيه الاتراك واتباعهم من العرب السنة بقية العراقيين بالحديد والنار وكانت القوانين تسن للتميز ضد غير السنة بشكل واضح وصريح. كان الحكم العثماني يقوم بتفضيل الاتراك على كل من سواهم ثم يفضل العرب السنة وبخاصة من أهالي بغداد وسامراء على بقية المواطنين حيث اسندت لهم المناصب والمراكز المهمة وسمح لهم بالتجارة مع الدولة واحتكار البضائع والأراضي الزراعية التي كانت تمنح لهم من الولاة العثمانيين نظير خدماتهم وولائهم. اما بقية المواطنين من مسيح وشيعة ويهود ودروز وصابئة وغيرهم فيتم التعامل معهم على انهم افراد مشكوك في ولائهم. بسبب هذه العقيدة الاقصائية قام الاتراك بعشرات المجازر ضد المسيحين واليهود والاكراد ونال الشيعة القسم الأكبر من الظلم والاضطهاد. فقد قتل مئات الالاف من الأرمن والأشوريين والشيعة في حملات إبادة جماعية وتطهير عرقي في العراق والشام وفارس. ولعل اخر واسوء المجازر تلك التي وقعت في حزام بغداد في أواخر القرن التاسع عشر حيث تعرض الشيعة الي مجازر وإبادة عنصرية منظمة قتل فيها أكثر من مئتين ألف انسان وهجر الالاف واستولي الغزاة على الأراضي والبساتين والممتلكات وكان ذلك تحت اشراف الباب العالي وبالاشتراك مع بعض القبائل العربية والتركمانية التي استوطنت تلك المناطق ونتج عن ذلك تغير الهوية الديمغرافية بالكامل لحزام بغداد.
الحرب العالمية الاولي سقوط الدولة العثمانية والاحتلال البريطاني للعراق
بمجرد سقوط الحكم العثماني علي يد القوات البريطانية، كان سنة بغداد اول من رحب بانتهاء الحكم العثماني وتعانوا مع المحتل البريطاني بدون قيد او شرط وهو ما مكنهم من الاستمرار في حكم العراق لثمانين سنة اخري. بحسب مذكرات جيرارد بل التي اشتركت في تأسيس الحكم الهاشمي في العراق والاردن فإن عبد الرحمن النقيب زعيم السنة العرب في العراق وصف ثورة العشرين التي كانت مستعرة في الجنوب بأنها ثورة مجرمين يعملون في الدعارة وطلب من بريطانيا سحقهم وهذا ما حصل. ذلك الموقف لم يمنع الشيعة العرب من العمل لديه والسماح له بتشكيل الحكومات العراقية وبقي هو وأبنائه وأبناء أبنائه حكام العراق ومنهم حفيده فلاح حسن النقيب الذي أصبح وزيرا للدفاع بعد سقوط صدام.
في المقابل قام الشيعة المضطهدين من الحكم العثماني والذين كانوا يصنفون بحسب القانون الملي العثماني على انهم من ملة مختلفة عن الإسلام بمقاومة الهجوم البريطاني فيما سمي بثورة العشرين. في هذه الثورة قاتل الشيعة دفاعا عن المستعمر التركي الذي اذاقهم أصناف الاضطهاد والظلم بحجة ان الاتراك مسلمون فيما الانجليز مسيحيون أي كفار. نفس هذه القاعدة يمكن تطبيقها الان على داعش، فهم مسلمون بينما أمريكا وأوربا كفار ولا استغرب ان اتي معمم شيعي وافتي بوجوب مساندة داعش وأبو بكر البغدادي ضد الامريكان. من المهم التأكيد على أن وقوف رجال الدين الشيعة ضد مصالح الشيعة هو القاعدة وليس شذوذا فقبل سقوط صدام حسين قام الكثير من رجال الدين الشيعة برفض اسقاط صدام بل ووصلت الجرأة ببعضهم الي الطلب من الشيعة الذين اغتصبت بناتهم وأولادهم في معتقلات صدام ودفنت عوائلهم في المقابر الجماعية ان يقفوا مع صدام ضد أمريكا وذلك حتى لا يتم احتلال العراق من قبل الامريكان. في ذات الوقت الذي نري هؤلاء المعممين لا يجدون حرجا في زيارة الدول الخليجية التي هي في الواقع محميات أمريكية تنتشر فيها القواعد العسكرية الامريكية ويحظى الجندي الأمريكي فيها بحصانة مطلقة.
لم يتغير وضع الشيعة كثيرا في ظل الحكم الملكي حيث بقية المناصب والامتيازات محتكرة لنفس المجموعة التي كانت جزءا من السلطة العثمانية وظل الشيعة يعاملون كمواطنين من الدرجة العاشرة. فطوال العهد الملكي لم يتسنم أي شيعي منصب وزير الدفاع او الخارجية او الداخلية وكانت رئاسة الوزراء حكرا على سنة بغداد ما عدا بضعة أشهر تسلمها فيها صالح جبر بشكل اسمي وبدون صلاحيات.
ثورة تموز
ثورة عبد الكريم قاسم في تموز 1958 وما تلاها من حكم استمر أربع سنوات وستة أشهر كانت اول مرة يصبح للعراقيين الشيعة نصيب ووجود في حكم بلدهم. كانت اول مرة يتم فيها تعمير الجنوب المحروم والمظلوم والتعامل معه ومع اهله بعدالة ونزاهة واخلاص. كانت الفترة الوحيدة في تاريخ العراق التي تساوى فيها المواطنين العراقيين ففيها تساوي المسيحي واليهودي والصابئي والشيعي والسني وكانت اول مرة تعين فيها امرأة بمنصب وزير ويعين صابئي بمنصب رئيس جامعة بغداد. علي الرغم من قصر الفترة التي حكم فيها عبد الكريم قاسم و علي الرغم من المؤامرات و محاولات الاغتيال وضعف الإمكانات لكن تمت فيها إنجازات لم تتم في أي فترة اخري. فقد قام خلالها ببناء مدينة الثورة التي وفرت المسكن والحياة الكريمة لأكثر من ربع مليون عراقي كانوا يعيشون في فقر شديد وبعضهم كان يقطن الصرايف التي لا تقي من حر ولا برد. في عهد عبد الكريم قاسم بنيت مدينة الحرية في بغداد والخمس ميل في البصرة وعشرات المدن الأخرى في كل المحافظات العراقية. في عهد عبد الكريم قاسم شقت الطرق التي ربطت كل المدن العراقية وبنيت السدود وفي تلك الخمس سنوات بنيت مدينة الطب في بغداد التي مازالت أكبر مستشفى من نوعه في العراق وفي الشرق الاوسط. في خمس سنوات بنيت أكثر من ألف مدرسة ومختلف الكليات. في خمس سنوات بنيت محطات كهرباء أكثر من كل ما بني قبل وبعد ذلك العهد.
موقف المرجعية ورجال الدين من عبد الكريم قاسم
من اول يوم ناصب رجال الدين عبد الكريم قاسم وثورته العداء مستخدمين التكفير والتخوين واغتيال الشخصية وتلويث السمعة ونشر الاشاعات لقتل الثورة ومنعها من التحول الي دولة. كانوا ضد جميع السياسات التي انتهجها رغم انها كلها كانت لصالح الناس ولرفع الظلم عنهم. عارضوا توزيع الأراضي والإصلاح الزراعي لكي تبقي الأرض والثروة بيد الشيوخ والتجار والنقباء والوجهاء الذين حصلوا على الأراضي من الدولة العثمانية الظالمة. عارضوا التطعيم ضد الامراض. عارضوا المساواة بين العراقيين. كانوا يستغلون المنابر لشتم الزعيم وتكفيره وإطلاق الاشاعات ضده. اتهموه بانه ملحد وانه لا يصلي وغمزوا من عدم زواجه بل وصلت السخافة بهم ان أطلقوا إشاعة انه الزعيم يريد ان يلغي الزواج وأطلقوا اهزوجة نسبوها له تقول بعد شهر ماكو مهر ونذب القاضي بالنهر. المعممين الذين لم يكونوا يجرئون على مواجهة أصغر شرطي عند نوري السعيد او عند الاخوين عارف وكانوا يرتجفون خوفا من أصغر بعثي من عانة او راوه كانوا وحوشا ضارية في الهجوم علي عبد الكريم قاسم وظلموه حيا وميتا و لازالوا يكرهونه و يسعون لتشويه سمعته. وصل بهم البغض والحسد الي سرقة اسم مدينة الثورة التي بناها الزعيم عبد الكريم قاسم وأسماها الثورة فغيروا اسمها بعد سقوط الصنم ونسبوها لأحدهم وهم الذين ما بنوا شيئا ولا جلبوا الا الموت والدمار والذل.
لم يكتفي رجال الدين بالتكفير والتخوين والمعارضة لأنزه من حكم العراق على الاطلاق. عبد الكريم قاسم الحاكم الوحيد الذي لم يأخذ شيئا من العراق ولا العراقيين لم يتزوج لم يملك بيتا ولم يملك عبيدا ولا إماء ولا خدم ولا جواري ومات وليس في حسابه أي شيء وليس لديه متر في كل الدنيا. كل هذا لم يمنع الحوزة ورجالها العاطلين عن العمل عن التعاون مع البعثين وحلفائهم من عرب واجانب في اسقاط الزعيم حيث قاموا بإصدار الفتوي التي نصت على ان الشيوعية كفر والحاد وهم يعلمون ان اغلب المنتمين للحزب الشيوعي هم الشيعة وهم أنصار الزعيم ورجال الحكومة وان هذه الفتوي تعني اهدار دم الزعيم وكل رجال الحكومة الشيعة والشيعة فقط لأن السنة لا يأخذون فتاويهم من الشيعة. لم يكتفي رجال الدين الشيعة بهذه الفتوي ولا بالتحريض والغمز واللمز والتخوين والتكفير بل وبمجرد هجوم البعثين على وزارة الدفاع تطوع المعممين للعمل كطابور خامس للبعثين فقد خذلوا الناس ونشروا الاشاعات بل وقام بعضهم بالاشتراك مع البعثين في الهجوم مقرات الحكومة في بغداد.
طوال حكم البعث من 1968 الي 2003 لم تصدر فتوي واحدة صريحة بتكفير البعث ولا صدام ولا البكر بل كانوا يتسابقون لاستقبال الرئيس القائد وكانت صور صدام موجودة في كل مقام ومسجد. وبعد سقوط صدام لم تصدر فتوي بتكفير القاعدة ولا الزرقاوي ولا داعش ولا أبو بكر البغدادي.
الخاتمة
اليوم وبعد مرور 12 عاما على سقوط صدام ونظامه الاجرامي الطائفي علي يد القوات الامريكية فهمنا لماذا وقف المعممين الشيعة ضد عبد الكريم قاسم وضد مصالح الشيعة وتأمروا مع كل ظالم ضد أهلهم ولماذا جبنوا وفشلوا في مواجهة صدام ولماذا فشلوا بعد سقوط صدام في حماية أهلهم وفي انشاء دولة ومؤسسات للدولة لماذا لم يستطيعوا بناء مدينة واحدة او مستشفى او جامعة او محطة توليد كهرباء او مطار او أي مشروع مهم رغم توفر كل الإمكانات من أراضي ومال وكفاءات ورغم التبرعات الخيالية. الان عرفنا لماذا بقيت مدن الشيعة ومناطقهم تعاني الفقر والظلم والإهمال والجهل.
السبب ان المؤسسة الدينية لا تستطيع العيش الا في مجتمع فقير ومريض ومظلوم. رجال الدين بحاجة لأن يكون الشيعة فقراء مظلومين مضطهدين مرضي ومقهورين لكي يبيعوهم الوهم والخرافات التي ليس لديهم بضاعة غيرها. فرجال الدين يعانون من قطيعة معرفية ويعيشون في جهل شديد ولا يفهمون المنهج العلمي ولا نظريات الإدارة وعلم النفس والاقتصاد لذلك فليس لديهم أي قابلية لتطوير مجتمعاتهم والنهوض بها وفي نفس الوقت يريدون ان يتمتعوا بكل المميزات. لذلك فهم يريدون اتباعا من المخدرين المقهورين المستسلمين الخانعين المرعوبين. رجال الدين يريدون ان يكونوا هم السادة العاطلين عن الإنتاج والعمل البائعين للوهم والدجل والخرافة لذلك لابد ان يكون رعاياهم بلا حول ولا قوة ولا علم ولا ثورة ولا دولة.



#منذر_ثامر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المرجعية الدينية الثورة الزعيم والدولة


المزيد.....




- قائد الثورة الاسلامية يستقبل حشدا من التعبويين اليوم الاثنين ...
- 144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة ...
- ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم ...
- عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي ...
- المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي ...
- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - منذر ثامر - المرجعية الدينية الثورة الزعيم والدولة