أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ديانا أحمد - الصحة وداعش















المزيد.....

الصحة وداعش


ديانا أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4906 - 2015 / 8 / 24 - 17:41
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الصحة وداعش ، السيسى والتدليس وتربية مسلمى الشعب المصرى على قيم التسامح المذهبى والدينى والأيديولوجى ، العائلة الأمريكية بلا حجاب ولا نقاب ، هل تريدون العراق علمانياً أم تريدونه سُنياً أيها اللئام الخبثاء ، عندما تكون الزوجة سلفية إخوانية مسرفة اجتماعية جاهلة يبقى انت أكيد فى مصر السيسى ، شراهة أكل اللحوم فى مصر

بقلم: ديانا أحمد

- الصحة وداعش : حين يتمتع الإنسان المسلم السُنى بالصحة أى بجهاز بولى سليم بدون حصاوى ولا فشل كلوى ولا أورام فى المثانة ، وبجهاز تنفسى سليم بلا سل ولا سرطان رئة ولا ربو ولا التهاب رئوى ، وجهاز تناسلى سليم ومجرى بول سالك وحالة جنسية ممتازة ، وكبد سليم من فيروس سى ومن السرطانات والتليف ، وقولون سليم بلا إمساك ولا إسهال ولا سرطانات ولا انسدادات ولا تقرحات ولا التهاب زائدة ولا بواسير ، ومعدة سليمة بلا قرح ولا نزيف ولا حموضة ولا سرطانات وكذلك مرئ سليم ... ودم كامل وسليم بلا سرطان ولا أنيميا .. وعيون ستة على ستة بلا عمى ولا قصر ولا طول نظر ولا مياه بيضاء ولا زرقاء .. ودماغ بلا صداع ولا سكتات ولا جلطات ولا أورام .. وقلب بلا انسداد شرايين ولا ضيق شرايين ولا ثقوب صمامات ولا حمى روماتيزمية ولا سكتات ولا ذبحات ولا أزمات .. وعظام بلا خشونة ولا هشاشة ولا التهاب أعصاب ولا آلام مبرحة .. وبنكرياس بلا سكرى .. وأسنان بلا تسوس ولا كسور ولا خراريج ولا آلام ولا التهابات .. وآذان سمعها قوى بلا التهابات ولا ضعف ولا فطريات .. وجلد سليم بلا أكزيما ولا أرتيكاريا إلخ .. وصحة نفسية ممتازة بلا قلق ولا اكتئاب ولا حزن ولا حساسية ولا رهافة حس "وإنما بلادة وتناحة" ..

حين يتمتع الإنسان المسلم السُنى بالصحة بكل ما سبق .. يطغى ويفترى ويظن نفسه خارقاً خالداً وتطغى فيه شهوة القتل والسبى والتكفير والعنجهية شهوات الإسلام السُنى ذلك الإسلام السُنى الذى تسبح بحمده جرائد مصر السيسى أخبار أهرام جمهورية وجرائد وإعلام وحكومات المغرب وليبيا وتونس وتخدم الكيان السعودى وخلايجته وأتراكه وإخوانه وسلفييه ونخبته التى تكتب فى الحوار المتمدن وغيره شاتمة بشار الأسد وبن على والقذافى وإيران ... حين يتمتع الإنسان المسلم السُنى بالصحة بكل ما سبق .. يطغى ويفترى ويظن نفسه خارقاً وتطغى فيه شهوة القتل والسبى شهوات الإسلام السُنى وينضم إلى داعش وإلى النصرة وإلى الكيان السعودى ويساهم فى تدمير العراق وسوريا واليمن ومصر وليبيا وتونس كما دمروا من قبل الصومال وأفغانستان والسودان وباكستان وألبانيا والبوسنة والبلقان ، صحته مساعداه على الخراب والدمار والتكفير والذبح وتطبيق الحدود الوحشية البغيضة. والغريب أن داعش والقاعدة وأردوغان وآل سعود وكل متعصب سُنى إرهابى الفكر والقول قبل الفعل هم أصحاء البدن والنفس جدا - ومتعصب سُنى إرهابى الفكر والقول قبل الفعل هى صفات تنطبق على معظم أو تسعة وتسعين بالمئة من عامة المسلمين السنة فى مصر والجمهوريات العربية وممالك الخليج الفارسى- .. يبدو أن المسوخ والسفاحين والظلاميين والمجرمين يتمتعون دائماً بصحة بدنية ونفسية ممتازة .. ليزدادوا إجراماً وشراً وطغياناً وإرهاباً وتكفيراً وحدود شريعة وحشية وحجاباً ونقاباً وسفك دماء وسبياً ..

- درسان مهمان لصديقى أحمد حسن محمد أحمد فى ألفين وأحد عشر "الربيع الخرا" : الإفاقة من وهم حلاوة وحريات وطعامة الإسلام السُنى ، وفى ألفين وخمسة عشر "وفاة والده وحساب أرباحى وخسائرى ومواصفات حبيبته" : يمكن قراءتها فى مقالى المعنونين باسم تأبين صديقى لوالده ، ومقالى المعنون باسم من أجل فتاة سلفية عشقتها يا هذا وحاخامة رشيد وحساب الأرباح والخسائر عن الزواج فى مصر الآن.

- حين تشاهد صور العائلات الأمريكية والأوروبية المكونة من طفلين وزوج وزوجة أى أربعة أفراد وخلفهم البيت الأمريكى المكون من دورين جميلين وقبو وحديقة ومرآب/وورشة للأب تجد الابتسام والمرح والحريات فلا حجاب ولا نقاب ولا عباءة على الزوجة والابنة والجدة ، بل تمدن وتحضر وسفور وتبرج .. وليس كالشرق الأوسخ للأمراض الإسلامية السُنية .. ليت العائلة المصرية والعربية تعود كما كانت وتصبح كالعائلة الأمريكية.

- السيسى والتدليس وتربية مسلمى الشعب المصرى على قيم التسامح المذهبى والدينى والأيديولوجى: جعل من تفريعة قناة سويس جديدة ، وهلل له الصحفيون والإعلاميون والممثلون وكأنه مؤمم القناة عبد الناصر أو كأنه مؤسسها ومفتتحها وحافرها الخديو سعيد والخديو إسماعيل وديليسبس .. وجعلت صحفه من تأذين مسلم بأذان وترنم مسيحى مجاور له بترنيمة مسيحية دليلاً على التسامح الدينى وعجبى .. كما جعلت من وضع مجلس الكنائس فى التربية الدينية المسيحية تعزيزا لقيم المواطنة أى المساواة بين المواطنين مهما اختلفت أديانهم وعجبى .. ما الغرابة أو المواطنة فى وضع موضوع مسيحى فى مادة التربية المسيحية .. وما الغرابة أو التسامح فى أداء مسلم لأذانه ومسيحى لترنيماته .. المواطنة الحقيقية والصعوبة الحقيقية والمهارة الحقيقية أن تربى يا سيسى ويا صحف مصر وإعلام مصر ومدارس مصر وتعليم مصر أن تقوموا بتربية مسلمى الشعب المصرى على قراءة الكتاب المقدس بعهديه بتسامح ومحبة واستفادة وعلى إدخال آيات من العهد القديم "اليهودى" والعهد الجديد "المسيحى" ومن ألواح بهاء الله مثلا ومن ترجمان الأشواق والفتوحات المكية لمحيى الدين بن عربى وديوان الحلاج ومن كتب الشيعة العلويين والإماميين الاثناعشريين والدروز ومن الزرادشتية والبوذية والهندوسية والكونفوشية إلى كتاب نصوص اللغة العربية لكافة المراحل التعليمية فى مصر . كما عليكم تربية مسلمى الشعب المصرى على حب الفنون واحترامها وعدم تحريمها وعلى حب حضارته الأصلية الفرعونية الحقيقية وعلى حب إيران وعلى حب الحضارة الغربية الأوروبية والأمريكية الكلاسيكية والحديثة. الشعب المصرى فى أمس الحاجة لأن تربوه وتعلموه يا سيسى ويا حكومتك على قيم العلمانية الكاملة والتنوير والتسامح ، لا التعصب السُنى السعودى التكفيرى التحريمى المحجب المنقب المعبأ الحدودى ..

أيضا من أمثلة تدليس السيسى على العلمانيين المصريين وعلى الشعب المصرى خلعه مرسى وعدم إعدامه له ولبديع إلخ ولن يعدمهم أبداً ، وعدم حله حزب النور السلفى وأحزاب الوسط ومصر القوية إلخ حتى اليوم وعدم إلغائه المادة الثانية مادة دين الدولة ومبادئ الشريعة .. وبالتالى سيدخل الإخوان والسلفيون كحزبيين ومستقلين أيضا ويشكلون أعدادا كبرت أو صغرت فى مجلس الشعب المصرى الجديد -لا لمسمى مجلس النواب المقيت- ودخولهم ولو بفرد واحد الانتخابات خير دليل على تدليس السيسى وأنه لا يختلف عن مرسى وعن طنطاوى فى أى شئ بل الأحزاب الدينية مستمرة .. وحتى اليوم قانون ازدراء الأديان المشين يحكم مصر ولا يزال الحزب العلمانى المصرى غير مقبول من لجنة الأحزاب المصرية ولا يزال تحت التأسيس ويتهم بالإلحاد وبأنه يخالف المادة الثانية فى الدستور ويخالف مادة تشترط عدم مخالفة الأحزاب للشريعة الإسلامية .. رغم أنى لا أوافق على المبادئ العائمة للحزب العلمانى المصرى وكنت أتمنى أن تكون مبادئه صريحة وواضحة أكثر كما سأكتب فى مقال تال ..

- المسلمون السُنة المصريون وغيرهم الذين فى سدة الحكم السياسى "كالسيسى" وعلى منصات الإعلام كإعلاميين وصحفيين وحتى كمعارضة ، يرفضون فى سرهم الحدود والتكفير والحجاب والنقاب ويبتهلون أن تنجح مساعى العلمانيين واللادينيين فى إلغاء المادة الثانية بمعجزة ما دون أن يكون لهم ضلع فى ذلك ، ولكن فى العلن يؤيدونها كلها من وراء قلوبهم ويبتهلون ألا يفيد تأييدهم سوى فى إرضاء عامة المسلمين السنة من الشعب المتعصب غير المتسامح مع مذهب ولا أيديولوجية ولا مع فن ولا مع سفور ولا مع دين آخر إبراهيمى أو هندى دارمى أو فارسى ولا مع اللادينية .. ويبتهلون ألا يفيد تأييدهم فى تطبيقها فعلياً .. هم كالبيضان - كالخصيتين- لا تنـجـِس ولا تخلو من النجاسة ... تماماً مثل العرب والفلسطينيين يرفضون الاعتراف علناً بإسرائيل ويهاجمونها ويرفضون أى حل أو تعايش نهائى وقاطع وحاسم معها ، بينما فى السر يتعاونون معها ومع ذلك فى العلن يبرمون معها اتفاقات السلام .. تناقض غريب .. ولذلك لا نصل إلى شئ محلك سر ومرحباً بكم فى الشرق الأوسخ للأمراض العقلية الإسلامية السُنية ..

- هل تريدون العراق علمانياً أم تريدونه سُنياً أيها اللئام الخبثاء : الذين يكلموننا اليوم ويؤيدون تظاهرات العراق ضد الحكومة الشيعية والأحزاب السياسية الشيعية ، ألم يسألوا أنفسهم سؤالا بريئاً : ماذا لو كان هدف هذه التظاهرات مماثل لهدف الربيع العربى المجرم ومماثل للعدوان السعودى المصرى الحالى على اليمن الحوثى الشيعى ومماثل للموقف السعودى المصرى التركى الخليجى المغربى المعادى لبشار الأسد لأنه شيعى علوى .. ماذا لو كان هدف هذه المظاهرات هو نصرة التعصب السُنى ودعمه ضد الشيعة وضد إيران وضد العلمانية بطبيعة الحال .. وليس كما توهمون أنفسهم بأنها مظاهرات علمانية .. هل تريدون العراق علمانياً "يحكمه بالتساوى كلبنان شيعته وسنته وأكراده وزرادشتيوه وصابئته" أم تريدونه سُنياً أيها اللئام الخبثاء ؟.

- الموضة الآن فى مصر لدى الشعب أكل اللحوم والأسماك والدجاج بكثرة وكثافة والامتناع عن البقوليات والبروتينات النباتية والامتناع عن الألبان ومنتجاتها .. رغم أن اللحوم تسبب أمراض القلب والشرايين والكوليسترول ويحتاجون لآلاف الجنيهات وأدوية باهظة الثمن وعمليات ودعامات للشرايين بسبب شراهتهم الغريبة للحوم اليوم .. يبدو أنها تقليعة جديدة لمخالفة المسيحيين الأصحاء الذين يصومون صياما نباتياً طويلا قبل عيد الميلاد المجيد وقبل عيد القيامة المجيد ... تعصب إسلامى وشراهة أثرياء مفاجيع جياع ..

- عندما تكون الزوجة سلفية إخوانية محجبة منقبة معبأة فى العباءة ومسرفة وجاهلة واجتماعية جدا ، وتحب المظاهر ، وتدمر الأجهزة الكهربائية والأثاث لتبيعه وتغيره وتستبدله بأثاث جديد وأجهزة جديدة كل عام بلا مبالغة كأنها عروس جديدة ، وتتسلط على نقود زوجها .. يبقى انت أكيد فى مصر السيسى.


****

وأختم بمقال مهم جدا أعجبنى للأستاذة رباب كمال عن حملة لا للأحزاب الدينية ، وهى كاتبة مصرية ذكية وعاقلة جمعت بين الجمال ورفضها لارتداء الملابس الدينية الكريهة من حجاب ونقاب واسمها واسم والدها جميل وأنيق أيضا :

رطل من لحم بدون قطرة دماء

رباب كمال

23 أغسطس 2015

مسرحية تاجر البندقية للكاتب المسرحي الإنجليزي شكسبير واحدة من أشهر المسرحيات العالمية، الحبكة الدرامية تدور حول استدانة التاجر أنطونيو  أموالًا من المرابي شايلوك، وكان الضمان في حالة عدم السداد، اقتطاع رطل لحم من جسد التاجر المستدين.
 
لم يوف التاجر بالدين وجاء يوم المحاكمة ليتم اقتطاع رطل من لحم جسده، لكن محامي التاجر نبه القضاة في مرافعته بأن العقد كان ينص على رطل لحم بدون قطرة دماء واحدة، وهو الشرط المستحيل، وهكذا لم ُيقتطع رطل اللحم من جسد أنطونيو. فالعقد شريعة المتعاقدين والعقد كانت به ثغرة حالت دون التنفيذ.

تذكرت هذه الجملة العبقرية "رطل من لحم بدون قطرة دماء" أثناء حضوري لجنة تعديل الدستور، حين شاهدت القوى المدنية وهي تتمسك بصياغة مادة لحل الأحزاب ذات المرجعية الدينية، في نفس الوقت الذي تتمسك به تلك القوى بالمرجعية الدينية للدستور.

 وهكذا باتت المادة 74 من الدستور التي تنص على حل الأحزاب الدينية بمثابة رطل من لحم بدون قطرة دماء.

القرآن دستورنا

قادتني قدماي إلى "لجنة الخمسين" قبل عامين، كانت الأجواء مشحونة حينها ضد خطورة خلط الدين بالسياسة بعد تجربة حكم جماعة الإخوان المسلمين، السؤال الذي ظل يلاحقني هو.. هل يدرك الرافضون لحكم الإخوان الديني مفهوم لا دين في السياسة و لا سياسة في الدين الذي ينادون به؟

التساؤل الذي ظل يُلح على ذهني أجاب عنه ضمنيًا السيد سامح عاشور رئيس لجنة الحوار المجتمعي بلجنة الخمسين والسادة الحضور، تحديدًا في جلسة الثلاثاء 24 سبتمبر 2013  في تمام الساعة الثانية عشرة ظهرا، حيث افتتح السيد "عاشور" رئيس اللجنة، كلمته لنا بأهمية فصل الدين عن السياسة، وذكرنا بما كانت تحمله لنا الأيام من سواد أعظم إن ظلت الجماعة الدينية تحكم البلاد وكيف استغلوا الدين لخدمة أغراضهم السياسية، ثم أنهى السيد عاشور الكلمة برفض دستور الإخوان مؤكدا أن " القرآن دستورنا"!!

انتهت الكلمة وسط تصفيق برتوكولي تخلله تصفيق حاد أشبه بصوت المطرقة من جنبات القاعة، وبالنظر لبؤرة التصفيق الحاد الذي أصابني بالصمم، نظرت خلفي لأجد ممثلين من حزب النور! علام يصفق حزب النور؟ هل جاء ليُحظر ويحل نفسه؟

بات المشهد يومها أشبه بالكوميديا السوداء، رئيس لجنة الحوار المجتمعي وهو مناهض للإخوان والذي يحثنا على الفصل بين الدين والسياسية، استخدم شعار "القرآن دستورنا"، وهو شعار من بنات أفكار المرشد العام الأول للإخوان حسن البنا، والذي صاغه في الأصول العشرين لتأسيس تنظيم الإخوان العالمي، وسط تصفيق وتهليل من حزب النور الذي لا تقل مواقفه تطرفا عن جماعة الإخوان المسلمين، بل كانت خلافاتهم مع الجماعة أساسها " تلكؤ الإخوان" في الحكم بالشريعة منهاجا كاملا.
هذه اللقطة المسرحية كانت مؤشرا للعبث السياسي الذي نعيشه الآن.

حملة لا للأحزاب الدينية

طالعتنا وسائل الإعلام قبل أيام بحملة جمع توقيعات لحل الأحزاب الدينية وفقًا للدستور وهي واحدة من حملات كثيرة سبقتها، إلا أن هذه الحملة تحظى بمساحة إعلامية ملحوظة.

تستند الحملة للمادة 74 من الدستور التي حظرت إقامة الأحزاب على أساس ديني، ولكن اختصت المادة القضاء بحل الأحزاب، أي أن حل الأحزاب الدينية ليس بحاجة لحملة شعبية لجمع التوقيعات بقدر حاجتها إلى حكم قضائي يُثبت أن تلك الأحزاب لها مرجعية دينية فعلا.

في مقال سابق بعنوان ليس دفاعا عن حزب النور، تمت الإشارة إلى أن حل حزب النور وهو أقوى هذه الأحزاب لن يحدث بجرة قلم، ليس لأن مرجعيته ليست دينية، ولكن لأن مبادئه الدينية لا تخالف مواد الدستور، وقد تمت الإشارة في المقال المذكور، عدم مخالفة حزب النور للمادة 2 (مادة الشريعة) والمادة 7 (مادة الأزهر) والفقرة (أ) من المادة 4 من قانون إنشاء الأحزاب التي تؤكد ضرورة عدم مخالفة مبادئ الأحزاب للشريعة الإسلامية.

القوى السياسية المدنية التي تنادي بحل الأحزاب الدينية لربما بحاجة لإدراك أن طول اللحى لن يكون سندًا لإثبات المرجعية الدينية لحزب النور مثلا، ولن يُعتد بها كحيثيات لحل أي من تلك الأحزاب ذات المرجعية الدينية.

دستور هجين

عبارة "دستور هجين" أطلقها الصحفي محمود عزمي في معركته من أجل دستور مدني حديث عام 1923 قائلا إن الدستور يجمع بين الشيء ونقيضه وأن الدستور أصبح ثوبًا فضفاضًا، مشيرًا إلى المادة 149 التي نصت على أن الإسلام دين الدولة بعد إصرار شيخ الأزهر محمد بخيت على وضعها في الدستور. المادة خلت من إقرار مبادئ الشريعة مصدرًا أساسيًا للتشريع ولم يكن الأزهر مؤسسة المرجعية الإسلامية، ولم تكن عشرات الأحكام والقوانين والمواد التي تؤيد نظرية أسلمة الدولة كما هو الآن قد صدرت. فماذا كان ليقول محمود عزمي عن دستور وقوانين اليوم؟

بالتأكيد هو دستور هجين أنتج كائنًا هلاميًا مشوهًا، وهو سلاح ذو حدين، ولأن كل فعل له رد فعل مساوٍ له في المقدار وعكسه في الاتجاه، استخدم السلفيون نفس مواد الدستور ليس دفاعًا عن أنفسهم فحسب بل لشن هجوم مضاد. ها هو القيادي بالدعوة السلفية سامح عبد الحميد- وسيتبعه آخرون - يطالب بحل الأحزاب المدنية التي لا تستند للمرجعية الإسلامية ويلزمها بعدم مخالفة الشريعة الإسلامية كما ينص قانون الأحزاب المشار إليه سابقًا.

شيزوفرينيا التيار المدني 

سنجد التيار المدني في موقف أقل ما يُقال عنه أنه انفصامي، القوى المدنية الساعية لحل الأحزاب الدينية (دون تعميم) ستنادي بضرورة حظر الأحزاب الدينية لاستخدامها الدين كمرجعية. ونفس القوى ستقر بأن مادة الاحتكام لمبادئ الشريعة الإسلامية كمرجعية للدولة في الدستور خط أحمر غير قابلة للمساس.

الفرق بين الإسلام السياسي والتيارات المدنية أن الأول متسق مع أهدافه، يعرف وجهته، بينما الثاني هائم على وجهه، يستخدم مدنية الدولة كشعارات للاستهلاك الإعلامي. يريدون حل الأحزاب الدينية في ظل ثيوقراطية العديد من القوانين التي لا يبالون بتغييرها أو حتى مناهضتها أو لربما بلا رغبة لخوض المعركة.

مقال واحد لا يكفي لسرد المواقف الانفصامية للأحزاب والقوى المدنية بأيدلوجياتها السياسية المختلفة، فلا مانع أن نسمع رئيس حزب ليبرالي عريق يتبرأ من الليبرالية ولا يختلف خطابه كثيرًا عن الأحزاب الدينية التي يناهضها. ولا مانع أن نرى مؤتمرات لأحزاب ليبرالية تبدأ بآيات من الذكر الحكيم، أو تعلن لجانها الإعلامية عن مسابقات تحفيظ قرآن.

ولا مانع أن نسمع تصريح متحدث رسمي لحزب ليبرالي يتهم فيه الحزب العلماني تحت التأسيس بأنه حزب ملحدين؛ ولذا فهو  حزب ديني غير دستوري. قوانين الدولة الثيوقراطية لن تتغير بين ليلة وضحاها، فلماذا تخوض الدولة المعركة وتخسر ذراعها الديني؟ وهو أمر تدركه جماعات الإسلام السياسي جيدًا بالرغم من هجومهما على الدولة المستمر.  
 
التغيير لابد له من قوة دافعة، هل تدرك القوى المدنية أن دورها هو بناء قواعد وتشكيل جماعات ضغط لصالح مدنية الدولة؟

الإشكالية هي أن القوى السياسية المدنية- إن وجدت - تدفن رأسها  في الرمال لأن المعركة الحقيقة ليست حزب النور، الأحزاب الدينية هي مجرد "قمة جبل الجليد" ليس أكثر. السياسة بالتأكيد لعبة مواءمات، لكنّها مواءمات للوصول إلى الهدف وليست مواءمات للتخلي عن الهدف، إلا إذا كان الهدف مجرد مقعد برلماني لا يسمن ولا يغني من جوع في مواجهة التيارات الطائفية.

سياسة إمساك العصا بين مدنية ودينية الدولة باتت أشبه برطل من اللحم بدون قطرة دماء وتذكرنا بمقولة رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارجريت تاتشر"من يقف في منتصف الطريق يتعرض للدهس من الاتجاهين".



#ديانا_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل المجنون هو القذافى أم أنتم ، كل حاجة وحشة عايزين يلزقوها ...
- نص قانون الارهاب المصرى وملاحظاتى عليه
- ذبح المسلمين السنة لعالم الآثار السورى خالد الأسعد ، وعودة ا ...
- تمييز الإعلام المصرى بين المتوفين من المشاهير : ثروت عكاشة و ...
- لماذا يصر نظام السيسى على تعليق آيات قرآنية أو لفظ الجلالة ف ...
- لماذا يتباطأ السيسى فى إعدام بديع ومرسى والشاطر وغيرهم من قا ...
- متى يعلنون وفاة العلمانية فى مصر والدول العربية والإسلامية ب ...
- من أجل فتاة سلفية عشقتَها يا هذا و حاخامة رشيد .. وحساب الأر ...
- ماذا لو ظل العالم العربى مسيحياً حتى اليوم ؟ ماذا لو بقى الع ...
- معجم مبسط عربى انجليزى لأشهر الخضر والفواكه والتوابل فى مصر
- ليت المصريات يعودن إلى الملاية اللف والمنديل أبو أووية والفس ...
- لا إله إلا الشعب ، حمضين صباحى رسول الشعب !!?
- تأبين صديقى لوالده - جزء ثانى
- تأبين صديقى لوالده
- حنانيك يا وزير الأوقاف المصرى ويقولك تجديد الخطاب الدينى + س ...
- حصاد عام من حكم السيسى لمصر + قائمة بمن تم شتمهم وتكفيرهم فى ...
- ماذا أنت فاعل يا سيسى إزاء مقتل النائب العام + نطالب الحوار ...
- فى عهد السيسى مصر مستعمرة سعودية تركية سلفية مئة بالمئة بدل ...
- كوميديا مصر السيسى وحكام الخليج وأوباما ورؤساء أركان الجيوش ...
- أهدى تدمير آثار العراق إلى أوباما والغرب الذى دعم الربيع الع ...


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ديانا أحمد - الصحة وداعش