أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم العايف - ملاحظات حول الاستفتاء الدستوري العراقي















المزيد.....

ملاحظات حول الاستفتاء الدستوري العراقي


جاسم العايف

الحوار المتمدن-العدد: 1351 - 2005 / 10 / 18 - 07:33
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعد مسيرة المواطن العراقي نحو مراكز الاستفتاء الدستوري حالة نوعية في ممارسة الحق الانتخابي بحرية وشفافية وانتقالا مختلفاً عما كان يجري في العهد الفاشي –الصدامي ولم يكن هذا الانتقال سلساً أو سلمياً لقد جاء عبر شرعنة الاحتلال الفعلي دولياً ودوامة العنف المستمرة والدماء العراقية التي ماتزال تجري وانقسامات في المجتمع العراقي الذي يواجه ظروفاً محلية قاسية ونذر حرب ليس ثمة فرقة ناجية فيها، ومع ارتفاع المرجعيات السياسية والدينية المختلفة إلى المستوى الوطني لإفشال المراهنات التي تدق الطبول لتلك الحرب والتي في الغالب تأتي عبر التدخلات الدولية –الإقليمية ويهمها تمزيق وحدة الشعب العراقي وان تنطفئ تطلعاته المشروعة الوطنية الديمقراطية.
مرة أخرى لم تكن الطريق العراقية للحبر البنفسجي معبأة بالورود أو هانئةً ولم تكن الأوضاع العامة في المستوى المقبول ولم تغدُ الظروف الأمنية ،الخدمية المعيشية، مناسبة وأحاطت بالعراقي حالات يومية قاسية جداً، فمن الأعمال الإرهابية الدموية التي استهدفت المواطنين الأبرياء وتجمعاتهم في الأحياء الشعبية ، نائية بنفسها عن قوات الاحتلال، منزلة بالعراقيين خسائر فادحة ، والتي يقف خلفها ويفعلها حملة لواء الفكر التكفيري-القاعدي المتحالف مع بقايا الأجهزة الخاصة الصدامية ، وبعض الشراذم من مرتزقة حزب البعث المقبور، وبتسهيل من بعض دول الجوار العربي -الإقليمي إلى عصابات السرقة والإجرام والخطف ومهربي المخدرات والنفط والآثار، وكل ما هو غال وثمين في العراق إلى (فرق الموت وسياراته) المتعهدة بتصفية الكفاءات العراقية، على وفق القوائم التي أعدتها أجهزة المخابرات التابعة لدول يهمها جداً خلو الساحة العراقية منها, وصولاً إلى فساد الذمم والسطو على المال العام في أعلى المستويات المتربعة على مراكز القرار الحكومي ، ونقص المقومات اليومية للحياة من كهرباء وماء ووقود والتردي المريع في الخدمات العامة وهزال الحصة التموينية وسوء فقراتها وتأخرها المتواصل، ومحاصصة المناصب في الوزارات ، نزولاً إلى حراس البوابات في المؤسسات الحكومية جميعها، وتمترس اغلب المسؤولين والحزبيين خلف الكيانات الدينية –الطائفية والعشائرية والقومية والمناطقية ، وتحويل مؤسسات الدولة الوطنية ،إلى مناطق نفوذ لا يمكن اختراقها من قبل العراقي، ما لم يدفع الثمن المادي والمعنوي، واستشراء البطالة وآفاتها وانحدار الوعي العراقي المجتمعي على وفق المرجعيات وليس الاختيارات الحرة المبنية في ضوء الاصطفافات الاجتماعية، والذي نتج عن فترة الحكم الشمولي المندحر،الذي كرس القيم المتخلفة المتدنية والتبعية والذل والمهانة في الوجدان الاجتماعي طيلة ثلاثة عقود، وعمل دهاقنة الاحتلال ومرتزقته على اعتماد وتفعيل سياسة العزل الطائفي والمحاصصة التي وجدت في بعض النخب السياسية العراقية استجابة لها في تجربة مجلس الحكم وما تبعه، من المؤكد أن بروز البنية الاجتماعية المفككة وانحطاط الوعي الاجتماعي لم يكونا بفعل خيارات العراقي بل وليديْ الظروف التي خضع لها في الحقبة الصدامية الشمولية التي انتقل فيها من حرب لأخرى وأطفأ جذوته المدنية المتحضرة حصار ظالم فتت الكثير من الثوابت والقيم الاجتماعية وجاءت سياسة الاحتلال لتسهم في ذلك اسهاماً واضحاً وعيانياً.
لم تخضع عملية كتابة الدستور إلى الاستحقاق الانتخابي مع أن الغلبة فيها للقوائم الكبيرة الفائزة وتم إشراك ممثلين من مقاطعي الانتخابات لظروف عدة ، ذلك لأن علمية كتابة الدستور هي في الأساس عملية وطنية وليست انتخابية حسب, وهي حق وليست منة من أحد. ولقد تميزت كتابة الدستور بالسرعة المضرة قطعاً للخلاص من مأزق الوقت الخانق الذي حدده قانون إدارة الدولة الانتقالي ولاستثمار الأغلبية النيابية وخضع مشروع الدستور لشد وجذب وانسحاب وحذف وإضافة حتى اللحظة الأخيرة، ولم يكن الناخب العراقي على اطلاع عليه وجاء للتصويت انسجاماً مع عوامل عدة منها حسه الوطني المترافق مع الدعوات الدينية ومحاولته الخلاص من الأزمات التي تحيط به وخوفه من العودة إلى مربع الصفر الأول ، لقد كان التصويت على الدستور بمثابة الأمل للناخب في الخلاص من هذا الواقع المعيش اعتمادا على فرضية لعل وعسى، ولقد أجريت مسحاً لعينات عشوائية لمجموعة من الناخبين (محام- ربة بيت- طالبة جامعية- موظف – متقاعد -عامل ) فأجمع اغلبهم على توجههم الوطني - الديني وأنهم لم يطلعوا على النص الدستوري كاملا، ولم يحضروا ندوة في مناطقهم السكنية لأنهم لم يدعوا لذلك، وأوضحت ربة البيت أنها كانت تسمع بعض الخطباء في الجامع الملاصق لمسكنهم يتحدثون عنه، ولم يصلهم الدستور مع الحصة التموينية الرمضانية التي لم تصل أصلا، وأبدى بعضهم خوفه من بعض الفقرات الخاصة بتأكيد الهوية الطائفية في القوات المسلحة والاجهزةالامنية والخاصة ورفضها جملة وتفصيلاً وأوضحوا أنهم تابعوا الفضائية العراقية وأنهم كوّنوا فكرة عامة عن الدستور بواسطتها ،أما المحامي فأكد انه بحكم مهنته تابع النصوص الدستورية ومع تحفظه على بعض منها فأنه يوافق عليه على وفق آلية تغيير بعض فقراته بموجب العملية الدستورية وحينما استفسرت منه عن التغييرات الأخيرة التي جرت على مشروع الدستور والتي أعلنها السيد همام حمودي ليلاً في القنوات الفضائية أبدى جهله بها وذلك لانقطاع الكهرباء منذ المساء وحتى اللحظة التي كنت أتحدث فيها صباحاً معه واستمرت إلى ما بعد منتصف الليل، لقد لاحظت شفافية عملية الاستفتاء والاحترازات الأمنية الناجحة وعلمت من العاملين في مركز الاستفتاء أن جميعهم من الخريجين والمعلمين والمدرسين وأنهم قد ادخلوا دورات تدريبية لمدة تتراوح بين 5-7 أيام وحصلوا فيها على معلومات مهمة وقد تم التعاقد معهم من قبل مفوضية الانتخابات وانهم قد اختيروا عن طريق القرعة حسب ما أفادوا.
في عملية الاستفتاء على الدستور لا يمكن النظر إلى مشروع الدستور بالتجزئة والانتقائية ،لأن مشروع الدستور كوثيقة عقد وطني بين العراقيين لا يجري تقييمها على أساس التحفظ على هذه الفقرة أو تلك فالدستور يتألف من ستة أبواب و 139 مادة ومن المؤكد وعلى وفق الظروف المتاحة لا يمكن إن تلبى حاجات الجميع والتحفظ على بعض فقراته لا يعني أن يرفض كلياً. إن مشروع الدستور جزء من استكمال مهم للعملية السياسية الراهنة التي تواجه مصاعب عدة والتي ربما ستشهد آفاقاً جديدة بحكم ما سينتج عن عملية الاستفتاء الدستوري لإنهاء هذه الفترة الانتقالية واستكمال السيادة والاستقلال وإقامة المؤسسات الدستورية التي ستعطي صفة الدولة العراقية القادمة في احترام حقوق الإنسان, وحق المواطنة وإقامة المؤسسات الديمقراطية والضمانات الدستورية وممارساتها عبر فصل السلطات عن بعضها واحترام استقلال القضاء وكذلك عبر ما قرره الدستور حول مؤسسات المجتمع المدني واستقلاليتها للحفاظ على حقوق المواطنين بالاستناد إلى فعالية المحكمة الدستورية المرتقبة والتي أثار النص الخاص بطبيعة تشكيلها جدلا واسعا، والمفوضية العليا للنزاهة ومفوضية حقوق الإنسان المستقلة ،وما يضمن إمكانية تغيير ما هو غير مناسب في الدستور مستقبلاً في ضوء الحراك الاجتماعي في العراق.
ستظل عملية الاستفتاء على هذا الدستور آلية تبعث على الثقة في إمكانية الممارسة السلمية الديمقراطية في العراق بين جميع المكونات العراقية بغض النظر عما ستسفر عنه نتيجة الاستفتاء التي تتأرجح بين النعم واللا ،وان ذلك يعطي مؤشرا لكل العراقيين بأن التوافق الوطني بينهم هو مصيرهم الذي لابد منه كي يتمكنوا من بناء وطنهم وأن الهوية الوطنية العراقية هي التي ستجمعهم ولا شيء سواها ،وان هذا الدستور سيبقى كلمات وجملاً مجردة مسطرة على ورق حسب، ما لم تقم القوى الاجتماعية الديمقراطية السياسية بدور مباشر وفعال بالتأثير في المواطن العراقي وزجه عبر الوعي التنويري والحداثوي للعصر الراهن، والفعل الايجابي في ضوء انتمائه الأصيل للهوية الوطنية العراقية وفرض إرادته الحرة على السلطات المختصة القادمة لاحترام الدستور والعمل في ضوء معطياته وآلياته القانونية الدستورية وهي مهمة ليست سهلة كما يبدو ولكنها ليست مستحيلة قطعا.



#جاسم_العايف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مجلات .. الثقافة الجديدة آراء وتصورات حول الدستور العراقي
- الدستور في العراق
- سقوط دكتاتور*.. بين همجية النظام ومرتزقة الثقافة والإعلام


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جاسم العايف - ملاحظات حول الاستفتاء الدستوري العراقي