أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - ماركس ومحمد يغادران ساحة التحرير














المزيد.....

ماركس ومحمد يغادران ساحة التحرير


عبدالامير الركابي

الحوار المتمدن-العدد: 4904 - 2015 / 8 / 22 - 22:55
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



وصلت ساحة التحرير في الموعد، جئتها من طرف ساحة النصر وبالتحديد عبر ساحة الاندلس و وبالصدفة عبر"شارع الزعيم" الى السعدون، وكلما تقدمت تيقنت من مدى الاتقان الذي تقرر احاطة مظاهرة اليوم به... عدة مرات اوقفنا للتفتيش، اللافتات كانت تنزع من يد المجموعات المتوجهة للساحة، والاعتراضات الخجولة الناعمة لم تكن مجدية، وسرعان ماداخلني الشعور بان التظاهرة هذه المرة "مضبوطة ضبط العكال"،ومع تقدم خطواتي تزايد احساسي بالضيق ربما بسبب تناقض شبح "الضبط" مع فرضية التعبيرالحر، ولكي لا اختنق نظرت نحو بداية جسر الجمهورية من جهة الساحة باحثا عن دجلة، وتذكرت متسائلا عما اذا كنت اقدم المتظاهرين هنا، كانت الرؤوس البيضاء حاضرة، ولست لوحدي من شاخ، الا انني استبعدت، لاادري لماذا، ان يكون بين الحاضرين زميل لي تظاهر هنا، في هذه الساحة عام 1959 ،وقتها كنت طفلا ومتمردا، شغوفا بدوي وايقاع تعثرات التاريخ من حولي، وجدت نفسي على الرصيف فوق الجسر، والسياج المصنوع من الايدي المتشابكة لمنع الواقفين على الرصيف من التدافع وعرقلة سير المواكب يتحداني.. انتهزت فرصة "وزبكت" لاجد نفسي وسط رائحة اعرفها، نظرت للهيكل الموضوع على السيارة، فرايت "صريفة"، ياللصدفة ها ان الاقدار قد اختارت لي انتمائي.
كان ذلك يوم1/5/1959 لم اكن افقه تماما مايجري، ففي محطات اعمارنا يتفارق في دواخلنا الوعي والفعل مشكلا تعثرات صيرورتنا، بحيث يندر ان ندرك ما يدور حولنا .. لم اكن "ماركس"، كنت متناغما مع حرارة ووجدان حاضر في الشارع كالسيل ويدوي، طواني بين تضاعيفه، وقتها كما علمت لاحقا، سار قرابة مليون ونصف المليون عراقي في بلد لايتجاوز عدد سكانه السبعة ملايين،تحت راية رجل غريب عن العراق اسمه "ماركس"، كيف حضر الى هنا، لاادري، الذي اعرفه ان "منصة التحية" كانت في الاسفل عند الساحة، وان "عبدالكريم قاسم" كان يقف عليها مع ضباط اخرين، اندهشت وقد اقتربنا منه، لانه لم يكن اسمر البشرة، كانت وجنتاه على العكس ميالتان للاحمرار، وقد بدا لي اقصر مما كنت اتصوره، تقدم "الزعيم" خطوة الى الامام ورفع ذراعيه، وراح يحركما بطريقة من يقول حطموا "الصريفة"، الناس الذين انا معهم فهموا الرسالة فورا، وفجاة تحولت البواري ـ حصيرة القصب ـ المصنوعة منها الى "علوك"، الزعيم قال "ماكو بعد صرايف" وبالفعل، وفى بوعده.
اليوم "ماكو هياكل صرايف" مرفوعه في ساحة التحرير."اكو" الاف الاعلام العراقية، تبحث عن وطن يتوارى، وطائرة هليكوبتر تحمل اسفلهاعلما كبيرا، جاء بها الطيار ليوقفها فوق رؤوس المتظاهرين، فهبت في الاسفل عاصفة من هز الاعلام الصغيرة والايدي المرفوعه الى اعلى، والوجوه كلها متجهه نحو الطائرة، تساءلت عما اذا كان من الضروري ان يقوم مساعد للط يار برمي "الجكليت على المتظاهرين" ـ مجرد اقتراح قابل للتنفيذ في الجمعة المقبلةـ ..
وانا مغادر من جهة ساحة الخلاني، صادفت مجموعات ليست كبيرة، لكن متحمسه تتجاوز سدود التفتيش الامنية وهي تهتف هتافات دينية، سمعت اسم "العامري" يتردد،مع ان رفع اسماء شخصيات او احزاب غير مسموح به، واضح ان الاسلام هنا بحاجة لمن يدافع عنه، مع ان الشيوعيين لم يكونوا حاضرين هذه المرة بعد جعجعة الاسبوعين الماضيين وضجيج الميكروفونات، فقط منظمات "المجتمع المدني" موجودة، وتيار المرجعية قوي يحتل الطرف المؤدي لل"خضراء" فاصلا بين "الساحة" وجسر الجمهورية)كل شيء مضبوط هذه المرة(، والاشياء تختلط، لكن الاكيد ان الاسلام السياسي قد وجه للاسلام، ولرسالة النبي محمد، وللعراقيين، والعراق، خلال السنوات اللاحقة على 2003 ،ضربة قاسية، وانهم اذا جاءوا الان للساحة وخربوها، فانهم ياتون كمدافعين عن لصوص نهابين وظلمه، ليسوا فاتحين، ولم يحرروا العراق من الاحتلال الفارسي ليطلقوا الاليات الحضارية العراقية المعطلة بفعل الاحتلال، ولابنوا عاصمة الامبراطورية بغداد، الزاهرة، ودرة عصرها.
خرجت ماشيا على قدمي قاصدا باب المعظم، وامامي الطريق الطويلة خالية من وسائل النقل، والصبية انتهزوا فرصة غياب السيارات وراحوا يلعبون كرة القدم في الظلام، حاولت الابتسام لهم فضاعت ابتسامتي في العتمة، تخيلت انني العب معهم فخارت ركبتاي، لاكتشف، وكانما للمرة الاخيرة، كم انا وحيد ومتعب، كنت امشي وانا متيقن من انني ساسقط على الارض قبل بلوغي المكان الذي انا متجه اليه.



#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استدراكات على المنظور الجزئي للتاريخ لدى ماركس
- - الاشتراكية النظرية- و - الاشتراكية التكوينية- والانقلاب ال ...
- - الاشتراكية النظرية- و - الاشتراكية التكوينية- والانقلاب ال ...
- البواعث - المصلاوية- لصراع - فهد- مع - ذو النون ايوب- و- داو ...
- عراق الحقبة الرابعه
- 28 ايار: ذكرى انتفاضة الاهوار المسلحة 1967/1968 .. وحزب صدام ...
- 28 ايار: ذكرى انتفاضة الاهوار المسلحة1967/1968 وحزب صدام بري ...
- مفهومان ماديان للتاريخ؟
- من الشيرازي الى السيستاني : الامركيون و- داعش- وحقبة التشييع ...
- بدء الطور الثاني من عملية تشييع القبائل السنية في العراق(1/2 ...
- الحركة الشيوعية العراقية وثقافة الموت
- الاحتلال الامريكي الثاني للعراق: خاصيات احتلال كيان امبراطور ...
- الاحتلال الامريكي الثاني للعراق: خاصيات احتلال كيان امبراطور ...
- بيان تاريخي صادر عن - مؤتمر شيوعي عراقي - لم ينعقد بعد( 2/2)
- بيان تاريخي صادرعن -مؤتمر شيوعي عراقي- لم ينعقد بعد(1/2)
- الحركة الوطنية الايديلوجية العراقية وهيمنة منطق الهزيمة
- العراق: بلاد مهشمة ولاثورة ثقافية (1/2)
- هل كان ماركس شيوعيا؟
- ماركسية عربية لمابعد ماركس
- في طريق اعادة بناء الحركة التشاركية - الشيوعية - العراقية / ...


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالامير الركابي - ماركس ومحمد يغادران ساحة التحرير