أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - السيد شبل - الجزر المنعزلة داخل المجتمع الواحد!.. بقلم السيد شبل














المزيد.....

الجزر المنعزلة داخل المجتمع الواحد!.. بقلم السيد شبل


السيد شبل

الحوار المتمدن-العدد: 4904 - 2015 / 8 / 22 - 15:29
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


إن القضية ليست قضية شعارات بقدر ما هي قضية مجتمع يريد أن يبقي على تماسكه، ويبغي تحقيق الوحدة بين مختلف طبقاته وفئاته. وهذا يشترط قبل أي شيء توفير المناخ المناسب لوقوع تماس وتحاور وتلاقي بين الطبقات، كخطوة تمهد لدورانها في مسارها الطبيعي ومن ثم انصهارها في طبقة جديدة أكثر اعتدالا ووسطية تكتسب من كل قطاع بشري ما يميزه، ليس على المستوى المادي فقط وإنما على المستوى السلوكي والمعنوي أيضًا. وتتم العملية برمتها تحت أعين وبصر الدولة، بحيث تكبح أي فرد يحاول إعاقة ولادة الطبقة "المعتدلة" الجديدة.

إن مسألة تذويب الفوارق بين الطبقات التي طالما تحدث عنها الثوريون والإصلاحيون على حد سواء، ليست مصطلح علمي مبهم، كما يتوهم البعض، وإنما هي مسألة يتماس الفرد مع الحاجة إليها في حياته اليومية وبشكل منتظم.. لأنها تتعلق بشكل مباشر بالمجتمع الذي يعيش فيه، وغياب العمل عليها (أي تذويب الفوارق الطبقية) يثمر حالة من التحزب وتعصب، يهدد المجتمع في صميمه.

حتى سنوات مضت، وكأثر باقي لمرحلة النهضة العربية في الخمسينات والستينات، كانت الأرضية المجتمعية في مصر، ترحب بأن تكون جامعة للطبقات المختلفة، فتعمل عمل "الجيش - القوات المسلحة" الذي يفرض التجنيد على المواطنين، فيصير كالمادة الصمغية التي تقرب ثم تمزج بين الأفراد أيًا ما كانت خلفياتهم في سبيكة وطنية واحدة؛ نعود فنقول أن البيئة المصرية كانت وحتى وقت قريب تقوم بدور شبيه بهذا الدور حيث كانت أحياء الطبقة الوسطى هي الأكثر انتشارًا وتشمل مختلف فئات وشرائح تلك الطبقة من أقلها دخلًا إلى أكثرها، حتى الأحياء الثرية لم تكن مغلقة على ذاتها بل كانت وإلى حد ما منساحة ومنسابة على ما جاورها من أحياء، حتى ولو ظل الحاجز المعنوي، كراسب متخلف حاضر وباقٍ على حاله. ظلت الأوضاع هكذا لعقود قريبة مضت، حتى نشأت ثقافة المدن المغلقة على نفسها "الكمبوندات" فصارت كـ"الجيتو"، المحاط بأسوار عالية وأبواب حديدية تعزل سكانها عن غيرهم، والعكس صحيح.. قدمت تلك "الكمبوندات"، وعبر مواد دعائية كثيفة، لسكانيها المادة الخام التي من الممكن أن يتكأوا عليها ليحققوا التميز الطبقي، حتى لو كانت تلك المواد مجرد أوهام وفقاعات من الصابون، نجحت في إقناعهم أن السكنى في "بلوكات سكنية" تفتقد لألف باء جمال، ويغيب عنها معنى الأمن المجتمعي الذي يفرضه البشر خلال ممارستهم لحياتهم العادية بشكل فطري دون تكلف ودون حاجة لعصا فرد الأمن، ويسكنها قليل من البشر في الصباح وكثير من الأشباح في المساء، هي بوابة الولوج إلى التميز الطبقي!، تزامن مع هذه الظاهرة إنتاج درامي مكثف حاول الحط من قدر مختلف الأحياء في العاصمة والأقاليم، سعيًا لإرهاق أعصاب المشاهد، فيكون بين خيارين إما الاتساخ كالمكان الذي يقطن فيه (بحسب ما صورته الدراما التليفزيونية والسينمائية)، وإما أن يسخر كل طاقاته البشرية في اتجاه واحد ووحيد وهو جمع أكبر قدر من المال اللازم للانتقال إلى المدن الجديدة "المغلقة"، وعليه تكتمل الدائرة وتدور الساقية كما هو مطلوب ومخطط له، بالضبط.

هذه المسألة، ولا شك، صارت بوابة لاستنزاف المواطنين ومن ثم المجتمع، وستثمر ما لا يحمد على المستوى الزمني القريب، خاصة مع اتساع حضور هذه الظاهرة وامتدادها للأقاليم، بعد أن كانت محصورة في القاهرة الكبرى.

غياب الدولة عن رصد تلك المسألة والتحذير منها والسعي نحو علاجها، سيفاقم المرض وسيُضخم من أعراضه، وسيؤدي حتمًا إلى سقوط الطبقة الوسطى، وما تمثله من معاني وسمات، تتلخص: في المزج بين الحضارة السلوكية والخشونة التي تعين الفرد على تحمل مصاعب الحياة؛ إلى أسفل في الغالب، وسينجو منها فقط، من سيلقي عنه ثوب آدميته وإنسانيته ويدور في الساقية بأقصى قوة ليحقق فائض مادي يؤهله باللحاق بالمجتمع الاستهلاكي الذي يتوهم أنه جنة الله في أرضه!.

القضية متشعبة بالشكل الذي يفرض أن تكون المساحة المخصصة لها أكبر من مساحة مقال، خاصة إن ربطناها بتراجع ملحوظ في إقبال كثير من الطبقات على إلحاق أبنائهم المدارس الحكومية، لأسباب بعضها يعود لتراجع مستوى المدراس ذاتها، وبعضها عائد إلى حالة عامة تستند إلى أسباب نفسية يسعى الفرد من ورائها للتميز حتى ولو لم يرافق هذا التميز ارتقاء تعليمي وتربوي بالضرورة، وبعضها، ولا شك، عائد لمخطط أكبر يريد تقويض مختلف الساحات التي كانت مؤهلة للمزج بين الطبقات والتقريب بينها، والتي منها ولا شك المدارس والساحات الشعبية والأحياء السكنية.. وإلخ.



#السيد_شبل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإنسان قبل الأيدولوجية
- الربيع العربي وفقًا للمفهوم -الثوري- الأمريكي
- الدولة لا تزال في قبضة النظام السوري.. لأنه لم يفقدها من الب ...
- أوكرانيا.. وما تكشفه من أسرار اللعبة الدولية
- وكالة المخابرات الأمريكية.. تاريخ حافل من التجارب في البشر
- بعد لطمة اليونان.. القارة العجوز ليست عصية على التأديب
- العرب يشهدون حربًا عالمية.. ولا أقل
- لا تخنقوا النَفس الثوري بالكلية.. هكذا!
- أزمة غياب البديل
- مصر وروسيا.. من جديد
- من يتصدى لنداءات الإخوان بإشعال الحرب الأهلية في مصر؟
- هل تنطق روسيا اليوم بلسان القومية العربية؟
- الحشد الشعبي مفتاح الحسم
- ماكينة صك الشعارات الجوفاء!
- الجيش المصري خارج حدود الدولة! (تصويب مفاهيم)
- أما آن للدولة المصرية أن تنظر في أمر الزوايا!
- الآن.. عن -السيسي- نتحدث
- المؤتمر الاقتصادي (الرسائل، والمكاسب، والتخوفات)
- مراكز صنع القرار الأمريكي.. عقول صهيونية وأدوار مشبوهة
- مجلس النواب القادم، والمسكوت عنه !


المزيد.....




- شاهد لحظة قصف مقاتلات إسرائيلية ضاحية بيروت.. وحزب الله يضرب ...
- خامنئي: يجب تعزيز قدرات قوات التعبئة و-الباسيج-
- وساطة مهدّدة ومعركة ملتهبة..هوكستين يُلوّح بالانسحاب ومصير ا ...
- جامعة قازان الروسية تفتتح فرعا لها في الإمارات العربية
- زالوجني يقضي على حلم زيلينسكي
- كيف ستكون سياسة ترامب شرق الأوسطية في ولايته الثانية؟
- مراسلتنا: تواصل الاشتباكات في جنوب لبنان
- ابتكار عدسة فريدة لأكثر أنواع الصرع انتشارا
- مقتل مرتزق فنلندي سادس في صفوف قوات كييف (صورة)
- جنرال أمريكي: -الصينيون هنا. الحرب العالمية الثالثة بدأت-!


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - السيد شبل - الجزر المنعزلة داخل المجتمع الواحد!.. بقلم السيد شبل