|
رسالة إلى نقابة المحامين.. نقابة العظماء
فاطمة ناعوت
الحوار المتمدن-العدد: 4903 - 2015 / 8 / 21 - 12:56
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أوجّه هذا المقال إلى نقابة المحامين، المنبر الشريف الذي انتسب إليه على مدى العصور عظماءُ مصرَ ونجباؤها، من رجال دولة ومناضلين وفرسان قضاء من أمثال مكرم عبيد ومصطفى مرعي ونبيل الهلالي وأحمد الخواجة، وغيرهم، دفعوا أعمارهم يذودون عن الوطن ويستظهرون الحق وينشدون العدالة على نهج ربّة العدالة المصرية "ماعت"، معصوبة العينين. من المؤسف أن تنتمي لتلك النقابة اليومَ، قِلّةٌ مريضة تسيءُ للأغلبية المحترمة. يدنسون تاريخَها الناصعَ بمعاداة الوطن والسخرية من أحلام المصريين وتحقير مشاريعنا الكبرى، وإفناء أعمارهم في ملاحقة الأدباء بقضايا حِسبة، ما يذكّرنا بالمتأسلم الراحل الشيخ "يوسف البدري" الذي ارتزق من مطاردة المثقفين وابتزاز أموالهم؛ كما فعل مع الشاعر الكبير أحمد عبد المعطي حجازي وغيره. حتى دخلنا اليومَ عصرًا تنويريًّا جديدًا بدستور لفظ من بنوده قضايا الحسبة والتكفير وكفل للناس حرية التعبير عن آرائهم دون ملاحقة الصغار من مهووسي الشهرة. من أولئك القِلّة محام مغمور نذر حياتَه وجنّد صفحته على فيس بوك؛ للسخرية من ثورة 30 يونيو، وسبّ الجيش المصري ورئيس الجمهورية ووزير العدل ووزير الدفاع ونقيب المحامين، واتهام القضاء المصري بالرشوة، والشماتة في استشهاد النائب العام هشام بركات، والتهكّم على مشروع قناة السويس والطائرات الرافال، والمباهاة بعلامة رابعة الإخوانية، ما يؤكد أنه، ومن يصفقون له على صفحته، من أذرع الإخوان المجرمة التي تنهشُ في خاصرة مصر! ولم يكتف الفتى بملاحقة الأدباء قضائيًّا، بل أتمّها بملاحقة هيئة القضاء ذاتها قضائيًّا وتهديدها إنْ لم تمتثل لمطامعه وتحقق له أحلام الشهرة المجانية. كتب على صفحته حرفيًّا: (بأمر الله : تم تقديم بلاغ "للمحام" العام لنيابة جنوب القاهرة ضد "قاض" محاكمة فلان قيد برقم 415 لسنة 2015 عرائض جنوب القاهرة عن واقعة قبول وساطة لإصدار أمر قبض علي بدون وجه حق "و" بالمخالفة للدستور "و" القانون "مقترن" بجريمة إهانة "محامي" أثناء ممارسة عمله.) وبغضّ الطرف عن مضمون البوست وركاكة صياغته، راعني كمُّ الأخطاء اللغوية الفادحة من نحو وصرف وإملاء وعلامات ترقيم في جملة واحدة، من المفترض أنها صيغَت بلغة رصينة، بوصفها بلاغًا مقدّمًا لمنصب رفيع هو: النائب العام، خصوصًا حين يتهم البلاغُ منصبًا سياديًّا رفيعًا هو: القاضي! أيخطئ شخصٌ في كتابة وظيفته، فلا يعرف متى يكتب: "محام وقاض"، ومتى يكتبها: "محامي وقاضي"، ويزعج المُعرّفَ بحذف يائه فيقول: "المحام العام"! ويترك الواوات دون سنَدٍ، ويربكُ الياءات عن مواضعها؟! فادحة كبرى أن يقع في تلك الأخطاء البدائية ابنُ مهنة تقوم بالأساس على سلامة اللغة وحُسن الصوغ وجمال التعبير، ليقع دفاعُ المحامي عن موكّله، موقعًا طيبًا من قلب القاضي وعقله؛ فيحكم بالعدل. البيان والتبيين هما سلاحا أي محام ليغدو محاميًا! ألا يحق لنقابة المحامين أن تشطب من عضويتها من يسيئون للمهنة ولجموع المحامين النجباء بإساءتهم للوطن وأحلام المصريين مثلما يسيئون للغة والبيان؟! هل تحولت مهنةُ نُصرة الحق إلى معادة الوطن والسخرية من ثورته وأحلامه وقادته وملاحقة المثقفين بما يكتبونه من خواطر على صفحاتهم؟! يزعم الفتى أنه ظلُّ الله على الأرض، ووكيله للدفاع عن دينه والذود عن كتابه. فهلا أخبره عاقلٌ أن القرآن الكريم معجزتُه الكلمة والعربية الناصعة؟! كيف يدافع عن كتابِ الله مَن لم "يقرب" كتابَ الله؟! وأقول "لم يقربْ"، وليس "لم يقرأ، أو لم يحفظ". لأن مَن يقرب القرآن، ولو بالقراءة العابرة، ينضبط لسانُه العربي فلا يرتكب العِوجَ ولا اللحنَ ولا الهنات اللغوية. فكيف يكون صاحبنا، بأخطائه المخجلة، على دراية بما يحويه كتابُ الله من معان وكلماتٍ تاماتٍ تنهجُ البلاغة والسمو؟! وحين راجعنا صفحته وجدنا من عجائب اللغة ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت مثل: (صل الله عليه وسلم)- (في موطنان من تصريحها اعتراف بالسخرية من الدين الإسلامي، وازدراؤه) - (إنما هو انتصارا للإنسانية)، وغيرها الكثير. كانت المحاماة، قديمًا، مهنة نبلاء المجتمع المخمليّ من أبناء التعليم الراقي. وكانت كليات الحقوق في مصر لا تقبل إلا المثقفين النابهين من أبناء الطبقة العليا، لأن الوزراء ورجالات الدولة وصُنّاع القرار كانوا غالبًا من نجباء المحامين. فما الذي أصاب تلك الكليات فباتت تضمُّ إلى محرابِها الشريف انصافَ أُميين، لتفرّخ لنا كل عام بسطاءَ في الثقافة وفقراءَ في اللغة، يدمرون الفصحى بركاكتهم المضحكة؟! كيف يحقق العدالةَ مَن لا يجيدُ القراءة والكتابة؟! كيف يكتب المذكرات والعرائض ويستظهر الحقَّ مَن لا يُحسِنُ استظهار كلماته؟! كيف يعبّر عن مظلوم مَن لا يحُسن التعبير عن نفسه؟! بعيدًا عن اللغة المُهانة، ننتظرُ من نقابة المحامين الوطنية النبيلة، أن تنظر في أمر تلك الخلايا الإخوانية النشطة التي تهدم ما يبني المصريون. آن وقتُ تنقية النقابات والمؤسسات من جرثومة الإخوان البغيضة.
#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفارس -بدر عبد العاطي-
-
جمال الغيطاني، ستعيشُ ألفَ عام
-
سجّلْ يا زمان
-
رئيس الغلابة
-
قالت المحروسة
-
قبطانةٌ على صفحة مياه القناة
-
ماذا قال لي يختُ المحروسة؟
-
هل تغفرين لنا يا مصرُ؟
-
على متن يخت المحروسة
-
هالةُ الأموات … تُجرّم نقدَ ما فات
-
صخرتان من أرض القناة
-
بلحةُ المحب... قضية
-
نفرتيتي.... جميلةٌ أتلفها الهوى
-
على شرف علي الحجار
-
يقول الدواعش... يقول المصريون
-
هديتي للرئيس
-
التكبير في ساحة الكنيسة
-
لا تقتلوا الخيرَ... والتمرُ خيرٌ
-
30 يونيو رغم أنفكم يا هالوك الأرض
-
الله يسامحك!
المزيد.....
-
خلال لقائه المشهداني.. بزشكيان يؤكد على ضرورة تعزيز الوحدة ب
...
-
قائد -قسد- مظلوم عبدي: رؤيتنا لسوريا دولة لامركزية وعلمانية
...
-
من مؤيد إلى ناقد قاس.. كاتب يهودي يكشف كيف غيرت معاناة الفلس
...
-
الرئيس الايراني يدعولتعزيز العلاقات بين الدول الاسلامية وقوة
...
-
اللجوء.. هل تراجع الحزب المسيحي الديمقراطي عن رفضه حزب البدي
...
-
بيان الهيئة العلمائية الإسلامية حول أحداث سوريا الأخيرة بأتب
...
-
مستوطنون متطرفون يقتحمون المسجد الأقصى المبارك
-
التردد الجديد لقناة طيور الجنة على النايل سات.. لا تفوتوا أج
...
-
“سلى طفلك طول اليوم”.. تردد قناة طيور الجنة على الأقمار الصن
...
-
الحزب المسيحي الديمقراطي -مطالب- بـ-جدار حماية لحقوق الإنسان
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|