أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد يوسف عطو - في نقد الخطاب الديني













المزيد.....

في نقد الخطاب الديني


وليد يوسف عطو

الحوار المتمدن-العدد: 4903 - 2015 / 8 / 21 - 10:59
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



ان حملات التكفير الذي تعرض لها د . نصر حامد ابو زيد واتهامه بالردة في الاسلام كانت بسبب كتابه (نقد الخطاب الديني ) – ط3- 2007 –الناشر : المركز الثقافي العربي- الدار البيضاء – المغرب و بيروت – لبنان .

منذ بداية نزول الوحي , كان المسلمون الاوائل يستفسرون من النبي محمد حول موقف معين فيما ذا كان محكوما بالوحي ام محكوما بالخبرة والعقل ؟ وكثيرا ماكانوا يختلفون معه , ويقترحون تصرفا اخر . لكن الخطاب الديني الاسلامي قام لاحقا بالتوحيد بين نصوص القران وبين فهمه للنص القراني , وتم الغاء المسافة بين الذات والموضوع .

وبذلك اصبح الفقهاء يتحدثون باسم الله .يقوم الفقهاء بانكار وجود كهنوت في الاسلام , لكنهم في نفس الوقت يصرون على ان تفاسيرهم هي الصحيحة وحدها دون غيرها .

ان هذا التناقض في الخطاب الديني , كما يؤكد على ذلك ابو زيد , بين انكار وجود كهنوت او سلطة مقدسة في الاسلام على المستوى النظري , وبين الاصرار على ضرورة الاحتكام الى هذه السلطة واخذ معنى الدين والعقيدة عنها وحدها , انما يمثل تناقضا خطيرا ينسف المنطلقات الجوهرية للخطاب الديني , كما يكشف عن الطبيعة الايديولوجية التي لايكف الخطاب الديني عن انكارها والتنصل منها .

يتحدث الفقهاء عن اسلام واحد صحيح , لايبلغه الا العلماء , هذا الحديث يمثل آلية من آليات الخطاب الديني . ان الخطاب الديني يقوم بتفسير كل الظواهر الطبيعية والاجتماعية , بردها جميعا الى العلة الاولى , الا وهي ( الله ) .

انه يقوم باحلال الله في الواقع المادي اليومي . وفي مثل هذا الاحلال يتم نفي واغتراب الانسان المسلم , كما يتم الغاء القوانين الطبيعية والاجتماعية ومصادرة اية معرفة لاسند لها من الخطاب الديني , او من سلطة الفقهاء .

هذا التصور هو امتداد للموقف الاشعري لقديم , كما يؤكدعلى ذلك ابو زيد , الذي ينكر قوانين السببية في الطبيعة والعالم لحساب جبرية شاملة تمثل غطاءا ايديولوجيا للجبرية الاجتماعية والسياسية في الواقع .

ان معاداة العلمانية في الخطاب الديني المعاصر يرتد في احد جوانبه الى انها تسلبه احدى آلياته الاساسية في التاثير , ويرتد في جانب آخر , الى انها تجرده من السلطة المقدسة التي يدعيها لنفسه حين يزعم امتلاكه للحقيقة المطلقة .

ان ردالظواهر الى علة اولى من شانه ان يقودبالضرورة الى الحاكمية الالهية , بوصفها مقابلا ونقيضا لحاكمية البشر .

يقول يوسف القرضاوي في كتابه ( الصحوة الاسلامية بين الجمود والتطرف) : ( ان العلمانية تنسجم مع التفكير الغربي الذي ينظر الى الله على انه خلق العالم ثم تركه , فعلاقته به علاقة صانع الساعة بالساعة ,صنعها اول مرة ,ثم تركها تدور بغير حاجة اليه ..بخلاف نظرتنا نحن المسلمين الى الله , فهو خالق الخلق , مالك الملك , ومدبر الامر , الذي احاط بكل شيء علما ) .

في هذا الخطاب للقرضاوي تكريس لمبدا الحاكمية الالهية الذي يرد كل شيء الى الله وينفي دور الانسان وفعاليته .
يتم اختزال العلمانية الاوربية في الخطاب الديني في صفة واحدة هي معاداة الدين , اي انها تتحول الى حركة لادينية , شغلها الشاغل فصل الدين عن الدولة .

يحرص الخطاب الديني الاسلامي على الربط المزعوم بين العلمانية وخطرها وبين الماركسية , بعد ان يقوم باختزال الماركسية الى الالحاد . (وهذا الموقف تشترك فيه الكنائس المسيحية في المشرق العربي . ويمكن ملاحظة ذلك من تتبع الفضائيات المسيحية –كاتب المقال ).

كما يتم الربط بين العلمانية والماركسية وبين الصهيونية . في الخطاب الديني ليس مهما في اي سياق ورد قول ماركس (الدين افيون الشعوب ) وليس مهما ان يكون هذا القول موجها الى الفكر الديني الرجعي , لا الى الدين ذاته , بل المهم ان يؤدي غايته الايديولوجية .

وهكذا يؤكد الخطاب الديني بمثل هذا الاختزال مقولة ماركس , في حين اراد ان يدحضها . وبالطريقة نفسها يتم اختزال الداروينية ب( حيوانية الانسان ). ويتم اختزال الفرويدية ب ( وحل الجنس ) . ليس مهما في سياق الخطاب الديني اهدار مبدا ( الجدل ) الماركسي , وليس مهما دعوى الماركسية بانها تدعو الى تغيير العالم . فالخطاب الديني لايستهدف الوعي بل يستهدف التشويش الايديولوجي . انه محطة تشويش هدفه الغاء سلطة العقل ودور الانسان الفاعل في المجتمع .

يقوم الخطاب الديني بحيلة مبتكرة تكشف عكس المطلوب منها . حيث يقوم بعضهم باختزال العلمانية عن طريق ترجمة المصطلح الى ( الدنيوية ) بدلا من ( العلمانية ).متجاهلا ان يضع الحركة الاسلامية المعاصرة في الجانب التقيض للمفهوم من الدنيوية وهو الاخروية , الامر الذي يتناقض مع المنطلق الرئيسي لهذه الحركة , والذي يذهب الى ان الاسلام ( دين ودنيا ).

وهكذا نرى , كما يقول نصر حامد ابو زيد ,ان آلية رد الظواهر الى مبدا واحد تكاد تكون آلية فاعلة في معظم جوانب الخطاب الديني .

يقول د . نصر حامد ابو زيد ( وقد كان الامويون , لا الخوارج على عكس مايروج الخطاب الديني المعاصر , هم الذين طرحوا مفهوم ( الحاكمية )بكل مايشتمل عليه من دعوى فعالية النصوص في مجال الخصومة السياسية وخلافات المصالح , وذلك حين استجاب معاوية لنصيحة ابن العاص وامر رجاله برفع المصاحف على اسنة السيوف داعين الى الاحتكام الى كتاب الله ).

وهي بداية عملية تزييف الوعي , والتي ظل النظام الاموي يمارسها بحكم افتقاده الى الشرعية .
يكتب د . نصر حامد ابو زيد في كتابه ( نقد الخطاب الديني )ص 64 و ص 65 :

(واذا كان مبدا تحكيم النصوص يؤدي الى القضاء على استقلال العقل بتحويله الى تابع يقتات بالنصوص ويلوذ بها ويحتمي , فان هذا ماحدث في تاريخ الثقافة العربية الاسلامية , بشكل تدريجي حتى تم القضاء على الاعتزال بعد عصر المامون , وتم بالمثل حصار العقل الفلسفي في دوائر ضيقة , ثم جاء ابو حامد الغزالي ووجه للعقل الضربة القاضية.

وليس من الغريب ان يكون العصر الذي شهد خطاب الغزالي وانصت اليه هو عصر الانهيار السياسي والتفكك الاجتماعي وسيطرة العسكر على شؤون الدولة , وهو العصر الذي انتهى بسقوط بغدادوالقضاء على الشكل الرمزي الاخير للدولة الاسلامية .

كانت ضربة الغزالي , كما سبقت الاشارة ,من زاوية تفكيك العلاقة بين الاسباب والنتائج , وانتهى الامر الى حد استعداء السلاطين من جانب الفقهاء , بعد حوالي قرن من وفاة الغزالي , على كل من يتعاطى الفلسفة ..

وهكذا ينتهي الخطاب السلفي الى التعارض مع الاسلام حين يتعارض مع اهم اساسياته ( العقل ) . ويتصور انه بذلك يؤسس (النقل ) والواقع انه بنفيه ينفي اساسه المعرفي .
ان العودة الى الاسلام لاتتم الا باعادة تاسيس العقل في الفكر والثقافة , وذلك على خلاف مايدعو اليه الخطاب الديني المعاصر من تحكيم النصوص , مرددا اصداء نداء اسلافه الامويين الذي ادى الى نتائجه المنطقية في الواقع الاسلامي ).



#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شغب سياسي ومؤسساتي
- الخطاب الديني والخطاب السياسي ومابينهما من تماثل
- من فصوص كتاب الحكمة والسياسة والدين
- هل يمكن للنساء ان يكن قوامات ؟
- بين عقود الزواج والعلاقات الحرة
- تقديس ثورة 14 تموز 1958 ورموزها
- التجربة اليابانية عند نصر حامد ابو زيد
- محنة نصر حامد ابو زيد
- من طروس الحكمة
- محنة التنويريين العرب
- قريش وتجنيد الاحابيش
- المدارس المختلفة في تفسير فكر الرسول بولس - ج 3 والاخير
- الصعاليك وجيش الاحابيش في مكة
- ومضات من عالم الحكمة
- نتائج التحول الى فلسفة اللغة
- اتهامات باطلة ضد الرسول بولس
- من اسس المسيحية :يسوع ام بولس ؟
- المدارس المختلفة في تفسير فكر الرسول بولس - ج2
- قحبنة الاخلاق الفردية والمجتمعية في مجتمعاتنا العربية
- المشروع الكوني للشراكة بين الله والانسان


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - وليد يوسف عطو - في نقد الخطاب الديني