|
نضال الصحراويين, التاريخ و الآفاق
الموساوى موس ولد لولاد
الحوار المتمدن-العدد: 1350 - 2005 / 10 / 17 - 04:54
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
يكتسي الصراع الدائر في الصحراء الغربية أهمية كبرى بالنسبة للثوريين المغاربة سواء من الناحية النظرية (اعتبارا للأهمية القصوى التي توليها الماركسية لحق الشعوب في تقرير المصير) أو من الناحية السياسية العملية (حيث من المستحيل انجاز مهام الثورة الإشتراكية في المنطقة دون اعطاء فهم واضح ماركسي أممي للمسألة القومية).
ومساهمة منا في هذا النقاش نطرح هذه الورقة التي سوف تحاول إعطاء نظرة اكثر تفصيلا حول تاريخ النزاع وحول العلاقة بين النضال الذي يخوضه الشعب الصحراوي من اجل حقه في تقرير المصير وبين النضال الذي تخوضه الطبقة العاملة في باقي المنطقة المغ ;اربية ضد الاستغلال والقهر.ثم سوف نتطرق إلى الموقف الذي يتوجب على الماركسيين اتخاذه من مسالة الاستفتاء ( المستبعد إجرائه ) حول تقرير المصير.
الاستعمار الإسباني
تعود أولى اتصالات الأوروبيين بالصحراء الغربية إلى القرن الخامس عشر, عبر مملكتي قشتالة ( Castilla )و البرتغال. لكن أي من هذين البلدين لم يعمل على استعمال قوة حقيقية من اجل تدعيم تواجد استعماري دائم في المنطقة و اكتفيا بإقامة موانئ على الساحل, موجهة بالأساس لتجارة العبيد.
و لم يتجدد الاهتمام الفعلي بالصحراء الغربية إلا مع القرن التاسع عشر خلال "الصراع الكبير حول إفريقيا" الذي خاضته مختلف القوى الإمبريالية الأوربية. خلال سنة 1849 , بدأ مؤتمر برلين يضع القواعد من اجل تقسيم إفريقيا. و ابتداءً من شهر دجنبر من نفس السنة, أعلنت الحكومة الإسبانية فرضها للحماية على مناطق واد الذهب و Angra de cintra و باهية الغربية، و أسست سنة 1885,مستعمرة لها في الداخلة أطلقت عليها اسم Villa Cisneros. لقد تم رسم حدود الصحراء الواقعة تحت سلطة إسبانيا من خلال سلسلة من الاتفاقات الفرنسية الإسبانية خلال الفترة التي سبقت 1912. إذ طالبت إسبانيا بالحصول على وادي الذهب، الساقية الحمراء و فرض الحماية على جنوب المغرب، أي رقعة ارض إجمالية قدرها 112.000 كلم². لكن و بالرغم من ذلك كانت إسبانيا عاجزة عن السيطرة على كل المنطقة الصحراوية التي منحت لها, فحتى سنة 1916,بقيت Villa Cisneros , الموقع الأكثر تقدما لأسبانيا في المنطقة. و خلال سنة 1916 سيطرت إسبانيا على طرفاية، و من تم، سنة 1920، أقامت مستعمرتها الثالثة في المنطقة المتواجدة ابعد إلى الجنوب و المسماة الكويرة.
خلال هذه الفترة, كانت ساكنة المنطقة مشكلة من سلسلة من القبائل التي تطلق على نفسها و يطلق عليها جيرانها اسم "أهل الساحل" (ساكنة المنطقة الساحلية). و لقد كان نشاطهم الاقتصادي الأساسي هو الرعي عبر الترحال و كذلك التجارة مع القبائل المجاورة. لقد كان هذا مجتمعا جد بدائي، و لم تسمح القاعدة الاقتصادية لهذا المجتمع بظهور تفاوتات اجتماعية كبيرة. و كانوا منظمين في قبائل يسيرون شؤون أنفسهم من خلال مجلس (الجماعة) مشكل من رؤساء العائلات الأكثر تميزا، وينتخب هذا المجلس شيخ المجموعة.
في القبيلة يعرف هذا المجلس (أو الجماعة) بآيت عربت Ait Arbit أو مجلس الأربعين، و الذي يجتمع في زمن الحرب أو الأزمات الخطيرة.
لم تسمح الظروف الصحراوية القاسية, بظهور أي نوع من الحكومة أو القانون الفوق قبلي. و لم تظهر الأشكال الأكثر تطورا للتنظيم الاجتماعي إلا بعيدا في الجنوب, حيث ما يعرف بموريطانيا، التي أقيمت فيها بعض الدول الفوق قبلية الضعيفة, ابتداءَ من القرن 17.
كما رأينا اقتصر الاسبان و إلى حدود سنة 1934, على تركيز وجودهم في ثلاث نقط متقدمة على الساحل، لكنهم لم يدخلوا إلى المناطق الداخلية. و نتيجة لذلك صارت المنطقة الواقعة تحت النفوذ الإسباني معقلا للقوات القبلية المقاتلة ضد التقدم الفرنسي في موريطانيا و المغرب و الجزائر. خلال هذه الفترة كان النضال مشتركا بين جميع قبائل البدو الرحل. و قد حاول الشيخ ماء العينين سنة 1910 قلب نظام السلطان العلوي الضعيف عبد الحفيظ في المغرب، الذي كان متعاونا مع الاستعمار الفرنسي. لم يكن الوعي القومي خلال هذه الفترة قد تشكل بعد باستقلال عن القبيلة في الصحراء. فحمل الشيخ ماء العينين على كاهله مهمة تحرير المغرب من الاستعمار و عملائه. لكن قواته تعرضت للهزيمة على يد الفرنسيين.
و أخيرا قامت سنة 1934 , القوات الفرنسية المتواجدة في المغرب و الجزائر و إفريقيا الغربية, بعمليات مشتركة مع القوات الإسبانية من اجل سحق المقاومة. و لقد أرغمت فرنسا حليفتها إسبانيا على احتلال بعض النقاط الاستراتيجية في الداخل من اجل الحيلولة دون أن تستعمل تلك الأراضي كقواعد لشن الغارات ضد المناطق الواقعة تحت النفوذ الفرنسي في باقي المنطقة المغاربية.
رغم هذا، بقيت الصحراء الواقعة تحت النفوذ الإسباني مجرد مستعمرة شبه منسية لضعف قيمتها بالنسبة للمتروبول. و يعود السبب الرئيسي لحفاظ اسبانيا على وجودها في هذه المنطقة, هو معاكسة الهيمنة الفرنسية على المنطقة و كذلك حماية جزر الخالدات و مياه الصيد الغنية المتواجدة بين هذه الجزر و بين الساحل الصحراوي. و حتى 1952, لم يكن في الصحراء الإسبانية إلا 216 موظفا و 24 جهاز هاتف و لم يلج إلا 366 طفلا أبواب المدرسة في كل المنطقة. وواصل "أهل الساحل" حياة الرحل.و لقد استعملت سلطات الاستعمار الإسباني لحكمهم نفس البنى القبلية التقليدية( التي كانت ديمقراطية إلى حد بعيد) و سلطة الشيوخ..
النضال ضد الاستعمار
لقد تميزت الفترة التي تصل إلى حدود استقلال المغرب سنة 1956، كذلك بالنضال المشترك ضد الاستعمار الفرنسي و الإسباني. فلقد ناضل جيش التحرير في كل المنطقة التي تشكل الآن المغرب و بعض الأجزاء من الجزائر و الصحراء الغربية و موريطانيا. و ناضلت القبائل الصحراوية من اجل تحرير المغرب.
بعد نيل الاستقلال، عمل الإمبرياليون الفرنسيون على دعم ملكية محمدV المقامة حديثا من اجل الحفاظ على السيطرة على الثروات الطبيعية للبلاد. لكنهم في البداية حاولوا إخماد الثورات التي انفجرت سنة 1957 في شمال الريف و كذلك سحق بقايا جيش التحرير الذين رفضوا الالتحاق بالقوات المسلحة الملكية المشكلة حديثا، و الذين تموقعوا أساسا في المناطق الواقعة تحت السيطرة الإسبانية جنوب المغرب و في الصحراء. و هنا ظهرت قوة هذه العصابات (Guerrillas) التي أجبرت الأسبان سنة 1957 على التراجع من عدة مواقع ساحلية و كذلك أجبرتهم على مغادرة السمارة.
لقد كانت هذه الحركة تهديدا حقيقيا لمسلسل منح الاستقلال بطريقة "متحكم فيها" الذي أزمعت عليه فرنسا فيما يخص المغرب، و هذا ينضاف إلى مشاكلها في الجزائر، و هي المنطقة التي تريد الحفاظ عليها بأي ثمن. و هكذا، من خلال عملية مشتركة فرنسية إسبانية شهر فبراير 1958 – أطلق عليها اسم ايكوفيون – و بمشاركة 14.000 جندي و 130 طائرة حربية تمكنوا أخيرا بتعاون من طرف الجيش الملكي التابع لمحمدV, من سحق حركة المقاومة. و بمجرد ما تم سحق هذه البؤرة الأخيرة للمقاومة – أبريل 1958 – صارت إسبانيا مستعدة للقبول بدمج الجنوب المغربي بمنطقة نفوذ الرباط.
مع سنوات الستينات, بدأت الصحراء الإسبانية تشهد تحولا سوسيواقتصاديا عميقا، مكن من تغيير طبيعة الحركة الصحراوية. لقد تم اكتشاف وجود عروق للفوسفاط في المنطقة منذ 1942، لكن التنقيب الحقيقي عنها بهدف استغلالها لم يبدأ إلا مع سنة 1962. و قد قدر حجم الاحتياطي الذي تحتويه تلك العروق في هذه الفترة بـ 10.000 مليون طن، خاصة في بوكراع. خلال سنة 1975 و بعد أن استثمر المستعمرون الإسبان مبالغ هامة وصلت الإنتاجية إلى حوالي 2,6 مليون طن سنويا.
و لقد أدت هذه التغيرات الاقتصادية إلى تمدين سريع للمجتمع الصحراوي، إذ عملت أغلبية الساكنة على هجر حياة الترحال الصعبة و استقرت في المدن الرئيسية. فصار العديد منهم عمال أجراء في الوقت الذي تحول فيه آخرون إلى تجار. و اصبح بعض من الرعاة الرحل يمارسون الزراعة و الاستقرار. و نجد انه خلال إحصاء 1974 كان 55% من الصحراويين المسجلين يعيشون في المدن الثلاثة الرئيسية (الداخلة، العيون و السمارة) من ما مجموعه 73.497 صحراوي مسجل. بالرغم من ذلك، يعتبر الإحصاء الإسباني لسنة 1974، (و الذي سيعتمد فيما بعد قاعدة للاستفتاء الموعود)، قد "أهمل" عدد كبيرا من الصحراويين الذين كانوا مستقرين خارج الحدود الاصطناعية – التي أقامها الاستعمار – في الصحراء الإسبانية. فخلال هذه الفترة كان يوجد على الأقل 75.000 من "أهل الساحل" في جنوب المغرب الإسباني و شمال موريطانيا و الجنوب الغربي للجزائر.
نشأة البوليزاريو
على أي، لقد أدى الانتقال من حياة الترحال إلى الاستقرار في المناطق الحضرية, إلى ظهور حركة قومية شابة مستندة على الطبقة الوسطى الجديدة، خاصة منها الطلبة الصحراويين الذين كانوا قد استفادوا من التعليم الجامعي في الخارج و الذين تأثروا بالأفكار المعادية للاستعمار المنتشرة آنذاك و كذلك تأثروا بالستالينية.
و لقد تشكلت آنذاك منظمة سرية صغيرة نهاية سنوات الستينيات, سميت منظمة تحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب. و لقد كان قائد هذه المنظمة الرئيسي هو سيدي إبراهيم الباسيري، المنحدر من قبيلة الركيبات و الذي درس في المغرب و مصر وسورية.لقد تم سحق هذه الحركة من طرف الفيلق الأجنبي الإسباني الذي أطلق النار على الوطنيين المتظاهرين في العيون يونيو 1970. فتم اعتقال المئات بينما تحوم شكوك قوية حول كون القائد الرئيسي الباسيري قد تم اغتياله من طرف القوات الإسبانية.
و لقد جاءت المحاولة الثانية لإعادة تنظيم الحركة المناهضة للاستعمار، مرة أخرى بمبادرة من الطلبة ، المتواجدين أساسا بالمغرب و كذلك بموريطانيا. و لقد تشكلت خلية للطلبة الصحراويين المناضلين سنة 72-1971 بالرباط. و قد كانت متأثرة بشكل واضح بالأفكار الراديكالية التي كانت مهيمنة في تلك المرحلة بين صفوف الطلبة الجامعيين بالمغرب. فبعد مرور عقد من الزمن من بداية منح الاستقلال للبلدان الإفريقية، صار واضحا للعديد من الطلبة البرجوازيين الصغار بان الطريق الذي اختارته الحكومات الإفريقية الجديدة للسير فيه لم يكن ليحل أيا من المشاكل الحقيقية للجماهير. و بالرغم من كل الخطابات حول "الاشتراكية الإفريقية" و "الاشتراكية العربية" ، فلقد تحولت تلك البلدان إلى أنظمة بونابارتية بورجوازية ، تقمع بهمجية أي معارضة تقوم بها الطبقة العاملة . و كانت الأجيال الجديدة تشعر بالانجذاب نحو الستالينية ، و خصوصا في طبعتها الماوية ، التي كان ينظر إليها باعتبارها بديلا اكثر جذرية . و لقد كانت الوضعية في المغرب اكثر سوءا, حيث كان النظام تحت السيطرة الحديدية للملكية.
في المغرب ظهرت إلى الوجود العديد من المنظمات الماوية في صفوف الطلبة و تحكموا في الحركة الطلابية التي لعبت دورا أساسيا في النضال العام ضد الملكية العلوية . و لقد كان بعض من مؤسسي البوليزاريو مناضلين في صفوف هذه التنظيمات . و هكذا ، فبمجرد تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب ( البوليزاريو ) سنة 1973، كان الأمر يتعلق بمنظمة حرب عصابات (Guerrilla) ستالينية كلاسيكية تربط مهام تحرير الصحراء من الاستعمار الإسباني بخلق "جمهورية ديموقراطية عربية" . في الواقع ، كانت مهمة تحرير الصحراء بالنسبة إليهم جزء من "الثورة العربية" التي من المفترض أن تكون معادية للإمبريالية و الصهيونية و كذلك للحكومات الإقطاعية و الرجعية في البلدان العربية و التي سوف تؤدي إلى توحيد الوطن العربي . و لهذا السبب كان لمؤسسي البوليزاريو علاقات وطيدة مع ليبيا التي أمدتهم بالدعم . و كذلك سعوا إلى كسب دعم مختلف التنظيمات القومية في المغرب لكنهم لم يحققوا أي نجاح يذكر. كانت هذه هي المرة الأولى التي تتبنى فيها الحركة القومية في الصحراء مهمة خلق صحراء مستقلة ، بدلا من النضال المشترك ضد الإمبريالية في المغرب و بدرجة اقل في الجزائر و موريطانيا . و في هذه الفترة المحددة ، لم يكن النضال من اجل الاندماج بالنظام الملكي المغربي يمتلك أي جاذبية . لكن و بالرغم من ذلك كان مؤسسوا البوليزاريو يعتبرون في الأصل أن النضال من اجل صحراء مستقلة, هو خطوة أولى نحو بناء مغرب عربي موحد ، و كانوا يعتبرون انه جزء من النضال من اجل الثورة في المنطقة .لكن ، لو انهم, بدل تبني نظرة قومية لنضالهم، عملوا على ربطه بالنضال العام الذي تقوده الطبقة العاملة ، و الفلاحون و الطلبة المغاربة ضد الملكية الرجعية في المغرب ، لكانوا قدموا إسهاما مهما للحركة الثورية في المغرب ، التي تعتبر في آخر المطاف هي الضمانة الوحيدة لاحترام حقوقهم الوطنية.
المغرب الكبير
خلال هذه الفترة ، كان كل من المغرب و موريطانيا يطالبون بضم الصحراء الغربية. و بمجرد ما نال المغرب استقلاله عن فرنسا سنة 1956 ، أعلن حزب الاستقلال أن مهمة تحرير البلد لم تنته بعد و لن تنتهي إلا بعد تحرير كل الأراضي التاريخية للإمبراطورية العلوية . و هذا يعني منطقة تضم الجزء الأكبر من الصحراء الجزائرية و الشمال الغربي لمالي و موريطانيا و جزء من السنغال .في الواقع, إن الحدود الحالية التي تفصل الصحراء الغربية ، موريطانيا ، الجزائر و مالي, هي حدود مصطنعة تم فرضها من طرف الإمبريالية الفرنسية و الإسبانية . و يمكننا من خلال النظر إلى الخريطة, أن نرى أنها عبارة عن خطوط مستقيمية لا تنضبط لأي مقياس قومي أو جغرافي, ما عدا الرغبة في تقسيم النفوذ بين مختلف القوى الاستعمارية . و هذا هو في الحقيقة الحال بالنسبة لأغلب الحدود في إفريقيا.
لكن البرجوازية المغربية الناشئة, و المتمثلة في حزب الاستقلال, لم تكن مهتمة بضم الأراضي إلى الوطن بقدر ما كانت تستعمل ذلك من اجل توحيد كل البلاد ( بالرغم من المصالح الطبقية المتناقضة ) حول مشروع قومي يمكنها من تحويل انتباه الجماهير عن مشاكلها الاجتماعية . إن الملك محمد الخامس ، الذي كان لا يزال يعمل على تقوية حكمه ، لم يكن قادرا على استغلال الغليان القومي فقام بتبني قضية المغرب الكبير و هكذا ، لم يعمل المغرب على الاعتراف بموريطانيا عندما نالت استقلالها سنة 1960. و لم تكن فكرة الدمج الترابي مقبولة من طرف جميع أقسام الحركة القومية خلال هذه الفترة . إذ أن الجناح الأكثر جذرية ذو النزعة اليسارية ، و الممثل من طرف بن بركة ، و الذي انشق عن حزب الاستقلال, سنة 1959, من اجل تأسيس الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، رفض بشكل علني فكرة المغرب الكبير و دافع عن استقلال موريطانيا و عارض الحرب ضد الجزائر 1963 . أما المنظمات العمالية الرئيسية آنذاك ، نقابة العمال المغاربة ( الاتحاد المغربي للشغل ) و الحزب الشيوعي فلقد تبنوا ( بسبب السياسة الستالينية الإجرامية للثورة عبر مراحل ) ، نفس موقف حزب الاستقلال ( و بشكل ابعد من الملكية ) . حتى انهم انتقدوا الملك عندما اعترف سنة 1970 بموريطانيا . لم تكن مسألة الصحراء, خلال هذه المرحلة, تطرح كنقطة في الصراع ضد الاستعمار الإسباني من اجل ضمها إلى المغرب.
و لقد كان من الأسباب المهمة التي دفعت الطبقة السائدة في المغرب إلى رفع شعارات المغرب الكبير, هو خوفها من امتداد تأثير حركة التحرير الجزائرية ( التي كانت تمتلك لغة اكثر يسارية بل و "اشتراكية" ) إلى المغرب و تؤدي إلى قلب الملكية . و هكذا دخل المغرب سنة 1963 ، سنة واحدة فقط بعد حصول الجزائر على استقلالها, في حرب معها أطلق عليها حرب شاطئ الرمال.
من جهة أخرى ، أرادت موريطانيا أن تحول دون وقوع الصحراء الغربية في أيد مغربية ، إذ أن هذا يعطي للنظام المغربي حدودا بطول 980 ميلا في الصحراء من الصعب حمايتها . بالإضافة إلى انه في الجزء الأكبر من الحدود بين موريطانيا و الصحراء الغربية توجد خط السكة الحديدية الاستراتيجية التي تحمل معدن الحديد الذي يشكل 85% من صادراتها .
بالرغم من المطالبة المغربية بالصحراء الغربية ، فان الملكية العلوية لم تقم بأي حركة جدية طيلة اكثر من عقد من الزمان و اكتفت باستعمال المواجهات الدائرة كورقة ضغط في المفاوضات . و كمثال واضح على هذا, قام المغرب بتشتيت قوات جبهة الصحراء التي كانت مدعومة من طرفه ، عندما أراد أن يأخذ من إسبانيا مقاطعة افني الصغيرة . و منذ هذه اللحظة أقام الملك الحسن الثاني علاقات جيدة مع دكتاتورية فرانكو في إسبانيا .
سنة 1974 ، كان النظام الإسباني يواجه مصاعب داخلية عويصة . فلقد انفتحت مرحلة ما قبل ثورية هناك . مع تحرك جماهيري للطبقة العاملة و التهديد بقلب الدكتاتورية الضعيفة . مما يفتح الطريق نحو حدوث تغيرات اشتراكية. و لقد كانت الطبقة السائدة الإسبانية مذعورة . إذ كانت تخشى انعكاسات حرب العصابات التي تواجهها في الصحراء على الأوضاع الداخلية في إسبانيا . خاصة وان مثال الثورة البرتغالية ( التي حدثت في هذه السنة 1974 ) ، و التي كانت في جزء منها مرتبطة بنتائج الحروب الاستعمارية المدمرة في انغولا و الموزمبيق, كان لا يزال حاضرا في ذهنها عندما قررت الإعلان عن استفتاء لتقرير المصير لسنة 1975.
منذ بداية سنوات الستينات ، عملت إسبانيا على اتباع استراتيجيتين مختلفتين في الصحراء الغربية . فمن جهة, كان قسم من حكومة فرانكو ممثلا في غريرو بلانكو Garrero Blanco ، يريد الحفاظ على تواجد استعماري مباشر مطلق ، و كان مؤمنا بولاء الساكنة المحلية لإسبانيا بفضل التحديث الذي أدخلته إلى المنطقة . و هكذا عملوا على تشكيل حزب سياسي صحراوي معتدل : حزب الوحدة الوطنية الصحراوي . بينما أراد قسم آخر من النظام ، و هو الذي كان الأقوى داخل الجيش أن يطبق مسلسلا لإزالة الاستعمار متحكما فيه عبر قوة موالية لإسبانيا ، يمكنها حماية الثروات الطبيعية في المنطقة ، و خاصة مناجم الفوسفاط و مياه الصيد الغنية . و لقد التقت كل من هاتين الاستراتيجيتين حول ضرورة خلق هوية صحراوية مستقلة من اجل تخطي الحركة الموالية للمغرب .
الأزمة الثورية المغربية
إلا أن هذا لم يلقى قبولا لدى النظام المغربي . لقد كانت الملكية تمر من سلسة من الأزمات الخطيرة بسبب التحركات الجماهيرية و الإضرابات الكثيفة و عانت من محاولتين انقلابيتين 1971 و 1972 . أن موجة النضالات الجماهيرية في المغرب ابتدأت سنة 1965 . إذ أن قمع المظاهرات الطلابية يوم 22 مارس فجر التمرد في الدار البيضاء خلال اليوم الموالي . لتنتشر مداه إلى المدن الرئيسية في البلاد . و لم يتم إخماد هذه الحركة إلا بعد قتل مئات الأشخاص من طرف الجيش، و اعتقال أزيد من 3000 . و تم حل البرلمان و أعلنت حالة الطوارئ. لم يتمكن القمع من القضاء على الحركة الجماهيرية، التي لعب الطلبة فيها دورا أساسيا. لكنها على العكس عرفت تصاعد الإضرابات النضالية اكثر فاكثر . خلال سنة 1968 قام 7000 عامل في مناجم خريبكة بإضراب بطولي . و في صيف 1970/1971 انفجرت تمردات فلاحية في الغرب و سوس و الحوز و مناطق أخرى . و اعترفت القيادة النقابية, سنة 1971, بكونها فقدت السيطرة على الوضعية ، و بكونها غير قادرة على التحكم في موجة الإضرابات ، التي يشارك فيها عمال مناجم خريبكة و عمال النسيج في كل مناطق البلاد ... الخ. و خلال شهر مارس من سنة 1973 شهدت خنيفرة ( الأطلس المتوسط ) و كولميمة ( الأطلس الكبير ) بداية تمردات مسلحة . و بتزامن مع كل هذا ، تعرضت الملكية إلى محاولتين انقلابيتين 1971 و 1972 .
لقد أدى تظافر سلسلة كاملة من العوامل إلى خلق وضعية جد متفجرة . فبعد مرور عقد على الاستقلال ، أصبحت البلاد خاضعة لحكم ملكي فردي ، و لم يتم تلبية أي من المطالب الاجتماعية الملحة للجماهير . و لقد زادت الأزمة الخانقة و السياسة الاقتصادية للنظام ( و التي كانت تهدف إلى تحويل مكثف للثروات من أيدي العمال و الفلاحين إلى يد الملك ) من مفاقمة الأوضاع . و لقد كانت هناك بالنسبة للشباب عوامل أخرى مؤثرة : أثارت هزيمة الفلسطينيين في حرب 1967 انتقادا قويا للأنظمة العربية البرجوازية و البرجوازية الصغيرة ، بالإضافة إلى الانشقاقات داخل الحركة الوطنية الفلسطينية التي أدت إلى ظهور الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين و الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين ، المتأثرتين بالأفكار الماوية و الثورة الثقافية . ثم الموجة العالمية للتجذر الطلابي بعد الإضراب العام في فرنسا سنة 1968 . كل هذه العوامل كان لها انعكاس على الفكر السياسي لدى المغاربة . خلال سنة 1970، تعرض كل من الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ( أ،و،ق،ش) و حزب التحرر و الاشتراكية ( الاسم الجديد للحزب الشيوعي ) لانشقاقات يسارية كبيرة بين صفوف الشباب الذين تحولوا إلى الماوية و عملوا على تشكيل "إلى الأمام" و "حركة 23 مارس" . بل حتى (أ،و،ق،ش) نفسه كان متأثرا بالأفكار الراديكالية الماوية.
و هنا احتاج الحسن إلى استعمال ورقة الوطنية بشكل استعجالي من اجل تحويل انتباه الجماهير ، و في نفس الوقت ضمان سيطرة المغرب على ثروات الصحراء الغربية. في الواقع، لقد عملت كل الأحزاب و المنظمات المغربية من اليمين إلى اليسار، على تبني موقف النظام الرسمي حول مسألة "الوحدة الوطنية المغربية". بما في ذلك حزب (أ،و،ق،ش) و الحزب الشيوعي الذي بتبنيه لنظرية "المرحلتين" اختار الانبطاح، و اتباع سياسة الملك في جميع المسائل ، حتى درجة تغييره لاسمه مرتين تحت ضغط القصر.
إن المنظمة الوحيدة التي رفضت الالتحاق بتيار الشوفينية الوطنية كانت هي منظمة إلى الأمام الماوية ، التي دافعت عن حق الصحراويين في تقرير مصيرهم. و هذا جد مهم لأنها كانت تمتلك الأغلبية بين صفوف المنظمة الطلابية القوية (أوطم) و نقاط ارتكاز ثابتة داخل الحركة النقابية. أما الجناح الآخر للحركة الماوية ، حركة 23 مارس فلقد تبنت الموقف المعاكس و بررت تحركات المغرب في الصحراء من وجهة نظر الثورة الوطنية . و لقد كان ابراهام السرفاتي ( و هو مهندس منجمي طرد بسبب مساندته لإضراب عمال المناجم ) واحدا من أهم قادة حركة إلى الأمام . اعتقل سنة 1974 و حوكم سنة 1977 بتهمة الخيانة العظمى. ثم نفي سنة 1991 من البلاد و أسقطت عنه الجنسية المغربية. ليتم في النهاية إعادته إلى الوطن، خلال السنوات الأخيرة، ليقلد من طرف الملك منصبا رسميا للإشراف على أنشطة التنقيب عن البترول في البلد. و تحولت منظمة 23 مارس في النهاية إلى حزب شرعي تحت اسم منظمة العمل الديموقراطي الشعبي، يشارك اليوم في مهزلة الشرعية التي يمثلها النظام البرلماني المغربي. لقد أدى نجاح استراتيجية الملك الرامية إلى توحيد كل البلد خلف الملكية، إلى سحق المنظمات الثورية آنذاك.
أزمة الصحراء الغربية و المسيرة الخضراء
من اجل مضاعفة الضغط على إسبانيا ، بدأ الحسن يكرر مطالبه حول الثغور الإسبانية في سبتة و مليلية، و بدأ يضايق مراكب الصيد الإسبانية ، كما عمل على خلق فرقة صحراوية من الغوار Guerrilla موالية للمغرب، تدعى جبهة التحرير و الوحدة ، التي بدأت تشن الهجمات عبر الحدود ابتداء من 1975. بالإضافة إلى قيامه بتوقيع معاهدة سرية مع موريطانيا ، تنص على اقتسام الصحراء الغربية بين البلدين . و لم يتمكن النظام الإسباني ( المتضعضع بسبب موجة ثورية اجتاحت إسبانيا ) من مقاومة الضغوطات المغربية و لم يكن يمتلك أي سياسة واضحة . فلقد وصل إلى الاقتناع بان الاستفتاء الموعود من طرف الأمم المتحدة ، لن يتحقق ، إذ أن النظام المغربي كان جاهزا لاجتياح البلد في الوقت الذي كانت فيه إسبانيا عاجزة عن الدفاع المسلح عن إنجاز هذا الاستفتاء .
و في هذه الظروف انهار حزب الوحدة الوطنية الصحراوي و معه انهارت استراتيجية إسبانيا في تطبيق حل متحكم فيه.
خلال هذه الفترة بدأت إسبانيا تحاول إيصال البوليزاريو إلى السلطة ، و هدفها الرئيسي من وراء ذلك كان هو الحفاظ على نوع من النفوذ على الثروات الطبيعية في الصحراء الغربية بعد الاستقلال . فبدأت إسبانيا و البوليساريو عملية تبادل الأسرى ، و شرعوا في إجراء مفاوضات حول نقل السلطة.
و في النهاية ، وصل المشكل ( شهر يوليوز 1975 ) إلى محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة, فأعلنت هذه الأخيرة أن المزاعم المغربية حول الصحراء الغربية لا أساس لها . و كرد مباشر أعلن الحسن تنظيم المسيرة الخضراء، بمشاركة 350.000 شخص من اجل المطالبة "بالوحدة الترابية" للمغرب.
كما يحدث دائما ، لم يكن لقرارات الأمم المتحدة أية قوة فعلية. إذ لم تكن مستعدة للدفاع عنها بالقوة . و لقد أتى التحدي المغربي في الوقت الذي كان فيه النظام الفرانكاوي يعيش أسوء لحظاته. فالحركة الجماهيرية في إسبانيا كانت تصير أقوى فأقوى ، و من ثم دخل مرض الجنرال فرانكو يوم 17 أكتوبر مرحلة النهائية ليموت يوم 20 نونبر .
لم يكن للنظام الإسباني عدة اختيارات ، إذ خياره الوحيد كان هو الدخول في حرب مع المغرب ، لكنه تحت ضغط فرنسا و الولايات المتحدة ، وقع مع الحسن اتفاقا سريا يعمل المغرب بموجبه على التخلي عن سبتة و مليلية مقابل الصحراء الغربية، و ضمان المصالح الإسبانية في الصيد في السواحل المغربية و الصحراوية ، مع احتفاظها بـ 35% من الفوسفاط المستغل و الحصول على فوائد مقابل 65% الباقية . لقد كانت المسيرة الخضراء في الواقع مجرد تمرين محدود توصل بعده النظام الإسباني إلى اتفاق يمكنه من تلافي وقوع مواجهة جديدة .
الانسحاب الإسباني
عملت إسبانيا على سحب قواتها ليقوم كل من المغرب و موريطانيا على وضع قواتهما هناك. لقد كان استعمار المغرب للجزء الذي حصل عليه من الصحراء جد وحشي كما كان عليه الشأن عندما سحق تمرد الريف سنة 1957. لقد انتهى المغرب إلى الحصول على حصة الأسد ، مستوليا على عروق الفوسفاط الغنية في بوكراع و على المدينتين الرئيسيتين : السمارة و العيون . بينما حصلت موريطانيا على منطقة صحراوية قاحلة تضم المدينة الرئيسية الثالثة : الداخلة. و خلال المرحلة الانتقالية, قبيل وصول القوات المغربية و الموريطانية ، استولى البوليزاريو على عدة مواقع صغيرة و كان قادرا على الاحتفاظ بها طيلة شهور . لكن في النهاية ، اضطر إلى الذهاب إلى المنفى الجزائري ، بمخيم اللاجئين في تندوف.
في مواجهة التوسع المغربي ، الذي رأت فيه تهديدا لأراضيها ، دعمت الجزائر بحماس قوات البوليزاريو منذ البداية. و قد كان هذا نتيجة أيضا للحرب البادرة بين الولايات المتحدة و الاتحاد السوفياتي . و هذا ما صرح به سكرتير الدولة هنري كيسنجر ، بوضوح عندما قال « إن الولايات المتحدة لن تسمح بانغولا أخرى على الضفة الشرقية للمحيط الأطلسي.» كما كتب سفير الولايات المتحدة بالمغرب آنذاك ، في مذكراته ، كان هذا هو موقف الولايات المتحدة ، و لم تعمل الأمم المتحدة أي شيء لإعاقة انتصار المغرب في الصحراء الغربية، و هي المهمة « التي قلبت الصفحة بانتصار لم يكن بدون معنى . ».
لقد كان النظام المغربي الحليف الأكثر ولاء و أهمية للإمبريالية الغربية في المنطقة ، في الوقت الذي كان فيه النظام الجزائري اليساري يتلقى الدعم من الاتحاد السوفياتي . لكنه بالرغم من ذلك كان عليه أن يتحمل مسألة أن السياسة الخارجية للاتحاد السوفيتي, كانت دائما مدفوعة بمصلحة الدفاع عن المصالح المباشرة للبيروقراطية الستالينية و ليس بمصالح الثورة العالمية. فهؤلاء لم يكونوا يريدون أي اصطدام مباشر مع مصالح الإمبريالية الأمريكية . و كلما وصل نظام ستاليني إلى السلطة في أحد البلدان, فان الاتحاد السوفيتي لا يعمل على الاعتراف به إلا بعد أن يصير أمرا واقعا . في الواقع لم يقم لا الاتحاد السوفياتي و لا أي من دول المعسكر الشرقي, بالاعتراف بالجمهورية العربية الصحراوية المعلنة من طرف البوليزاريو سنة 1976 بعد خروج القوات الإسبانية.
و لقد كان لجوء قوات البوليزاريو و معها 50.000 صحراوي إلى المنفى يعني بداية حرب طويلة . و كانت المرحلة الأولى للحرب موجهة بالأساس ضد موريطانيا . فجيشها الصغير كان مشتتا بشكل كبير و مطالبا بالدفاع عن رقعة أرضية شاسعة تقدر بـ 400.000 كلمتر مربع . وصلت هجومات البوليزاريو إلى داخل موريطانيا ، بل وصلت مرتين إلى العاصمة – نواكشوط – و عطلت مناجم الحديد التي يتوقف عليها الاقتصاد الموريطاني .
و لقد سارعت الإمبريالية الفرنسية إلى مساعدة النظام الموريطاني ، و كذلك المغرب قام بإرسال 9.000 جندي للدفاع عن البلاد. و لقد أدت الحرب إلى أزمة اقتصادية عميقة في البلد ، و التي تفاقمت بسبب انهيار أسعار الحديد في الأسواق العالمية و ارتفاع أسعار البترول . بالإضافة إلى أن هذه الحرب كانت فاقدة لأي دعم من طرف المسلمين الموريطانيين الذين يشكلون أغلبية الشعب ، و الذين يعتبرونها حربا بين الاخوة. و في النهاية ، حدث انقلاب عسكري ، شهر يوليوز 1978، انضاف إلى حركة الجماهير في الشوارع ، فاسقط النظام الموريطاني . و قد وقعت اللجنة العسكرية من اجل إعادة التأسيس الوطني معاهدة للسلام مع البوليزاريو تنازلت بموجبها عن جزء موريطانيا في الصحراء الغربية . و لدينا هنا مثالا واضحا عن كيف أن الانتصار المهم الوحيد الذي حققته البوليزاريو في هذه الحرب لم يأتي عبر الوسائل العسكرية ، بل عبر حدوث مسلسل ثوري في موريطانيا لكن رغم ذلك ، فبمجرد مغادرة موريطانيا للجزء التابع لها من الصحراء الغربية ، قامت القوات المغربية بسرعة بملء مكانها .
و لقد استمرت الحرب طيلة عدة سنوات ، دون أن يتمكن أي من الجانبين من تحقيق تفوق حاسم . بدأ الجيش المغربي, سنة 1980, ببناء جدار دفاعي في الصحراء من اجل منع البوليزاريو عن القيام بغارات في الصحراء الغربية و خاصة في الشمال ، حيث تتواجد عروق الفوسفاط ببوكراع. يبلغ طول هذا الجدار 2700 كلم ، و يحمي الجزء الأكبر من حدود الصحراء الغربية.
القوى العظمى
طيلة الفترة الزمنية التي استغرقتها الحرب ، ظلت الولايات المتحدة تدعم المغرب ، لكن و في نفس الوقت حاولت دائما الحفاظ على علاقات مفتوحة مع الجزائر . بعد السنوات الأولى للغليان الثوري و التي لم يكن واضحا خلالها ما إذا كان النظام الجزائري سيصل إلى إلغاء كلي للرأسمالية و سيتحول إلى نظام بونابارتي بروليتاري . سارع النظام إلى دعم الرأسمالية و من تم قام بعدة مفاوضات مربحة . و هذا هو السبب الذي جعل أغلبية البلدان المعنية بهذا الصراع ، تسعى من جهة إلى دعم و تسليح المغرب في هذه المواجهة ( فقبل كل شيء كان المغرب الحليف الرئيسي لها ) و من جهة أخرى إلى نهج سياسة الأبواب المفتوحة اتجاه الجزائر ( من اجل القيام بمفاوضات ) . لكن في النهاية ، و خلال كل الفترات الحاسمة ، كانت تقف بجانب المغرب . و هكذا ، قام الحزب الاشتراكي الفرنسي بالاعتراف بالبوليزاريو في الوقت الذي استمر فيه ، عندما كان في الحكومة في بداية الثمانينيات ، يمد النظام المغربي بالأسلحة . و نفس الشيء حدث بالنسبة لإسبانيا حيث اعترف الحزب اليميني الحاكم (UCD) بالبوليزاريو سنة 1979، كما كان شأن الحزب الاشتراكي ، لكن حكومات كل الحزبين حافظوا على علاقات جيدة مع نظام السفاح الحسن الثاني، الذي كان بالنسبة إليهم اكثر أهمية.
لقد كانت الملكية المغربية دائما, احد الحلفاء الرئيسين للإمبريالية الأمريكية في العالم العربي ، كما أن المغرب يحتل موقعا استراتيجيا مهما جدا كبوابة على البحر الأبيض المتوسط . و قد كان للولايات المتحدة الأمريكية في المغرب قواعد عسكرية إلى حدود 1963، ثم حصلت على تسهيلات فيما يتعلق بالاتصالات للجيش الأمريكي . سنة 1982 وقّع المغرب اتفاقا يسهل مرور قوات التدخل السريع الأمريكية من خلال تقديم القواعد العسكرية المغربية ، التي استعملت طيلة حرب الخليج سنة 1991. كما قدمت الملكية العلوية خدمات كبيرة للإمبريالية الأمريكية و الفرنسية في إفريقيا من خلال تدخلاتها المتتابعة في الزايير و حملت على كاهلها الدعاية للمخططات الإمبريالية حول الاتفاق بين البلدان العربية و إسرائيل داخل العالم العربي .. الخ.
أما الاتحاد السوفياتي ، فبالرغم من امتلاكه علاقات وثيقة مع النظام الجزائري ، فانه وقع اتفاقيات عديدة مع المغرب ، مكنته بالإضافة إلى عدة أشياء أخرى من الحصول على الفوسفاط المغربي . لقد لعبت الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي و الإمبريالية الأمريكية دورا في هذا الصراع ، خاصة خلال السنوات الأولى للحرب ، لكن كمكمل للصراع الجزائري المغربي للهيمنة على المنطقة المغاربية.
ليبيا
لقد قام نظام معمر القذافي بليبيا بمساندة البوليزاريو منذ بدايات الحرب . استمرارا لمحاولته مد نطاق "الثورة العربية" . لكن سرعان ما قررت ليبيا, خلال سنة 1984, أن الثورة ليست بالضرورة الشكل الأكثر فاعلية لإنجاز طبعتها الخاصة للوحدة العربية، فتخلى عن مساندة البوليزاريو، و وقّع "معاهدة وحدة" مع المغرب . و لقد كان هذا المحور موجها بالخصوص ضد الجزائر . فلقد تعرضت ليبيا لفيتو جزائري ضد دخولها في المعاهدة المغاربية "للسلام و التوافق" ، التي تم توقيعها سنة 1983 بين الجزائر و تونس و موريطانيا. كما أن ليبيا كان لها أيضا أطماع ترابية في رقعة على الحدود الصحراوية مع الجزائر.
و لقد أراد القذافي ، من خلال اتفاقيته مع المغرب ، أن يحول دون إرسال الملك الحسن قواته لمساندة النظام التشادي في حربه ضد ليبيا التي تدعم المتمردين . من خلال قصة تخلي ليبيا عن البوليزاريو و أسباب تحالفها مع المغرب ، يمكننا أن نستخلص خلاصتين أساسيتين, من جهة إن وجود الحدود الاصطناعية التي خلفها الاستعمار (خاصة الاستعمار الفرنسي) لا يمكن القضاء عليها من طرف أي من الأنظمة العربية السائدة في المنطقة ، بما فيها الأكثر وطنية، بالرغم من كونها جميعا تدعي إخلاصها لمبدأ الوحدة المغاربية. إن هاته الوحدة هي مهمة ديموقراطية لا يمكنها أن تحل إلا باعتبارها جزء من النضال من اجل الاشتراكية . و من جهة ثانية إن نضال الشعب الصحراوي ، ليس بالنسبة لمختلف الأنظمة المغاربية إلا عملة صغيرة للتبادل تستعملها في علاقاتها البينية، بما في ذلك النظام الجزائري.
العلاقات الجزائرية المغربية
يوجد هناك في المغرب و الجزائر دائما شعور قوي بأن الشعبين قد تعرضا لتقسيم تعسفي من طرف الإمبريالية الفرنسية و الإسبانية. و لقد كانت إحدى أولى المنظمات الوطنية في الجزائر تسمى "نجمة شمال إفريقيا" . و عندما قررت فرنسا أخيرا إعطاء الاستقلال لمحميتيها المغربية و التونسية أواسط الخمسينيات ، عملت جبهة التحرير الوطني الجزائرية على وضع قواعد لها في كلا البلدين . و قد قدم العديد من المغاربة و التونسيون حياتهم وهم يناضلون جنبا إلى جنب مع إخوانهم و أخواتهم الجزائريين . إن الأغلبية الساحقة من القادة الوطنيين لهذا الجيل الأول تبنو بشكل واضح موقف بناء مغرب موحد و مستقل.
بعد أن حصلت الجزائر على استقلالها، ساد الشعور بان المسلسل الثوري لا يجب أن يتوقف إلا عندما يتم القضاء على الملكية الشبه إقطاعية المغربية، العميلة للإمبريالية. و لقد فسر هذا الموقف الرئيس الجزائري هواري بومدين قائلا : « في الواقع ، يعتقد إخواننا المغاربة ، انهم قد ساعدونا في تحقيق استقلالنا عن فرنسا ، و الآن يتوجب علينا أن نساعدهم في التحرر من الملكية الإقطاعية التي باعتهم للغرب » و هكذا ، أحست الملكية المغربية بكونها مهددة بشكل مباشر من طرف الأفكار الثورية آلاتية من الجزائر ( الإصلاح الزراعي ، اللغة المعادية للإمبريالية ، توسيع رقعة تأميم الاقتصاد ، الاشتراكية العربية .. الخ .) و سنة 1963 أعلن الملك حربا قصيرة على الجزائر . و من المهم هنا الإشارة إلى أن أحزاب اليمين المغربية ، و خاصة حزب الاستقلال, دعموا القصر و أعادوا ترديد مواقفهم حول المغرب الكبير ، بينما عارض يسار حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية هذه الحرب . و لقد أدان بن بركة قائد (أ،و،ق،ش) من منفاه في الجزائر « الاعتداء على الثورة الجزائرية من طرف الملكية الفيودالية . » فتم اعتقال قيادة (أ،و،ق،ش) و اختطاف بن بركة و اغتياله, سنتين من بعد, في باريس من طرف عملاء مغاربة بتعاون مع الأجهزة السرية الفرنسية. و لقد كانت الملكية المغربية تخشى من احتمال نشوء حركة وطنية يسارية داخل الجيش تسير على نموذج الثورة الجزائرية بتحالف مع (أ،و،ق،ش) . و هذا الخوف لم يكن بدون أساس، على اعتبار أن محاولة الانقلاب سنة 1971 كان هدفها إرساء "الجمهورية الشعبية المغربية".
و مع مرور السنوات ، فقدت المواجهة بين المغرب و الجزائر طابعها كمواجهة بين نموذجين إيديولوجيين مختلفين، فالغليان الثوري للنظام الجزائري صار يخبو شيئا فشيئا ، ابتداء من 1965 مع الانقلاب ضد بن بلا و خاصة بعد موت بومدين الذي تزامن مع ركود الاقتصاد الجزائري . و هكذا لم تعد الثورة الجزائرية تشكل تهديدا جديا للملكية المغربية . و لقد صارت حرب المغرب ضد البوليزاريو مكلفة و صعبة خلال الفترة التي دعمت فيها الجزائر الصحراويين . فقد اضطر الملك الحسن إلى الاحتفاظ بجيش كبير يفوق 140.000 شخص في الصحراء من اجل ردع العشرة آلاف شخص مسلحين من البوليزاريو . فتحول تمويل هذه الحرب إلى ثقل غير محتمل على الاقتصاد المغربي . حسب بعض الإحصائيات كانت التكلفة تعادل مليونا من الدولارات يوميا.
خلال سنوات الثمانينات, تعرض كلا النظامين الجزائري و المغربي لانتفاضات جماهيرية للفقراء ضد ارتفاع أسعار المواد الأساسية، و انعدام الشغل.. الخ. و قد كانت هذه الانتفاضات اكثر عنفا في المغرب سنة 1981و أخرى سنة 1984. كل هذه العوامل أدت إلى حدوث تقارب بين البلدين . و انعقدت أول قمة دبلوماسية بين البلدين ، منذ بداية الحرب، سنة 1983 و مرة أخرى سنة 1987. و سنة 1988 عمل البلدان على إعادة العلاقات الديبلوماسية العادية ، ليعمل كل من الجزائر و المغرب سنة 1989 مع ليبيا و موريطانيا و تونس على تأسيس اتحاد المغرب العربي . و قد أدى اندلاع الحرب الأهلية في الجزائر سنة 1992 ، بعد حصول اصوليي جبهة الإنقاذ الإسلامية (ج،إ،إ) على الأغلبية في الانتخابات البلدية ، إلى المزيد من إضعاف رغبة الجنرالات الجزائريين في دعم البوليزاريو.
و قد كان لهذا، بوضوح، ضغط كبير على البوليزاريو. فبعد عشرين سنة من الحرب في الصحراء توصلوا إلى فهم أنهم ولو استطاعوا احتمال ضغط قوي من طرف الجيش المغربي ، فانهم لن يتمكنوا من ربح الحرب . و إذا ما سحبت الجزائر دعمها لهم، فاذاك سيكون مصيرهم قد حسم. إن استراتيجية البوليزاريو في الاعتماد على مختلف الأنظمة في المنطقة (ليبيا ، الجزائر) و على حرب العصابات، لم تحقق أيا من أهدافها . و بالإضافة إلى هذا ، فمنذ انهيار الستالينية ، بدأ البوليزاريو يتخلى تدريجيا عن أي إشارة إلى الاشتراكية أو الثورة ، و كل يوم يتورط في بذل المجهودات الديبلوماسية من اجل ضمان نتيجة إيجابية لنضاله .
سنة 1986 شرع في إجراء مفاوضات تحت رعاية الأمم المتحدة ، ليصل كلا الطرفين سنة 1998 إلى اتفاق على خطة سلام . و ظهر كما لو انه لا وجود لأي عراقيل أمام اتفاق متفاوض عليه. لكن تضافر عاملين رئيسيين أدى إلى منع حدوث مثل هذا الاتفاق . فمن جهة جميع البلدان و القوى الإمبريالية المعنية بهذا الصراع ، تريد ضمان سيطرتها على ثروات احتياط الفوسفاط في الصحراء الغربية و سواحل الصيد . و من جهة أخرى كون الملكية المغربية قد تأسست على استغلال المشاعر القومية لدى الجماهير ، و من ثم فان إعطاء تنازلات في مسألة الصحراء اليوم سيزعزع أسس النظام بمجمله و يمكن أن يؤدي إلى قلبه.
الاستفتاء ؟
سنة 1991 تم توقيع اتفاق يتضمن التراجع التدريجي للقوات المغربية و مرابطة ما تبقى منها في ثكناتها ، العودة التدريجية للاجئين الصحراويين في مخيمات تندوف و إرسال قوات للمراقبة تابعة للأمم المتحدة (المينورسو) و أخيرا إجراء استفتاء حول تقرير المصير سنة 1992. عشرة سنوات من بعد هذا الاتفاق ، و الاستفتاء لم ينظم بعد ، و حتى الأمم المتحدة تصرح اليوم بكونه لن يتم تنظيمه . فما الذي حدث ؟.
لقد تأسست استراتيجية البوليزاريو مرة أخرى طيلة هذا المسلسل على الديبلوماسية . فلقد أراد فصل الولايات المتحدة عن فرنسا و التوصل إلى أي نوع من الاستقلال مقابل تمكين الولايات المتحدة من استغلال الثروات الطبيعية. في الواقع أن إفلاس البوليزاريو وصل إلى حد انهم ينوون منح الولايات المتحدة كل هذا ! إن الشيء الذي يمكن الملكية المغربية من ضمان سيطرتها كان بالضبط هو منحها الصحراء الغربية للولايات المتحدة ! انهم صاروا على استعداد للقبول بالسيطرة الديكتاتورية للنظام المغربي على ملايين اخوتهم و أخواتهم من اجل الحصول على استقلال شكلي لكي يصيروا عملاء محليين للإمبريالية الأمريكية . إن هذا الموقف مشابه لما قام به مؤخرا حزب العمال الكردستاني في علاقته مع تركيا . لكن هذه الحالة في الواقع هي نتاج للنظرة القومية البرجوازية الصغيرة التي تبناها البوليزاريو منذ نشأته سنة 1973.
بالإضافة إلى عرضهم هذا المقدم للإمبريالية الأمريكية ، وقف قادة البوليساريو موقف جد معتدل و ملتزم أمام الطبقة السائدة الإسبانية ، موقعين على اتفاق تفضيلي معها حول الثروات المعدنية و مياه الصيد. لكن و لسوء حظهم ، فان المغرب في المشروع العام للإمبريالية ، اكثر أهمية من أي تنازل يقدم لهم بخصوص الصحراء.
لقد كان العائق الرئيسي أمام مسألة الاستفتاء هو إحصاء الساكنة التي تمتلك الحق في التصويت. فالذين يملكون الحق في التصويت حسب اتفاق السلام ، هم هؤلاء الذين يستطيعون إعطاء الدليل عن كونهم مسجلين في الإحصاء الإسباني لسنة 1974 أو الذين ينحدرون منهم . و لقد فهم المغرب انه إذا ظل هذا هو المقياس الوحيد المعتمد ، فان الاستفتاء سوف يعرف تصويتا مكثفا لصالح الاستقلال و هكذا بدأ سلسلة من المناورات بهدف وقف المسلسل. و قبل كل شيء جادل بان السجلات التي تعود لسنة 1974 لا تشكل قاعدة صالحة لان 45% من الصحراويين لم يسجلوا فيها خلال إحصاء تلك السنة ، لانهم كانوا خارج حدود الصحراء الإسبانية . و لقد تم دمج أغلبية هؤلاء داخل المغرب و من المحتمل انهم في الغالب سوف يصوتون ضد الاستقلال . من الواضح أن المغرب و من خلال اعتراضه هذا لم يكن مدفوعا باهتمامه بالديموقراطية ، لكن كمناورة لضمان أن يصل الاستفتاء إلى نتيجة لصالحه.
طيلة مسلسل تحديد الهوية، كان موقف الأمم المتحدة و الولايات المتحدة لصالح المغرب بشكل واضح. و سنة 1995 ، استقال المبعوث الأمريكي للمينورسو جاك رودي Jack Rudy احتجاجا على الموقف المفضوح الموالي للمغرب خلال كل عملية المينورسو. و مباشرة بعد تقلده منصب الأمين العام للأمم المتحدة عمل بيريز ديكويار ، بشكل مفاجئ على توسيع المعيار لكي يصير شاملا في الإحصاء الانتخابي . و الآن صار جميع أعضاء الثمانية و الثمانين عشيرة المكونة للعشرة قبائل المسجلة في الإحصاء الإسباني لسنة 1974 مشمولين رغم كونهم غير مسجلين مباشرة في المركز . و المشكل الثاني كان هو كيفية تحديد هوية من لهم الحق في التصويت . و لقد أصر البوليزاريو على الوثائق الصالحة هي فقط تلك الوثائق الأصلية التي أصدرتها السلطات الاستعمارية الإسبانية ، و فقط في الحالة الاستثنائية تقبل الشهادة الشفوية لشيوخ الثمانية و الثمانين عشيرة . بينما أصر المغرب على أن حتى الوثائق المكتوبة و المقدمة من طرف المغرب تعتبر هي أيضا صالحة .
و لم تكن مواقف الطرفين كلاهما مدفوعة بالمبادئ الديموقراطية من أي نوع ، بل فقط بالرغبة في الحصول على إحصاء انتخابي يخدم مصلحة كل واحد منهما . و هناك مسألة حقوق المائة ألف مغربي الذين استوطنوا الصحراء الغربية طيلة السنوات الخمسة و العشرين الأخيرة و التي لا يمكن أن تحل فقط بالقول بأنهم يستخدمون كأدوات سياسية من طرف المغرب. هذا صحيح ، لكن هل سيكون من الديموقراطية إنكار حقوقهم ، كما حصل مؤخرا خلال استقلال جمهورية البلطيق ، التي تم حرمان الساكنة ذات الأصول الروسية من حقوقهم السياسية ؟
المهزلة و التأخر
تحول مسلسل تحديد هوية الناخبين إلى مهزلة، حيث يقدم كل من الطرفين شيوخا و يطعن في آخرين. و أخيرا ، قام كلا الطرفين سنة 1997 بالتوقيع على اتفاق هيوستن الذي كان يعني تسريع مسلسل تحديد الهوية و تليين المواقف فيما يتعلق بنقاط الخلاف . و تم تعيين جيمس بيكر ، السكرتير السابق في الحكومة الأمريكية مبعوثا خاصا للأمم المتحدة للصحراء الغربية . و لقد كان تعيين شخص بهذا الوزن في الديبلوماسية الأمريكية ، إشارة إلى كون واشنطون تريد اتفاقا . فالولايات المتحدة لها مصالح في الجزائر ، و تريد الوصول بشكل أو بآخر إلى الثروات الطبيعية في الصحراء و عموما هي مهتمة بالاستقرار في المنطقة . لكن حدوث هذا غير ممكن إلا شريطة أن لا يؤثر جوهريا على حليفها الرئيسي و الأكثر أهمية ، أي المغرب ، إن قادة البوليزاريو في الواقع ، يعتقدون في "حسن نية" الممثلين الأمريكيين. فرئيس المنظمة محمد عبد العزيز صرح سنة 1997 أن « بيكر رجل كفئ و شجاع » و « قد صرح بوضوح طيلة لقائه مع بوش أن الولايات المتحدة تحترم القانون الدولي و تدافع عنه » . من حرب العصابات إلى دبلوماسية "العالم الجديد" كل هذا خلال 23 سنة فقط !
سنة 2000 تمكنت المينورسو من تحديد هوية 86.380 ناخب من مجموعة 147.249 طلب . و من هؤلاء 40.000 تابعون لمخيمات البوليزاريو اللاجئين في الجزائر و موريطانيا ، و الباقي هم صحراويون يعيشون في الصحراء الغربية و الذين من المحتمل أن يصوتوا لصالح الاستقلال . فتبين للنظام المغربي بوضوح انه سيخسر إذا ما تم الاستفتاء على أساس هذا الإحصاء . و من تم عمل على استئناف حكم إقصاء 79.000 ناخب مقصي و اكثر من 65.000 منهم أعضاء في القبائل القاطنة في المغرب ( لم يقبل إلا 2000 منهم كناخبين ) . ليبلغ العدد 130.000 طلب في مسلسل سيدوم ، في احسن الأحوال ، ثلاث سنوات . لقد صار مخطط الاستفتاء ، بوضوح ، مجرد خرقة بالية.
خلال شهر فبراير 2001، أعلن البوليزاريو الذي أحس بالضجر من كل هذا المسلسل ، بان رالي باريس دكار سيتعرض للاعتداء من لدنه إذا ما عبر الصحراء الغربية بدون ترخيص منه. و تصريحه هذا يعكس الإحباط الكبير الذي يعيشه الصحراويون في مخيمات اللاجئين ، بعد عشرة سنوات من انتظار الاستفتاء الموعود. لكن و في النهاية، عندما أعلن المقاتلون موقفهم بكونهم مستعدين للعودة إلى الحرب ، جاء الضغط الجزائري ليجبر قيادات البوليزاريو على التراجع و تأجيل المواجهة و لقد عكست هذه الحادثة بشكل جيد الوضعية التي يوجد عليها قيادة البوليزاريو بعد 20 سنة من حرب العصابات . فهم رهائن عند مضيفهم الجزائري ، هذا النظام الذي لديه ما يكفيه من المشاكل الداخلية الخاصة و الذي ليس لديه أية نية للتورط اكثر في هذه المرحلة من الحرب ضد جاره الغربي . لينضاف إلى عزلة البوليزاريو ، الذي كان ممثله في نواكشوط قد تم إبعاده شهر فبراير 2000، من طرف الحكومة الموريطانية بعد أن تم اتهامه بالإساءة إلى حيادها.
و من المهم الملاحظة أيضا أن النظام الجزائري ، الذي يعتمد عليه قادة البوليزاريو ، هو اليوم جد مختلف عن ذلك النظام الذي نتج مباشرة عن الثورة الجزائرية . فنظام بومدين كان نظام برجوازيا وطنيا ، يمتلك سمعة ثورية أكيدة ، و يستعمل الجمل الثورية ، و عمل على إدخال سلسلة كاملة من الإصلاحات على الاقتصاد . و في النهاية اصطدم النظام البونابارتي الجزائري مع الحدود الرأسمالية . و مع الأزمات الاقتصادية لسنوات الثمانينات فقد النظام شعبيته و واجهته عدة تمردات . و قد أدى انحطاط اليسار المستند على البرجوازية الوطنية إلى انتعاش الأصولية الإسلامية سنوات التسعينيات . و اليوم ، فقدت الأصولية في الجزائر جاذبيتها و لم تعد قادرة على أن تلعب دور المعبر عن غضب الجماهير . و لقد سجل تمرد القبايل خلال ربيع و صيف 2001، بداية موجة جديدة من تحركات العمال و الشباب المناضلين ضد نظام الجنرالات الجزائريين، الملتزمين بقوة بسياسات صندوق النقد الدولي ، المتعلقة بالخوصصة و تقليص النفقات الاجتماعية . و لقد تعرضت هذه الحركة لقمع شديد . و رغم حدوث كل هذه التحولات و النضالات الاجتماعية في الجزائر ، حافظ قادة البوليزاريو على الصمت ، و لم يقوموا بإبداء أي نقد اتجاه سياسة النظام الجزائري . و ما الذي يمكن أن يفعلوه غير ذلك ؟ و هم رهينون بالدعم الجزائري من اجل البقاء . في الواقع ، لقد تحولوا إلى حلفاء شرعيين للنظام الرأسمالي المجرم ، الممقوت من طرف شعبه بالذات و الذي يتوجب عليه اللجوء إلى القمع السافر من اجل ضمان بقائه في السلطة.
و لقد اعترفت الأمم المتحدة في النهاية ، بأنها يجب أن تجعل المسائل واضحة منذ البداية : فالاستفتاء لن يتم إلا إذا أراد المغرب ذلك . و في بلاغ لكوفي عنان ، يونيو 2001 ، أوصى مجلس الأمن بتجميد كل المسلسل من اجل دراسة اقتراح جديد يقضي بـ: إعطاء استقلال ذاتي محدود و تقاسم السلطة خلال مرحلة من خمسة سنوات ، يعقد بعد انتهائها استفتاء حول الوضع النهائي .و يجب أن يتم الاستفتاء مباشرة على قاعدة 86000ناخب محدد الهوية و بعد خمسة سنوات يمكن من التصويت جميع السكان الذين يعيشون في المنطقة .
و لقد رفض البوليزاريو هذا الاقتراح ، المسمى طريقا ثالثا ، و اعتبره مجرد مسرحية و طالب بتنظيم الاستفتاء على قاعدة الاتفاق الأول . أما في المغرب فلقد كان هناك العديد من المواقف . فلقد وقف جزء من النظام ، بما فيهم القائد الماوي السابق ابراهام السرفاتي ، موقفا مؤيدا للاقتراح ، معتبر ينه ، في آخر المطاف ، يخدم مصالح المغرب ، بينما عارضه آخرون ، لخوفهم من أن أي تنازل فيما يخص مسألة الصحراء ، يمكن أن يؤدي إلى حدوث اضطرابات.
إن المشكل الأساسي الذي واجه قادة البوليزاريو هو كونهم لا يرون بديلا آخر : فإما القبول بما يقدم لهم ، أو العودة إلى الحرب ، و في هذه الحالة بدون الاعتماد على الدعم الجزائري . إن هذا يشكل كارثة حقيقية . ليس هذا فقط ، بل أبدو في نفس الوقت الذي اقترحت فيه الأمم المتحدة ، الحل الثالث ، أعلنت أن وكالة اللاجئين التابعة لها قد استنفدت الميزانية المخصصة لمخيمات الصحراويين في تندوف . و لقد كانت هذه رسالة واضحة من الأمم المتحدة بأنه في حالة رفض البوليزاريو الاقتراح سوف يخسرون كل المساعدات الموجهة لمخيماتهم . قامت صحافة البوليزاريو ، برفض مخطط الحل الثالث ، معطية إشارة واضحة عن لا فعالية القيادة . و لقد وصلت هذه الصحافة إلى حد التأوه بالشكوى و الاستنجاد "بالشرعية الدولية" و "كل المهتمين باحترام العدالة و القانون" "لإدانة الألاعيب المخربة التي يقوم بها المغرب و حليفته فرنسا" و "المساعدة على إنقاذ الشرعية الدولية و السلام".
التقسيم ؟
لقد أدت معارضة الجزائر و البوليزاريو لاقتراح الحل الثالث ، مباشرة إلى إصدار الأمم المتحدة لبيان (شهر فبراير 2002) . و هذه الوثيقة جد مهمة ، مكتوبة بطريقة مباشرة و صريحة و هو الشيء الغير معتاد في الأوراق الديبلوماسية المشابهة . إذ تعمل الوثيقة على وصف مفصل للوضعية الحالية للمسلسل الجاري و تستنتج انه « من المستبعد أن يُعمل على تطبيق المخطط المقترح ، في شكله الحالي . بسرعة، و من المستبعد كذلك التوصل إلى حل دائم، شامل و متوافق عليه بالنسبة للصراع حول الصحراء الغربية » و هذا يعني أن الاستفتاء لن يتم تنظيمه. و يواصل الأمين العام للأمم المتحدة قائلا انه يوجد هناك أربعة خيارات ممكنة. الخيار الأول هو مواصلة العمل بالمخطط المتفق عليه و متابعة الاستفتاء . لكن « المغرب أعلن انه غير مستعد لمواصلة العمل بهذا المخطط . و الأمم المتحدة ليست قادرة على تنظيم استفتاء عادل و حر، بنتائج يمكنها أن تكون مقبولة من جميع الأطراف، و في كل الحالات فإنها لا تمتلك آلية لتطبيق نتائج استفتاء كهذا ». و النقطة الأخيرة التي تم التأكيد عليها ، جد مهمة و تحدد وجه الاختلاف الموجود بين الصحراء الغربية و تيمور الشرقية . حيث تعترف الأمم المتحدة بان المغرب يمتلك القوة العسكرية من اجل منع تنظيم الاستفتاء و من اجل عدم تطبيق نتائجه و من تم فإن الأمم المتحدة لا تستطيع فعل أي شيء في هذه المسألة. إن جميع الخطابات حول "الشرعية الدولية" انفضحت بشكل كامل . و بعبارة أخرى ، كما صرح بذلك ممثلوا الأمم المتحدة لقادة البوليزاريو « لا يمكنكم مقارنة هذه الوضعية بتيمور الشرقية ، لأنه لا توجد هنا استراليا المستعدة للتدخل ».
أما الخيار الثاني فيقتضي مراجعة مخطط الحل الثالث . و الأمم المتحدة ليست متفائلة جدا بآفاق هذا الحل ، لكن مع ذلك لديه فضل كونه « يمكّن من تقليص حجم بعثة المينورسو » . لقد كتب هذا الإعلان في الواقع تحت ضغط الولايات المتحدة ، التي تعتقد أنها أنفقت الكثير من الأموال على بعثة الأمم المتحدة دون الوصول إلى أي نتيجة و انه قد آن الأوان لوضع حد لهذه المسرحية و الحيلولة دون المزيد من إضاعة الوقت و الثروات من طرف موظفي الأمم المتحدة .
و الخيار الثالث هو اقتراح جديد يهدف إلى تطبيق تقسيم للصحراء الغربية ، يضمن إلى هذا الحد أو ذاك نفس خطوط التقسيم الذي وقع سنة 1976 بين المغرب و موريطانيا ، مع اختلاف واحد هو كون البوليزاريو اليوم هو من سوف يحتفظ بأغلبية الجزء حيث يوجد الفوسفاط بالإضافة إلى اثنين من المدن الرئيسية الثلاث في المنطقة . كما أن هذا الاقتراح يوائم الجزائر التي سوف تكسب جارا صديقا مع منفذ على الأطلسي . و يمكن أن يجد البوليزاريو نفسه مجبرا على القبول بهذا الفتات الساقط من مائدة القوى العظمى خوفا من عدم الحصول على أي شيء . و في الواقع، أشار نفس البيان انه بخصوص اقتراح جيمس بيكر (مبعوث الأمم المتحدة) « فإن الجزائر و البوليزاريو كانا مستعدين للتفاوض حول تقسيم للأراضي كحل سياسي » . لقد صرح كل من الجزائر و قادة البوليزاريو علانية برفضهم لهذا الخيار ، لكن من الممكن أن هذا ليس موجها إلا للاستهلاك الإعلامي ، أو من اجل الحصول على جزء اكبر من الكعكة . و يخدم هذا الاقتراح حتى مصالح الإسبان أيضا ، لكونه يترك في يد البوليزاريو الجزء الأغنى بمياه الصيد في الصحراء الغربية . و لقد كانت إسبانيا دائما تدخل في مواجهة مع المغرب من اجل هذه المسـألة ، بالإضافة إلى أن البوليزاريو قد عبر عن استعداده للوصول إلى اتفاق مع إسبانيا حولها .
أما الحل الرابع فيتمثل في الاعتراف بالفشل الكلي للأمم المتحدة و "القبول بهذا الشكل بكون انه و بعد اثني عشر سنة و بعد إنفاق حوالي 500 مليون دولار، فان الأمم المتحدة لم تتوصل لأي حل في الصحراء الغربية".
ما يمكننا ملاحظته بجلاء هنا هو الإخفاق التام لاستراتيجية البوليزاريو و سياسته طوال الخمسة و العشرين سنة الأخيرة . و سياسته طيلة فترة وقف إطلاق النار ليس في الواقع إلا استمرارا منطقيا لسياسته طيلة سنوات الحرب، بمعنى انه اقتصر على نظرة قومية خالصة معتمدة بالأساس على طلب دعم هذا البلد أو ذاك. و اليوم لا يوجد هناك أي بلد مستعد لمساعدتهم بشكل جدي ، بالرغم من نوايا قيادة البوليزاريو الهادفة إلى خدمة مصالح الولايات المتحدة و إسبانيا.
إن السياسة الوحيدة التي تمتلك دلالة هي العودة إلى توحيد النضالات (الذي ساد خلال سنوات الخمسينات ، و ما بعدها) بين القوات التي تناضل ضد الإمبريالية و عملائها المحليين في شخص الملكية العلوية بالمغرب. فقط عبر توحيد مصالح الصحراويين بمصالح إخوانهم و أخواتهم في المغرب و الجزائر ، يمكن تحقيق الاحترام لحقوقهم الوطنية . إن الوضعية في كلا البلدين وضعية متفجرة . و هي التي اتضحت من خلال التمرد الشعبي في الجزائر سنة 2001 ، كما أن الوضعية في المغرب تحتوي نفس العناصر التي أثارت تلك التحركات في الجزائر . و الملكية في المغرب اليوم ليست أقوى مما كانت عليه قبل موت الحسن الثاني ، الذي وجد نفسه مضطرا لوضع الحزب "الاشتراكي" (إ،إ،ق،ش) في الحكومة . و يعاني اقتصادها أزمة خانقة تجبر مئات الآلاف من المغاربة للهجرة نحو أوربا .
إن الحل الوحيد العقلاني ، هو النضال الثوري المنطلق من الصحراء الغربية ، و في الجامعات المغربية حيث يوجد الطلبة الصحراويون. و يتوجب على هذا النضال أن يتأسس على التحرك من اجل التشغيل ، و الخبز و الديموقراطية، ولا يقتصر فقط على المطالب القومية من اجل التمكن من الوصول إلى جماهير العمال و الفلاحين و الشباب المغاربة، الذين هم الوحيدون القادرون على قلب الملكية العلوية الرجعية التي تضطهدهم كما تضطهد الصحراويين.
و هناك نقطة أخرى ، تبدو واضحة ، هي انه قبل الحرب لم يكن توجد هوية قومية منفصلة للشعب الصحراوي و لا أي تطلع نحو الاستقلال . أما الآن فنعم ، لقد ظهرت بعد اكثر من 20 سنة من الحرب الوحشية و الاضطهاد للجماهير الصحراوية في الصحراء الغربية . و هذا شيء يجب أخذه بعين الاعتبار . لكن يجب أن نكون واضحين جدا عندما نشرح للصحراويين أن المخرج الوحيد و الطريقة الوحيدة لكسب الاعتراف بالحقوق القومية ، يمر عبر النضال الثوري للجماهير المغربية تحت قيادة الطبقة العاملة.
الاستفتاء
أما عن الموقف الذي يتوجب على الماركسيين اتخاذه في حالة ما إذا قررت الأمم المتحدة تنظيم الاستفتاء حول تقرير المصير . فمن جهة أولى ، قد وضحنا الأسباب التي تجعل إمكانية تنظيم الاستفتاء مستبعدة . و من جهة ثانية، فانه إذا تم تنظيم الاستفتاء فإن موقف الماركسيين يجب أن لا ينحصر في الاختيار بين الاستقلال أو الاندماج في المغرب. فخلال مثل هذه الحالة، يكون واجب الماركسيين هو شرح حقيقة الوضعية بوضوح. يجب علينا أن نقول ، انظروا ماذا حدث في تيمور الشرقية ، لا تثقوا في الأمم المتحدة . فإذا ما كانت نتائج الاستفتاء في صالح الاستقلال فان المغرب سيعرقل تطبيقه بقوة السلاح. فمن سوف يدافع آنذاك عن الصحراويين ؟ هل الأمم المتحدة ؟ ليس هذا سوى وهم. يتوجب علينا التأكيد مرة أخرى على موقف أن الوسيلة الوحيدة التي ستمكن الصحراويين من تحقيق أهدافهم، هي خلق تحالف مع الطبقة العاملة المغربية. حتى لو حدث الشيء المستبعد و هو صحراء مستقلة في ظل الرأسمالية، فإنها سوف تسقط في يد هذه أو تلك من القوى الإمبريالية. هذا هو ما يتوجب على الماركسيين قوله للصحراويين في
#الموساوى_موس_ولد_لولاد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العلاقات التارخية العربية اليهودية القائمة على الصداقةوالتعا
...
المزيد.....
-
أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن
...
-
-سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا
...
-
-الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل
...
-
صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
-
هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ
...
-
بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
-
مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ
...
-
الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم
...
-
البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
-
قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال
...
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|