أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صباح راهي العبود - الكم والنوع وإنتفاضة العراقيين.















المزيد.....

الكم والنوع وإنتفاضة العراقيين.


صباح راهي العبود

الحوار المتمدن-العدد: 4899 - 2015 / 8 / 17 - 17:39
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


الديالكتيك هو علم القوانين العامة للحركة وتطور الطبيعة والمجتمع الإنساني والفكر.أحد هذه القوانين يدور حول تحول التراكمات الكمية الى تراكمات نوعية.ونحن هنا بصدد التحدث عن كيفية حصول هذه التحولات ودورها في خلق تغيرات في حياة البشرية.
فالعمليات التراكمية التي تحدث عبر الزمن تخضع لنوع وطبيعة ذلك التراكم ومساراته وإتجاهاته,فينتج عنها تحولات في النوع عندما تتجاوز هذه التراكمات حداً معيارياً (المقدار الحرج). فإنفجار البراكين يحدث عندما يتجاوز الضغط الداخلي لغازاته حداً معيناً يكفي لإنفجاره فتنقذف الحمم والمنصهرات المعدنية والصخرية التي تتجمد بعد إنقذافها لتصبح في حالة جديدة (حالة صلابة) هي غير ما كانت عليه. وفي علم الميكانيك هناك قانون (هوك) الذي فحواه أن القوة المسلطة لمط سلك معدني مستقيم أو محلزن تتسبب في زيادة طوله بمقدار يتناسب طردياً مع مقدار هذه القوة المؤثرة ,ويعود السلك الى وضعه الأصلي بعد زوال ذلك المؤثر.وهذا التناسب يتم بحدود معينة . فإذا تجاوزت القوة حد المرونة (المعيار) فإنه سينمط ولايعود الى وضعه الأصلي إذ لايخضع لقانون هوك.
وفيما يخص النظام الإجتماعي نرى أن مؤشرات التجاوز على مصالح الشعب وحريته هي القيام بعمل ثوري لا يستطيع المقابل إستيعابه مما يفقده السيطرة لمواجهته مما يؤدي الى الفشل في الحفاظ على ما هو سائد. فالإنفجار الإجتماعي ما هو إلا تراكم للمستحقات التاريخية في عملية التطور . وإن التحولات الكمية الى نوعية تعود لذلك الموضوع وليس لقوة خارجية ميتافيزيقية.فالشعوب قد تصبرطويلاًعلى ظلم وإضطهاد حكامها المستبدين لكن ذلك لا يمكن السكوت عنه الى الأبد. وعندما يتمادى هؤلاء الحكام في ظلمهم لشعبهم ويتجاوزون المعيار(يسميها البعض توفر الظروف الموضوعية) سينتفض الشعب ويحدث الإنفجار الذي لا عودة عنه . وكثيراً ما نسمع عن تجاوزات لحكام على شعوبهم لكنها لا تؤدي بالضرورة الى الثورة أو الإنتفاض لأنها لم تصل أو تتجاوز المعيار بعد. فكم من شاب أقدم على الإنتحار إستنكاراً لموقف ما سواء أكان ذلك الموقف شخصياً أم إجتماعياً أم سياسياً لم يثر إنتباه أحد مثلما أثاره وسببه إنتحار عزيزي في تونس قبل أعوام ,لأن حادثة عزيزي كانت قد سببت عبور المعيار في تونس فكانت القشة التي قصمت ظهر البعير ليحصل ما حصل. أما في العراق وعلى الرغم من أن حالة إرتفاع درجة حرارة الجو تتكرر كل صيف يصاحبها إنقطاع التيار الكهربائي ولفترات طويلة في أثناء اليوم, لكن ذلك لم يكن كافياً لتجاوز المعيار الذي معه يحصل الإنتفاض بهذه الأعداد الكبيرة, لكن هذا أصبح كافياً لهذا التجاوزبعد أن تمادى الحكام في إهمالهم لشعبهم والإنشغال في عمليات النهب والسرقة لأموال الشعب وبدون حياء ولا خجل ولا خوف حتى,ومن ضمن تلك السرقات عشرات المليارات من الدولارات التي( صرفت !!) بحجة حل مشكلة الكهرباء في العراق والتي غدت بعيدة الحل في حين ظل الشعب يعاني الأمرين في غياب الكهرباء وخاصة في جو الصيف الحالي القاتل. وبهذا أصبحت الظروف مواتية للإنتفاض بعد أن تجاوز الأمرالحد الحرج بفعل غياب الكهرباء, فحصلت الشرارة معلنة بدء ثورة الشعب ضد الظلم والتي تجلت على هيئة مظاهرات أرعبت مافيات السرقة والنهب واللصوصية وهم من تسيد على الشعب في غفلة من الزمن فأصبح العراقيون بدون قياد, فأبيحت ثرواته وهدرت طاقاته وسرقت أمواله بشكل غير مسبوق,صرفت ملايين الدورات على أمور تافهة وغدا الإستحواذ على مقدرات الشعب مسألة في غاية السهولة يمارسونها بدون خوف لا بل يتسابقون في ذلك. عقدوا إتفاقيات مع شركات وهمية بمليارات الدولارات التي إستقرت في جيوبهم ,ثم راحوا يعقدون صفقات السلاح والمعدات العسكرية بأسعار خيالية وبعشرات الألوف من الدولارات لتتوزع على أعضاء تلك المافيات . سرقت أملاك الدولة والناس ليسجلوها بأسماء الأهل والأقارب والخلان. رحلت الأموال السحت خارج البلاد , منحوا رواتب عالية لآلاف الفضائيين لتجد طريقها الى جيوبهم التي لايمكن أن تمتلئ .سرقت الوظائف من أصحاب العقول والكفاءات ومنحوها للتافهين الأميين مزوري الشهادات , حاربوا العلم والعلماء والأدباء والمفكرين وقسموا الحقائب الوزارية والدبلوماسية والمديريات العامة على الأعوان والأذناب وأعضاء الأحزاب المتسلطة وكذلك على الأهل وذوي القربى الذين هم أولى بالمعروف!!. طبقوا وصايا ميكافيلي بصفاقة فزوروا الإنتخابات وسرقوا أصوات الناخبين بقوانين وتعليمات جائرة على وفق ما يشتهون,ثم سطوا على بعض المنجزات والحقوق التي تخص المواطنين وخاصة النساء..وفي ظل وجودهم حصل ما لا يُعقل ولا يُصدق إذ أصبح الجهلة قادة فرق عسكرية دون أن يكونوا مؤهلين لقيادة طفل بعد أن منحوهم رتباً عسكرية لا يحلمون بها فأدى هذا الى سيطرة الإرهابيين على أرض العراق الطاهرة وما رافقه من فقدان لآلاف من أبناء الشعب قتلى من دون أن يدخلوا معركة.أخيراً إستدعوا بعض العملاء والقتلة من ذوي التاريخ الأسود ليمنحوهم مناصب رفيعة في الدولة وإقترن ذلك بالإبعاد المتعمد لكل وطني غيور تمادياً في إحتقار أبناء شعبهم بحجة أنهم علمانيون ملحدون وكفرة وأعداء للدين , وكلما علت دعوة الناس الى إبعاد اللصوص وإبدالهم بوطنيين مخلصين, بادر الحكام الى تلميع يافطة تحمل شعارهم البالي ( العلمانية كفر وإلحاد) ,ويزداد إندفاعهم بهذا الإتجاه كلما زادعلو صوت الشعب في فضحهم وتعريتهم. وبموازاة ذلك فهم يرتبون أمورهم وأموالهم خارج البلاد إذ أسكنوا عوائلهم في فلل راقية بعواصم دول أوربية ليلتحقوا بهم عند الإضطرار حاملين على الأكتاف حقائبهم المملوءة بالمال الحرام.
تميزت الفترة التي تسلط الأشرار خلالها على مقدرات الشعب بغياب أية فعالية أوخطوة لحل مشاكله بما فيها الأساسية والتخفيف عن معاناته في الأقل وكأن الأمر لا يعنيهم البتة,فلا تخطيط ولا إصلاح ولا إنتاج ,وإن فعلوا فإنها مشاريع سراب تصرف أموالها المقررة لشركات وهمية لا وجود لها.
وعلى فرض أنهم قادة مخلصون لشعبهم, إهتدوا بالتعاليم الدينية مسلكاً وحملوا مخافة الله بين أعينهم سعياً لمرضاته, لكن الذي حصل معكوساً تماماً ,فالزراعة مهملة ,لا صناعة ولا معامل ولا أي إنتاج . الحدود مع بلدان الجوار بلا رقيب,وحقنا في المياه مسروق ولا من مطالب ووو....الخ . وبوجودهم إنتشر الجهل والمرض وشاع الفقر وتوزع على الملايين من العراقيين. أهملت المدارس وأخذت الأمية تلفظ مسا وءها على المجتمع , مدن مهجورة ومنازل مهدمة, وملايين من الثكالى والأرامل والأيتام والمعوقين ,أموال منهوبة , أمان مفقود سلام مهدد بسبب المحاصصة الطائفية المقيتة التي أقروها( لتسهيل توزيع الغنائم فيما بينهم) ولتزداد فرقة الناس وتدمر وحدتهم ثم تمخضت عنها ولادة داعش وما نتج جراء هذه الولادة القذرة .الى جانب مئات الألاف من المهاجرين من بينهم عدد كبير من ذوي العقول الجبارة. ولهذا وغيره تجاوز الوضع الحد الحرج ليثور الشعب العراقي ضد هؤلاء.
لقد كانت المرجعيات الدينية تراقب الأحداث وإتضح لها سبب الفشل الحكومي في الأداء والقيادة فأشارت ثم أفصحت بضرورة إشراك من هو الأصلح لذلك دون النظر لمعتقد أو إنتماء عرقي أو إثني وممن يمتلكون القابلية والإخلاص من التكنوقراط والعلمانيين وإبعاد اللصوص والمقصرين ,ثم أعطي رئيس الوزراء حيدر العبادي الضوء الأخضر لتحقيق رغبة الشعب ومطالبه المعلنة خلال المظاهرات الصاخبة التي إجتاحت مدن العراق. وبدلاً من إعتراف الحكام بفشلهم والإنسحاب بهدوء من المعترك ,راحوا يكيلون السباب والإهانات لشعب العراق المظلوم .فلقد أعلن أحدهم وهو لص مشهور وعلى شاشة التلفزيون وبكل صلف ووقاحة إنه سيضع كل من طالب بخلعه وطرده من السلطة تحت أقدامه ويعود مباشرة بتكرار الإهانة,وآخر قال إن منصب قيادة الشعب وحذاءه سواء. أما البطل الثالث (وهو الذي أضحى من مشاهير أغنياء العالم بعد إستلامه السلطة في العراق) والذي عطل تشكيل الوزارة لمدة تقرب من عام في صراع حيواني على فترة رئاسية ثالثة فقد أعلن راجفاً مما حصل وهو يسمع الشتائم تنطلق من أفواه المتظاهرين بأن منصب قيادة الحكومة لا يزيده شرفاً ,ثم وصف االمظاهرات بأنها مسألة مدفوعة الثمن !!.وهكذا تُنفث سموم الذل والإندحار لتطال أبناء الشعب لا لسبب سوى أنه قال لهم (يالصوص) وهي أرحم إهانة يوجهها لهم الشعب الثائر.ولا بد لنا من الإشارة الى ماقامت به مجموعة نقلتها سيارات خاصة أوصلتهم الى جدارية (فائق حسن) عدد أفرادها مابين ( 60 -70 ) فرداً من إعتداء بالضرب والإهانات لمجموعة من الأدباء والمثقفين قادة المظاهرات في يوم الجمعة 14 آب لأن بعض المتظاهرين هتفوا بشعار( باسم الدين باكونه الحرامية) على الرغم من أن هذا الشعار لايحمل بين طياته أية إساءة للدين الحنيف,ومن هؤلاء المعتدى عليهم الأساتذة علي السومري , حميد جحيجح,بسام عبد الرزاق, علي الجاف إضافة الى مجموعة من النساء. ثم بادر هؤلاء المعتدين الى ترديد شعار ( أهل العرق والبيره إشجابكم عل غيره) في إشارة الى أن كل من رفض حكم اللصوص هو سكير وكافر!!.
لقد إنصبت مطالب المتظاهرين ومن خلال الشعارات المرفوعة على تأسيس حكومة علمانية من وزراء تكنوقراط ( وما أكثر المخلصين المؤتمنين منهم) على أن تكون بعيدة عن التكتلات الدينية والمذهبية والشوفينية .ولا بد من التأكيد على أن العلمانية لاتمت بالكفر والإلحاد بأية علاقة كما يشيع الحاقدون ,فهي لا تحارب ديناً ولا تتحيز لمذهب من المذاهب, ولا لقومية من القوميات. العلمانية تشيع الحرية للناس بحدود إحترام حرية الآخرين, وتتيح الفرص للجميع للتمتع بملذات الحياة ,وتعمل على توفير الرخاء لكل الناس . هي لا تسمح بتهديم أي من دور العبادة ,ولا تحاسب أحد لمعتقد حمله أو لممارسة فكرية مادام ذلك لايؤثرعلى الآخرين, هي لاتسمح بسرقة أموال الشعب ولابخيانته .والعلمانية تسعى لجعل الطريق الى السعادة سالكة .



#صباح_راهي_العبود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التلفون ..... وذكريات خمسينية.
- وزارة مقترحة بعد إنتفاضة المضطهدين.
- بمناسبة الذكرى الستين لإنتفاضة أهل الكوفة عام 1956.
- إنتفاضة أهل الكوفة عام 1956 ..........بمناسبة ذكراها الستين.
- إبن عمها أكبر منها سناً وحجماً.
- عصابات بأنماط متنوعة.
- تقديرعمر الآثار
- تراث غنائي عراقي.............حضيري أبو عزيز
- محسن جبرالكوفي ...مطرب عاشق مات مسلولاً
- ذكريات مدرس في مدرسة مسائية
- نوري .....وبصمة الجسد
- سلاماً نساء العالم.. ...عشية اليوم العالمي للمرأة
- القفز من فوق السياج
- قيطان الحذاء المفقود
- العلماء أفكار وأجساد.....وأفكارهم لا تفنى بقتلهم
- النذالة و الأنذال
- منتدى الجامعيين العراقي الأسترالي......وحقوق الإنسان
- عندما تجاهلت اللبوة نصيحة الأسد
- الدقة.....وأسواق الدقة.
- القيثارة البابلية تعزف لحن الوداع لرحيل محمد جواد أموري..... ...


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - صباح راهي العبود - الكم والنوع وإنتفاضة العراقيين.