مرتضى عصام الشريفي
الحوار المتمدن-العدد: 4899 - 2015 / 8 / 17 - 14:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كنت من المتفائلين جدّاً، وما زلت؛ بما جرى في بلدي العزيز من ظاهرة حديثة النشأة؛ إذ أصبحت الجماهير هي الحاكم المطلق في توجيه السياسة العامة، وأصبح السياسيون، والإداريون، والمفكرون يخضعون لها، ويخشون غضبها، وهذا من معالم الديمقراطية الحديثة؛ وأودّ الإشارة إلى أمرين في عنواني ذي الشطرين المتناقضين بين التفاؤل، والتشاؤم، وهما :
.
الأول : إنّ التظاهرات التي خرجت ـــ بغض النظر عن ما قيل عنها، وما حدث فيها ـــ تعدّ فريدةً من نوعها في العالم؛ إذ انقلبت هذه التظاهرات لصالح الحكومة خلاف ما هو معروف من الخروج عليها، ولهذا الأمر عوامل كثيرة من أبرزها حكمة السيد السيستاني (حفظه الله) في وقوفه مع مطالب هذه الجماهير، وتوجيهه هذه الجموع لمساندة الحكومة في مشروعها الإصلاحي، وبذلك جنّب البلاد فتنةً لا نعلم عواقبها؛ لو بقيت هذه الجموع من دون توجيه في وقتٍ حاول بعضهم الانتقاص من هذه الجماهير بشتى الوسائل، والأقاويل، وكأنّه يرمي بالزيت على النار، وهو غير ملتفت لحكمة هذا الرجل الحكيم في إيحاءاته للجماهير .
.
لكن يجب الالتفات إلى نقطة مهمّة، وهي : لا يعني أنّ كلّ ما يقوله المتظاهرون صحيح، ويجب تنفيذه، بل هناك الكثير من المطالب غير دستورية ذات طابع سياسي، وبعضها غير قابل للتطبيق، وبعضها يناقض الهدف من التظاهر، وهو (الإصلاح)؛ لذلك يجب على الجماهير أنْ ترتقي بفكرها السياسي، وتحاول أنْ تكون وسطية المطالب، والحماس، لا تندفع كثيراً؛ كي لا تسمح للمنتفعين من استغلالها، وتحويلها إلى غوغاء لا تسير على هدى، وهدف .
.
الثاني : أحبّ في هذه النقطة أنْ أسجّل مخاوفي من تطوّر هذه التظاهرات دون التركيز على هدفها (الإصلاح)؛ لأنّ استمرارها بصورة تجمد فيها المطالب، وتتصاعد فيها لغة الإقالات دون حدود، مع تغيّر نوعي في سلميّتها قليلاً؛ لهو مؤشر خطير على الفوضى، وعلى فقدانها صفة الاستقلالية .
وما حدث في الجمعة الماضية من اشتباكات بين المتظاهرين؛ بسبب ما حصل فيها من شعارات، ودخول مجموعة كبيرة من المعمّمين ساحة التحرير تحمل شعاراً معيّناً في محاولة تصويرها كأنّها حربٌ دينية علمانية يزيد من احتمال حدوث هذه الفوضى .
.
وأكبر الخطر ما يحدث في المحافظات من تزايد وتيرة هذه التظاهرات بين الجماهير، ومجالس المحافظات .
على المتظاهرين بعد ما حقّقوه من أهداف أنْ يعربوا عن مساندتهم للحكومة في مشروعها الإصلاحي، وأنْ ينتظروا ما سوف يحدث من إصلاحات، وإعطاء الحكومة الوقت الكافي لتطبيق إصلاحها كما قالت المرجعية، وفي هذه الفترة عليهم أنْ يطوّروا من ثقافة هذه الظاهرة الحديثة عبر عقد المؤتمرات، والندوات، محاولين إذاعتها في ربوع العراق؛ كي ترتقي بنا؛ لنرتقي ببلدنا إلى مصاف الدول الكبرى .
#مرتضى_عصام_الشريفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟