|
الاصولية تجذر مداميكها بالتعاون مع الانظمة الراهنة
سليم النجار
الحوار المتمدن-العدد: 1350 - 2005 / 10 / 17 - 11:53
المحور:
ملف 15-10- 2005 الديمقراطية والاصلاح السياسي في العالم العربي
لعل مقاربتنا لبعض العوائق الراهنة أمام الديمقراطية العربية ، تطرح علينا عددا من الأسئلة والتساؤلات ، قد يساعدنا التفكير – او حتى التأمل – فيها على الوضوح في رؤية هذه العوائق ، والعمل في اتجاه أزالتها ، او تجاوزها ، او التخفيف منها ... او حتى الالتفاف عليها .
وطبيعي ان تطال هذه التساؤلات ، عوائق فكرية أمام تقدم فكري ، وعوائق اجتماعية ، وعوائق من النظام السياسي ، ومن السلطة ، سواء كانت هذه السلطة حاكمة ام خارج أجهزة الحكم .
في البداية علينا التساؤل : هل انتهى فعلا دور المثقف التنويري ، أي الوطن الديمقراطي ، ام يراد له ان ينتهي ؟ احباني هذا المضمار التأكيد على ان هناك استبدال حقيقي للمثقف التنويري ، بالمثقف السلفي جمهومه الواسع . السلفي ليس بالمضى الديني ، بل أوسع من ذلك بكثير ، سلفي في قراءة التاريخ ، وسلفي في التعاطي مع متغيرات العصر ، وسلفي في طرح الرؤوس لمعالجة الإشكالية المزمنة ، كيف تكون مجتمعا عربيا ديموقراطيا ؟!
وهذا المثقف السلفي الطاعن على المشهد الفكر العربي ، يدفعنا إلى تساؤل آخر ، هل صحيح ان الايديولوجيات انهيارات وانتهت ، ام يراد لنا ان نغمض العين والفكر عن واقع صارخ هو ! ان الايدولوجيات الأكثر تضليلا وضلامية وقمعا لحركة الفكر وتسفيها للنضالات الاجتماعية واهدافها – هكذا ايدولوجيات – هي الآن في الفترة السعيدة من جعودها العاصف ونفوذها الأكثر عصفا وتدميرا ؟
وهل صحيح ان الصراعات الاجتماعية ، والحركات الهادفة إلى التغير الاجتماعية والعدالة ، قد تلاشت ، او تتلاشى ، لتحل محلها القدرات الهائلة لتفريعات المثقف السلفي تحديدا بالمعنى الديني ، المدعوم وبشكل مباشر ، حيث تتقاطع المصالح وتتبادل الأدوار من قبل للشركات المعولمه والمعوله لحضارة الحاسوب ووسائل الاتصال الحديثة والانترنت ، التي ستحمل ، هي الى الشعوب ، ومنها شعوبنا العربية ، الازدهار والبحومه والعدالة والمستقبل الوضاء ... فيتلاشى قصر الفقراء ؟!
وهل صحيح ان الانهيار التاريخي للناصرية ، وضع حدا لحركة التاريخ ، بعد ان تممتها انهيارات حسن الترابي الفكرية ، والتي ضمرت في نهاية المطاف لحزب سياسي معارض على الطريقة العربية ؟! وهل هذا الهبوط المريع ، او الركود ، في الحياة السياسية العربية ، بمضى ضمور دور الأحزاب السياسية ن وتلاشي بعضها ، مرده لفشل الأفكار السياسية التي تسلمت مقدار الحكم في بعض البلدان العربية والتي انتهت لحكم عائلات عصوبية ؟!
- واين مكان ( اودور ) الديمقراطية ، والناس ، والثقافة ، والتحكم ، والفكر النقوي ، والتعددية والحوار والتفاعل المبدع ، والفعل التطويري . في كل هذا ؟
- هذه التساؤلات وغيرها كثيرا ، لم يكن لها ان تنهض وتطرح نفسها مرة أخرى ، لولا الدعوات الأمريكية في الإصلاح السياسي للأنظمة العربية ، التي استنفذت كل شروط بقاءها حسب المواصفات الأمريكية ! علما ان شروط بقاءها غير متوفرة أساسا منذ هزيمة عام 1948 ، وإنشاء الكيان الصهيوني ! وكأن الهزائم كانت وما زالت على موعد في العالم العربي ، ومتربطة ترابطا جدليا ، أدى فيما أدى ، طغيان ثقافة سلفية ، ليس من اليسير ، او ليس بالإمكان تبين معالمها . ولا حتى أشكال صراعاتها ....
ومع هذا لابد ان نبحث ، في مستقبل الديمقراطية والإصلاح السياسي في العالم العربي ، وبداية في العوائق ، أمام هذه الثقافة السلفية ومستقبلها . ولعل أهم عائق ، إشاعة القمع الفكري ، وترسيخ الأحادية ، وغياب ثقافة الحوار ، هو السبب الرئيسي في انجاز الهزائم العربية ، وتكريس ديمقراطية القمع !
والمفارقة ان واقع ديمقراطية القمع البولسي ، ولدا الهزائم العسكرية العربية في زمن ديمقراطية الاعتقال . وفي زمن القاعدة ، هزمنا فكريا ، بفتاوي السلفيين .
المتزمتين ، القامعه للفكر وحرية البحث والتفكير ، ام يتريخ احادية الفكرة ، وعدم قبول بالفكر المختلف ، او بالتحاور معه ، او بالتفاعل مع جديد الفكر والعلم والثقافة ! .. واخطر ما اقدم علية الفكر السلفي المتجمد ، انه يتحرك ويتطور ويتفاعل مع ثقافة الماضي ، كمستمع ومصدق لهذه الثقافة المختلف عليها ، ومن ثم يصدر فتاوى تخاطب المعاصر من حياتنا .
والاهم : يحاولنا جاهدين إعادة قراءة الواقع ، ضمن تصورات سابقة ، غير مثقف عليها وفي صدورها الدنيا معرفيا .
وان غياب المعرفة التاريخية ، والاستعاضة عنها ، بمعرفة شفاهية تناقلتها الألسنة ، هي المدباك الأول ، التي تعتمد عليها الفتاوى السلفية المتوهمه بإنتاج فكر إسلامي ! وهو بهذا المعنى غير مدان ، ومقدس حسب تطوراتهم وقناعاتهم ، خاصة اذا ما تم تعميد هذه الثقافة بالأحاديث النبوية المنتقاة ، والمنبث عن بساقاتها التاريخية ، كذلك يفعلون مع النصوص القرآنية ، لتبدد الصورة ، ان هناك شرعية مقدسة ، لا يجرأ احد الاقتراب منها ، وشفيره لمن يجرأ ، ان مصير . سيكون مظلم اذا اقترب من هذا المقدس .
هذا الفعل اللامعرفي ، اخاف الكثير من المثقفين العرب ، وبدأوا التعامل معهم ، بنوع من الليونة ، والميوعه ، مما افقد المثقف العربي ، قدرته على التميز ، بين الانفكاك من ما هو معرفي ، وغير معرفي ، حتى لو حاول البعض الكشف عن اللامعرفة يتحول هذا الكشف ، إلى حالة فكرية تتجلى صورنها باللامعنى بتصير آخر لن تفضي عن شئ يذكر .
في ظل هذا المشهد الفكري المعقد داخليا طغيان فكري سلفي يعيش ويقتات على ارهاب عشوائي غير منضبط على صعيد التوجه العام غير انه منضبط على الصعيد التنظيمي ، وظرف خارجي امريكي يردد شعارات سياسية فحواها الإصلاح السياسي في الوطن العربي .
أمام هاتان الصورتان ، تتماهى الفوضى الخلاقة ، التي ترددها الماكينة الإعلامية الأمريكية ، والتي نظر لها كبار المفكرين الرأسماليين الامريكيين ، حيث يطالبون بفوض خلاقه !
غير معروفة الغايات ، الامزيد من نهب ثروات العالم العربي ، وإرهاب عشوائي لا يعرف الا القتل المجاني ، ليتمكن من خلال هذا القتل ان يحتل حيزا إعلاميا كبيرا على فضائيات العالم الذي توهم من خلال امتلاكه لهذا الحيز بفعل القتل ، انه يستطيع الترويج لافكاره .. وما يدفع هذا الوهم بالتنامي ، تواطؤ الأنظمة العربية معها باشكال مختلفة ، ويلف كالمحاولة إقناع الامريكيين على وجه الخصوص ، انهم الأقدر على مواجهه هذا الإرهاب ، وهنا تتماصي الوظائف مع النتائج ، الوظائف السلفية ، والنتائج لهذ ه الوظائف التي تزعم سلطة تلك الأنظمة !
من الواضح ان نمط هذا التفكير السلفي . هو العائق الحقيقي أمام أي إصلاح سياسي ، او بعث فكره الديمقراطية على صعيد الفكرة . وطبعا هنا المقصود استثناء الأنظمة العربية الرسمية ، لأنها أصلا خارج اللعبة السياسية المجتمعه العربية ، فهي كل الذي تقوم فيه ، أدامه حكم مصالح لعدد من الأفراد ، وكل حسب الميثولوجيا التي أحضرته لسدة الحكم .
من هنا لم تعد فلسفة الإصلاح السياسي المراد نشرها في الفكر العربي ، ضرورة او ملحه بقدرما نخدم السلفيين ، والأنظمة العربية ، واللذان لايؤمنان الا بديمقراطية الاعتقال ، او القتل وفي كلا الحالتين ، تؤدي هذه الأفعال إلى السكون والكبت على مختلف الصعد الفكرية ، حتى تصل إلى الحياة اليومية للإنسان العربي .
ان أي تحقيق ديمقراطي يمكن الإشارة له ، يجب ان تبدأ ، وقبل أي فعل آخر ، هو تجديد الفكر العربي من خلال التأكيد على حرية تداول المعرفة بشكل حر ، غير قابل للتأويل على المستوى الأول ، ومن ثم يتم التأويل كل حسب توجه السياسي والايديولوجي .
واذا كانت الدعوة لحرية تداول المعرفة على مختلف الصعد ، وبشتى مناحي الحياة والفكر معا ، بمختلف مضامينها القومية والدينية ، يجب على ان لا تقوم على تجاهل العصر ومعطياته ، والا نصيح خارج العصر ، كما نحن عليه الان . هذا اذا ما اردنا العودة للعصر الذي نعيش فيه !
#سليم_النجار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سرك حماس في غزة
-
الدراما العربية تستشف هي الاخري ازمات التاريخ العربي
-
ناجي العلي.. قمر المنفى
-
المشروع النهضوي العربي- التحدي التاريخي
-
قراءة في الاسلام السياسي - مسلسل الطريق الوعر
-
تصريحات محمود عباس كوميدية
-
حفل راقص امريكي ايراني
-
انبهـــــار الثقافـــــة العربيـــة فـي اشكالاتهـــا
-
انجاد مرشح الفقراء ........ حصر الاصوات .....
-
لمــاذا اليســـار الان ؟ قتـــل جـورج حـاوي خطوة علـى الطريـ
...
-
الحلقة الثانية في قراءة المشهد الثقافي الفلسطيني
-
قراءة في المشهد الثقافي الفلسطيني
-
الثقافة الفلسطينية -أنا- منغلقة على ذاتها، وفضاءا مفتوحا على
...
-
الماركسية في فلسطين فراغ سياسي، وطور زمني يحذر من التجدد
-
الجزء الثاني من القراءة للدولة الفلسطينية
-
الدولة الفلسطينية فلسفة يومية.. ضد الراهن المنهار.. ومقاومة
...
-
-الحركة العمالية العربية- بين طاعون الفقر وكوليرا القوانين ا
...
-
معضلة الأمن في الفكر السياسي الفلسطيني
-
عرضية أيدولوجية أزمة العقل العربي السياسي
-
سوريا في مفترق طرق استراتيجي ـ لبنانيا
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
الديمقراطية وألأصلاح ألسياسي في العالم العربي
/ علي عبد الواحد محمد
-
-الديمقراطية بين الادعاءات والوقائع
/ منصور حكمت
-
الديموقراطية و الإصلاح السياسي في العالم العربي
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|