أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - سجّلْ يا زمان














المزيد.....

سجّلْ يا زمان


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 4898 - 2015 / 8 / 16 - 10:27
المحور: المجتمع المدني
    


أكتبُ شهادتي من أرض مدينة الإسماعيلية في حفل افتتاح قناة السويس الجديدة. الأرض التي وقفتُ عليها قبل عام وتجولت فوق يابستها، وكنت انتقي من أرضها صخورًا صغيرة للذكرى. واليومَ، كان على قدميّ أن تتحركا للوراء لأن اليابسة لم تعد هناك، حيث سار اليابسُ ماءً مالحًا متلألئًا بين ضفتين، يحمل فوق صفحته سفنًا ومراكبَ وحاوياتٍ عملاقة تحمل مئات الآلاف من أطنان البضائع التي تجوب أرجاء الدنيا، موفرة على البشرية مليارات كانت تُهرق في الدوران حول الرجاء الصالح.
أسجِّلُ على الزمان أنني هنا الآن. أقفُ على ضفّة قناة السويس الجديدة في الثانية من ظهر يوم السادس من أغسطس 2015 أنتظرُ مع المنتظرين، أن نشهد لحظة تاريخية من عمر مصر الضارب في عمق الزمان. بعد برهةٍ، سيصلُ يختُ المحروسة العريق. تعلو صواريه أعلامُ مصر، ويحملُ متنُه رئيس الجمهورية المصرية مع رفقائه من ملوك العالم وأمرائه ورؤسائه، وفي صحبتهم الطفلُ المصري الصغير المرزوء بالسرطان: "عمر صلاح" الذي طلب من الرئيس أن يشهد افتتاح القناة وهو يلبس زي الجيش المصري، فلم يبخل عليه الرئيسُ، ولا بخل علينا، بأن يملأ قلبَ الصغير، وقلوبَنا، بحفنة من الفرح، سوف تخفف عنه بالتأكيد وجعَ مرض ثقيل، لا يرأف بصغير، ولا يرحم معوزًا، ولا يرأف بأم جفَّ الدمعُ من عينيها على وليدها المُعذّب.
أُسجّلُ على التاريخ أنني شهدتُ بعيني، لا عبر الشاشات ولا كتب التاريخ، قلمَ الرئيس المصريّ عبد الفتاح السيسي، يوقّع صكّ بدء تشغيل القناة الجديدة رسميًّا، ويختمه بخاتم الدولة المصرية. وفي خلفية المشهد، تمرُّ سفينةٌ عملاقة تحمل مئة ألف طن من البضائع، ويزعقُ بوقُها كأنها تقول لمصر: شكرًا أيها المصريون أن وفّرتم عليّ الدوران الطويل حول رأس الرجاء الصالح، كما كانت جدّاتي السفن يدرن حول أفريقيا بأثقالهنّ قبل قرن ونصف القرن. تقول السفينة ببوقِها الزاعق: "شكرًا لكم، ومبروك على العالم.”
أسجّلُ على الزمان أن قلبي خفق بشدّة وأنا أسمعُ نفير أبواق حاوية البضائع العملاقة يقطع كلمةَ الرئيس ويُغطي صوتُها على صوتِه. لستُ أدري إن كانت تلك الواقعةُ مقصودة أو عفوية. فإن كانت مقصودة فإن مَن فكّر بها عبقريّ؛ لأنه أراد أن يوجه رسالةً للمصريين بأن العمل قبل الكلام. والعمل يكسرُ الكلام. فإن حان العمل، سكت الكلام. وإن كانت عفوية، فصمت الرئيسُ بمجرد سماعه صوت نفير السفينة، فتلك رسالة مباشرة من الرئيس يودّ أن يقول لنا عبرها: "إن ما ينتظرنا كمصريين هو العمل. فإن حانت ساعةُ العمل، وجبَ معها الصمتُ. لآن الصمتَ في حرم العمل، عبادة.
أسجّلُ على الزمان أنني عشتُ حتى شهدتُ، وانتخبتُ، رئيسًا يصحو في السادسة صباحًا ويبدأ يومه بجديّة تليق بقائد يودّ أن ينهض بدولته النامية التي تأخرت كثيرًا عن ركب الدول، وهي أمُّ الدول وصانعةُ الحضارات.
أسجِّلُ على التاريخ أن الرئيس في كلمته التاريخية من فوق منصّة حفل افتتاح قناة السويس الجديدة، ترك الأوراق المكتوبة جانبًا وقال: “اسمحوا لي أن أرتجل كلماتي. فالكلامُ المكتوب المنمّق موجّهٌ للمثقفين والنخبة. وأولئك لا يعنوني، بقدر ما يعنيني الشعبُ المصري البسيط الذي أنا منه والذي أنا هنا من أجله. أنا هنا من أجل البسطاء، ومن أجلهم قبلتُ الرئاسة لأعمل لصالحهم. الغلابة هم من يعنوني في المقام الأول، ومن أجلهم أوصل الليلَ بالنهار وأعمل.
أسجّل على التاريخ أنني سمعت الرئيس يقول بفخر للعالم أجمع: “ليست قناة السويس الجديدة هي أكبر إنجازات مصر الراهنة. إنجازُها الأهم والأخطر هو مقاومة الإرهاب وتبوير التجارة باسم الله وباسم الدين. مصرُ نجحت فيما أخفقت فيه دولٌ كثيرة حولنا.”
أسجّلُ على الزمان أنني سمعتُ رئيس جمهورية مصر يقول بتواضع الكبار: “ليست قناة السويس الجديدة إلا الخطوة رقم واحد في مشوار طوله ألفُ خطوة.” نعم أيها الرئيس، هو مشوار طويل وشاق لكنه ممتع؛ لأننا سنصافح عند نهايته عزيزًا عزّ علينا كثيرًا وغاب عنّا طويلا، اسمه الغد المشرق. مشوار البناء الذي تأخر عقودًا، ملأناها بالفوضى والكسل والتراخي عن صناعة هذا الغد، الذي يليق بمصر وتليق به.
أُسجّل على التاريخ أنني بكل اطمئنان انتخبتُ رئيسًا جادًّا قال أمامي في لقاء الأدباء والمثقفين: "أمامنا خياران بشأن إنقاذ مصر من السقوط: إما ننجح، أو ننجح، ليس أمامنا بديل ثالث.”
أسجّل على التاريخ أن حلمي الشخصي قد تحقق اليوم. ظللتُ أحلُم بأن يتوحّد المصريون على مشروعٌ قومي يصطفّون خلفه ويكون محورَ أحاديثهم ومادةَ ترقّبهم للغد. مثل اصطفاف المصريين في الستينيات حول مشروع "السد العالي". كان المصريون من شمال مصر إلى جنوبها يتحدثون عنه، لهذا كان ذاك الجيل مثقفًا وممتلئًا لأنه كان "مشغولا" بحلم مصري. عشنا عقودًا فارغة من الحلم بعد السد العالي، فتفشّت الأمراضُ المجتمعية كالطائفية والتحرش والفوضى والكسل والشكلانية، لأن المصريين كانوا "فارغين من الحلم". الآن، أصبح لنا حلمٌ ننشغل بتحقيقه لهذا سيكون الغد نقيًّا من تلك الأدران التي أهلكتنا، وأهلكتْ مصر.
أسجّلُ على التاريخ أن الفرح يغمرني اليوم، مثلما #مصر_بتفرح .



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رئيس الغلابة
- قالت المحروسة
- قبطانةٌ على صفحة مياه القناة
- ماذا قال لي يختُ المحروسة؟
- هل تغفرين لنا يا مصرُ؟
- على متن يخت المحروسة
- هالةُ الأموات … تُجرّم نقدَ ما فات
- صخرتان من أرض القناة
- بلحةُ المحب... قضية
- نفرتيتي.... جميلةٌ أتلفها الهوى
- على شرف علي الحجار
- يقول الدواعش... يقول المصريون
- هديتي للرئيس
- التكبير في ساحة الكنيسة
- لا تقتلوا الخيرَ... والتمرُ خيرٌ
- 30 يونيو رغم أنفكم يا هالوك الأرض
- الله يسامحك!
- فارسٌ وجميلة وبعض خيال
- ليه كده يا أم أيمن؟!
- لماذا أكتب في -نصف الدنيا-؟


المزيد.....




- الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة
- 11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضي
- كاميرا العالم توثّق معاناة النازحين بالبقاع مع قدوم فصل الشت ...
- خبير قانوني إسرائيلي: مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت ستوسع ال ...
- صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق ...
- أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
- كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ ...
- مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
- ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم ...
- كاميرا العالم توثّق تفاقم معاناة النازحين جرّاء أمطار وبرد ا ...


المزيد.....

- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي
- فراعنة فى الدنمارك / محيى الدين غريب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - فاطمة ناعوت - سجّلْ يا زمان