أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - محمد عبد المجيد - إعادةُ تصنيع الزمن الجميل!














المزيد.....

إعادةُ تصنيع الزمن الجميل!


محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)


الحوار المتمدن-العدد: 4898 - 2015 / 8 / 16 - 02:06
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


إعادةُ تصنيع الزمن الجميل!
لا يمكن أن تتحدث عنه على أنه ماض فقط، أو ذكريات مرَّت بك أو عليك، أو حنين جارف لفترات زمنية أو ابتلاع حبوب استمرار النضارة في الذهن والوجه والروح.
قد يكون حالة حب مع الماضي أو ندم لأنَّ الزمن لم يتوقف فجاء يرسم في كل يوم خطوطا جديدة، وتجاعيدَ غير مرئية للوهلة الأولى، وأخدودات متناثرة كأن الوقت يسقط فيها، وحفراً في الذهن نسدّها بأوهامنا وخيالاتنا.
وقد يكون محاولات متكررة للعودة إلى الوراء هروبا من الحاضر وخشية من مستقبل ضبابه اكثر من وضوحه.
وفي كل الأحوال فهو إعادة تصنيع زمن على هوانا، وبث روح الحياة فيه، وحذف كل ما من شأنه أن يستدعي فترات مظلمة سقط أكثرها في الطريق من الطفولة ثم الشباب ثم الكهولة ليستمر خريف الزمن متوجها حثيثا نحو الشتاء الطويل والأخير.
عليك إذاً أن تعيد تلوينه، ووضع بصماتك الحالية عليه لئلا يصطحب معه أناساً ونغما وروائح وصداقات وصدامات وأفكاراً ومعتقدات وسلوكيات وأخطاءًا، فيتعلق بك كما كان، ويعيدك إلى كل الماضي قبل أن تسترده، كما تشاء أو كما تتمنى، إلى حاضرك.
كل الناس تتحدث عن الزمن الجميل، حتى الذي عاش البؤس في طفولته وباكورة شبابه، وأصبح الآن في رغد من العيش وسعة من المال وتفيض البهجة على جانبي يومياته، يُشعرك وهو يرسم أمامك بحكاياته ماضيه الأوهم، وزمنه الأقتم وغير السعيد.
الحـنين إلى الزمن الجميل غضب على الحاضر، ومحاولة لإذابة الحرمان، وقد يكون حالة تمرد على الذين يسرقون ممتلكاتنا الروحية ويستبدلون بها حاضراً مزيفاً أو مستقبلا غير واضحة معالمه.
مع قدرة الإنسان المعاصر على استخدام التكنولوجيا والصوتيات والتسجيلات والأفلام والصور ودخول الكمبيوتر كعامل مساعد في استدعاء كل الأزمنة في وقت واحد لزمن حاضر، تصبح المشاعر مستعدة لتغيير زمنها إلى أي وقت يظن المرء أنه كان جميلا، سواء تلك حقيقة أو خيال!
وتصنيع الزمن الجميل عبقريته في خداعنا أنفسنا، فنحن نختار ونحتار، ونربط أغنية جميلة بقريب أو حبيب أو أب أو أم أو حدث وطني أو شخصية تأثرنا بها أو مسجد أو كنيسة أو فترة شهدت روحانياتنا في قمة شبابها وأدائها ومتعتها.
وتصنيع الزمن الجميل ضروري لطرد القبح الذي نظن أنه هاجم حاضرنا ليمسح ماضينا، ولكن هل زمننا القبيح جميل لأحفادنا عندما يشاهدوه بعيونهم أو يستدعوه بخيالاتهم؟
وتصنيع الزمن الجميل يُشترَط فيه ترعرع مشاعر هائجة من الحنين والحرمان والتمرد، ثم القدرة على سد ثغرات كان المفترض أنها ولــَّــت، فإذا بها تقوم بزيارتنا بين ألفينة والأخرى فتتعبنا وتشجينا وترهقنا و.. تعذبنا.
وتصنيع الزمن الجميل أكثر سهولة لدىَ المغتربين لأن المقيمين يشهدون التغييرات البطيئة، وتعتاد عيونهم على الجمال القبيح عكس المهاجر الذي يحوّله ذهنــُــه إلى القبح الجميل.
لا أستطيع أن أنفي الزمن الجميلَ وإلا مسحت عن غير قصد أو عمد مشاهد لا حصر لها، كانت جميلة واختبأت خلف القبح.
قناعاتنا بالزمن الجميل عملية تطهير حاضرة لتبتهج النفس وتسعد الروح حتى لو اقــترضنا من طفولتنا وشبابنا وباكورته مشاهد نصفها حقيقي و.. النصف الآخر صناعة محلية داخل خلجات النفس المخادعة.
تصنيع الزمن الجميل يحتاج أيضا إلى عمليات تجميل لخيالات أشخاص، رحلوا أو هم يقاومون زمنهم الذي كان بين أيدينا فزعمنا أنه لا يرانا رغم أن تجاعيد وجوهنا ورقابنا تشهد بأننا كاذبون أو مخادعون أنفسنا خداعا جميلا!
تصنيع الزمن الجميل حالة يومية في أغنية أو ذكرى أو حُلم أو رائحة أو خيال غائب أو صوت أم يأتي من بعيد أو وجه أب يدلف للحظات ليطمئن علينا ثم يصعد مرة أخرى إلى السماء.
لو لم نصنع زمننا الجميل في كل يوم مئة مرة لكان دود الأرض قد التهمنا منذ وقت طويل. إنها عبقرية الحياة التي لا تفرِّق بين ماض في حديقة غنــَّـاء أو معتقل أو غربة أو حياة بائسة أو مرض مزمن أو فقر مدقع أو صداقة فاشلة، فكلها تنتهي بين أيدينا لنعيد صناعتها كما نهوى.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 16 أغسطس 2015



#محمد_عبد_المجيد (هاشتاغ)       Mohammad_Abdelmaguid#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نور الشريف .. مرة أخرى!
- رحيل سوّاق الأتوبيس!
- رسالة عشق لميدان!
- مراجعة مؤقتة لموقفي من الأردن!
- إذا كنتم تحبّون مصرَ فقاطعوا صحافتَها!
- من فضلك لا تقرأ، فالجهل معرفة!
- البراءة لمدة عشرين عاماً!
- اضحك فرئيسك يبتسم!
- الصراخ وحده لا يكفي!
- عبثية الحُكم على السلطة و .. تبرئة المال!
- الإعلاميون الأُذُنيّون!
- المشهد الجديد لدولة الإمارات!
- الأحكامُ الجائرةُ عَدْلٌ!
- انتصار المسلمين في موقعة فاطمة ناعوت
- لا تحاول أن تفهم حتى تفهم!
- أيها الأشقاء المغاربة، أعتذر لكم باسم المصريين!
- رسالة إلى سيد القصر!
- قِرَدة مقارنة الأديان!
- لهذا يكرهون السيسي!
- فلسطين ..محامون فاشلون عن قضايا عادلة!


المزيد.....




- العثور على جثث 4 أطفال في الجزائر عليها آثار حروق
- -إعصار القنبلة- يعصف بالساحل الشرقي لأمريكا مع فيضانات ورياح ...
- في خطوة رائدة.. المغرب ينتج أول اختبار لفيروس جدري القردة في ...
- أذربيجان تتهم الخارجية الأمريكية بالتدخل في شؤونها
- ماكرون يسابق الزمن لتعيين رئيس للوزراء
- نائب روسي ينتقد رفض زيلينسكي وقف إطلاق النار خلال أعياد المي ...
- ماكرون يزور بولندا لبحث الأزمة الأوكرانية مع توسك
- الحكومة الانتقالية في سوريا تعلن استئناف عمل المدارس والجامع ...
- رئيس القيادة المركزية الأمريكية يزور لبنان للتفاوض على تنفيذ ...
- جيم كاري في جزء ثالث من -سونيك القنفذ-.. هل عاد من أجل المال ...


المزيد.....

- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى
- الشجرة الارجوانيّة / بتول الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - محمد عبد المجيد - إعادةُ تصنيع الزمن الجميل!