|
نظام الكانتونات..؟!!
بير رستم
كاتب
(Pir Rustem)
الحوار المتمدن-العدد: 4898 - 2015 / 8 / 16 - 00:57
المحور:
المجتمع المدني
...هل الإدارة الذاتية نظام إداري مؤسساتي أم فردي استبدادي.
تقول ويكيبيديا بأن: ((كانتون هو مصطلح يطلق في دولة سويسرا على الولايات السويسرية المشتركة في الاتحاد الكونفيدرالي السويسري)). ويضيف المصدر نفسه بأن؛ ((تم استخدام مصطلح كانتون في سويسرا لأول مرة في أحد ملفات كانتون فرايبورج عام 1475. ومع نشأة الجمهورية الهلفيتية (1798 ـ 1803) زاد استخدام المصطلح باطراد وقد كان المصطلح قبل ذلك يستخدم منذ عام 1475 كمرادف لمصطلح مكان "ويزيد على ذلك بأن" لكل كانتون دستوره المستقل وسلطاته التنفيذية والتشريعية والقضائية المستقلة. ولكل كانتون برلمانه الخاص.. وحسب الكانتون يتراوح أعضاء البرلمان بين 58 و 180 عضوا وتتكون حكومة الكانتون من خمسة إلى سبعة أعضاء)). وهكذا فإننا نجد بأن النظام السياسي في إدارة الكانتونات هو نظام كونفيدرالي ولكل كانتون حكومتها وبرلمانها ومحاكمها وسلطاتها التنفيذية والقضائية وكذلك دستورها المستقل المتوافق _طبعاً_ مع الدستور الفيدرالي أو بالأحرى الكونفيدرالي؛ يعني نظام دولة قائمة بذاتها ولكن بإتحاد مع عدد من الكانتونات الأخرى حيث عدد الكانتونات في سويسرا تبلغ (26) كانتون في بقعة جغرافية لا تتجاوز (41.300) كم مربع.. وللعلم فإن (الكانتونات تنظم نفسها وتضع أنظمتها بكل حرية، وفيما يتعلق بهذه النقطة فإن صلاحياتها الدستورية لا يحددها سوى الالتزام باحترام قواعد الديمقراطية وبأتباع إجراءات الديمقراطية المباشرة وإقرار دستور إحد الكانتونات ينبغي أن يكون شعبياً، وان إعادة النظر فيه أو تعديله يجب أن تطلبهما أغلبية من المواطنين). المصدر السابق.
إن نظام الكانتونات وحسب القراءة السابقة وأيضاً بما هو مطبق كنموذج سياسي في سويسرا، يعتبر من أرقى النظم السياسية الدولية وأكثرها ديمقراطيةً وعدالة وصوناً لكرامة وحرية الإنسان وذلك على الرغم من التنوع الديموغرافي للسكان حيث يقول المصدر السابق بخصوص هذه النقطة ما يلي: ((وتتميز سويسرا بالتعددية الثقافية فهي تشكيلة من شعوب صغيرة ولغات وديانات وعقليات وعادات مختلفة حسب إحصاء سنة 2000 ، ففيها الناطقون بالألمانية ويشكلون الأغلبية 63,9 % من مجموع السكان، والناطقون بالفرنسية 19,5%، والناطقون بالإيطالية 6,6%، وكذلك الرومانش0,5%، ولغات أخرى 9,5%. )) وكذلك هناك التعدد الديني والمذهبي وذلك على الرغم من علمانيتها فإن هناك الاختلافات المذهبية حيث ((الأغلبية في سويسرا هم من الكاثوليك 41.8 % ثم البروتستانت 35.3 % ، وتوجد نسبة 11.1 % لا تدين بعقيدة معينة. وتأتي بعد الديانة المسيحية الاسلام بنسبة 4.3 %، .. وتتوزع النسبة الباقية 4 % على الجماعات المسيحية الأخرى و أتباع الديانات اليهودية والبوذية والهندوسية)).
وهكذا نجد بأن النظام الفيدرالي _الكونفيدرالي وكانتوناتها_ قد استطاعت في هذا البلد الجميل أن تحل مشاكل الإثنيات والأعراق والجماعات الدينية المختلفة في نظام سياسي يصون حقوق الجميع بمساواتهم أمام القانون والدستور وهناك اللغات الأربعة والتي تعتبر رسمية في البلد وهي (الألمانية والفرنسية والإيطالية والرومانش) ودون التعصب القومي أو الديني حيث تجد التعايش السلمي في البلد فهم لا يتذكرون تاريخ آخر حروب خاضوها يوماً؛ إن كانت بينهم كأجناس وأعراق متباينة أو أديان ومذاهب أو مع البلدان المجاورة.. إلا تلك التي جرت في زمن الاضطرابات في أوربا وحروبها المذهبية الطائفية، أما اليوم فالكل يعتز بسويسريته وإن كنا نجد نوع من التمسك بالهوية العرقية الطائفية في درجات معقولة ومقبولة ثقافياً وأخلاقياً وقبل أن تكون متعايشة سياسياً. وهكذا وبالعودة إلى الواقع الكوردي وكوردستان ونظام الكانتونات في بلداننا الشرق أوسطية فإننا نعتقد بأنه يمكن أن تكون أفضل النماذج السياسية لحل مشاكلنا وخلافاتنا وما تعاني المنطقة من أزمات وصراعات بين الهويات الجزئية المكونة لجغرافيات الكيانات السياسية لتلك البلدان وبالتالي فيمكن اعتبار هذا النموذج السياسي _الفيدرالي أو الكونفيدرالي_ هو الحل والمخرج من مجموع تلك الأزمات والمشاكل المستعصية.
وبالتأكيد فإن التجربة الوليدة ستلاقي في طريقها الكثير من الصعاب والمشاكل التي تعرقل مسيرة التطبيق العملي على الأرض وعلى الأخص إن ثقافتنا الشرقية ما زالت أسيرة الولاء للمكونات الجزئية الماقبل دولتية من قبيل العشيرة والطائفة والمذهب والعرق وهي التي ستعرقل بالتأكيد التمازج الديموغرافي والتعايش سلمياً داخل النظام السياسي الجديد ولفترات تاريخية لاحقة.. ولكن بروز تلك المشاكل والقضايا الشائلكة في مسيرة تطبيق ذاك النموذج السياسي لا يعني بأن البديل هو النموذج المركزي القائم على الطغيان والاستبداد وإلغاء الآخر؛ حيث ولمدة نصف قرن جربت شعوبنا في المنطقة ذاك النموذج السياسي وكانت من نتائجها الكارثية مجموعة ديكتاتوريات لم تعرف التاريخ مثيلات لها وها نحن اليوم نعاني من ويلات تلك النظم بانقسام مجتمعي وحروب بينية وأهلية. أما النموذج الآخر _الإمارات الإسلامية_ والتي تدعو لها الجماعات الإسلامية المتشددة فهي نماذج أصبحت من الماضي السحيق وتجاوزها الزمن يعني إكس باير وانتهت صلاحيتها تاريخياً.. وهكذا لا بديل _في هذه المرحلة على الأقل_ عن النموذج الفيدرالي والكونفيدرالي.
وبهذه المناسبة فإن ما يطبق في المناطق الكوردية من نظام الكانتونات _وبرأينا المتواضع_ يصب في مصلحة التطور التاريخي لشعوبنا نحو تطبيق نموذج سياسي مدني ديمقراطي وذلك رغم كل المخاوف عليها وفشلها نتيجة قصور الوعي السياسي الجمعي بقضايا الديمقراطية والمجتمع المدني وأيضاً الهجمة الشرسة والتي ستواجهها من دعاة النظام السياسي المركزي وعلى الأخص من القومويين العرب كونهم يعتبرون السادة في النظام السابق وما الآخرون إلى الموالي أو المواطنين من الدرجات التالية .. ولكن وأخطر من كل ذلك فإنه يكمن في الوعي السياسي للقائمون عليها حيث ينتمون لنهج فكري أيديولوجي لا يقبل بالآخر شريكاً حقيقياً. وعلى الرغم من كل هذا وذاك فإنه علينا جميعاً الوقوف إلى جانب التجربة السياسية الجديدة في تطبيقها لنظام الكانتونات وذلك من خلال الوقوف على مكامن الخلل والضعف والسلبيات والتجاوزات وبقصد الحفاظ عليها وتثبيتها في الفكر السياسي في الشرق الأوسط الجديد كنموذج سياسي مرحلي _على الأقل_ وذلك لحل جملة تلك القضايا والمشاكل الوطنية والقومية وكذلك الدينية والمذهبية وفي ترسيخ التجربة في الذهنية السياسية أولاً ومن ثم الواقع والوصول إلى نظام سياسي يحترم قضايا الحريات والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ويصون كرامة الإنسان وحقوقه المدنية الديمقراطية.
وهكذا يمكننا القول: إن نظام الكانتونات هو نظام سياسي ديمقراطي مؤسساتي وليس نظام الاستبداد والزعامات حتى يستفرد الزعيم بسن الفرامانات كما نراها بين الحين والآخر في كانتوناتنا ونأمل أن نكون أوفياء لمشاريعنا السياسية وأن لا تكون للاستهلاك الإعلامي والقومي.
#بير_رستم (هاشتاغ)
Pir_Rustem#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مشكلتنا مع ثقافة الاستبداد
-
ثالوث الحكم في سوريا..؟!!
-
الوهم الكوردي..؟!!
-
الخلاف.. السني الشيعي.؟!!
-
الأمن السوري!!
-
أزمنة الشعارات..؟!!
-
سوريا.. والصراع الطائفي المذهبي.
-
كوردستان.. مستعمرة ام مستعبدة دولية..؟!!
-
كوردستان والارتزاق..؟!!
-
شعرة معاوية..؟!!
-
حكاية الحجل الكوردي.. ملعوناً..؟!!
-
حرب.. أم حروب في سوريا..؟!!
-
ثقافة القطيع..؟!! ...الخلاف على الكرسياتية وليس الكوردياتية.
-
ثقافة التصحر ..!! ..ليس فكراً ضد العرب.
-
الكورد.. ضحايا شعارات وبرامج الآخرين..؟!!
-
الزعيم..؟!! ...ديكتاتور أم رمز وطني وقومي.
-
أبو مازن.. على الخط السوري؟!!
-
ثقافة الخوف .. وإمبراطورية الدم. (الحلقة الأولى).
-
المغترب والتطرف الديني.؟!!
-
إبراهيم محمود.. يستحق أكثر من (راتب تافه)!!.
المزيد.....
-
البنتاجون: نرفض مذكرتي المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتني
...
-
الأونروا: 91% من سكان غزة يواجهون احتماليات عالية من مستويات
...
-
الإطار التنسيقي العراقي يرحب بقرار الجنائية الدولية اعتقال ن
...
-
وزير الدفاع الإيطالي: سيتعين علينا اعتقال نتنياهو وغالانت لأ
...
-
قرار الجنائية الدولية.. كيف سيؤثر أمر الاعتقال على نتانياهو؟
...
-
أول تعليق للبنتاغون على أمر الجنائية الدولية باعتقال نتانياه
...
-
كولومبيا عن قرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو وج
...
-
تتحجج بها إسرائيل للتهرب من أمر اعتقال نتنياهو.. من هي بيتي
...
-
وزير الدفاع الإيطالي يكشف موقف بلاده من أمر اعتقال نتنياهو
-
مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وغالانت.. فما هي الخطوات المقبلة؟
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|