|
حول هوية الشمال الإفريقي [1]
الطيب آيت حمودة
الحوار المتمدن-العدد: 4897 - 2015 / 8 / 15 - 17:52
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
°°°قراءة متأنية في هوية الشمال الإفريقي تظهر نوعا من الإحتواء الشمولي ، فإن كانت في حقيقتها بهوية [ مُركبة ] ، إلا أن طيفا من هويتها استحوذ على الكل، فرسخ قيم هويته في الوجدان على حساب الأطياف الأخرى ، بفعل الترسبات الدينية والإستعمارية ، فكان الناتج [هوية أُُحادية] شمولية احتوت الجميع واختزلته في بعد واحد تعسفا . °°°تتصارع هويتان على الريادة في المغرب الكبير ، هوية عربية إسلامية وأخرى فرنسية علمانية ، وبقيت هوية الأصل[ الأمازيغية] حبيسة أدراج قصر الجمهورية في انتظار ترسيمها لتأخذ لنفسها بعدا ثالثا يثبتُ عدل الدولة ورساخة قيم المواطنة فيها ، باعتبارها دولة مدنية تنظر لجميع مكونها البشري بنظرة واحدة لا تمايز فبها .
°°°الدول الإستدمارية غايتها بارزة للعيان ، استيلاء على الأرض وقضم متدرج مركزٌ لمقدراتها ، وهيمنةٌ على سياستها وبخس لهويتها ، فأنا هاهنا أنظر للعرب والفرنسيين بنظرة واحدة فكلاهما حرص على انبناء امبراطورية لغوية تجعل من المستعمرات وإن استقلت تدور في فلكها ، وفي نماذج الدول [ الأنجلوفونية] و[الفرنكوفونية ] و[العروبية] و[الليتنة] في أمريكا الوسطى والجنوبية ، وهو ما أثاره وأشار إليه [ نيقولاس أوستلر] [1] في كتابه [ امباطوريات الكلمة] . فأمبراطورية [الكلمة العربية ] رافقت المد الإسلامي وانتشرت عند الأمم التي وصلها الإسلام عنوة أ واختيارا ، فالشعوب الإسلامية الشرقية استطاعت أن تحافظ على ألسنتها الأصلية فكانت العربية رافدا جزئيا في ثقافتها وطيفا من أطيافها اللسانية ، فاللغة الرسمية في أكبر بلد إسلامي سكانا وهي اندونيسيا لغتها الرسمية هي [البهاسا الأندونيسية] وليس العربية ، وهو ما يُسقط فرضية الربط الإديولوجي بين اللغة العربية والإسلام ، فالعرب في ضفة والإسلام في ضفة ثانية ، بدليل وجود عرب لا صلة لهم بالإسلام أصلا ، فمؤسسوا [ قومية العرب] هم مارونيون مسيحيون على رأسهم ( ميشيل عفلق)[3] ، وأول مؤتمر تأسيسي عقدوه كان في باريس في 1913 نكاية في الخلافة العثمانية . °°° صحيح وأن [ اللغة العربية] لها وقع متميز في نفوسنا ، فهي لغة ديننا ولغة مدرستنا ، لكن لا يجب منحها قداسة صورية صاغها [ ابن تيمية ] و[الشافعي ] بمنظور ديني ذاتي ، لا بمنظور دنيوي ، فقد حارب الأمازيغ أ نفسهم لسانهم الأصلي ، فرؤساء الجزائر الذين عربوا الوطن بعد الإستقلال( بن بلة ، بومدين ) هم أمازيغ ، ورجالات التنظير الفكري للتعريب هم أمازيغ كذلك فأدبيات علماء جمعية المسلمين طافحة ب[كُره الأنا ] بالطريقة التي عبر عنها ثيودور ليسنج [2] اليهودي في كتابه [كره الأنا ، LA HAINE DE SOI ] أو بتعبير آخر رفض أصوله اليهودية ، فنحن معشر الأمازيغ لا نختلف عن اليهود الذين رفضوا يهوديتهم ، بل نحن أشد كرها لذاتنا ، فقد شبهنا أحد الكتاب (محمد بودهان) [4] بأننا شبهاء بالشاذين جنسيا ، فنحن لم نقبل جنسنا الأصلي الأمازيغي فتبنينا جنسية العرب ولغتهم عن رغبة وطيب خاطر . °°° [المغرب الإسلامي] وليس[ المغرب العربي ] . منذ أن حط العرب رحالهم في بلاد الشمال الإفريقي منذ القرن السابع الميلادي ، ونحن في تساؤل ، هل جاء وا لتبليغ رسالة ؟ أم للإستيطان ؟؟ فاتضح بعد لأي أنهم مستوطنون مثلهم مثل الذين سبقوهم من الروم والوندال والبزنط ، فشن الأمازيغ حروبا ضد الوافدين ليس كراهة في الإسلام ، وإنما غُبنا من سياسة الإلحاق التي انتهجها ولاة المغرب الإسلامي ، الذين جعلوا المسلمين الأمازيغ طبقة مهيمن ٌ عليها ، فثارت [ ديهيا ] ، و[إكسل ] وبعدها [ميسرة المدغري ] ....وأخرون معه ، ضد الوالي بن الحبحاب [5] ، وأصبحت بلاد المغرب نارا تتلظى انتقل لفحها لبلاد الأندلس ،..... فقد هيمن الأمازيغ على بلادهم وأسسوا ممالك إسلامية كمملكة بن مدرار .... ، أو أنهم كانوا عنصرية انبنت عليها دول إسلامية [كالإدريسية ] و [الرستمية ] و [ الفاطمية ] ، فهي دول أمازيغية برأس غير أمازيغي ، أما بعدها فقد تكونت دول أمازيغية كبرى بدأ بالدولة [ االمرابطية التاشفينية] ، و [أمبراطورية الموحدين ] ، ودول أخرى أمازيغية حلت محلهما . °°° أكبر مسخ تعرض لها الشمال الإفريقي في هويته هو [ الزحفة الهلالية ] التي شبهها ابن خلدون [ بزحف الجراد] ، وذلك بعد أربعة قرون من انتشار الإسلام في ربوعه ، فهل جاءوا لهدف ديني ؟(نشر الإسلام) أم دنيوي ( استيطاني تدميري)؟ ، فقد حلوا بغضهم وغضيضهم ، وبمذهبهم الباطني القرمطي العبيدي ، وساهموا في تعريب وتخريب المغرب الإسلامي ، وادخلوه في عصر الإنحطاط والفوضى عبر عنها بأسى وحزن [أبو الفضل جعفر بن محمد ، والرشيق القيرواني ] اللذان عاصرا [ نهب] بنو هلال لمدينة القيروان وقد أفرد [ غوتيي ][6] كتابا للملآلات السلبية التي تعرضت لها بلاد المغرب فعنون كتابه بعنوان : Les siecles obscures du Maghreb أي القرون المظلمة في تاريخ المنطقة .
==================================================== [1] http://d.gr-assets.com/books/1367620576l/12274276.jpg [2] Theodor Lessing /La Haine de soi ، [3] Michel Aflak مسيحي لبناني ، مؤسس البعث العربي . [4] محمد بودهان كاتب مغربي مختص بالشأن الأمازيغي . [5] ابن الحبحاب السلولي واحد من ولاة المغرب الثمانية عشر ، في عهد ولايته أضطربت البلاد وأثار الأمازيغ ضده بقيادة ميسرة المدغري . [6] É-;-mile-Félix Gautier
#الطيب_آيت_حمودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هوية وطن ، أم هوية لغة ؟
-
الحيران بين البخاري والقرآن .
-
هل السُّنة وحي كالقرآن ؟ [ج1]
-
هل السُّنة وحي كالقرآن ؟ [ج2]
-
هل السُّنة وحي كالقرآن ؟ [ج3]
-
المستشرقون و الإساءة للقرآن .
-
آية الرجم التي أكلها العنز ؟!
-
الصدام بين الإسلام والغرب [2]
-
الصدام بين الإسلام والغرب [1]
-
كيف الرد على المسيئين لديننا ونبينا ؟ .
-
بأي ذنب سيُعدم ( ولد امخيطير ) .
-
محمد الشيخ وخطر الإعدام .
-
كمال داود ودواعش الجزائر .
-
كمال داود والهوية الجزائرية .
-
يناير الأمازيغي ، بين الترسيخ والتفسيخ .
-
مالم يقله القرآن .
-
الإسلام بنظرتين…. تقليدية وحديثة .
-
حول الأمازيغية…. وترسيمها القاتل ؟
-
هل اكتشف الأمازيغ أمريكا قبل كريستوف كولمبس ! ؟
-
لماذا التضييق على خبر انتكاساتنا ؟
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|