مرتضى عصام الشريفي
الحوار المتمدن-العدد: 4896 - 2015 / 8 / 14 - 17:02
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تعدّ الخطبة الحديدية للمرجعية الدينية بتاريخ 7/8/2015 من أقوى الخطب السياسية للمرجعية لغةً، وسياقاً، وصراحةً، ونبرةً؛ استنكاراً على الوضع السياسي في العراق أنْ يستمر على نهجهِ المنحرف عن القيم السياسية، والدستورية المعروفة عن الأنظمة الديمقراطية؛ لأنّ ما يحدث في العراق لا يتّصل بالديمقراطية بصلة؛ لأنّ بداياته، وأسسه وضعت؛ لتخدم، وتتخم الحكومات، وهذا عكس ما تريده الديمقراطية للشعوب؛ لذلك ما يحصل في العراق (تهريج ديمقراطي) تتغنّى به السلطة، وينعى به الشعب .
.
وبعد هذه الخطبة أعربت أغلب الكتل السياسية عن استجابتها لما تضمنته من نقاط مهمّة تعدّ الأصول العامة لنجاح الحكومة؛ لكن المؤسف له إنّ هذه القوى رجعت لنغمتها القديمة، وألبست التسقيط السياسي ثوباً جديداً، وكلّ تيارٍ، أو حزبٍ يريد أنْ يفرض قناعته على الحكومة في الفساد، والمفسدين، وكأنّه الماسك بالحقيقة الضائعة .
.
ونسيت هذه الكتل أنّ الدولة لديها وثائق، ولجان، ومؤسسات تراقب الفساد، فتكافحه؛ لكن دور هذه المؤسسات، وأثر هذه الوثائق، وفاعلية هذه اللجان قد غيّبت، وفقدت هذه الدوائر فاعليتها بسبب الصراعات السياسية التي تسيّدت المشهد السياسي، وما زالت . وما جرى من تظاهرات شعبية، وما تكلّمت به المرجعية، يمثّل الوقود الذي يحرّك تلك الوثائق، والمؤسسات؛ لتأخذ دورها في محاسبة الفاسدين، وسرّاق المال العام .
.
أكثر ما أخاف منه في هذه الاستجابة السريعة أنْ تنقلب إلى إدانة للإصلاح السياسي؛ لعدم اتيانه منسجماً، ورؤيتهم لطبيعة الفساد، والمفسدين، وبذلك توضع العصي في دولاب هذا الإصلاح الذي أعلن عنه رئيس الوزراء، الذي هو تطبيق عملي لالتزامه بما قالته المرجعية الرشيدة .
.
أكرر إبداء خوفي من هذه الاستجابة من أنْ يعاد سيناريو الحكومات السابقة في مسلسلات انسحاب الوزراء، ودعوات حسب الثقة من الحكومة، وبذلك يفشل هذا المشروع من قبل قوى سياسية ادعت أنّها معه، ولو حدث ذلك لا سامح الله سوف ندخل في دهليز مظلم؛ لا نعرف كيف نخرج منه، ولا نعلم متى ننتهي منه، ونحن نمرّ بوقتٍ عصيبٍ يهدّد أمن العراق، وفي مرحلةٍ فرضت على هذه القوى السياسية أنْ تمسك بالسلاح لمحاربة أعداء العراق، وخوفي لو عارضت هذه القوى مشروع الإصلاح أنْ تسود بينها لغة السلاح بدل لغة الحوار .
.
لو أرادت هذه القوى السياسية التعبير عن صدق نواياها أنْ تقف مع رئيس الوزراء في مشروعه الإصلاحي، وتكفّ عن تهريجها السياسي، وعليها أنْ توحّد رؤاها، وجهودها؛ لتعديل، وإصلاح العملية السياسية في قوانينها، ودستورها، وأنْ توفّر الظروف المناسبة لذلك .
#مرتضى_عصام_الشريفي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟