أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نضال الربضي - بوح في جدليات – 12 – عصفور ماريَّا.















المزيد.....

بوح في جدليات – 12 – عصفور ماريَّا.


نضال الربضي

الحوار المتمدن-العدد: 4896 - 2015 / 8 / 14 - 15:58
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


بوح في جدليات – 12 – عصفور ماريـَّـا.

أصدر الروائي: باولو كويلو Paulo Coelho روايته "إحدى عشرة َ دقيقة" Eleven Minutes في طبعتها الأولى في العام 2003. تتحدث ُ الرواية عن فتاة ٍ برازيلية اسمها ماريـَّـا، تبحث ُ عن الحب و تسعى وراء مستقبل ٍ مُشرق فتسافر ُ إلى جينيفا – سويسرا لتعمل َ في ناد ٍ ليلي ٍّ ما يلبث ُ أن يتكشَّف َ أمامها خيبة َ امل ٍ كبيرة حين َ تكتشف ُ ان ْ قد تم َّ خداعُها و التلاعُب ُ بها، و أنها ليست الآن سوى أمـَـة ٍ في خان ِ سيّـِدها الفخم.

لكن َّ سويسرا ليست بلاد َ الظلام، و لا أرض َ الفوضى، إنَّها بلاد ُ القانون و رائِعة ُ النظام، و لماريا في ذكائها حيلة ٌ و مكر، تستطيع ُ بواسطتهما أن تتحرر بقوة ِ القانون بمجرد ِ التلميح ِ به من أسر ِ النادي الليلي و من عبودية السيد و ربقة ِ الخان.

و تستقيل ُ مارية و تقبض ُ تعويضا ً مبلغا ً مركوما ً يتيح ُ لها إن شاءت أن تحجز َ تذكرتها و تعود َ للبرازيل بجيوب ٍ ملأى!

إنـَّما،،،،
و لولا أن َّ،،،،

،،،، هناك َ في أوروبا تلعب ُ الأيـَّام ُ معها جدلية َ: غياب ِ الحب ِّ، و البحث ِ عنه و عن السعادة، و سحر ِ المال و شبع ِ الاكتفاء، و اكتشاف ِ الذات ِ و الجنسية ِ الفردية في الآخر، و دور ِ الألم ِ في تبادلية ِ السادية ِ و المازوخية، فتجد ُ نفسها و قد أسلمت ْ جسدها لتصبح َ بائعة َ هوى.

لكن َّ ماريا ليست بائعة َ هوى ً تقليدية ً تتقاذفها الحياة و تتخبـَّطُها حيث ُ تريد، إنما هي كسفينة ٍ حصينة تتلقى لطمات َ الأمواج و هي طافية ٌ على وجه ِ الماء ِ ترسم ُ طريقها على ضوء ِ نجم ٍ داخلي هو في حقيقتِه ِ هُدى ً من طبيعتها الذاتية و قوَّتها الفردية، إنها نوع ٌ خاص ٌّ من البشر، و صنف ٌ فريد ٌ من النساء، تتعلَّم ُ من الأحداث، و تكتسب ٌ الخبرات من أشد ِّ المواقف ِ أهانة ً و تحقيرا ً للذات، و يشتدُّ قوامُها و تنضج ُ شخصيتها، و يبدو لها أنها قد وجدت في أحد ِ زبائنها الحب َّ الذي تبحث ُ عنه.

أمَّـا الحب ُّ فكشأنِه دائما ً، يأتي حين َ نكون ُ قد ملأنا الأماكن َ الشاغرة َ في أحاسيسنا و قلوبنا و عقولنا فلم يبقى مكان، و لذلك َ يحُضر ُ معه ُ الصراع َ، و ترافِقُه الحيرة، و تأتلفُه ُ الظنون ُ، و ترقص ُ بين يديه ِ عذابات ُ الاحتمالات، و تلعب ُ بين يديه ِ شياطين ُ التوازنات و عفاريت الترجيح و أشباح ُ المُفاضلات،،،

،،، و هو كسيِّد ٍ لا يرحم، يقبض ُ على الأحاسيس ِ و القلوب ِ و العقول و يرمي بها في بوتقة ِ الصراع و يعرّي ِ طمأنينتها لتنهشَها الحيرة، و يكسر ُ هيكل َ اليقين لتنفذ َ إليه الظنون، و يقذف ُ الواقع َ اللذيذ َ المُستكين َ المُستسلم َ المُتخدِّر َ المُخدِّر ِ في خضم ِّ الممكن ِ بين الشياطين و العفاريت و الأشباح ِ لتُوازِن َ و تُرجِّح َ و تُفاضِل َ،،،،

،،،، ثم لتأخُذ َ قرارا ً يحكم ُ بشئ ٍ ما، على شخص ٍ ما، في وقت ٍ ما. و هو كلُّه ُ لو كان لنا خيار ٌ فيه، لم ندعهُ ليكون، و عندها إن لم يكن ْ ما لم ندعْه ُ يكون، ما عاد َ الحبُّ بعدها أو ما يعود ُ الحبُّ بعدها حُبَّـا ً، فالحب ُّ كائن ٌ بقوِّة ِ ذاته لا بحكمة ِ خيارنا!

حين أتى وقت ُ الخيار عند ماريا، كان يجب ُ أن تقرِّر َ، هل ستترك ُ الحب َّ الذي دفعت ْ ثمنه بغاء ً لجسدها و تنبذ ُ الحبيب َ و تعود ُ للبرازيل؟ أم ستأخذ ُ الحبيب َ السويسري إلى برازيلها؟

أترجم ُ لكم ما كتبت ْ ماريا في مذكراتها حينما أتي وقت ُ القرار و حضرت شياطين ُ التوازنات:
---------------------------------------------
ذات َ يوم ٍ، كان هناك َ طائر
يزينُه ُ جناحان ِ كاملان ِ بلا نقص
فيهما الريش ُ لامع ٌ ملوَّن ٌ مدهش!
باختصار
خُلق َ ليطير َ في السَّماء ِ بحرِّية ٍ جالبا ً الفرح َ لكل ِّ من رآه

ذات َ يوم ٍ شاهدته ُ امرأة ٌ فعشقته
راقبت ْ طيرانَهُ فاغرة ً فاها دهشة ً
بينما يضرب ُ قلبُها خفقانا ً
و تلمع ُ مُشرقة ً عيناها في استثارتها

دعت ِ المرأة ُ الطائر ليحلِّقا سويا ً
و قطعا السَّماء بانسجام ٍ تام
لقد تمكَّن َ من إعجابها، و أجلَّته ُ و احتفت به.

لكنَّها فكرت: قد يرغب ُ يوما ً أن يزور جبالا ً بعيدة ً!
أصابها الخوف
خافت أن ْ لن تتمكَّن َ أبدا ً من أن تُحسَّ بذات ِ المشاعر تجاه أي طائر ٍ آخر.
و ضربها الحسد
الحسد لأن طائرها، يستطيع ُ أن يطير.
و شعرت ْ بالوحدة.

فكرت:
سأنصب ُ له ُ شركا ً
في المرَّة ِ القادمة ِ التي سيأتي فيها
لن يتمكَّن َ من المغادرة.

أما الطائر ُ الذي كان يُحبُّها ايضا ً، فقد عاد في اليوم التالي
و وقع َ في الفخ ِّ المنصوب
و تم َّ وضعُه ُ في قفص.

كانت تنظر ُ إليه ِ كل َّ يوم.
ها هو هنا
إنه موضوع ُ شغفها.
أرته ُ لأصدقائها، فقالوا:
الآن أصبح َ لديك ِ كل ُّ ما تتمنين.

لكن
تحوُّل ٌ ما حل َّ عليهما:

- الآن و بما أن الطائر ُ معها
و لم تعد محتاجة ً لخطب ِ ودِّه
فقد فقدت شغفها به.

- أما هو و قد أصبح َ محبوسا ً عن الطيران
و عن التعبير ِ عن معنى حياتِه كطائر
فبداَ يذبُـل، و فقد ريشُه لمعانه
أصبح َ بشعا ً.
و المرأة ُ من جهتها خسرت الاهتمام َ به
فهي تطعمه ُ و تنظف ُ قفصه ُ فقط.

ذات َ يوم ٍ بعدها، مات الطائر.
شعرت المرأة ُ بحزن ٍ شديد و قضت ُ كل وقتها تفكِّر ُ فيه،
لكنها لم تفكِّر أو تتذكر القفص
كانت تفكِّر ُ فقط في اليوم الذي شاهدته ُ فيه لأوَّل ِ مرة
يطير ُ بسعادة ٍ في السماء.

لو أنها نظرت في داخلها بعمق ٍ أكثر،
لأدركت أن حريــَّـتــَـه ُ
و الطاقة َ التي في جناحيهِ
كانتا ما أثارها
لا جسده.

بدون ِ الطائر ِ فقدت معنى حياتها
فأتى الموت ُ بابَها يقرَعُه ُ.
"لماذا أتيت؟" سألت ِ الموتَ
أجابها "حتى تحلقي مع الطائر في السماء َ مرَّة ً أخرى"
ثم أكمل الموت ُ ردَّه ُ:
"لو سمحت ِ للطائر ِ أن يحضر َو أن يغادر َ حين يشاء
لكنت ِ أحببتِه ِ أكثر
و لأعجبك ِ أكثر
لكن الآن، يا للخسارة
فأنت ِ تحتاجينني أنا الموتُ حتى تجديه ِ من جديد"
---------------------------------------------

تُرى هل عادت ماريا للبرازيل مع حبيبها؟
هل عادت بدون ِ حبيبها؟
هل بقيت في سويسرا مع حبيبها؟
هل بقيت في سويسرا بدون ِ حبيبها؟

أسئلة ٌ عليكم أن تجدوا الإجابة َ عليها حينما تقرأون القصة َ.
إلى هنا أتوقف.


ملاحظة أخيرة: يقدِّم ُ باولو كويلو في نهاية ِ قصَّتِه خاتمة ً جميلة، يذكر فيها أنه قد بناها على،،،،
،،،، على ماذا؟

هذا أيضا ً عليكم أن تقرأوا القصة َ لتعرفوه.



#نضال_الربضي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في الوجود – 5 - الوعي كوعاء للعقل و الإحساس و ما دونه.
- قراءة في الوجود – 4 – بين وعي المادة و هدفها.
- بوح في جدليات – 11 – في مديح ِ عشتار - نحن ُ الإنسان!ّ
- قراءة في اللادينية – 6 – مقدِّمة في مظاهر ما قبل الدين عند ا ...
- بوح في جدليات – 10 – ثلاثة ُ أيام ٍ بعد.
- قراءة في اللادينية – 5 – جذورُ: الإحيائية، الطوطم و التابو ف ...
- قراءة من سفر التطور – 5 – من ال 24 إلى ال 23
- قراءة من سفر التطور – 4 – من ال SIV إلى ال HIV
- المرأة الفلسطينية – بين الأمومة و السياسة.
- بوح في جدليات - 9 - ديك أسكليبيوس.
- عشتار - 4 – انبثاقُ الحياة.
- عمَّا بين النقد المُنفلت و نجاعة التأثير - 2
- الفيلا في وسط الغابة –الياكيم، باراك، أوباما و التاريخ.
- في نجوى معاذ
- عمَّا بين النقد المُنفلت و نجاعة التأثير.
- قراءة في القداسة - 3 - عن المقدس و الطاهر و العلاقة بينهما.
- ذات َ كأس ِ قهوة - 2
- قراءة في القداسة - 2 - عن المقدس و الطاهر و العلاقة بينهما.
- قراءة مغايرة في إرهاب شارلي إبدو.
- قراءة في القداسة – عن المقدس و الطاهر و العلاقة بينهما.


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نضال الربضي - بوح في جدليات – 12 – عصفور ماريَّا.