أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مهند صلاحات - اغتيال التراث الفلسطيني ... اغتيال الهوية















المزيد.....


اغتيال التراث الفلسطيني ... اغتيال الهوية


مهند صلاحات

الحوار المتمدن-العدد: 1349 - 2005 / 10 / 16 - 10:47
المحور: القضية الفلسطينية
    


منظومة التراث هي أهم الشواهد الحقيقية على إثبات الهوية للشعوب، والدفاع عن التاريخ الضارب في عمق الأرض، هو دفاع عن الحضارة والفكرة والمستقبل أيضاً، والتراث الفلسطيني الذي يعاني مرحلة حرب وتقلص وسرقة ونهب يعاني في الوقت الحالي من أزمة ينطوي عنها أزمة في الحقوق الفلسطينية أولا وأزمة في إثبات الهوية الفلسطينية الفكرية والثقافية والسياسية أيضاً، لأن التراث والتاريخ الفلسطيني أغنى مقومات عدالة القضية الفلسطينية والسلاح الأقوى في المعركة الدائرة مع العدو الصهيوني الذي لا يتوانى لحظة عن نهب هذا التراث وتشويه معالمه ومحاولة سلخ الشعب عن هويته التاريخية الأصيلة.

فالمعركة مع العدو الصهيوني تتخذ عدة أوجه أبرزها على الأرض الصراع المسلح وصراع الوجود الذي ينطوي تحته معركة الدفاع عن الهوية والموروثات والعادات والتقاليد والقيم الموروثة.

ولأن الثورة الفلسطينية لم تحقق النجاح المطلوب عبر السنوات الماضية، وسبب هذا الإخفاق عزاه الكثيرون من المحليين والمفكرين لعدة وجهات نظر مختلفة فمنهم من يرى أن السبب الحقيقي هو: أن هذه الثورة تحتاج على ثورة أخلاقية تسبق السلاح، والبعض الأخر يرى أن سبب الإخفاق: الفشل لأن الثوار حملوا البندقية دون فكر، وفي النهاية جميع وجهات النظر تصب في ذات المصب وهو أن هذه الثورة بكل مقوماتها عانت الكثير من البعد عن قيمتين أساسيتين هما : القيمة الأخلاقية إلى حد ما والقيمة الفكرية فكانت الفوضى تعم التنظيمات والانتفاضات، إلى جانب نقص العمود الفقري المحرك للثورة، وهو المنظومة الفكرية الواحدة، فقد تشتت التنظيمات في الأطروحات، فمنها ما تبنى الواجهة الرأسمالية، والأخرى أخذت الطابع الديني بشقيه العاطفي والفكري، وأخرى تبنت الواجهة القومية، وأخرى الماركسية أو المزج بينهما.

لكن الفكرة المشتركة التي جمعت هذه التنظيمات هو الهدف في التحرير وحماية الفكرة والقضية، ولأن التراث والتاريخ هو لبّ القضية فإن هذه المنظومة التراثية لم تجد العناية الكافية من قبل هذه التنظيمات بعد حالة التشتت الأخيرة في السنوات الخمس الماضية.

ولأن التراث هو شاهد الحضارة ورائحة الأجداد، وأغاني الجدات الطيبات ليلة الميلاد والعيد وقبل النوم فهي جديرة بأن نقف وقفة جادة أمام أي محاولة لضرب هذا التراث وسلخه عن مجرى الصراع والقضية.

والتراث الفلسطيني الذي يتميز بخصوصية عالية جداً، فإن الإساءة إليه تعتبر إساءة للقيمة الإنسانية والحقوق الفلسطينية كاملة والحقوق العربية، وعبر مسيرة الصراع الدائرة مع هذا العدو وما سبقه من احتلال بريطاني ومن قبل دولة أتاتورك، والشعب الفلسطيني بكافة شرائحه من الفلاح إلى الكاتب والأديب مروراً بالعامل والصحفي والمعلم يتصدون لكل محاولة من الاحتلال وغيره لتشويه القيمة التراثية.

ومحاولة الاحتلال الإساءة لهذا التراث لا تعيب الشعب الفلسطيني ذاته، لكن ما يسيء هو أن يقوم المجتمع ذاته أو بعض أفراده بالإساءة لهذه القيم الموروثة الراسخة، فإساءة المجتمع للقيم التراثية يعني انسلاخه عن هويته وبالتالي انسلاخه عن قضيته وحقوقه المشروعة، وبالتالي تعكس هذه الإساءة حالة من الجهل التي توغلت في صفوف المجتمع والتي يجب الوقوف بوجهها وقفة جادة وحقيقية، ويقع على عاتق جميع فئات المجتمع الفلسطيني سواء في الداخل أو الشتات بناء جسر يعيد بناء ما تم هدمه وإعادة وصل ما تم كسره بين الشعب والتراث.

ما دعاني لأن أطلق صرخة حماية التراث والفكرة الفلسطينية والموروثات الفلسطينية لم يكن ناتجاً عن مشاهدة عادية أو قراءة في كتاب عن محاولة العدو الصهيوني لضرب التراث بقدر ما كانت مشاهد يومية مؤسفة شاهدتها أثناء زيارتي الأخيرة لفلسطين، لأطلق صرخة عالية تصل لكل فلسطيني وعربي في كل أرجاء الأرض:" تكاتفوا لحماية التراث الفلسطيني، فناقوس الخطر يدق".
ففي زيارتي الأخيرة لمدينة بيت لحم الفلسطينية صادف حضوري في إحدى اكبر مخيماتها الإعداد لأحد الأعراس الفلسطينية في المخيم، وقد ارتأيت أن تكون مناسبة وفرصة سانحة لأن أعيد لذاكرتي أغاني التراث والثورة والتي كنا نرددها في الأفراح ومواسم الحصاد وغيرها، وبدأ شريط الذاكرة يستعيد كلمات الأغاني القديمة حول حق العودة والثورة والحق المسلوب وأناشيد الحصاد والتغني بالأمجاد، سرعان ما بدد بل وقطع هذا الشريط بشكل رهيب ومخيف انطلاق الأصوات العبرية معلنة بدء الحفل بطريقة مخزية.

ظننت بالبداية أن خطأ ما حدث في مكبرات الصوت تسبب بخروج هذه الأغاني صدفة، فانتظرت قليلاً علّ أحدهم يتدارك الخطأ لكن الصدمة بدأت تكبر حين وجدت الحضور ينظر للأمر بشكل عادي وطبيعي، بل وبدأ الرقص على الموسيقى العبرية والكل يردد خلف الأغاني التي ترددت في أرجاء المخيم ، وكأن الدبابات والصواريخ العبرية لم تدك هذا المخيم منذ أشهر ولم تتردد ذات أصوات الصواريخ العبرية في نفس المكان الذي تردد فيه هذه الأغاني ولم تسرق زهرات شبابه، وكأن شباب هذا المخيم الذين رقصوا طرباً لهذا لم يكونوا من قبل معتقلين لدى الدولة العبرية ولم يزل جزء منهم في المعتقلات.

بالنسبة لي كان وقع الصواريخ والدبابات على المخيم اقل وطأة من هذا الصوت النشاز الذي ضج بالمخيم، فارتأيت مغادرته وفي داخلي وجع يحدثني بأن هنالك خطوطاً زرقاء تحاصر المكان.

جريمة كبرى نرتكبها بحق أنفسنا أولاً، وبحق التراث والموروث الحضاري والقيمة الأخلاقية فينا، وقبل ذلك كله بحق الإنسان والإنسانية وبحق الشهداء والجرحى والأسرى خلف القضبان العبرية، والتنظيمات الفلسطينية التي من واجبها أولاً التصدي لمثل هذه الظواهر الشاذة التي بدأت تنتشر في المجتمع الفلسطيني نراها غارقة في نزاعاتها الداخلية وتصارعها على السلطة ومقاعد المجالس المحلية في الانتخابات وكان الأمر لا يعنيها.

لذلك كان لا بد من هذه الصرخة أن تنطلق عبر كل الصفحات الممكنة لتصل لكل عربي وفلسطيني في كل مكان في الأرض ولكل الفصائل الفلسطينية والمنظمات الثقافية والأهلية العربية والفلسطينية للتصدي لكل ما هو مؤذي من ظواهر مستحدثة في المجتمع الفلسطيني بكل الوسائل والسبل، كي يظل الحق الفلسطيني محفوظاً وراسخاً.

ناقوس الخطر يدق من أكثر المناطق الفلسطينية حساسية، من قلب المخيم الفلسطيني الذي كان في السابق يعتبر من اكبر حراس الهوية الفلسطينية التي تدل الشواهد أنها الآن تعاني حالة انتحار بانسلاخها عن تراثها وهويتها، أوقفوا هذا الانتحار الجماعي في صفوف شعبنا.



#مهند_صلاحات (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الهوية الثقافية بعد الاندحار الصهيوني من غزة ...
- ندوة تجمع الأدباء والكتاب الفلسطينيين في نابلس ... خطوة حقيق ...
- نزع سلاح المقاومة الفلسطينية ... عن أي سلاح يتحدثون !!
- رسالة إلى الجندي الأمريكي القادم للعراق ...
- غزة أولاً ... تسويق مشاريع التسوية بأثواب النصر
- ذاكرة الغرفة206
- -ذاكرة غرفة-
- البعد التاريخي في رواية الشهيد غسان كنفاني -رجال في الشمس-
- مدرسة المشاغبين العرب
- لماذا لم يقرعوا جدران الخزان بعد
- في الزنزانة الأخرى
- - تغار من الأقلام-
- ما جنته واشنطن من تفجيرات لندن الأخيرة
- لقاء صحفي مع الكاتب الفلسطيني مهند صلاحات بعنوان : ختان الإن ...
- شوق طويل في يوم أطول
- جدل ... ما تبقى بيننا
- في البدء كانت أنثى
- الإرهاب السلفي في خدمة الاحتلال في العراق
- رسائل أنثى شرقية (2)
- ذات القنبلة المشبوهة في بيروت!!


المزيد.....




- ويتكوف: وفد أمريكي سيتوجه إلى السعودية لإجراء محادثات مع وفد ...
- إيطاليا.. الجليد والنار يلتقيان في مشهد نادر لثوران بركان إت ...
- كيف يبدو مستقبل اتفاق وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل؟
- روبيو ونتنياهو يحملان إيران عدم الاستقرار في المنطقة، ويؤكدا ...
- فيديو: مناوشات مع مؤيدين لإسرائيل أثناء مظاهرة مؤيدة لفلسطين ...
- رئيس دولة الإمارات يستقبل النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ال ...
- سوريا.. هجوم على دورية تابعة لوزارة الداخلية في اللاذقية يسف ...
- سيناتور أمريكي يوجه اتهاما خطيرا لـ USAID بتمويل -داعش- والق ...
- السعودية.. القبض على 3 وافدات لممارستهن الدعارة بأحد فنادق ا ...
- الخارجية الروسية تعلق على كلمات كالاس حول ضحايا النزاع الأوك ...


المزيد.....

- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مهند صلاحات - اغتيال التراث الفلسطيني ... اغتيال الهوية