|
اثيوبيا تماطل في قضية السد وتقترب من إنهاء النزاع لصالحها
عبد صموئيل فارس
الحوار المتمدن-العدد: 4895 - 2015 / 8 / 13 - 17:55
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
يرى أغلب خبراء السدود أن ما يجري الآن هو نوع من أنواع التعتيم، بشأن ما يحدث من مواجهة مصرية إثيوبية خاصة بسد النهضة، وعليه فإن التسليم بما تفعله إثيوبيا من محاولات فرض الأمر الواقع وتأسيس قواعد جديدة بين دول حوض النيل من شأنه إلحاق أضرارًا جسيمة على مستقبل مصر المائي، مؤكدين أن الخطأ الأكبر هو تسليم مصر بهذه القواعد.
يوجد على طول مجرى النيل 7 سدود، إلا أن سد النهضة يعد من أكبر وأخطر تلك السدود، حيث يبلغ ارتفاعه 145 مترا، وطوله حوالي 1800 متر، وتقدر تكلفة إنشائه بحوالي 5 مليارات دولار، أغلبها تمويل حكومي واستثمارات لشركات أجنبية، حيث لم تسمح الحكومة الإثيوبية بمشاركة جهات حكومية أجنبية في المشروع.
ويقطع السد مجرى النيل الأزرق –أكبر فروع النيل- قرب الحدود مع السودان في ولاية بنيشنقول قماز الإثيوبية، وتبلغ سعته التخزينية 74 مليار متر مكعب، أي حوالي مرة ونصف من إجمالي سعة النيل الأزرق من المياه سنويا، وتقدر القدرة المبدئية للسد على توليد الكهرباء بحوالي 6000-7000 ميجاوات، أي ما يعادل 3 أضعاف الطاقة الكهربائية المولدة من محطة سد أسوان الكهرومائية.
وبعد هذا التقديم، وجب الانتباه إلى أن مشروع سد النهضة هذا ليس آخر المطاف، فالخطة الإثيوبية قد تعمد إلى إضافة 3 سدود أخرى هى “كارادوبي” و”بيكو أبو” و”مندايا” بسعات تخزينية تصل إلى 200 مليار متر مكعب.
يمثل السد خطرا على مصر من عدة أوجه وليس وجها واحدا:
الخطر الاول:
يتعلق التهديد الأول بالفترة اللازمة لملء خزان السد المقدرة سعته بنحو 74 مليار متر مكعب، حتى يمكن للسد العمل بكامل طاقته، وبالطبع تريد إثيوبيا تقليص هذه الفترة لأقصى درجة ممكنة، فبافتراض كون هذه الفترة 5 سنوات مثلا، فهذا يعنى استهلاك السد لـ15 مليار متر مكعب من الماء سنويا على مدار 5 سنوات تخصم من مصر والسودان بنسبة حصتيهما “3 إلى 1″-;- بما يعنى تناقص حصة مصر السنوية بحوالى 12 مليار متر مكعب على الأقل لتصل إلى “40-43 مليار متر مكعب سنويا”، وهو ما قد يمثل كارثة بالنسبة لمصر التى تصنف كإحدى الدول الفقيرة مائيا، حيث حصة الفرد أقل من 650 متر مكعب من الماء سنويا، أي أقل من ثلثى المعدل العالمي “1000 متر مكعب للفرد”، كما أنه في مقابل كل مليار متر مكعب تناقص من حصة مصر المائية فإنه من المتوقع أن تخسر مصر 200 ألف فدان زراعي.
الخطر الثاني:
المؤكد أن نقص مخزون المياه خلف السد العالي سيؤثر سلبا على الطاقة الكهربائية المتولدة منه بما يتراوح بين 20 و40%، بحسب خبراء في مجال المياه، مما سيعمق من أزمة الكهرباء التي تعيشها مصر.
الخطر الثالث:
ويتمثل في استخدام إثيوبيا جزء من هذه المياه المخزنة للزراعة، بما يعني أن حصة من مياه الخزان سيتم تفريغها لأغراض زراعية بما يعني الحاجة لإعادة ملئها، ووقتها لن تكون الأزمة متعلقة بفترة ملء الخزان فقط ولكن بتناقص دائم في حصة مصر السنوية في مياه النيل.
القضية بالتالي خطيرة رغم محاولات التخفيف منها، وربما تكون مبادرة آلية فض المنازعات المطروحة بين دول الحوض، إضافة إلى المبادرات المصرية بالتعاون مع دول منابع النيل كلها مسكنات ومهدئات للأزمة، ولكن المشكلة أن احتياجات كل دولة من المياه لمشاريع الزراعة تزداد، والتحريض الدولي أيضًا يزداد بسبب مطامع تاريخية.
إلي أين أذن توقفت المفاوضات هذا كان محور نقاش لكثير من الخبراء والمتخصصين في الايام الماضيه بالرغم من حالة التعتيم الاعلامي الكبير حول هذه القضيه التي تمثل أمنا قوميا من الطراز الاول فقد
أثارت فعاليات الجولة السابعة من مفاوضات سد النهضة الإثيوبي والتي عقدت بالخرطوم في الفترة من 23-24 يوليو 2015 بمشاركة وزراء المياه بالدول الثلاث "مصر، وإثيوبيا، والسودان" وعدد من الخبراء الفنيين الوطنيين - العديدَ من التساؤلات حول مدى قدرة الأطراف الثلاثة على حسم القضايا الخلافية، خاصة المرتبطة بالإجراءات الفنية التنظيمية لكيفية عمل المكتبين الاستشاريين الدوليين؛ الفرنسي BRL الذي طالبت به إثيوبيا، والمكتب الهولندي "دلتارس" الذي اختارته مصر والسودان، وهما المنوط بهما القيام بالدراسات الخاصة بالسد، ومدى تأثيره على دولتي المصب؟ وما إذا كانت إثيوبيا تنتهج التسويف سبيلا لفرض السد كحقيقة على أرض الواقع دون الالتزام بما جاء في إعلان المبادئ الذي وقعه رؤساء الدول الثلاث؟.
تعطيل مقصود:
يشكل إعلان المبادئ الذي وقعه كل من الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس السوداني عمر البشير ورئيس الوزراء الإثيوبي ماريام ديسالين، بالعاصمة السودانية الخرطوم في 23 مارس 2015، نقطة تحول في مسار حلحلة الأزمة بعد إقرار أطرافها بأهمية التعاون المائي، وإقرار مبادئ التعاون والتنمية والتكامل الإقليمي والاستدامة، وعدم التسبب في ضرر ذي شأن، والاستخدام المنصف والمناسب للمياه، فضلا عن تعزيز إجراءات بناء الثقة من خلال التعاون في الملء الأول، وإدارة السد، وذلك من خلال تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية، واحترام المخرجات النهائية للتقرير الختامي للجنة الثلاثية للخبراء حول الدراسات الموصى بها في التقرير النهائي للجنة الخبراء الدولية خلال المراحل المختلفة للمشروع ومنها اختيار مكتبين استشاريين لتقييم تأثيرات السد.
وبرغم انتهاج مصر لمبدأ حسن النوايا الذي تجسد في توقيع رئيسها عبد الفتاح السيسي على إعلان المبادئ، وقيامه بزيارة إثيوبيا، وإلقائه كلمة أمام البرلمان الإثيوبي أوضحت ركائز السياسة المائية لمصر القائمة على أسس من التعاون والمشاركة؛ فإن النهج الإثيوبي في التعامل مع أزمة السد اتسم بالتسويف والذي تجسده المواقف التالية:
1- غياب وزيري المياه السوداني والإثيوبي عن اجتماع لجنة خبراء سد النهضة والذي استضافته القاهرة مطلع يوليو 2015، واقتصار اللقاء على حضور 12 خبيرًا ومسئولا من مصر والسودان وإثيوبيا، ومندوبي المكتبين الاستشاريين الدوليين المكلفين بتنفيذ الدراسات الفنية الخاصة بإنشاءات السد، والتي أوصت اللجنة الفنية الدولية "لجنة الخبراء" باستكمالها في تقريرها الصادر في مايو 2013.
2- التأخر في تحديد المهام التي سيقوم بها المكتبان الاستشاريان، واختلاف الرؤى حول كيفية عملهما، وما إذا كان للمكتبين نفس الدرجة من المعاملة، ومدى إمكانية أن تدخل سعة السد من المياه داخل الدراسة. وهو الأمر الذي انتهى في مفاوضات الخرطوم بعد إصرار إثيوبيا على اعتبار المكتب الفرنسي الرئيسي، والهولندي المساعد، مع توزيع الأوزان بين المكتبين 70% للمكتب الفرنسي، و30 % للمكتب الهولندي، على أن يكون العرض على المكتبين في كل النقاط، وأن يشتركا في كافة الدراسات المائية والهيدرولوكية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية المتعلقة بالسد.
3- الاتفاق على عقد جولة جديدة ثامنة من المفاوضات الثلاثية على مستوى الوزراء والخبراء الفنيين بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا في 12 أغسطس 2015، وذلك للتأكد من التزام المكتبين الاستشاريين بالبنود المتفق عليها في العروض الرسمية المشتركة المقدمة تمهيدًا لإقرارها وتوقيع العقود إيذانًا ببدء تنفيذ الدراسات المطلوبة. ومع تحديد الإطار الزمني الذي أقره إعلان المبادئ بخمسة عشر شهرًا منذ بداية إعداد الدراستين الموصى بهما من جانب لجنة الخبراء الدولية للانتهاء منهما، فإن عنصر التسويف يصبح الملمح الأهم للتوجه الإثيوبي.
4- توظيف الموقف السوداني والذي أضحى داعمًا للرؤية الإثيوبية، وهو ما تجلى بشكل واضح في التصريحات الرسمية للمسئولين السودانيين في أن فوائد السد متعددة، وتفوق حجم المخاوف من تداعيات إنشائه. وربما يعود ذلك الـتأييد إلى دور إثيوبيا في الوساطة بين شمال السودان وجنوبه، واستضافتها جولات متعددة من الحوار بين الجانبين لحسم القضايا الخلافية، سواء فيما يرتبط بالحدود أو النقل أو التنقل بين القبائل.
استغلال الخصوم:
يبدو أن المنهج الإثيوبي لا يقتصر فقط على التسويف لفرض حقائق السد مع الاستمرار في الإنشاءات دون توقف حتى تنتهي الدراسات المطلوبة، بل أنها تسعى إلى توطيد علاقاتها مع أطراف مثل تركيا وإسرائيل قد تدعمها بشكل يتناقض مع المصالح المصرية، وهو ما تعكسه الإجراءات والتوجهات الإثيوبية التالية:
1- تصديق البرلمان الإثيوبي في نهاية مارس 2015 على اتفاق تعاون دفاعي مع تركيا كان قد تم إبرامه خلال مارس 2013، وينص على تقديم تركيا دعمًا فنيًّا ولوجيستيًّا لإثيوبيا في سبيل زيادة قدراتها العسكرية وتحديثها، فضلا عن نقل التكنولوجيا في المجال الدفاعي وإقامة التعاون المتبادل بين شركات الصناعات الدفاعية بالبلدين.
2- تعزيز التعاون المائي بين إثيوبيا وإسرائيل في مجال إنشاء السدود وتقديم الاستشارات الفنية، والذي تجلى في توقيع اتفاقيات بين وزارة الكهرباء الإثيوبية وشركة تل أبيب لإدارة كهرباء إثيوبيا، وذلك وفقًا لتصريحات المهندس حيدر يوسف وكيل أول وزارة الموارد المائية والكهرباء السوداني السابق لجريدة "أخبار اليوم" المصرية في 3 مارس 2015.
في النهاية يمكن القول أن حماية المصالح المائية المصرية، في إطار المعادلة المصرية التي أعلنها الرئيس السيسي في مناسبات عديدة، ترتكز على أن مصر تعترف بحق الآخرين في التنمية، ولكن عليهم أن يدركوا أن المياه بالنسبة لمصر تعني الحق في الحياة، وفي ظل التسويف الإثيوبي، ومحاولة جعل قضية السد مجالا للتجاذبات الإقليمية والدولية، واستخدامها كورقة ضغط على القرار المصري؛ فإن العودة إلى آلية القمة على مستوى رؤساء الدول "مصر والسودان" ورئيس الحكومة "إثيوبيا" تصبح الخيار الأنسب لحسم تناقضات المسار التفاوضي وتأرجحه بدلا من وصول الأزمة إلى طريق مسدود.
المصادر جريدة البديل من ارشيف سد النهضه http://elbadil.com/2015/07/29/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B9%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%A8%D8%B9-%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%84/
المركز الاقليمي للدراسات http://www.rcssmideast.org/Article/3714/%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A3%D9%8A%D9%86-%D8%AA%D8%AA%D8%AC%D9%87-%D9%85%D9%81%D8%A7%D9%88%D8%B6%D8%A7%D8%AA-%D8%B3%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D8%A9#.VcyBQvmqqko
اخبار سد النهضه سكاي نيوز http://www.skynewsarabia.com/web/tag?s=%D8%B3%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%87%D8%B6%D8%A9
#عبد_صموئيل_فارس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أهم ماقيل حول مشروع قناة المصريين ؟!
-
إشكالية الماده 156من الدستور بين التوافق والصدام ؟!
-
بالارقام هوس التسلح يضرب منطقة الشرق الاوسط
-
الاقباط في تعيينات النيابه 1.38 في المئة وفي الداخليه بلح !!
...
-
الخاسر والرابح من الاتفاق النووي الايراني
-
وما شعار المواطنه في بلادي إلا بلح !
-
بعد عامين علي 30 يونيو من ارهاب محتمل الي واقع معاش ؟!
-
مصر واسرائيل المصالح تتصالح !!
-
لماذا يرتبط شهر رمضان بالعمليات الارهابيه الكبري في مصر ؟!
-
قراءه لتسريبات ويكيلكس حول السعوديه ( 2 )
-
قراءه لتسريبات ويكيلكس حول السعوديه
-
اعدام مرسي نهايته مؤبد مبارك بفضل الذاكره السمكيه !
-
تصاعد الصراع بين شفيق والسيسي
-
دراسه حول الاعتداءات ضد الاقباط وظلم الجلسات العرفيه !
-
الريحاني في ذكراه ال66 تنبأ برحيله لليلي مراد وقد كان !
-
محلب وجهود في غير موضعها ؟!
-
تحليل لزيارة السيسي لألمانيا
-
حصر بحوادث التهجير القسري للأقباط والموقف الدستوري والقانوني
-
المؤامره الكبري ؟!
-
مرارة النفي داخل الوطن ( التهجير القسري )
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|