أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - كريم عامر - هوية الفرد فى المجتمع الإنسانى














المزيد.....

هوية الفرد فى المجتمع الإنسانى


كريم عامر

الحوار المتمدن-العدد: 1349 - 2005 / 10 / 16 - 11:30
المحور: حقوق الانسان
    


عندما يعى الفرد أهمية ذاته ويعرف جيدا القيمة الحقيقية لها ، سيدرك على الفور أن الوسيلة المثلى للحفاظ على هويته الذاتية أن ينأى بنفسه عن الإنخراط فى المجتمعات الشمولية التى تعمل على تشكيل الأفراد فى قوالبها المتطابقة طامسة معالمهم .. مذيبة لهوياتهم .. مجهزة على ماتبقى لديهم من صفات تميزهم عن غيرهم .
فالثقة الشديدة بالنفس تدفع الإنسان - حتما - إلى الإنفصال عن العالم ، وبناء دولته المستقلة داخل كيانه الفردى والتى يسيطر العقل على مجريات أمورها ويتحكم فى كل صغيرة وكبيرة داخلها ، وبالتالى فهو الذى يشكل الهوية الفردية الحقيقية دون أن يكون للعوامل البيئية ( الإجتماعية ) أية آثار ملموسة .
والإنسان الذى يؤمن بذاته تفوق قدرته على التفكير وعلى الخلق والإبداع والإبتكار قدرة الإنسان الذى يعتقد أنه ينتمى إلى مجتمع ما ، حيث أن الإنسان الإجتماعى يعمل داخل منظومة قيمية تفرض على عقله خطوطا حمراء تحظر عليه تجاوزها وإلا عد خارجا عن عقدها الإجتماعى ، بينما الإنسان الفرد يؤمن بلامحدودية ذاته ويفكر ويعمل من خلال إيمانه هذا ، فهو إله نفسه وبالتالى .. فهو لا يسأل - داخل عالمه النفسى المترامى الأطراف - عما يفعل ، ومن البديهيات المسلم بها أنه كلما إتسع نطاق الحرية لدى الفرد كلما إزدادت قدرته الذهنية على الإبداع ، والعكس صحيح ، وبالتالى .. فإن تحرر الفرد - بشكل عام وعقله بصورة خاصة - من كافة القيود يجعل عقله هو المسيطر الوحيد على ذاته ومن ثم سيصل حتما إلى قدرة لا نهائية على الخلق والإبتكار والإبداع .
فالفردية إذن تعمل على بناء الإنسان ذو الشخصية القوية التى لم تتداخل خيوطها مع البيئة ( المجتمع ) ومن ثم تعمل على إثراء التنوع الإنسانى والفكرى فى آن ، وخلق أجواء من التبادل المعرفى والثقافى بين الكيانات الفردية بعضها البعض .
إن ضعف شخصية الفرد هو الذى يدفعه إلى الإنخراط فى المجتمع لإلتماس القوة المادية التى تعمل على إخفاء ضعف شخصيته ، وفى ذات الوقت يعزى ضعف شخصية الفرد إلى الضغوط الإجتماعية التى تمارس عليه لإخفاء ذاته الحقيقية خلف أقنعة إجتماعية زائفة ، وبالتالى .. فإن الإنسان ذو الهوية الفردية ( اللاإجتماعى ) هو الذى يتمكن من مقاومة ضغوط المجتمع وينجح فى عملية إستقلاله الذاتى وبناء شخصيته القوية ، ونجاح الإنسان فى مقاومة ضغوط المجتمع يرجع فى الغالب إلى ظروف التنشأة الإجتماعية القاسية التى مر بها فى مرحلة ما من حياته ( الطفولة غالبا ) والتى أكسبته فيما بعد مناعة قوية ضد المحاولات الإجتماعية لإخفاء هويته الذاتية .
إنه لمن الظلم البين أن يستغل المجتمع ضعف الإنسان كى يقولبه داخل الهوية السائدة ، كما أنه من غير المقبول إطلاقا أن يتم التحدث بإسم تجمعات بشرية بإعتبارها تنتمى إلى هويات عرقية أو دينية أو طائفية أو جغرافية .. الخ ، وذالك أن هذه الهويات لم يختارها الفرد بمحض إرادته وإنما تم فرضها من قبل قوى إستغلت منذ قديم الأزل نفوذها لدى الجماعة البشرية للحد من حرية الفرد وتقييدها داخل أطر تصب فى النهاية فى مصلحتها ، وحتى إن إدعى بعض الأفراد أنهم قد إختاروا هذه الهوية أو تلك بمحض إرادتهم فإن إدعائهم هذا غير مقبول لأن خياراتهم فى هذا المجال محدودة - على أفضل الأحوال - إن لم تكن معدومة ، أضف إلى ذالك أن إختيارهم لهذه الهويات يرجع إلى ضعف نفسى ناجم عن الضغوط الإجتماعية التى سبق ومورست عليهم ( سواء بالترغيب أو الترهيب ) لقبول هذه الهوية ، وأوضح مثال يمكن من خلاله إثبات هذا الأمر عملية توريث الهوية بين الأجيال المتعاقبة دون أن يترك للوارثين حرية الإختيار والمفاضلة ؛ أو حتى وضع الهوية الفردية كخيار آخر .
إن الشعارات الجوفاء التى يرددها أعداء الفردية من العنصريين تحت دعاوى العودة إلى التراث أو تعزيز الإنتماء إلى الجذور أو التمسك بتعاليم الدين أو المحافظة على الروابط العائلية .. الخ ؛ يجب أن تواجه بحزم وقوة حتى تحفظ للفرد حريته ويحافظ على قدسيته ويؤكد على وجوده كعضو فعال فى المجتمع الإنسانى الكبير ؛ وحتى نقطع الطريق على إنتهازية أرباب المصالح العليا الذين يضعون نصب أعينهم إخفاء ذات الفرد الحقيقية بأقنعة إجتماعية مزيفة .
لقد كانت الجماعات البشرية - ولا تزال - تعاقب من يسعى إلى تفتيت وحدتها وتعده خارجا عن عقدها الإجتماعى ، ولقد ثبت للبشرية على مر عصورها أن تعدد الهويات الإجتماعية هو الذى ساهم بشكل فعال فى خلق حالة من العداء والكراهية وساعد فى تأجيج جذوة الصراعات وإشعال نيران الحروب المدمرة بين أطراف المجتمع الإنسانى ، فمن باب أولى يجب على المجتمع الإنسانى أن يتصدى لكل من يحاول إثارة النعرات القومية أو الطائفية أو العرقية أو الدينية وكل ما من شأنه أن يؤثر على الهوية الفردية ويقوض من إستقرار المجتمع الإنسانى .
إن تشجيع الهوية الفردية يصب فى نهاية المطاف فى مصلحة المجتمع الإنسانى بأسره ذالك أنه يعمل على إثراء التنوع البشرى والفكرى ، الأمر الذى يساهم بفعالية فى خلق أجواء من التبادل المعرفى والثقافى والحياتى بين الكيانات الفردية داخل المجتمع الإنسانى اللامحدود فكريا والمحكوم بديمقراطية كياناته الفردية .



#كريم_عامر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لن أسير مع القطيع !
- قضاة ... أم خيالات مآته ؟؟!!
- بايعوا الرئيس مبارك ... أميرا للمؤمنين !! .
- رسالة الى السيد الرئيس
- إنطبعات متظاهر
- الدفاع عن المرأة ... دفاع عن الذات
- تعليم الإناث وأثره فى إنهيار الفكر الذكورى .
- فتش عن القاعدة
- النظام الأسرى بين المساواة والقوامة .
- من واقع رسالة طالب أزهرى : الأزهر والقاعدة ... وجهان لعملة و ...
- إعدام الشريف إعلان حرب ضد مصر
- صيفى ... ولكن حافظى على حجابك !
- الزواج والبغاء ، إطلاقات متباينة لسلوك واحد !
- ثورة العبيد .... ضد الحرية !
- حركة كفاية ... ومواجهة الإستبداد
- عفوا أختى الفاضلة ... لقد غيبوا وعيك
- هل نحن ولدنا أحرار ؟؟!!
- شبكة الإنترنت .... وتحطيم الأبواب المغلقة للمجتمع الذكورى ال ...
- الصحف المصرية الصفراء تتهكم على رموز المجتمع المصرى - صحيفة ...
- هند الحناوى : الفتاة التى أسقطت هيبة الذكور


المزيد.....




- في يومهم العالمي.. أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة ألهموا الع ...
- سويسرا تفكر في فرض قيود على وضع -أس- الذي يتمتع به اللاجئون ...
- كاميرا العالم ترصد خلوّ مخازن وكالة الأونروا من الإمدادات!
- اعتقال عضو مشتبه به في حزب الله في ألمانيا
- السودان.. قوات الدعم السريع تقصف مخيما يأوي نازحين وتتفشى في ...
- ألمانيا: اعتقال لبناني للاشتباه في انتمائه إلى حزب الله
- السوداني لأردوغان: العراق لن يقف متفرجا على التداعيات الخطير ...
- غوتيريش: سوء التغذية تفشى والمجاعة وشيكة وفي الاثناء إنهار ا ...
- شبكة حقوقية: 196 حالة احتجاز تعسفي بسوريا في شهر
- هيئة الأسرى: أوضاع مزرية للأسرى الفلسطينيين في معتقل ريمون و ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - كريم عامر - هوية الفرد فى المجتمع الإنسانى