بير رستم
كاتب
(Pir Rustem)
الحوار المتمدن-العدد: 4894 - 2015 / 8 / 12 - 02:20
المحور:
المجتمع المدني
...هي ربيبة العقلية الغوبلزية.
عندما نعود بالذاكرة إلى تلك السنوات والمراجعات والاستدعاءات الأمنية المتكررة لنا _ومن قبل كل الفروع تقريباً؛ خاصةً المتواجدة منها في عفرين_ وكذلك من خلال حكايات الإخوة والزملاء العاملين في حقلي الثقافة والسياسة عموماً وما كان يجرى معنا في أقبية وزنازين الأمن السوري .. ندرك مدى حجم المأساة والكارثة التي كنا نعيشها نحن السوريين عموماً والكورد على وجه الخصوص؛ كون معاناتنا كانت مزدوجة _قومياً وسياسياً_ حيث تؤكد حكايات السوريين بأن العقلية الأمنية في البلد كانت "اللقيطة الغير شرعية" للنموذج النازي الألماني أو ما يمكن تسميته بالعقلية الغوبلزية؛ نسبةً إلى جوزيف غوبلز (29 أكتوبر 1897 _ 1 مايو 1945) وهي العقلية التي تتوجس من كل همسة وكلمة من المثقف بحيث يجعل وزير الدعاية النازي غوبلز "يتحسس مسدسه كلما رأى مثقفاً" والنموذج الأمني السوري في تعامله مع المثقفين والنشطاء والسياسيين كان نموذجاً صارخاً عن تلك العقلية الغوبلزية وهنا نتذكر جيداً ملامح ذاك العنصر الأمني في فرع المخابرات الجوية بدمشق وكيف كان يقودنا كـ"حشرة ضارة" للحمام وذلك في أوقات محددة وهو واضعاً عصاه في ظهرك ويدفعك دفعاً نحو الحمامات مع عدد من الكلمات البذيئة والزاخرة بها القاموس الأمني السوري وذلك على الرغم من ريفية الرجل وبقايا تلك الطيبة الريفية في ملامحه.
إن تلك العقلية الأمنية كان كابوساً حقيقياً ومرعباً لنا جميعاً ونتذكر ماذا كان يشكل لنا الاستدعاء الأمني من قلق نفسي ورعب سايكولوجي؛ حيث "الداخل إليه مفقود والخارج مولود" وهي مقولة مشهورة بين كل الذين دخلوا إلى تلك الأقبية اللعينة والقذرة بكل معنى الكلمة من دلالات وإيحاءات، حيث تتحول إلى مجرد رقم و"حشرة" بل أسوأ من ذلك حيث تتمنى أن تكون "حشرة قذرة" في ذاك المكان ولا أن تكون معتقل سياسي؛ كون الحشرات تعيش بأمان وحرية أكبر منك بكثير.. وهكذا فأنت مجبرٌ أن تحسد تلك الحشرة على النعم التي تتنعم بها مقارنةً مع وضعك المادي الجسدي والنفسي الوجداني.. فيا كل البؤس واللعنة على تلك الأيام والعقلية التي أودت بالبلاد إلى ما نحن عليه اليوم من دمار وقتل وتشريد وتدميرٍ للبلد مجتمعياً وبنية تحية وحتى ثقافياً وأخلاقياً وذلك خدمةً للعقلية الاستبدادية وبقاء الديكتاتور على عرش الخراب والموت المجاني .. وبالتالي فكان لا بد من ثورة نوروزية لتعيد الألق للوجه الحضاري لسوريا؛ ثورة عرفت وميزت نفسها عن بقية ثورات العالم بأنها ثورة الكرامة والحرية.. فألف تحية لأرواح كل من ناضل وضحى _وما زال_ من أجل نيل تلك الغايات النبيلة في قيم وسلوكيات الإنسان وكلنا أمل أن يحقق الشعب السوري وبمختلف مكوناته، حقوقه المدنية والديمقراطية في ظل نظام ديمقراطي مدني ليبرالي تعددي يحترم التمايز الثقافي والديني والعرقي .. وأيضاً السياسي الأيديولوجي.
#بير_رستم (هاشتاغ)
Pir_Rustem#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟