أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - أثر التصوف فى المعتقدات الاجتماعية : الاعتقاد فى التفاؤل والتشاؤم















المزيد.....

أثر التصوف فى المعتقدات الاجتماعية : الاعتقاد فى التفاؤل والتشاؤم


أحمد صبحى منصور

الحوار المتمدن-العدد: 4893 - 2015 / 8 / 11 - 09:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كتاب : أثر التصوف الثقافى والمعمارى والاجتماعى فى مصر المملوكية
الفصل الرابع : أثرالتصوف فى الحياة الاجتماعية فى مصر المملوكية
أثر التصوف فى المعتقدات الاجتماعية : الاعتقاد فى التفاؤل والتشاؤم

1 ــ التفاؤل والتشاؤم ظاهرة إنسانية توجد لدى بعض الأفراد ، وفى كل الشعوب . ولكن تحكم التصوف فى العصر المملوكى حوّل هذه الظاهرة العادية من ( تفاؤل ) بمعنى الشعور بالفرح والتشاؤم بمعنى الشعور بالانقباض الى الاعتقاد فى جدوى التفاؤل والتشاؤم فى التوقع بحدوث شىء مفرح أوشىء مكروه . وبسبب قسوة الحكم المملوكى وبطشه وكثرة الفتن العسكرية فيه والتنازع المستمر بين المماليك كان توقع السوء هو السائد ، فقلّ الشعور بالتفاؤل ، وساد الشعور بالتشاؤم ، وأصبح الحدث العادى منذرا بشر قادم . وعمّ هذا فى أواخر العصر المملوكى الى درجة انهم تشاءموا من لفظ التشاؤم نفسه، فعبروا عنه بلفظ التفاؤل ، فأضحى لفظ (تفاءل) معبرا عن المعنيين المتناقضين، ويُفهم المعنى بالقرينة .
2 ـ والواقع ان جدوى الاعتقاد فى التفاؤل والتشاؤم يتبع من من نشر التصوف للكشف ، أو العلم بالغيب الذى جعله التصوف مُباحا لكل من هبّ ودب ، كاشهر مجال للكرامات . ولهذا فقد سار الاعتقاد فى التفاؤل والتشاؤم فى ركاب التصوف فى العصر المملوكي ، وإزدهر بإزدياد سطوة التصوف طرديا . ومقارنة سريعة بين كتابات المقريزي وابن اياس تظهر تأثر ابن إياس أكثر من سابقه بالاعتقاد فى التفاؤل والتشاؤم . فالمقريزي مثلا يعلق على وباء الفئران الذي أهلك المحاصيل سنة 842 بقوله (وعندي ان هذا منذر بحادث ينتظر ...) ..أما في أواخر العصر فقد عمت هذه الظاهرة إلى درجة والمصريون في نهاية العصر كانوا (يتفاءلون) بأي شيء ، أى يتشاءمون من أى شىء ، ويتوقعون الشّر من أى شىء . وابن إياس اكبر من يعبر عن هذه الحقيقة حتى في الحوادث العادية ، مثل سقوط رداء الخطيب على الأرض وتوجه السلطان للمقياس، وزغردة النساء له في موكبه . ..
3 ــ مظاهر التفاؤل والتشاؤم عديدة في العصر المملوكى، أبرزها ما كان متصلا بالسلاطين والأمراء حيث كان المستقبل السياسي غامضا في حكم عسكري يحكم فيه الأقوى عدة والأكثر دهاءا ومكرا . فإذا صكّ السلطان عملة نقدية وجعل اسمه بها في دائرة ( تفاءل الناس بأنه ستدور عليه الدوائر ويسجن) هذا ما كتبه المقريزى ، وأسهب ابن اياس في التعليق على هذه الحادثة بما يعبر عن عقليته وعصره مع انه لم يشهدها بنفسه وإنما نقلها عن المقريزي وكتبها في تاريخه . وخسوف القمر ظاهرة عادية ، ولكن لحقها التشاؤم ، ولما خسف القمر يقول ابن إياس أنه ( "تفاءل " الناس بزوال السلطان لا سيما أن كان مريضا ) . و(تفاءل ) هنا بمعنى ( تشاءم ). وعندما سقطت منارة جامع السلطان حسن( لهجت العامة بزوال الدولة ) . ووقع السلطان شعبان من على فرسه فتطير الناس وقالوا: لا يقيم إلا قليلا ) ولاحقوا السلطان بالتطير حتى اذا ثبت اقدامه وقضى على منافسيه اعتبروا ان عهده قد انتهى ..( تاريخ ابن اياس : 2 / 179 ، 409 ، 365 ).
4 ــ على أن أشهر مظهر للتشاؤم بالنسبة للسلطان هو إقامة خطبتين للعيد والجمعة في يوم واحد حين يكون العيد يوم جمعة .. ولتلافي ذلك تقرب القضاة للسلاطين بمنع شهادة من يرى الهلال اذا كان يعنى مجىء العيد فى يوم جمعة فيرمون الشاهد بالتزوير ...
5 ــ وفى الفتن التى كانت تحتدم بين السلطان والأمراء الطموحين كان (للتفاؤل) مظاهر جمة مثل ( حرق مهام السلطنة ) إذ يعتبرونه (فألا) بالهزيمة ، أى تشاؤما بهزيمته وإرهاصا بها .. وحين زحف منطاش لحرب برقوق وقع من على فرسه ( فتفاءل الناس له بعدم النصرة ) ..أى تشاءموا من ذلك وتنبأوا بهزيمته . وحدث نفس الشيء للناصر فرج حين قتل بعض غلمانه . اما الثائرون عليه فقد رفع روحهم المعنوية ان قرأ لهم الامام في الصلاة آية ( وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ ).الأنفال : 26) . وفي فتنة السلطان قرقماس مع السلطان جقمق (تفاءلوا) له بالهزيمة لأنه (كشف رأسه وهتف بنصرة الحق ، وتأكدت الطيرة عليه بسقوط درقته عن كتفه إلى الأرض ) . ونفس الحال تقريبا للغوري حين تأهب لحرب العثمانيين فسقط هلال القبة الذي على رأسه وانكسر نصفين ) ..
6 ــ ومن الطريف أنه حين ذهب الغوري للشام للقاء السلطان سليم العثمانى في تلك الحرب التى انهزم فيها الغورى وقتل ـ توقف الغورى فى دمشق ، وذهب المؤرخ ابن طولون للقائه مع جماعة صوفية ، وأرادوا تحية الغورى فاصطحبوا معهم مجموعة من القُرّاء العميان ليقرأوا له القرآن تبركا ، يقول المؤرخ ابن طولون (... فلما وصلوا إلى قربه وجلس الأضراء ــ جمع ضرير ــ يقرأون القرآن له فأمر مماليكه فضربوهم بالعصي ، وقالوا لهم : عندنا ميت حتى تيجوا تقرون عليه ....) والذي لم يفهمه ابن طولون أن الغوري ومماليكه تشاءموا من قراءة الصوفية للقرآن له وهو في طريقه للحرب وإعتبروا ذلك ( تفاؤلا ) بموت الغورى , أى ( تفاؤلوا بموت السلطان )، ولذا غضب الغورى وغضب أمراؤه. ويدل على أن المصريين كانوا أكثر إحساسا من السوريين بالأعتقاد فى التفاؤل والتشاؤم ...
7ــ وفي الحياة اليومية كان للتفاؤل والتشاؤم مظاهر جمة .. فقد شاع في العصر مثلا أن ( البلاء موكل بالمنطق ) أي ان الإنسان ينطق في حديثه بكلمة او شعر أو غير ذلك فيتحقق وقوعه ويعتبر ذلك من الكشف الصوفي أبيح للأخرين ....وعرف الناس أيام السعد وضدها فيوم رابع عشرين من الأيام السبعة المكروهة عند الناس في العصر المملوكي ، وظل هذا الى عصر محمد على وذكره كلوت بك .... وكان الناس يتركون تنظيف البيت وكنسه اذا سافر احدهم (ويقولون ان ذلك ان فُعل لا يرجع المسافر ) ..
7 ــ وكان اظهر مما تشاءم به العصر المملوكي هو خروج الميت يوم السبت او دخوله القاهرة من احد أبوابها يوم السبت ، ويعتقدون ان هذا يعنى موت شخص آخر أكبر من نفس البيت . يقول أبو المحاسن (وقد عهدت الناس يتشاءمون بدخول ميت من احد أبواب القاهرة ) .. وقد دخلوا بنعش محمد بن جقمق من باب زويلة فتشاءم العوام بذلك ) . وبسبب هذا كان عزل ابن الديري كاتب السر ، لأن ربيبة السلطان ماتت واخرجت من القلعة يوم السبت ، فقال ابن الديري : (هذه الميتة قد خرجت من القلعة يوم السبت ولابد أن يعقبها أحد كبير واظنه السلطان ) فاغتاظ السلطان وقال له : ( يا قاضي في أي حديث ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الميت اذا خرج من عند أحد يوم السبت يعقبه أحد كبير ) وعزله ..
5ــ وتعكس الأمثال الشعبية في العصر المملوكي هذا ، فتقول (أي موضع راح الحزين يلقى جنازة) (اذا كان القطن أحمر والمغسل أعور والدكة مخلعة والنعش مكسر اعلم ان الميت من اهل سقر والوادي الأحمر ) (صباح الفوال ولا صباح العطار) ( صباحك ياعور قال دي خناقة بايتة.! ) (فرحت حزينة خربت مدينة.! ) ..



#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القاموس القرآنى : ( صرف ) ومشتقاتها
- أثر التصوف فى المعتقدات الاجتماعية : فى التداوى والاعتقاد فى ...
- تعليم الطفل حقوق الإنسان
- أثر التصوف في القيم الاجتماعية فى مصر المملوكية : من التواكل ...
- أثر التصوف في القيم الاجتماعية فى مصر المملوكية : عدم الاعتر ...
- بعض آثار إيجابية لبعض المتصوفة في العصر المملوكي
- القاموس القرآنى : (يمترون ) ( تمترون ) و( ممترين )
- علاقة الصوفية بطوائف المجتمع المصرى المملوكى
- الوباء السلفى فى الجزائر : ردا على رسالتين من المرضى بالسلفي ...
- أثر التصوف في الفنون المعمارية والزخارف المملوكية
- أثر التصوف فى المغنى والغناء لغير الصوفية
- أثر التصوف في الموسيقى فى العصر المملوكى
- أثر التصوف في الشعر في العصر المملوكي :
- أثر التصوف فى الأدب المملوكي : فى النثر والقصّة
- القاموس القرآنى : ( وَيْلٌ )
- تربية الأطفال فى المؤسسات الصوفية فى مصر المملوكية
- اثر التصوف فى المكتبات المملوكية
- شيوخ الصوفية والتعليم المملوكى
- أثر التصوف فى الحركة التعليمية : التعليم ومؤسسات الصوفية
- طائفة من ( الأحاديث) الصوفية فى العصر المملوكي


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد صبحى منصور - أثر التصوف فى المعتقدات الاجتماعية : الاعتقاد فى التفاؤل والتشاؤم