|
العمال الزراعيين مأساة مستمرة
جهاد عقل
(Jhad Akel)
الحوار المتمدن-العدد: 1349 - 2005 / 10 / 16 - 11:50
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
بمناسبة يوم الأغذية العالمي السادس عشر من تشرين أول أكتوبر 2005
• وفقاً لتقرير منظمة العمل الدولية يوجد في العالم 450 مليون عامل زراعي يعيشون في بؤس دائم. • العمال الزراعيين هم القوة العاملة الأكبر قواماً في العالم . • عملهم خطير جداً ،أجورهم متدنية ويعيشون في في الفقر والجوع . • تُسجل سنوياً 355 ألف حالة وفاة في مواقع العمل في العالم 50% منها في القطاع الزراعي. • نسبة الإستغلال فظيعة خاصة للنساء العاملات والأولاد .
صدر في السادس من تشرين الأول الحالي تقريرمشترك بعنوان "العمال الزراعيون ومساهمتهم في التنمية المستدامة" عن كل من منظمة العمل الدولية ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) والإتحاد الدولي لنقابات العاملين في قطاعات الأغذية والزراعة والفنادق والمطاعم والتبغ وخدماتها . يثير العديد من الأسئلة بخصوص الظروف البائسة التي يعمل بها عمال القطاع الزراعي في العالم . مثل كيف يتواصل هذا الإستغلال في ظل الشعارات التي تُطلق من جهات دولية بخصوص العدالة والحرية والديمقراطية والمساواة ؟؟ وكيف يمكن أن يتم هذا الإستغلال دون القيام بحملة دولية لوقفه ، خاصة بما يتعلق بالنساء والأطفال ؟؟ وهل يحق للمشغلين في هذا الفرع مواصلة البطش بحقوق وحياة العمال الزراعيين دون وضع حد لذلك؟؟؟.
يوم الأغذية العالمي أولاً..و846 مليون جائع وجاء هذا التقرير عشية حلول يوم الأغذية العالمي ،أي السادس عشر من تشرين أول أكتوبر ،وهو اليوم الذي اتفقت البلدان الأعضاء في منظمة الأغذية والزراعة على إقامتة ك"يوم الأغذية العالمي"، وذلك أثناء الدورة العشرين للمؤتمر العام للمنظمة في نوفمبر/تشرين الثاني 1979. ويوافق اليوم الذي اختارته لهذا الاحتفال - وهو 16 أكتوبر/تشرين الأول - ذكرى الاحتفال بقيام منظمة الأغذية والزراعة. ووفقاً للقرار جاء هذا اليوم ل:"يذكرنا يوم الأغذية العالمي بسعي المنظمة الدائم للعثور على حل طويل الأمد لمشكلة الجوع والفقر في العالم. فقد قامت المنظمة بهدف جعل "الطعام للجميع" حقا إنسانيا للأجيال الحالية والقادمة." وأكد قرار المنظمة أيضاً على الأهداف ليوم الأغذية العالمي هذا كالتالي:" • زيادة وعي الرأي العام بمشكلة الجوع في العالم؛ • التشجيع على توجيه قدر أكبر من الاهتمام إلى الإنتاج الزراعي في جميع البلدان، وبذل جهود أكبر على المستويات الوطنية والثنائية والمتعددة الأطراف وغير الحكومية لتحقيق هذا الغرض؛ • تشجيع نقل التكنولوجيا إلى بلدان العالم الثالث؛ • تعزيز التضامن الدولي والقطري في الكفاح ضد لجوع وسوء التغذية والفقر واسترعاء الاهتمام نحو المنجزات المتحققة في مجالي الأغذية والتنمية الزراعية؛ • تشجيع مساهمة جماهير الريف ولاسيما النساء وأكثر الفئات حرمانا في اتخاذ القرارات والأنشطة التي تمس ظروف حياتهم؛ • تشجيع التعاون الاقتصادي والتقني فيما بين البلدان النامية. " ووفقاً للبند الأول فقد إهتمت المنظمة بضرورة "مكافحة الجوع لتخفيض الفقر" خاصة وأن هذا اليوم العالمي يأتي قبل يوم واحد من "اليوم الدولي للقضاء على الفقر " وفقاً لقرار الأمم المتحدة بهذا الخصوص ، وبحق تساءل أحد خبراء منظمة الأغذية العالمية بخصوص يوم الأغذية هذا "هل هو يوم الغذاء العالمي أم يوم الجوع ؟؟" ، لأننا لا نتحدث خلاله عن الغذاء واهميته ، بل عن الجوع والفقر والمعاناة التي تواجه سكان العالم . خاصة وأن المعطيات الرسمية تُشير وجود الى أن أكثر من 846 مليون جائع في عالمنا يموت منهم يومياً 24 ألفاً بسبب فقدان التغذية الصالحة وفقاً للمعطيات الصادرة عن المنظمة ، وهذا بحد ذاته أمر مُثير للغضب .خاصة وأن هناك دول تقوم بإتلاف محاصيلها الزراعية ومواد غذائية بكميات هائلة من أجل المحافظة على مستوى الأسعار كما يدّعون ،. عمال الزراعة ضحايا الجوع والفقر وفقاً للتقرير المذكور أعلاه يظهر أن العمال الزراعيين المأجورين يُشكلون أكثر من 40 في المائة من مجمل القوى العاملة في القطاع الزراعي حوالي 450 مليون عامل وعاملة ، الذي يضُم 1,1 مليار شخص ، أي أن قسم ممن يعملون في الزراعة هم من المزارعين الذين يملكون المزارع نفسها وليسوا عمال أجيرين في هذه الحالة . وقد أكد التقرير على أن :"قطاع الزراعة لا يمكن أن يكون قطاعاً مستداماً بينما يعاني فيه أكثر من 40 في المائة من القوى العاملة ظروف عمل غير مستقرة ، ناهيك عن ظروف العمل البائسة .فالضغوط الإقتصادية تقضي على مستويات حماية العمال الزراعيين المتدنية أصلاً من حيث الأجور وضمان الوظيفة والصحة ومعايير البيئة والسلامة ، علاوة على ذلك فإن تشغيل الأطفال في قطاع الزراعة أمر يثير القلق على وجه الخصوص." وهكذا نلاحظ أن الأزمة التي يعاني منها العمال الزراعيين هي أزمة خطيرة جداً وفي جميع المجالات ليس فقط الأجور المتدنية ،بل سوء المحافظة على وسائل الصحة والسلامة خاصة وأنهم يتعاملون مع مواد سامة ومبيدات قد يؤدي إستمرار استعمالها الى مضاعفات صحية خطيرة جداً. أما بالنسبة للأجور فيؤكد التقرير على أن العمال الزراعيين يعانون من الإستغلال في هذا المجال بحيث "يتقاضون أجور متدنية ومكاسبهم تكون دون مستوى الأجور التي يكسبها العمال الصناعيين .وهذه الملايين من العمال تعيش تحت خط الفقر ، وغالباً ما يتعذر عليهم شراء ما يكفيهم من الأغذية ." ويؤكد معدو التقرير على أن عائلات العمال الزراعيين تنفق ما يزيد عن 70 في المائة من مرتباتها على الأغذية . تتعمق الأزمة المعيشية لدى العمال الزراعيين بسبب فقدان امكانية الإستقرار في مكان العمل ،والإعتماد على العمل الموسمي الآني الغير ثابت ، وهكذا يتعرض العمال الى الجوع هم وعائلاتهم أيضاً . ومع إنتشار ظاهرة العمل الثانوي لدى مقاولين وتنقل الأيدي العاملة من دولة لأخرى إزدادت مشكلة العمال الزراعيين حدة، بل بدأ يسود نمط تشغيلهم بظروف إستغلال بشع وبأجر يؤدي الى الفقر المدقع . وفي ظل التطور التقني وإعتماد بعض الدول على استعمال أدوات تؤدي الى تهميش دور العمال الزراعيين والمس بحقوقهم.لكن في البعض من الفروع مازالت قضية الأيدي العاملة الزراعية حاجة لا يمكن الإستغناء عنها مثل فرع الزهور ، وهذا الفرع يعتمد بالأساس على العاملات الأجيرات اللاتي يحصلن على أجور متدنية يالمقارنة مع أجور الرجال في الفرع نفسه . الصحة والسلامة وعمل الأطفال "تعد الزراعة واحدة من أكثر القطاعات الصناعية خطورة بما فيها قطاعي التعدين والبناء وتتمثل المخاطر في ميدان العمل .." كما جاء في التقرير المذكور الذي يؤكد على أن العمال يتعرضون للمواد السامة والأمراض المنقولة عن طريق المواشي وغيرها وتُشكل حالات الوفاة في مواقع العمل الزراعية بما "يقدر 50 في المائة من تلك الوفيات " التي تقع في كافة مواقع العمل في عالمنا ويؤكد التقرير أن العدد الكلي لحالات الوفاة في العالم يصل الى 355 الف حالة أي حوالي 175 الف عامل زراعي يموتون سنوياً في مواقع العمل بسبب الإهمال الفظيع في توفير وسائل الصحة والسلامة لهم من قبل أصحاب العمل. ويؤكد التقرير على أن" مرض نقص المناعة قد أدى الى وفاة نحو7 ملايين عامل زراعي منذ العام 1985 في 25 بلداً افريقيا ً أي فقدان نسبة 25 في المائة من القوة العاملة في قطاع الزراعة في غضون أقل من عقدين من الزمن ." أما بالنسبة للأطفال الذين يجري تشغيلهم في الزراعة يؤكد التقرير الى أن عددهم يزيد عن 170 مليون طفل من أصل مجمل الطفال الذين تم إحصاءهم في سوق العمل ووصل عددهم في العالم الى حوالي 246 مليون طفل عامل ، ويتم استغلال هؤلاء الأطفال بشكل بشع وفظيع وباجور متدنية جداً وبدون شروط حد ادنى من الإنسانية .حيث يتم تشغيلهم – استعبادهم لساعات عمل طويلة تزيد عن عشر ساعات في اليوم وأجرهم يصل بالكاد الة أقل من دولار واحد في اليوم فقط لا غير . ويُقدر معدو التقرير الى" أن نحو 22 ألف طفل يلقون حتفهم في ميدان العمل ، وأن الكثير منهم يعملون في القطاع الزراعي ."
المطلوب وقف هذا الإستغلال البشع وتوفير الغذاء لمن يعملون في توفيره للغير نحن نؤيد العمل على توفير الغذاء للفقراء والجياع في عالمنا من خلال منظمة الأغذية العالمية وغيرها من المؤسسات الإنسانية تحت شعار "الغذاء للجميع" ، لكن لا يمكننا تجاهل مشكلة الجوع التي تواجه 450 مليون عامل زراعي في عالمني منهم 170 مليون طفل ، حيث يفق عدد كبير منهم حياته ليس فقط بسبب عدم توفير وسائل الوقاية والأمان في العمل بل أيضاً بسبب فقدان لقمة العيش والغذاء الذي يعين على مواجهة شظف العيش الذي يتعرضون له . لا يُعقل أن تتواصل عملية التجاهل المريع لحقوق هؤلاء العمال و "أوضاع معيشتهم التي غالباً ما تكون مأساوية ، رغم أهمية أولئك العمال في تحقيق الزراعة المستدامة والتنمية الريفية والمن الغذائي العالمي ." على ضوء كل ذلك يطرح التقرير العديد من المقترحات ، مثل أمكانية تحسين ظروف العمل والمعيشة ، وايجاد ظروف عمل لائقة ومُنصفة في القطاع الزراعي ، وضرورة تطبيق المبادئ الأساسية الخاصة بمنظمة العمل الدولية وحقوق العمال ، مثل الجر اللائق ، حرية التنظيم ، الصحة والسلامة ، ساعات العمل وغيرها من الحقوق . ودعا التقرير الى إعتبار العمال الزراعيين "مجموعة متميزة" يجب التعاون معها ومع نقاباتها من أجل ان "يحظوا بالمزيد من الدعم السياسي والتقني والمالي بما يمكنهم من لعب دور اكبر بكثير لتعزيز الزراعة المستدامة .ولا بد أيضاً من أن تركز استراتيجيات التخفيف من حدة الفقر على ايجاد فرص عمل في الريف بالإضافة الى تحسين ظروف العمل في المناطق الريفية ." كما جاء في ملخص التوصيات ، نحن نعتقد ان هناك ضرورة هامة لأن يوقف هذا الإستغلال البشع الذي تتعرض له هذه الشريحة المُستضعفة من العمال في العالم من خلال تكثيف الوحدة العمالية وأن تقوم نقاباتهم في كل دولة من جهة وفي العالم من جهة أخرى على وقف هذا الإستغلال – النزيف الذي يعانون منه من قبل أرباب العمل في أرجاء العالم ، وأن يتم توفير الغذاء لمن يعملون على توفيره لسكان الكرة الأرضية وفوراً.
#جهاد_عقل (هاشتاغ)
Jhad_Akel#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الطريقة البرازيلية ...هل هي المُنقذ للفقراء ؟؟
-
يوم الثلاثاء.. الأحمر..الأسود..الرمادي الدرس الفرنسي-
-
لماذا تقتلون عُمالنا المهاجرون؟؟!!
-
البحارة يعتصمون في عرض البحر دفاعاً عن مكان عملهم
-
لتنقلع حكومة التجويع والفقر هذه.
-
حُراس الأرز – -لن يبقى فلسطيني واحد على أرض لبنان-.
-
ذكرى صبرا وشاتيلا ونشوة شارون العربية
-
لا حياد في جهنم الظُلم
-
هل يحاربون الفساد حقاً؟؟؟
-
التحرر من الفاقة...معاً ضد الفقر...و ..ال-white band - الحلق
...
-
التحرر من الفاقة...معاً ضد الفقر...و ..ال-white band 12
-
النقابيون الشباب يحيون ذكرى شهداء العمل في مدينة شيكاغو
-
عمال فلسطين ضحية الإرهاب الإحتلالي
-
من فضائح الزعماء العرب
-
مناطق التجارة الحرة ..مناطق إستغلال للعمال
-
تحياتنا لقرار وزير العمل اللبناني بالسماح للعمال الفلسطينين
...
-
أوقفوا التعذيب...أوقفوا القتل..
-
خصخصة شركة الاتصالات المصرية و-أبواب الحرية-!!
-
الانتخابات اللبنانية وحكومة الظلال ...
-
الاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين : قانون النقابات العمالية
...
المزيد.....
-
السيد الحوثي: الامريكي منذ اليوم الاول بنى كيانه على الاجرام
...
-
السيد الحوثي: السجل الاجرامي الامريكي واسع جدا وليس لغيره مث
...
-
Greece: Great Strike Action all Over Greece November 20
-
25 November, International Day for the Elimination of Violen
...
-
25 تشرين الثاني، اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة
-
استلم 200000 دينار في حسابك الان.. هام للموظفين والمتقاعدين
...
-
هل تم صرف رواتب موظفي العراق؟.. وزارة المالية تُجيب
-
متى صرف رواتب المتقاعدين لشهر ديسمبر 2024 وطريقة الإستعلام ع
...
-
استعد وجهز محفظتك من دلوقتي “كم يوم باقي على صرف رواتب الموظ
...
-
-فولكسفاغن-.. العاملون يتخلون عن جزء من الراتب لتجنب الإغلاق
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|