|
حزب التجمع والتغيير الديموقراطي
حسين أشرف أحمد فتحي حسين
الحوار المتمدن-العدد: 1348 - 2005 / 10 / 15 - 04:02
المحور:
ملف 15-10- 2005 الديمقراطية والاصلاح السياسي في العالم العربي
عضو الأمانة العامة وأمين القاهرة مدخل : أسس المناضل الكبير خالد محيي الدين مع كوكبة من الرفاق والزملاء منبر التجمع عام 1976 ، وذلك في سياق التحوّل من نظام الحزب الواحد إلى نظام التعـددية الحزبية ، وبعد حسم النقاش الذي دار في أروقة الاتحاد الاشتراكي العربي ولجنته المركزية في ذلك الوقت ، حيث كان النقاش داخله قد تحول من الإصرار على أهمية وضرورة التنظيم السياسي الواحد ورفض التعـددية ، إلى أهمية وضرورة البحث في السماح بإقامة المنابر التي تعـبر عن الاتجاهات السياسية الموجودة داخل تحالف قوى الشعب العامل . ودون دخول في تفاصيل الخلاف - في ذلك الوقت - حول شكل المنابر التي ينبغي أن يتم السماح بتشكيلها ، وهل تكون منابر ثابتة أم متغـيرة ، فقد تم حسم النقاش في اتـجاه السماح بتشكيل المنابر السياسية الثابتة ، وتقدم عدد كبير من المصريين بطلبات لإقامة منابر سياسية ، بلغـت أربعـين منبرا ، الأمر الذي كان يعـبر عن أشواق المصريين وتزايد ميولهم الديموقراطية نحو حرية التنظيم وحرية التعـبير ، لكن السلطة السياسية للدولة وعلى رأسها رئيس الجمهورية (في ذلك الوقت) لم تتصور السماح بأكثر من ثلاثة منابر ، فنشأ في هذا السياق التجمع الوطـني التقدمي الوحدوي كمنبر لليسار في مصر . ومنذ ظهوره عـبر حزب التجمع في وثائقه وحركته السياسية ، وفي مؤتمراته التنظيمية العـامة (5 مؤتمرات) والطارئة وجريدته (الأهالي) ، عن ضرورة النضال من أجل تغـيير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ، وكانت رؤيته للتغـيير تنطلق دائماً من انحياز واضح ومعـلن للطبقات الشعـبية والوسطى ، وتنطلق من وعـي بأن التغـيير الشامل لتلك الأوضاع له مدخل أساسي هو التغـيير الديموقراطي ، أي ضرورة إصلاح الأوضاع السياسية في الدولة والمجتمع ، وضرورة إصلاح النظام السياسي لكي يصبح نظاماً ديموقراطياً ، يقوم على قاعدة من التعـددية السياسية الحقيقية عن طريق إطلاق حق تكوين الأحزاب السياسية دون قيد أو شرط (إلا التي تدعـو إلى إقامة تشكيلات عـسكرية أو تفجر الصراعات الطائفية أو الصراع الديني) ، ويقوم على قاعدة من اختيار كل قيادات السلطة التنفيذية وعلى رأسها رئيس الجمهورية بنظام الانتخاب السري من بين أكثر من مرشح ، عن طريق نظام ديموقراطي للانتخابات الحرة النزيهة التي لا يمكن تزويرها أو تزييفها لإرادة الناخبين ، ويقوم على قاعـدة من توفر إمكانيات حقيقية للتداول السلمي للسلطة . وتتميز رؤية حزب التجمع التقدمي لكل من ضرورة التغـيير الشامل وأولوية التغـيير الديموقراطي بأن هذه الرؤية وطنية وتقدمية ، فحزب التجمع يربط بين ضرورة الإصلاح والتغـيير الديموقراطي وضرورة النضال المستمر من أجل تأكيد الاستقلال الوطني اقتصاديا وسياسياً لمصر ، من أجل تنمية القدرات الذاتية للاقتصاد المصري كأساس لحماية استقلال الإرادة السياسية ورفض التدخل الأجنبي ، كما يربط الحزب بين ضرورات التغـيير الديموقراطي وتغـيير الأوضاع الاقتصادية والاجتماعـية للطبقات والفئات الشعـبية والوسطى ، فمع أهمية الديموقراطية السياسية وضرورتها ، ومع أهمية تنمية الثقافة الديموقراطية في المجتمع ؛ إلا أنها ترتبط بضرورة النضال مع الناس البسطاء من أجل تغـيير أوضاع الفقر والبطالة ، وتنمية أوضاع جديدة تقوم على التوزيع العـادل للثروة ، ومواجهة أوضاع زيادة الفجوة بين الأغـنياء والفقراء ، وزيادة المدن العـشوائية ومدن الصفيح وسكان المقابر ، ومواجهة الأوضاع المولدة للفقر والجهل والمرض والعـنف . وقد ظهرت هذه الرؤية دائماً في التوجهات الديموقراطية لحزب التجمع ، وفي خطاباته وبرامجه الانتخابية (التغـيير بالجماهير – والمشاركة الشعـبية طريق التغـيير وغيرهما) ، وفي برنامجه التأسيسي عام 1976 ، وبرنامجه السياسي العام الأول الصادر عن المؤتمر العـام الأول في1980 (من اجل مصر وطناً للحرية والاشتراكية والوحدة) ، وفي برنامجه العـام الثاني الصادر عن مؤتمره العـام الرابع عام 1998 (بناء مجتمع المشاركة الشعـبية – الصادر عن كتاب الأهالي 1999) ، وفي البرامج الصادرة عن المؤتمرات الطارئة (برنامجنا للتغـيير) ، وفي التقارير السياسية الصادرة عن المؤتمرات العامة واجتماعات الهيئات القيادية المركزية. كما ظهرت هذه الرؤية بوضوح في المبادرة السياسية الأخيرة لحزب التجمع حول الإصلاح السياسي والتغـيير الديموقراطي ، التي صدرت في 10 إبريل 2004 بعـنوان برنامج التغـيير الوطني وتم إعلانها بعـد مناقشات ديموقراطية وتشاورية مع عدد من القوى الوطنية والشخصيات العـامة في مؤتمر صحفي يوم السبت 17 مايو 2004 . ومن المهم هنا تقديم أهم عناصر هذه المبادرة التي تعـبر بوضوح عن رؤية حزب التجمع في التغـيير الشامل والتغـيير الديموقراطي :
أولاً : التغـيير السياسي والدستوري: إن المدخل الصحيح للتغيير الشامل ،هو تحقيق الديمقراطية وتوفير الحريات العامة وضمان حقوق الإنسان. ولا يمكن تحقيق الديمقراطية دون توفير أربعة شروط أساسية ، تشمل .. تداول السلطة سلميا عبر انتخابات برلمانية دورية حرة ونزيهة .. ضمان الحريات العامة وحقوق الإنسان كما نصت عليها المواثيق والعهود الدولية .. قيام مؤسسات ديمقراطية مستقلة والفصل بين السلطات ، و المشاركة الشعبية من خلال حكم محلي ديمقراطي حقيقي وانتخاب المحافظين ورؤساء المدن ومجالس محلية تملك سلطات حقيقية .. وإطلاق الحرية الكاملة للقطاع الأهلي وحرية وتعددية وسائل الإعلام والتنمية الشعبية . وهذه الصورة المتكاملة لديمقراطية المشاركة الشعبية لن تتحقق بين يوم وليلة أو بقرار فردي من حاكم أو بضربة حظ ، وإنما في خضم معارك متوالية تكسبها الجماهير أحيانا وتخسرها أحيانا أخري . وكخطوة في هذا الطريق خلال عامي 2004 و2005 ـ حيث يشهد العام الأخير الاستفتاء (قبل تعديل المادة 76 من الدستور) علي رئاسة الجمهورية وانتخابات مجلس الشعب ـ فإن تحقيق إصلاح سياسي ودستوري يستهدف إقامة جمهورية برلمانية ديمقراطية ، يتطلب ما يلي : 1- انتخاب رئيس الجمهورية من بين أكثر من مرشح وتخلي رئيس الجمهورية عن انتمائه الحزبي طوال فترة توليه لمنصبه ، وتحديد وتقليص السلطات المطلقة الممنوحة لرئيس الجمهورية في الدستور ، وإلغاء المادة 74 من الدستور ، درءا لإساءة استخدام السلطات المطلقة الخطيرة الواردة فيها .. وأن تتم هذه التعديلات الدستورية قبل انتهاء فترة الرئاسة الحالية في عام 2005 بفترة كافية . 2- إلغاء حالة الطوارئ والإفراج عن المعتقلين السياسيين ، والعفو عن المسجونين السياسيين في غير قضايا العنف ، وإعادة محاكمة المحكوم عليهم من المحاكم العسكرية أمام القضاء الطبيعي ، وإلغاء القوانين والمواد القانونية المناهضة للحريات العامة وحقوق الإنسان . ووضع حد نهائي لممارسات التعذيب وملاحقة ومساءلة مرتكبيه . 3- توفير ضمانات الانتخابات الحرة النزيهة وبصفة خاصة تشكيل لجنة قضائية دائمة ومستقلة تنفرد بإدارة الانتخابات والاستفتاءات العامة ، وإلغاء جداول القيد الحالية وإنشاء جداول جديدة تتطابق مع السجل المدني ، لحين الانتهاء من تعميم الرقم القومي. 4- إطلاق حرية تشكيل الأحزاب تحت رقابة القضاء الطبيعي وحده وأن يكون الحزب مفتوحا لجميع المصريين بلا تمييز بسبب الجنس أو اللون أو الدين ، وأن يلتزم بقواعد العمل الديمقراطي في إطار دستور مدني ورفع الحصار القانوني والسياسي المفروض عليها ، ورفع القيود علي النشاط الجماهيري السلمي بما في ذلك حق التظاهر والإضراب والاعتصام وعقد المؤتمرات وتوزيع البيانات . 5- عدم السماح للحزب الوطني بالسيطرة علي أجهزة الدولة وتسخيرها لصالحه وصالح أعضائه . 6- كفالة استقلال النقابات المهنية والعمالية والجمعيات الأهلية ومؤسسات المجتمع المدني سعيا إلي مجتمع أهلي قادر علي المساهمة في بناء الديمقراطية والتقدم . 7- إطلاق حرية إصدار الصحف وملكية وسائل الإعلام للمصريين وتحرير أجهزة الإعلام والصحافة القومية من سيطرة السلطة التنفيذية والحزب الحاكم ، وإتاحة فرصة متكافئة للأحزاب والقوي السياسية وكافة الاتجاهات والتيارات الفكرية الديمقراطية في طرح آرائها وأفكارها في كل أجهزة الإعلام المملوكة للشعب ، لحين تعديل قانون الإذاعة والتلفزيون وتحقيق استقلالها عن السلطة التنفيذية. 8- التمسك بالمواثيق والعهود والاتفاقات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان .. ورفض التذرع بالخصوصية الحضارية أو الدينية للطعن أو الانتقاص من عالمية مبادئ حقوق الإنسان أو تبرير انتهاكها ، فقيم حقوق الإنسان هي ثمرة تفاعل وتواصل الحضارات والثقافات عبر التاريخ بما في ذلك الثقافة العربية والإسلامية ، والتأكيد علي أن الخصوصية التي ينبغي الالتزام بها هي تلك التي ترسخ شعور المواطن بالكرامة والمساواة وتصون معتقداته الدينية ووحدته الوطنية وتقاليده الإيجابية . وتثري ثقافته وحياته وتعزز مشاركته في إدارة شئون بلاده ، وتضيف حقوقا جديدة للإنسان .
ثانياً : التغيير الاقتصادي والاجتماعي: من الضروري لمصر الإسراع بتحقيق تنمية مستقلة شاملة ومطردة . والاستقلال هنا لا يعني القطيعة مع العالم الخارجي والانكفاء علي الذات فذلك طريق يكاد يكون مستحيلا ، ولكن الاستقلال يعني توفير عوامل القوة الداخلية لمواجهة الضغوط الخارجية وآليات العولمة. والتنمية الوطنية المستقلة ، لها أبعادها الاقتصادية وأولوياتها الاجتماعية ، خاصة الحد المستمر من الفقر وصولا إلي تصفيته .وإنقاذ الاقتصاد الوطني من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي قادتنا إليها السياسات المتبعة منذ عام 1974 وبصفة خاصة منذ الخضوع لروشتة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وهيئة المعونة الأمريكية ، وتوقيع أول اتفاق مع البنك عام 1991.. يتطلب سياسات اقتصادية واجتماعية وتنموية جديدة ترتكز علي قاعدة متينة تقوم علي أوسع ديمقراطية اجتماعية ، و تتضمن عددا من الأولويات في مقدمتها : 1- الضغط من أجل خطة جادة للقضاء علي الفقر أو تخفيض حدته ، وللحد من الفوارق بين الطبقات في توزيع الدخل والثروات . ورفع الحد الأدني للأجور والمرتبات وربطها بالأسعار . 2- محاربة البطالة وتوليد فرص عمل جديدة من خلال قيام الدولة بتنشيط النمو الاقتصادي وبتكثيف الجهد في مجال الاستثمار الإنتاجي من جهة ورفع معدل الادخار ، وبالتوسع في برامج الأشغال العامة وبرامج إصلاح مشروعات القطاع العام غير المباع ، فضلا عن مد يد العون للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لزيادة كفاءتها وتوسيع طاقاتها بما يزيد من قدرتها علي تشغيل عمالة إضافية ، وقصر الإعفاءات الضريبية علي المشروعات كثيفة العمالة . والأهم من ذلك وجود استراتيجية شاملة للتنمية المستقلة والمعتمدة علي الذات وفي القلب منها استراتيجية نشطة للتصنيع ، وصرف تأمين كاف ضد البطالة وحماية أموال التأمينات الاجتماعية ، وامتدادها لتشمل كافة العاملين في القطاعات المختلفة . 3- تحقيق إصلاح ضريبي ومالي . والأساس في الإصلاح يجب أن يكون تحقيق العدل الاجتماعي عن طريق إعادة توزيع الدخل القومي لصالح الفقراء ومحدودي الدخل ، وتخفيض الضرائب عن ذوي الدخول المنخفضة لاسيما الضرائب غير المباشرة ، ورفع حد الإعفاء للأعباء العائلية بما يتناسب مع الأسعار ومستوي الدخل ، ومراجعة شاملة للإعفاءات الضرائبية والجمركية بما يؤدي إلي التخلص من الكثير منها والذي ثبت أن مساهمتها ضئيلة أو معدومة في حفز الاستثمار ، وتوجيه جهد خاص لإصلاح الإدارة الضريبية والجمركية ورفع مستوي كفاءتها ومكافحة الفساد ، وخفض سعر الضريبة المرتفع حاليا والذي يشجع علي التهرب من دفع الضرائب . وقد أثبتت التجارب الناجحة في آسيا وأمريكا اللاتينية أن رأس المال الأجنبي لا يبدأ بالتدفق علي أي بلد إلا إذا حقق هذا البلد تقدماً اقتصاديا ورفع معدل الادخار والاستثمار وحشد موارده المحلية لأقصي حد ممكن . 4- وقف التدهور المتواصل في سعر صرف الجنيه المصري والذي أدي وسيؤدي إلي ارتفاع كبير في المستوي العام للأسعار أي إلي التضخم وتآكل الدخول الحقيقية للمواطنين وبخاصة الكتلة الكبيرة من ذوي الدخول المحدودة والمتوسطة ، وإعادة توزيع الدخل الوطني لصالح الأغنياء ، وإلي زيادة النفقات العامة من جراء الارتفاع في تكلفة خدمة الدين الخارجي. ومع التأكيد أن علاج الخلل في سوق الصرف الأجنبي يكمن في معالجة المشكلات الهيكلية للاقتصاد المصري وتحفيز النمو الاقتصادي . إلا أن الحل علي المدى القصير يتمثل في السيطرة علي الطلب علي النقد الأجنبي بالحد من الواردات والمدفوعات عن الخدمات . 5- مواجهة التدني في معدلات الادخار والاستثمار ومأزق التصنيع والنمو الاقتصادي ، بسياسات للتنمية الوطنية المستقلة والمعتمدة علي القوي الذاتية المصرية . 6- علاج التدهور في خدمات التعليم والصحة ومشاكل السكن في المدن والريف ووضع سياسات متكاملة للحد من الهجرة إلي المدن ونشوء أحزمة الفقر الهامشية حولها ، ووضع برنامج لإصلاح التعليم ومنع التسرب أو تخريج تلاميذ أميين ، وخطة قومية لمحو الأمية خلال فترة زمنية محددة تشارك فيها أجهزة الإعلام والحكومة والمدارس والجامعات والنقابات والأحزاب ، واستعادة مجانية التعليم الكاملة ، وتبني مشروع التأمين الصحي القومي الشامل ، وإقامة مساكن لمحدودي الدخل . 7- بلورة مشروع للتعاون والحركة التعاونية الزراعية وبنك التـعاون الـزراعي بمشاركة الفلاحين أنفسهم . 8- مواجهة الفساد والشخصيات المتورطة فيه والسياسات التي أدت إلي تحويله إلي ظاهرة عامة والتي أدت إلى اتساعه ليشمل سرقة أموال الدولة والقطاع العام وعائد الخصخصة ، واستغلال النفوذ والمناصب والصفة النيابية للتربح وقبول الرشاوى والعمولات ، والتأكيد علي ضرورة عدم التدخل في سير القضايا والتأثير علي القضاء . والتصدي للفساد يتطلب رفــع درجة الحــماية المتـــوافـــرة له قانونا ، بإلغـاء القيود المفروضة علي الأجهزة الرقابية والتي تشل أيديها عن ملاحقة الفساد ، وإصدار قانون لمحاكمة الوزراء أثناء وجودهم في الوزارة تنفيذا للمادة 159 من الدستور ، وعدم خضوع قرار إحالة أجهزة الرقابة للقضايا التي لديها للنيابة العامة لموافقة السلطة السياسية ، والفصل بين الحزب الحاكم وأجهزة الدولة ، ورفع القيود المفروضة علي الصحافة والتي تحد من تصديها للفساد ، واعتماد مبدأ الشفافية في معالجة هذه القضايا. 9- الاهتمام بقضية المياه والأخطار المحيطة بالزراعة المصرية ، والتصدي للسياسات المدمرة للزراعة ولمصالح الفلاحين ، والضغط من أجل تمكين الحركة التعاونية الزراعية من أداء مهامها من خلال بنكها المستقل وتشريعها الديمقراطي. ووضع خطة قومية لتنظيم وتطوير العلاقات مع دول حوض النيل للعمل معاً من أجل الاستفادة المشتركة من مياه النيل بما يحقق مصالح كل الدول المعنية ويمنع تدخل قوي خارجية معادية . 10- مواصلة المعركة ضد الخصخصة وبصفة خاصة خصخصة الخدمات وضد التعهد ببيع البنوك وشركات التأمين والنقل الجوي والسكك الحديدية وقناة السويس والمجمعات الصناعية الكبرى وبحيرة ناصر .
ثالثاً : التجديد الثقافي : عطل التشوه الحادث في المجتمع علي صعـيد المستويات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية من إنضاج الثقافة الجديدة النقدية والتقدمية والعقلانية والديمقراطية. وزادت المسافة اتساعا بين النخبة المبشرة بالعقلانية والديمقراطية والمنهج النقدي وبين القاعدة الشعبية . وتراجع مفهوم المواطنة والمساواة. وتم دفع الإنسان المصري إلي التماس الحل الفردي ، وإشاعة حالة من اللامبالاة بالشأن العام . وشقت ثقافة التعصب والكراهية والخوف لنفسها مجري عميقا في نسيج المجتمع . وفي ظل الخوف الذي أنتجه التعذيب في السجون والمعتقلات وأقسام الشرطة وحالة الطوارئ الدائمة انتشر مفهوم " التقية" وإظهار المرء ما لا يبطن ، واتسع الطابع " الفهلوي" في الشخصية المصرية ، وانتشرت ثقافة التخلف التي روجت لها لا فحسب مطبوعات الرصيف الرخيصة شكلا ومضمونا ؛ بل روجت لها أيضا أجهزة الاتصال الجماهيري الواسعة الانتشار من إذاعة وتليفزيون . وغاب أي مشروع ثقافي لتغيير المجتمع إلي الأفضل . - وتحتاج مقاومة ثقافة التخلف هذه إلي خطة شاملة لنقد كل ما هو قائم من تخلف ورجعية وفضح آلياته خاصة في وسائل الاتصال الجماهيري ، وتعميم برامج ونشر مطبوعات تنهض علي الفكر العقلاني النقدي تشارك في إنتاجها أوسع قاعدة من المثقفين الديمقراطيين ، وتقوم علي قيم الاعتراف بالآخر والحوار الموضوعي والتسامح ، والبحث عن الأرضية المشتركة لأوسع قاعدة اجتماعية من أجل النهوض والتقدم. - الدفاع عن حرية الثقافة والإبداع الأدبي والفني والبحث العلمي ، ورفع الرقابة المفروضة علي الإعلام المملوك للدولة وتخليصه من الخطوط الحمراء المعروفة للكافة . - إلغاء احتكار الدولة للإذاعة والتليفزيون ، وتعديل قانونها لتصبح جهازا إعلاميا قوميا مستقلا تمثل فيه التيارات الفكرية والحزبية ، وتحصل من خلاله الأحزاب والمنظمات الديمقراطية علي فرص متكافئة لمخاطبة الشعب . وإطلاق حرية إصدار الصحف وإنشاء محطات الإذاعة والتليفزيون للمصريين . - إحياء وتنشيط القطاع العام الثقافي في مجالات النشر والسينما والمسرح والفنون التشكيلية وغيرها ، وذلك باعتباره السبيل الذي لا بديل عنه لحماية التراث الوطني وإذكاء الحس التاريخي ونشر الثقافة العلمية وتوفير الغذاء الثقافي للفقراء ومحدودي الدخل .ودعم الدور الإيجابي لقصور الثقافة ومكتبة الأسرة. - تحديث التعليم وتطويره وتوحيد برامجه ومناهجه ، وإطلاق حرية البحث العلمي دون قيد أو شرط ، وتخصيص الموارد الكافية له كأولوية. رابعاً: تجديد الخطاب الديني : يشكل الدين أحد المكونات الحضارية للشعب المصري التي تزوده بطاقة روحية عظيمة . ويلعب الفهم المستنير لرسالة الأديان السماوية ـ في ضوء العقل والاجتهاد البشــري الهادف لرعاية المصــالح المرسـلة للناس ـ دورا عظيما ـ فالأديان السماوية تدعو إلي التسامح والإخاء والرحمة والحرية والمحبة والتعاون والسلام ، وترفض العنف والإكراه والإرهاب . - وهناك ضرورة ماسة لاستئناف مسيرة الإصلاح وتجديد الفكر والخطاب الديني ، تلك المسيرة التي عرفتها الثقافة العربية الإسلامية في عصور ازدهارها ، لكي يصبح الفكر والخطاب الديني دافعا للتقدم في عصرنا ، مؤكدين أن تجديد الفكر الديني هو فريضة دينية يتعين احترامها والتمسك بها . - والفهم القويم للدين والقراءة التاريخية للنصوص بما يواكب التطورات المعاصرة تؤكد كلها علي دور العلم وتعلي من شأن العقل ، وتحث علي تنشيط الاجتهاد الإنساني في تفسير وتأويل النصوص الدينية من أجل التعامل الصحيح مع كل ما تأتي به الحياة من مستجدات ، ومن أجل المواءمة بين الموروث والوافد. - وانطلاقا من الإيمان بحرية العقيدة كحق من الحقوق الأساسية للإنسان ، لابد من رفض التمييز بين المصريين علي أساس الدين ، والتمسك بالطابع المدني الديمقراطي لتنظيم المجتمع والحكومة المدنية والتشريع المدني إطارا لسلطة المجتمع وحماية لحقوق الأقلية والأغلبية علي السواء . فتقرير شكل الحكم ونظامه حق من حقوق الأمة وأمره متروك لها في ضوء الواقع وعلاقاته ومستجداته .
خامساً : حماية حقوق النساء : تتعرض النساء في مصر للقهر مرتين . مرة ضمن الطبقات الشعبية والفقراء والمهمشين ومرة أخري لكونها امرأة . وقد أنتجت مجموعة الخيارات الاقتصادية والاجتماعية للحكم وسياسات الخصخصة والتكيف الهيكلي تراجعا في أوضاع النساء ومكانتهن وصورتهن . فزادت البطالة في أوساط النساء بنسبة أكبر كثيرا من المعدل العام ، وأصبح تمثيلها السياسي متدنيا بالنسبة للسابق ولأغلب بلدان العالم ، رغم زيادة الأعباء الملقاة علي عاتقها حيث أصبحت تعول وحدها ثلث الأسر المصرية ، وما يزال قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجنائية وقانون الجنسية والتأمينات والضرائب وقانون الأحوال الشخصية ـ رغم التعديلات الجزئية الإيجابية التي أجريت عليه ـ يميز ضد المرأة وينتقص من مواطنتها . وتنتشر قيم الثقافة الرجعية المعادية للنساء علي نطاق واسع .فهن في نظر الانفتاحيين سلعة وفي نظر الظلاميين المتسترين بالدين عورة ، وفي الحالتين يجري قهرهن معنويا وجسديا وقانونيا مما يدفع النساء دفعا لقهر ذواتهن وتعطيل إمكانياتهن المبدعة . ومن الضروري مساندة الحركة النسائية المصرية النامية من أجل : - تعديل شامل لفلسفة التشريع لتنهض هذه الفلسفة علي مبدأي العدل والمساواة . - إصدار قانون جديد للأحوال الشخصية يصون الأسرة وحقوق المرأة . - قانون جديد للجنسية يمنح الأم والزوجة المصرية الحق في منح الجنسية لأبنائها من زوج غير مصري ، ومنح الجنسية لهذا الزوج إذا شاء أسوة بما هو مكفول للزوجات الأجنبيات المتزوجات بمصريين . - قانون جديد يساوي الرجل والمرأة في التعيين بالوظائف وتولي المناصب العامة. - إنشاء أوسع شبكة من دور الحضانة ورياض الأطفال والملاعب والحدائق المجانية تخضع لإشراف ومراقبة المنظمات الجماهيرية بما فيها منظمات المرأة. سادساً : تطوير العلاقات العربية : هناك أربعة قضايا تحتل الأولوية ، هي الصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية ، والاحتلال الأمريكي للعراق ، والصراع الداخلي والحرب الأهلية في السودان ، والحاجة إلي تطوير الجامعة العربية والنظام الإقليمي العربي باعتبارها جميعا قضايا تتعلق بالأمن القومي لمصر . وهو ما يتطلب تحركا نشطا مصريا وعربيا تحت شعار مقترح " المجد للمقاومة ضد الهجمة الأمريكية الصهيونية" . ويقوم هذا التحرك علي مجموعة من الأسس ، من أبرزها ما يلي : - المساعدة علي تحقيق أكبر قدر من الوحدة بين قوي وفصائل حركة التحرر الوطني الفلسطينية كافة،علي أساس برنامج موحد للعمل ومشاركة في اتخاذ القرار . - دعم المقاومة الوطنية في كل الأراضي العربية المحتلة ضد الاحتلال الإسرائيلي ، والتأييد العملي للانتفاضة ، ووقف الضغوط العربية علي السلطة الفلسطينية لقبول الحلول والمطالب الأمريكية الإسرائيلية . - منح حركة المقاطعة ومقاومة التطبيع روحا جديدة تعيد إليها قوتها وفعاليتها . فالحكومات التي وقعت اتفاقيات مع إسرائيل ، وحكومات عربية أخري ، مازالت تواصل كافة أشكال التطبيع السياسي والاقتصادي والتجاري مع إسرائيل . وهناك 114 شركة عربية تتعامل مع إسرائيل وترتبط معها بعلاقات وصفقات اقتصادية من بينها 21 شركة مصرية تعمل في مجال الزراعة وتجارة الغلال والفاكهة والتصدير والاستيراد . كما يشارك عدد من المثقفين ورجال الأعمال في أشكال مختلفة من التطبيع مع إسرائيل . - قيام الأحزاب المصرية والعربية بدورها لمساندة المقاومة العراقية بصورها الجماهيرية والعسكرية والسياسية كافة لإنهاء الاحتلال وإقامة نظام ديمقراطي في العراق وإفشال جهود الولايات المتحدة لاستمرار سيطرتها علي العراق والعمل علي عزله عن محيطه العربي أو تقسيمه واستخدام الوجود العسكري الأمريكي لتهديد الدول المحيطة به . - الدعوة لصياغة استراتيجية عربية جديدة لمواجهة السياسة الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة تستند لإمكانيات القوة العربية الاقتصادية والسياسية والحضارية والعسكرية والتي تم تجاهلها في الفترة الماضية ، وإلي تحالفات إقليمية ودولية صحيحة . والدعوة إلي تفعـيل دور مؤسسات العمل العربي المشترك الاقتصادي والاجتماعي ، وتطوير الجامعة العربية لتكون إطاراً صحيحا للنظام الإقليمي العربي ، وصياغة إستراتيجية جديدة للتنمية العربية وتحويل قضية التكامل العربي إلي قضية شعبية . - التركيز علي قضية إعلان الشرق الأوسط وجنوب غرب آسيا وأفريقيا منطقة خالية من السلاح النووي وأسلحة الدمار الشامل . - العمل مع القوي الوحدوية والديمقراطية في شمال السودان وجنوبه وغربه وشرقه لتوفير الظروف الداخلية والإقليمية والدولية التي تدفع في اتجاه وحدة طوعية ودولة ديمقراطية لكل مواطنيها .
سابعاً : تطوير العلاقات الدولية : في ساحة العلاقات المصرية الأمريكية ، لم يعد مقبولا تجميد هذه العلاقات عند ما يسميه الحكم بالعلاقات الاستراتيجية ، والاستسلام لمقولة أن الولايات المتحدة أقوي دولة في العالم وقطب وحيد لا يمكن تجاوز الحدود التي يرسمها . فهناك دائما مساحة بين الاستسلام الكامل من ناحية والصدام من ناحية أخري ، مساحة تقوم علي تطوير استقلال الإرادة والتنمية الوطنية المستقلة المعتمدة علي الذات أولا دون انعزال عن العالم ، وحماية الأمن القومي والوطني الحقيقي . إن استمرار الرهان علي المساعدات الأمريكية والسعي لإنشاء منطقة للتجارة الحرة معها لا يحقق مصلحة مصرية حقيقية بل إن الاستغناء عن المعونة الأمريكية أمر ممكن ووارد . لقد أثبتت تجربة تزيد علي ثلاثة عقود خطأ الرهان اقتصاديا وسياسيا وإقليميا علي الولايات المتحدة . فالتناقض بين المصالح المصرية الحقيقية والمصالح الأمريكية بالغ العمق في ضوء السياسات الأمريكية ، وقد ازداد هذا التناقض بعد غزو العراق والاندفاع لفرض حل أمريكي إسرائيلي للقضية الفلسطينية والعلاقات العربية الإسرائيلية ، والإقدام علي مزيد من التدخل الأمريكي في السياسة الداخلية المصرية. ولابد من إعادة النظر في منهج وطبيعة العلاقات المصرية الأمريكية ، والتركيز علي وسائل الضغط وأوراق القوة التي مازالت في أيدينا والتي تمكننا من التأثير في السياسة الأمريكية ، والاستناد إلي إمكانيات مصر الذاتية وأهميتها في المنطقة ودورها العربي وعلاقاتها الأفريقية والآسيوية وإمكانية الاستفادة من الدور الأوربي ، في ظل سياسة جديدة يكون أساسها حسم الخيار في اتجاه دعم وتقوية النظام الإقليمي العربي والسوق العربية المشتركة والدفاع العربي المشترك ، والتوجه إلي أفريقيا ودول الجنوب ، ورفض تدخل الولايات المتحدة في الشئون الداخلية المصرية بزعم الدفاع عن الديمقراطية وتحديث التعليم وحماية الأقباط مع الحرص ألا يكون رفض هذا التدخل الأمريكي مبررا لإبقاء الحال علي ما هو عليه ، ورفض ربط المعونة الأمريكية بطلبات اقتصادية واجتماعية وسياسية تتعارض مع المصلحة الوطنية . ومن المهم السعي لعقد مؤتمر وطني عام حول العلاقات المصرية الأمريكية تشارك فيه الحكومة والأحزاب السياسية ومراكز البحوث بهدف رسم خريطة وطنية جديدة لهذه العلاقات .
خاتمة : ولم يكتف حزب التجمع بتقديم مبادرته للتغـيير الوطني في 10 إبريل 2004 ؛ بل وجه الدعوة لكل الأحزاب والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني ومراكز البحوث وأساتذة الجامعات والشخصيات الوطنية والديمقراطية لمناقشتها ونقدها واقتراح التعديلات والإضافات الضرورية إليها ، لنصل معاً من خلال النقاش إلي برنامج متفق عليه للتغيير الوطني في مصر ، حتى لا يتقرر مستقبلنا بدوننا ، وحتى لا يرسمه لنا الآخرون ، وحتى تتحول القوى الوطنية التقدمية والديموقراطية إلى قوى فاعلة وقادرة على قيادة التغـيير الديموقراطي والتغـيير الشامل في مصر .
#حسين_أشرف_أحمد_فتحي_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-أرض العجائب الشتوية-.. قرية ساحرة مصنوعة من كعكة الزنجبيل س
...
-
فيديو يظهر ضباط شرطة يجثون فوق فتاة ويضربونها في الشارع بأمر
...
-
الخارجية اليمنية: نعتزم إعادة فتح سفارتنا في دمشق
-
تصفية سائق هارب اقتحم مركزا تجاريا في تكساس (فيديو)
-
مقتل 4 أشخاص بحادث تحطم مروحية تابعة لوزارة الصحة التركية جن
...
-
-فيلت أم زونتاغ-: الاتحاد الأوروبي يخطط لتبنّي حزمة العقوبات
...
-
مقتل عنصر أمن فلسطيني وإصابة اثنين آخرين بإطلاق للنار في جني
...
-
بعد وصفه ضرباتها بـ-الوحشية-... إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب
...
-
أكاديمي إسرائيلي: بلدنا متغطرس لا تضاهيه إلا أثينا القديمة
-
كيف احتمى نازحون بجبل مرة في دارفور؟
المزيد.....
-
الديمقراطية وألأصلاح ألسياسي في العالم العربي
/ علي عبد الواحد محمد
-
-الديمقراطية بين الادعاءات والوقائع
/ منصور حكمت
-
الديموقراطية و الإصلاح السياسي في العالم العربي
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|