|
الخارج والاصلاح السياسي في العالم العربي
بدر الدين شنن
الحوار المتمدن-العدد: 1348 - 2005 / 10 / 15 - 11:10
المحور:
ملف 15-10- 2005 الديمقراطية والاصلاح السياسي في العالم العربي
ليس بجديد سياسي ، ولاهو بفتح فكري ، القول أن للخارج دوراً في داخلنا وتاريخنا ومصائرنا . فنحن لسنا في في جزيرة معزولة عن العالم ، ولسنا في نجمة معلقة في ساء ، ولاالتاريخ قد بدأ الآن ، ولاالعلاقة بين المجتمعات والدول منذ فجر التاريخ خالية من المصالح الخاصة أو نزيهة من دوافع الشر والغزو والنهب ، ولاذاكرتنا قد انمحت فجأة ، أو نحن بصدد اكتشاف علوم سياسية يبدأ من صفر وضعه مفكر عبقري ليرشدنا إلى ما هو خير لنا وأبقى . فنحن بحكم واقعنا الجغرافي وطبيعة وغنى أرضنا ، قد كابدنا ولانزال كل مآسي ورذائل الفتوحات والاجتياحات . لن نذكر الآن ما فعله بنا الإغريق والرومان والتتار والمغول والأتراك ، بل سنكتفي بالمائة سنة الأخيرة ، إذ تكثفت فيها أبشع وأقسى أشكال فعل الخارج في تحديد مسارات الآلام التي فرضت علينا ، وتجلت فيها جدلية خارج/داخل ، كما يقال في هذه الأيام ، التي مزقت حلمنا وحقنا ببناء دولتنا العربية الكبرى ، وتقاسمت بلداننا بمعاهدة سايكس ـ بيكو القذرة ، ومنحت كياناً للصهاينة فوق أرضنا ، وأقامت الأحلاف الاستعمارية وحاكت المؤامرات ودبرت الانقلابات ، لصنع زعامات وحكومات ديكتاتورية ودويلات قبلية ، لاستدامة السيطرة على بلادنا ونهب ثرواتنا وتأبيد تخلفنا وعجزنا . وإذا سلمنا جدلاً بوجود الجديد بهذا الخارج المتدخل تعسفياً في شؤوننا ومصائرنا فهو ، ازدياده لؤما ودموية وتوحشا ، وتمكنه ، بعد انهيار المنظومة الاشتراكية ، من التفرد بالهيمنة على العالم ، وهو أيضاً ، الإضافة التي شكلها الكيان الصهيوني في فلسطين كقاعدة وشريك لهذا الخارج ، حيث بات الخارج الآن غربياً ـ إسرائيلياً رأسمالياً تحت زعامة الولايات المتحدة الأمريكية . وإن نسينا فلن ننسى ما ألحقه هذا الخارج بشعوبنا من أذى ونهب وآلام ودماء .. إبتداءاً من مليون ونصف المليون شهيد في الجزائر وانتهاءً بمليون ونصف المليون طفل عراقي الذين قتلهم حصار الخارج وتحرير الخارج ، ولن ننسى اغتصاب فلسطين وتشريد شعبها والجرائم الصهيونية الدموية بحق الشعب الفلسطيني . لن ننسى سرقة آلاف المليارات من الدولارات من عوائد ثرواتنا وبترولنا ، وحجب التكنولوجيا والعلوم المتطورة عنا لإبقائنا شعوباً متخلفة مستعبدة ، وهذا الخارج المختزل الآن بأمريكا وإسرائيل ، هو الخارج الذي تجري السجالات السياسية والفكرية ، في الوقت الراهن ، مع أو ضد مداخلاته المزعومة لتحقيق الاصلاح السياسي وتعميم الديمقراطية ونشر حقوق الانسان في العالم العربي
نحن لسنا بحاجة لمرشد ، لنعرف مدى مصداقية هذا الخارج " الأمريكي ـ الإسرائيلي " الحضاري .. الانساني " القادم إلينا فوق القلاع الحديدية الطائرة والزاحفة ، ليؤدي بالنار والدم مهماته " الرسولية ـ التوراتية " في عالمنا ، لنتعلم بالذبح اليومي مبادئ ديمقراطيته وشرعته الانسانية . إن المعركة التي تخوضها الشعوب العربية ، في المرحلة الراهنة ، ضد الاستبداد ، إن تكن تحتاج لدور ما من قبل الخارج ، فإنه الدور الذي يبدأ ، بإنهاء الاحتلال للعراق ومساعدة الشعب العراقي للتخلص من موروثات الاستبداد وإفرازات الاحتلال وإعادة بناء العراق الحر الديمقراطي الموحد ، وبوقف المذابح والتصفيات البشرية العنصرية الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني وبناء دولة فلسطين الديمقراطية المتحررة من الاحتلال والعنصرية الصهيونية ، وخلق مناخ شرق أوسطي خال من الأسلحة النووية والدمار الشامل ، وبكشف الغطاء والدعم عن الحكام والأنظمة العميلة المتواطئة ، وبتقديم الدعم النزيه لقوى المعارضة العربية ، وبناء علاقات متكافئة مع دول وشعوب العالم العربي تقوم على المصالح المتبادلة وقيم السلام والعدالة .. وبالمطلق ليس هذا دور أمريكا وإ سرائيل
لهذا فإن الخارج مهما تبرقع بالألوان ، ومهامة كثر المبخرون من أمامه ومن خلفه ، لن يستطيع خداع الشعوب العربية . فهولا ينفق مئات المليارت من الدولارات ويرسل بمئات الألوف من الرجال والعتاد للقتال في العراق ويحكم بقواعده العسكرية القبضة على دول الخليج من أجل سواد عيوننا ، وإنما من أجل تأمين مصالحه ومخططاته الإمبريالية الإمبراطورية
إن كل هذا القبح والجبروت الذي نواجهه لايحجب عنا ، أن للخارج وجهاً آخر هو ، وجه الشعوب والقوى المحبة للحرية والسلام ، وهي تناضل بكل مصداقية وشرف وتقدم التضحيات بما فيها الجسدية دفاعاً عن مبادئها وأهدافها السامية ، وتجمعنا معها دروب النضال ضد الرأسمالية المتوحشة والرغبة الصادقة بالعدالة والسلام . لكن مالك قرار الخارج الآن ليس هذه القوى .. وليست هي ما يعني مفهوم الخارج المتداول في العملية التغييرية في العالم العربي . من هنا فإن إحياء الذاكرة السياسية في علاقاتنا بالخارج تاريخياً ، وفهم معمق لحقيقة ومصالح هذا الخارج الآن ، إن في تدخله أو إدخاله في عملية التغيير الديمقراطي والاصلاح السياسي في العالم العربي يضئ مفرقاً حاسماً بين خيارين .. إما أن نوحد قوانا الوطنية الديمقراطية ونخوض نضالاً لاهوادة فيه ضد الاستبداد وانتزاع الديمقراطية وفرض الاصلاح السياسي وبناء المستقبل الذي يجري اختياره عبر آليات الديمقراطية ، ونحمي ا ستقلالنا الوطني ونفرض احترامنا ودورنا الحضاري بين الشعوب .. وإما أن نستسلم للعجز ونتكل على الخارج الذي إن لم ترضه الصفقات مع الحكام ، وحصل التدخل كما يحلم الواهمون ، نتحول من عبيد للاستبداد إلى عبيد للاحتلال ، ومن أمة إلى أقليات ، ومن شعوب إلى طوائف ، ومن أوطان إلى مدن محاصرة بجدران عزل عنصري . وهذا الخيار الثنائي الذي لاتوسط بين قطبيه تتحمل مسؤوليته أولاً وأخيراً الأنظمة العربية الحاكمة ، التي تتمنع على الاصلاح وتمعن في إقصاء الآخر وتستمر في انتهاكات حقوق الإنسان ، وتتحمل مسؤولية وطنية تشي بنتائج بالغة الخطورة كونها تؤثر ااحوار والتفاهم مع الخارج لضمان استدامتها على الحوار مع الداخل لضمان الاستقلال الوطني ، ولأنها بهذا الإيثار تتيح للخارج مجالاً واسعاً للتدخل في الشأن الداخلي وفرض مطالبه وإملاءاته ومصالحه ، وتخلق مناخاً للتجاذبات المكروهة داخل/خارج على بعض المستويات ، وبذلك يغدو الاصلاح والديمقراطية مثل حمل خارج الرحم جنينه مشوه وسقوطه محتوم
وتأسيساً على ذلك ، تبرز بشكل أكثر جدية وإلحاحاً مسؤولية قوى المعارضة العربية على اختلاف أطيافها السياسية في تحقيق الديمقراطية والاصلاح السياسي وحماية الاستقلال الوطني . لقد آن الأوان لتوحيد الصفوف والبرامج والأهداف على أسس الوطنية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ( أي برنامج الحد الأدنى ) تحت سقف دستور مدني ديمقراطي دون إقصاء أية قوى أو أية مشاركة مهما تعددت وتنوعت المرجعيات الفكري والعقائدية
إن القواسم المشتركة النابعة من تلك الأسس بين مختلف القوى العربية المعارضة عديدة وهامة وكبيرة ، ويمكن أن تزداد وتكبر من خلال النضال المشترك ضد الاحتلال والاستبداد ، ومن خلال متطلبات واستحقاقات التحولات السياسية والاجتماعية التي تفرضها الحياة نفسها
لقد أثبت التاريخ دائماً .. أنه .. لاتوسط بين الحرية والاستبداد .. ولاحياد بين الوطن والاحتلال
#بدر_الدين_شنن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القاضي ميليس ومعجزة التغيير
-
التحرك السياسي السعودي .. إلى أين .. ؟
-
من المسؤول عن التغيير الديمقراطي في سوريا
-
إفساد - مكافحة الفساد - .. !! من يحاسب من ؟
-
المشهد الألفي ..على جسر الأئمة
-
معادلة الخبز والحرية
-
ومضة نبيلة في حراك الحرية
-
من أجل حركة نقابية عمالية جديدة
-
مع أحرار موريتانيا
-
خمس سنوات عجاف أخرى
-
الجلاد والقاضي في بؤرة الفساد .. من يحاسب من
-
ضد أمر تعسفي - تضامن مع ناهد بدوية وسلامة كيلة
-
الأحزاب .. والتغيير في سوريا
-
جدلية السلطة والشرعية في النظام السوري
-
الرفيق جورج حاوي
-
استنساخ تجربة فاشلة .. إمعان في الجري وراء المجهول
-
لابأس بقدر من الأمل
-
هل يمكن الرهان على مؤتمر البعث السوري القادم ؟
-
ذكرى فرا شة
-
خصخصة المليار المسروق
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
الديمقراطية وألأصلاح ألسياسي في العالم العربي
/ علي عبد الواحد محمد
-
-الديمقراطية بين الادعاءات والوقائع
/ منصور حكمت
-
الديموقراطية و الإصلاح السياسي في العالم العربي
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|