|
بعض آثار إيجابية لبعض المتصوفة في العصر المملوكي
أحمد صبحى منصور
الحوار المتمدن-العدد: 4890 - 2015 / 8 / 8 - 09:31
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كتاب : أثر التصوف الثقافى والمعمارى والاجتماعى فى مصر المملوكية الفصل الرابع : أثرالتصوف فى الحياة الاجتماعية فى مصر المملوكية بعض آثار إيجــابية لبعض المتصوفة في العصر المملوكي ..... سبقت الإشارة إلى ما قامت به المؤسسات الصوفية من خدمات تعليمية لأناس من خارج الخوانق والزوايا ، كما عرضنا للشفاعة الصوفية عند الحكام في الباب السياسي . والواقع ان المؤسسات الصوفية ــ سواء أقامها الحاكم أو أقامها المتصوفة أدّت دورا هاما فى الضيافة زكفالة الأرامل والعجزة . كما ظهر من بين المتصوفة من إشتهر بالكرم والتفاعل الإيجابي مع المجتمع والسعى في مصالح الناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ومع ان هؤلاء كانوا قلة بالنسبة للكثرة الكاثرة من المستفيدين بالتصوف فإن وجود أولئك يعتبر دليلا حيا على أن أى مجتمع لا يخلو من الخير مهما تحكم فيه الدين الأرضى بسلبياته . وسنعرض لبعض هؤلاء الايجابيين ودورهم بقدر ما اسعفتنا به المراجع .. الضـيــافـــة :ــ 1 ــ قامت بعض الزوايا الصوفية بدور هام في إيواء الغرباء وأبناء السبيل . وقد ذكر ابن بطوطة الزوايا الصوفية التي تنقل في ضيافتها أثناء رحلاته في مصر، فذكر أنه نزل بزاوية الشيخ مرزوق في البرلس وزاوية الشيخ القلوي في تنيس وزاوية الشيخ ابن قفل وزاوية الشيخ جمال الدين الساوي وزاوية ابن النعمان في دمياط وخارجها ، وقضى ليلة في رباط الآثار النبوية، واضافه ابن الصباغ في زاويته بأسيوط ، وابن عبد الظاهر في أخميم . وتحدث كثيرا ــ شأن المؤرخين الأخرين ــ عن زاوية عبد الله المرشدي الولى المشهور بالكرم بمنية مرشد ..وكيف انقطع بمنية بنى مرشد وانفرد بزاوية هناك لا خدم له ولا صاحب ويقصده الأمراء والوزراء وتأتيه الوفود من طوائف الناس في كل يوم فيطعمهم ،وقد قصده السلطان الناصر محمد مرات بموضعه ، وتصادف وجود ابن بطوطة عنده وجود الأمير سيف الدين يلمك مع اتباعه ضيفا على الزاوية ) ..واشتهر المرشدي في المصادر التاريخية بكرمه في زاويته وخدمته للضيوف بنفسه ، وانه حج في حاشية كبيرة فأنفق عليهم، ومع هذا كان لا يقبل من احد شيئا ) .. 2 ـ وقبله كان قطب الدين الزاهد 686 مقصدا للمساكين والفقراء الواردين للقاهرة يمد لهم سماطا ، ويبرهم ويعين كثيرا منهم على الحج ) وعاصره ابن عدي 697 حيث كان يمد السماط (للوارد والمقيم) كل يوم مرتين ، وكان كريما حسن الأخلاق ، لا يبقى على درهم ولا دينار ) . وفي القرن الثامن الصوفي اشتهر ابن شيراك التركماني ، وكان نافذ الكلمة في مصر ، وخدم الصوفية فى زاويته الواردين اليها من الأغنياء والفقراء ) . ووصف الشيخ صالح المناوى بكثرة الضيافة للواردين إلى زاويته( ). وعلى طريق المرشدي في الكرم مع عدم قبول المال من الآخرين سار العينتابى ت 800 في إدارة زاويته فأضاف من يرد عليها ، وأطعم كل يوم فوق المائتي نفس ، وأنفق من كدّ يمينه وأنشأ زاويته بماله واوقف عليها اوقافا كثيرة . ونلمح المبدأ عند ابن نبهان الذي كان زاهدا في بيت جبرين ، واشتهر بها ، وأطعم الضيوف الواردين، ولم يأخذ من احد شيئا، بل ان الأمير طشتمر(حمص اخضر) (أوقف على الزاوية أرضا فامتنع الشيخ ، فلم يزل به حتى سكت ) . 3 ــ واشترطت وثائق الوقف على الخوانق امكانية ايواء الضيوف ـ ففى وثيقة بيبرس الجاشنكير اشتراط السكن ( للمتأهل منهم والمتجرد والمقيم والمجتاز، بحيث لا يكون منهم ولا من أهل الرباط ) والمجتاز هو الضيف ابن السبيل . وجعل السبكي من واجبات شيخ الزاوية (تهيئة الطعام للمقيمين والمجتازين ومؤانستهم اذا قدموا ، بحث تزول وحشة الغربة عنهم ، ولا بأس بإفراد مكان للوارد حتى لا يستحي وقت اكله وراحته ..) . 4 ــ وقد ورد المصادر الصوفية إشارات لدور الزوايا في الضيافة ، فالشعراني افتخر بان الضيوف في زاويته كل يوم سبعون نفسا ، زيادة على المجاورين، وأنه زوّج من المجاورين نحو خمسين نفسا ، دفع عنهم غالب المهور ، وعمل لهم طعام العروس والعقيقة ، وحج معه غالب أكابرهم فى عدة سنين ، ولم يكلف أحدا منهم بشيء . وقال أن عدد المجاورين في زاويته ضعف عددهم في زاوية المتبولي وعثمان الخطاب ومدين . وقد ذكر الشعراني أن زاوية المنزلاوي كانت موردا للضيوف القادمين من دمياط والصادرين اليها ) وكان الوارد كثيرا على زاوية الشيخ السطيحة ) .. 5 ــ ومن ناحية اخرى وصف كثير من الصوفية بالكرم وحُسن الخلق خارج نطاق الزوايا ، كابن النجار ، فقد كان متواضعا يخدم العميان والمساكين ليل نهار ويقضى حوائج الأرامل ويجمع لهم أموال الزكاة ويفرقها عليهم ولا يستأثر لنفسه بشيء منها ، ويقرى الضيف ويخدمه ، ولا يترك قيام الليل . ومع هذا فله هيبة عظيمة ، ويكاد من لا يعرفه يرعد من هيبته. ومثله شمس الدين البوصيري 824 الذى ( كان خيرا ديّنا كثير النفع للطلبة ، يحج كثيرا ، ويقصد الأغنياء لنفع الفقراء ، وربما استدان للفقراء على ذمته ، وكانت له عبادة ) ..وووصف ابن عبد المؤمن بانه (كان صالحا سليم الصدر ناصحا للخلق قانعا بالسير باذلا للفضل بل لقوت يومه ، مع حاجته إليه ) .. والتراجم السابقة لهؤلاء أظهرت أن كرمهم مرتبط بعبادتهم وحسن خلقهم ومع ذلك حرموا الشهرة بين الصوفية ، ويكفي أنهم لم يحظوا كالآخرين بوجود مناقب لهم في الكتب الصوفية. 6 ــ وعلى عادة الشعراني افتخر باهتمامه بأمر الضيف وكثرة سؤاله عنه وقت الغذاء والعشاء مع انشغاله " بأمور كثيرة" ،( لطائف المنن 475 ) وأشاد بشقيقة عبدالقادر الشعراني الذي يتبرع بغسل الموتى وتكفينهم من عنده( لواقح الانوار 256 : 257 ) ، وذكر كرم بعض شيوخه مثل الخواص الذي جاءته الف دينار وهو يحلق فأعطاها الحلاق ، والشيخ ابن المنير الذي تصدق على شخص لا يعرفه ماتت جماله بطريق الحج فأعطاه خمسمائة دينار ، والشيخ الشناوى الذى اعطى ( مالا يحصى) ــ على حد قول الشعراني ( من حيوانات وحبوب ونقود( لواقح الانوار 60 : 61 ) وحكى ان الاستادار اعطى للشيخ المحلى ألف دينار فوضعها عند شخص وأرسل له المحتاجين واحدا واحدا حتى صرفها كلها عليهم ( لطائف المنن 170 ) . وهذه الأخبار نظرا لكونها عادية فإنها قابلة للتصديق خاصة ، وقد تطهرت من دعاوي الكرامات والمبالغات التي تحفل بها كتابات الشعراني.. كفالة الأرامل والعجزة :ــ 1 ــ وجدت بعض الأرامل في مؤسسات الصوفية ملاذا يحفظهن ويقيهن السوء ، فبلغ عددهن في زاوية تاج الدين النخال نحو ستمائة بالإضافة الى مائة فقير، (67 ) وكان في زاوية عثمان الحطاب أكثر من مائة من الأرامل والفقراء ) . 2 ــ وبعض المؤسسات اقتصرت على كفالة الأرامل ، وأشهرها رباط البغدادية ورباط الأندلس السعدي ورباط زوجة اينال وقد اهتمت بكفالة المرأة ، مما يشير إلى تقدم اجتماعي لا شك فيه في ذلك العصر . وكان رباط البغدادية أشهرها في خدمة الأرامل ، وقد ادارته الشيخة الصالحة زينب بنت أبي بركات البغدادية ت 796 فكانت ( تعظ النساء وتعلمهن الخير ) أي أنه قام بمهام دينية مع وظيفته الاجتماعية ، وقد بنت ذلك الرباط بنت الظاهر بيبرس، ( وصار كالمودع للنساء الأرامل ) . 3 ــ وقد سبق ذكر إيواء بعض المحتاجين مع النساء الأرامل في الزوايا ، وكانوا من الأيتام أو المُعاقين ، فالشعراني افتخر بان في زاويته نحو ثلاثين شخصا من العميان يرعاهم ) وقيل في ترجمة شهاب الدين السويداوى ت 804 ، أنه أُصيب فى آخر عمره بالعمى ، ( فانقطع بزاوية الست زينب خارج باب النصر ) أي انه وجد في الزاوية مأوى له حين أصابه العمى على كبر . وقيل في ترجمة المجاصى ت 802 انه مات بالقاهرة وقد ناهز الثمانين ، وكان حينئذ صوفيا فى خانقاة سعيد السعداء ، وقبلها كان يطوف البلاد ويتكسب بالشعر ) أي أنه لما علا سنّه آوى إلى الخانقاه حتى مات فيها ، وان أشهر الخوانق في العصر المملوكي وقبله الأيوبي (خانقاه سعيد السعداء) قدمت خدمات لأولئك المحتاجين . وقد افتخر الشعراني بكثرة إيوائه ( الأيتام والعميان والعجزة والعرجان وسائر من به عاهه) وأنه يشفق عليهم حتى انه يتمنى لو كان المجاورين كلهم من أولئك ) . وسبق قيامه بتزويج بعض المجاورين في زاويته واصطحابه لهم معه في الحج على نفقته ) أي ان زاويته علاوة على الضيافة قدمت خدمات إنسانية ودينية للمجاورين فيها.. خـــدمـــات اجتماعية متفرقـــة :ـــ 1 ــ قام بعضهم بخدمات اجتماعية احتسابا كالشيخ فتح الأسمر 695 الذي كان يسقى الناس في دمياط وفي الأسواق من غير ان يأخذ شيئا مع ملازمة الصلاة في المسجد مع الجماعة، وكان لا يرى الا وقت الصلاة ، واذا سلم الإمام عاد الى انعكافه ، واستمر على ذلك الى ان توفى ) . ونحو ذلك ما ذكره الشعراني عن الخواص الذي كان يكثر من ملء الماء لقعاوى الكلاب وحيضان الخلاء ، والشيخ احمد الهنيدي في امبابة الذى (كان لا يمل من حفر الآبار وسقى الماء الى الأسقية ، تارة يحمله في يده وتارة على حمارته) والشيخ نور الدين الشعراني جد الشيخ الشعراني الذى ( كان يملأ كل يوم أسبلة الجامع للزاوية مع حيضان الخلاء ) ... 2 ــ وقد شارك الصوفية في الاحتفالات بكسوة الكعبة التي كانت تقام سنويا بالمحمل . ويقول المقريزي فى أحداث سنة 661 ( عملت كسوة الكعبة ــ في عهد الظاهر ــ وحملت على البغال وطيف بها القاهرة ومصر وركب معها الخواص وأرباب الدولة والقضاة والفقهاء والقراء والصوفية والخطباء وسافرت الى مكة ) 3 ــ ودور الصوفية كان يظهر في الأزمات خاصة فى حوادث القتل فى الفتن . وعندما قتل الأشرف خليل الأمير طرنطاي سنة 689 القيت جثته في القرافة الى جانب زاوية الشيخ ابي السعود ، فغسله الشيخ عمر السعودي شيخ الزاوية وكفنه من ماله ودفنه خارج الزاوية ليلا ) . وتكرر ذلك في مقتل الملك الناصر بن قايتباي سنة 904 ، فألقيت جثته على الأرض وظلت كذلك على أن حملها بعض اتباع شيخ الطالبية وواروه في جامع هناك ) وفي جنازة الخليفة الحاكم أول خليفة يموت بالقاهرة سنة 701 سير الأمير سلار نائب السلطة المشايخ والصوفية وأرباب الخوانق والزوايا بمصر، وتولى غسله وتكفينه شيخ الشيوخ بخانقاه سعيد السعداء ) . 4 ــ وكان لهم دورهم في المصائب العامة كالطواعين وانخفاض النيل وذلك بالاستغفار والتضرع لله ، وفي طاعون 833 أشار صوفي عجمي على السلطان برسباي باختيار أربعين شريفا اسم كل منهم محمد، وتجمعوا في الجامع الأزهر فقرأوا القرآن وقت صلاة الجمعة ثم قاموا والناس على أرجلهم فدعوا الله تعالى ــ وقد غصّ الجامع بالناس، فلم يزالو يدعون حتى وقت العصر، فصعدوا إلى سطح الجامع ، واذنوا جميعا ، ثم نزلوا وصلوا بالناس العصر وانفضوا ). وفي مجاعة سنة 854 خرج قاضي القضاة شرف الدين المناوي على الصحراء ماشيا ومعه الفقراء والصوفية وكثر الدعاء والابتهال وفعل ذلك بسائر الجوامع للاستسقاء ) .. وقبلها في مجاعة سنة 777 خرج القضاة بالصوفية والناس إلى رباط الآثار النبوية وقرأوا القرآن وتضرعوا ، وكان معهم المقريزي..( السلوك : 3 / 1 / 218 : 219 ) الأمــــر بالمعــــروف والنهـــي عـن المنـكـــــر :ـــ 1 ـ أرسى التصوف ( عدم الاعتراض ) نقيضا للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، وسنعرض لذك فى موضوع ( القيم الاجتماعية ) التى نشرها التصوف فى المجتمع المصرى . وقد تمرد بعض المتصوفة السنيين على قاعدة عدم الاعتراض وعدم الإنكار ، فقاموا ينكرون على انحرافات عصرهم باليد وباللسان ، وكان منهم الشيخ عبد الغفار بن نوح الذى قال عنه الأدفوى فى ( الطالع السعيد : 171 ) :(كان فيه إنكار لكثير من المنكرات وأمر بمعروف) ، وهو المتهم في حرق الكنائس المصرية ، أى تطرف فى إنكاره الى درجة حرق الكنائس المصرية كلها ما عدا الكنيسة المعلقة إنتقاما من السلطة المملوكية التى أفشلت حركة البدوى السرية التى كانت تسع لقلب نظام الحكم وارجاع الخلافة الشيعية لمصر . ومعروف إنتماء عبد الغفار بن نوح للتصوف الشيعى وكونه من الجماعة السرية للحركة الشيعية المتسترة بالتصوف بزعامة أحمد البدوى . وشرحنا ذلك فى كتاب ( السيد البدوى بين الحقيقة والخرافة ). وقيل في ابن مصلح المنزلاوي ت 873 : (وكان على قدر عظيم من الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ) ( الضوء اللامع : 2 / 211 ). وقد سبق ذكر الأمور التي قامت بها زاويته في إكرام الضيوف مما يدل على أن شخصيته كانت إيجابية في نواح كثيرة.... 2 ـ وفي القرن التاسع ذكر المؤرخ ابو المحاسن جهدا عمليا في حرب المنكرات للشيخ سليم ابن عبد الرحمن الذي استغل مكانته لدي الأشرف برسباي استغلالا إيجابيا فكان (شديدا في أمر الله ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، وكان اذا سمع بمكان منكر جمع فقراءه وتوجه إليه بالسلاح والمطارق يدخل من غير إذن هجما ، ويكسر ما وجده من الخمور، وإن منعه احد قاتلهم بمن معه ، ومع هذا كان لا ينتهي عن ذلك مدة حياته ) أي إستغل مكانته لدى السلطان فى إزالة المنكر بالعنف والقتال . انه أضاع حياته في هدم ما تركه أخرون ينمو ويستشري من عدم الاعتراض وعلى طريقه سار الفاقوسي البلبيسي 862ت في بلبيس حسبما يروى السخاوى فى ( الضوء اللامع ) وقد وصفه بأنه كان خيّرا ساكنا معتقدا ببلده لمثابرته على أنواع العبادة محافظا على الأوراد وقراءة القرآن ، وما لبث أن ثار فى بلده بلبيس فلم فيها موطنا يُتجاهر فيه بالزنا ،وأكثر من إراقة الخمور. ) . ويذكر الشعراني بالخير انه مع دعوته الكثيرة لعدم الاعتراض التي سنتعرض لها ــ لم ينس مهلة إزالة المنكر فعرض لها بالتخصيص دون التعميم كقوله (اخذت علينا العهود ان نُشدد فى إزالة المنكرات المجمع على تحريمها، اكثر من المختلف في تحريمها ) ومع ذلك الاحتراز فقد ناقض نفسه كما سيتضح في دوره في الدعوة لعدم الاعتراض .. الســـعـــي في المـصـــالـح :ـــ 1 ــ تفرع عن جهد الصوفية السياسي في الشفاعة أن قام بعضهم بالسعي في مصالح الناس مثل الشيخ منتصر الكنانى ت 734 ، الذي ( بذل نفسه وماله وجاهه فى حوائج الناس ، مشفقا عليهم ، ومسافرا الأيام الكثيرة في مصالحهم) ووصف مع ذلك باتباع السنة وصحة الاعتقاد والسلامة من البدع ، وانه ( لا ينقطع عن صلاة الخمس في جماعة إلا لضرورة ، ويزور المرضى ويشيع الجنائز ويودع المسافر ) . وأكثر الشيخ مجد الدين الأقصري ت 740 من الشفاعات عند كريم الدين عبد الكريم حتى اضجره ، فسأله أن يخفف من ذلك، فقال له الشيخ الأقصرى : لا يسعنى ان أرد أحدا ، ولكننى انا أسألك فان منعت منعت من منعه الله وان اعطيته فمن فضل الله ) . واستخدم البعض مكانته لدي أولى الأمر في قضاء حوائج الناس مثل (الأمام المعتقد ابن جامع البحيري 850) الذي ( كان شيخا جميل الطريقة مهتما بقضاء حوائج الناس ولأرباب الدولة والأكابر فيه اعتقاد كبير ومحبة ) واشتهر بعض الصوفية الأعاجم في هذا الميدان مثل حسن الجواليقي القلندري 722 (وكان دأبه السعي في الصالحات والسفارة في حق الغائبين واستطلاق الأرزاق لهم وللحاضرين حتى عرف بالخير والمروءة والفتوة ) (ونفع خلقا كثيرا بجاهه ) . ووصف تاج الدين الذاكرت 922 بكثرة الشفاعات وشدة الاهتمام بقضاء الحوائج ) وكان لوالد الشعراني (توجه صادق في حوائج الناس ويشهد بينهم ويحسب ويكتب محتسبا في ذلك ) .إلا ان بعض المصادر الصوفية بالغت في ذلك مع وجود أرضية صحيحة ــ ونقلت المصادر التاريخية التالية تلك المبالغات كما قيل عن محمد الشناوى 912 . قال عنه الشعراني (أقامه الله في قضاء حوائج الناس ليلا ونهارا ) ونقل ذلك الغزى بحروفه ) فكيف يتأتى هذا مع انشغاله المستمر بتعليم الناس الذكر حتى اشغل الغربية به على حد قول الشعراني نفسه ؟ وقد شهد العصر المملوكي نماذج طيبة للصوفية تفاعلوا إيجابيا فى مجتمعهم، وأثمر ذلك ذكرا حسنا في المصادر التاريخية ، كما قيل عن ناصر الدين الطوسي 793 من انه تربى بين صوفية الخانقاه الناصرية بسرياقوس (فلما بلغ سن التكليف داخل الناس وخدم اهل العلم وأعيان الناس وولى المباشرات الدينية مع التصوف بالخانقاه الصلاحية سعيد السعداء ) ووصف القاضي سعد الدين الدرديري بأنه باشر مشيخة الخانقاه المؤيدية بعد أبيه ، فانتفع به الناس في الفتاوى والمواعيد والاشتغال مع طلاقة اللسان وكثرة البشر وامن الجانب وفرط للتواضع مع الوفاء والمهابة والديانة والصيانة ) ) وخالق عبد الرحمن التفهني الناس بخلق حسن مع الصيانة والافضال والانكباب على العلم والتصوف ، وحلف مره انه لم يرتش قط في الحكم ، وقد ولى قضاء الحنفية ، وكان من تلاميذ الخانقاه الشيخونية ) . ومع التزام بعضهم بعدم التردد للأكابر والاعتكاف مثل الشيخ بدر الدين الاصبهاني 873 ــ فإنه وصف أيضا بحسن السيرة والعفة والسخاء والتواضع وملازمة العبادة ) أي لم يتخذ من العزلة طريقا وانتفاعا وشهرة ... ووصف الشاذلي بكثرة السعي في المصالح حتى قال فيه ابن دقيق العيد ( جهل ولاة الأمور بقدر الشيخ أبي الحسن الشاذلي بكثرة تردده إليهم في الشفاعات ) حسبما يروى ابن عطاء تلميذ الشاذلى ، ولكن من حقنا أن نتشكك فى هذه الرواية لأن أبا العباس المرسي خليفة الشاذلى لم يكن يسعى للناس فى قضاء مصالحهم ، وكان يقول للسائل : أنا اطلب لك ذلك من الله تعالى ، وكان يتحايل في التهرب من لقاء الرؤساء ) وتأثرت بذلك الطريقة الشاذلية فأصبح الاعراض عن الخلق من اهم تعليمات الشاذلية ) الـتــســــــلــيــة :ـــ وقد اتخذت بعض المؤسسات الصوفية منتزها للسلاطين والأمراء مثل تربة وبيت وخانقاه سرياقوس التي اعتاد البعض الركوب إليها ، هذا عدا حفلات السماع التي اعتاد بعض الصوفية اقامتها للكبراء ) وسبق الحديث عنها ..وقد عد الشعراني من المنن انه لا يقول للمداح الذي ينشد (اسمعنا شيئا بحضرة ذلك الأمير، الا بنية صالحة) وقال (وهذا يحصل كثير من المتمشيخين اذا زارهم الأمراء ) ...
#أحمد_صبحى_منصور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
القاموس القرآنى : (يمترون ) ( تمترون ) و( ممترين )
-
علاقة الصوفية بطوائف المجتمع المصرى المملوكى
-
الوباء السلفى فى الجزائر : ردا على رسالتين من المرضى بالسلفي
...
-
أثر التصوف في الفنون المعمارية والزخارف المملوكية
-
أثر التصوف فى المغنى والغناء لغير الصوفية
-
أثر التصوف في الموسيقى فى العصر المملوكى
-
أثر التصوف في الشعر في العصر المملوكي :
-
أثر التصوف فى الأدب المملوكي : فى النثر والقصّة
-
القاموس القرآنى : ( وَيْلٌ )
-
تربية الأطفال فى المؤسسات الصوفية فى مصر المملوكية
-
اثر التصوف فى المكتبات المملوكية
-
شيوخ الصوفية والتعليم المملوكى
-
أثر التصوف فى الحركة التعليمية : التعليم ومؤسسات الصوفية
-
طائفة من ( الأحاديث) الصوفية فى العصر المملوكي
-
وصيتى للأحبّة أهل القرآن
-
تقديس البخارى فى العصر المملوكى : نقد حديث ( من عادى لى وليا
...
-
الصوفية و تزييف ( الحديث ) فى العصر المملوكى
-
أثر التصوف فى (التفسير) في العصر المملوكي :
-
أثر التصوف فى الاتجاهات ( العلمية ) فى العصر المملوكى
-
أثر التصوف فى تدهور المستوى العلمى فى العصر المملوكى
المزيد.....
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|