أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فادي كمال يوسف - حوارات زمن الشسمة














المزيد.....

حوارات زمن الشسمة


فادي كمال يوسف

الحوار المتمدن-العدد: 4890 - 2015 / 8 / 8 - 02:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


حوارات زمن الشسمه ...
فادي كمال يوسف
"الشسمة" ...
فرانكشتاين في بغداد، رواية للكاتب العراقي احمد سعداوي، حازت على المرتبة الأولى في جائزة البوكر العربية علم 2014، بطلها كائن خرافي خلقه المؤلف واطلق علية اسم "الشسمة"، قد يكون استنساخ لفرانكشتاين شكليا، ولكن اختلافه كان تميزه عراقيا روحيا وعاطفيا.
"الشسمة"يصوره الكاتب حاملا الم وجروح شعبه، في زمن غريب كغرابة هذا الكائن، فالمساكين الذين عانوا من الم حرب الثمان سنوات، وبعدها أعوام الحصار العجاف، لم يتخيلوا ان تكون مأساتهم في زمن ما بعد سقوط الطاغية، بهذا الشكل المرعب والدامي.
سعداوي، استطاع بروايته ان يلمس هذا الجرح، فيجسده كائن لا بشري، يذهب ويأتي، يتكلم ويتألم، يبحث عن العدالة في زمن الفوضى.
"الشسمة"، الذي جمعت أجزائه من ضحايا التفجيرات الإرهابية التي ضربت بغداد الحزينة، ينتفظ، بعد ان لبسته روح لضحية اخرى فقدت جسدها في إحدى مجازر العاصمة اليومية، يقرر بذاته ان يحقق العدالة، ولكن على طريقته وتصوره، فتدب الحياة من جديد في تلك الروح الضائعة وذلك الجسد المتلاشي، الذي تجمعهما خيوط اللامنطقية، ليبدأ "الشسمة" خطته الجدية لتحقيق ما يصبوا له.
ان حالة اليأس التي يعاني منها المجتمع في توافر اي بادرة أمل لإيقاف نزيف الدم العشوائي والغير مبرر والمستمر يوميا، أضف إلى ذلك الكم الهائل من خليط مشاكل الفشل المتراكمة، وحالة الإحباط التي تحولت الى زي موحد ارتداه الجميع، تجعل المجتمع يتشبث بأي وهم يخرجه من النفق الطويل حالك الظلام، ويحقق لهم العدالة المرجوه.
فلا نستغرب ان كان العراقيين يمنون النفس بان تكون الرواية حقيقية، يستيقظون صباحا، ويجدون انفسهم في زمن "الشسمة"، فيسكب ماءا باردا على صدور الثكالى نساءا ورجالا، ويحقق الحلم بالانتقام من مجرمي العصر، دون انتظار مرافعات ومحاكمات وقضاء، فحجم المأساة تفوق نظريات العدالة المؤجلة أو الملغية من صفحات ادبيات "الشسمة".
تنبه وإشارة وتحذير، بأننا بتنا اقرب من كل وقت الى هذا الزمن، والذي نعيش صراعه في أعماق أعماقنا، فنحن نبحث عنه وننتظره، ولكن في الوقت ذاته لن نرحب به.
فنحن نخشى ان ينقلب هذا الثائر على الفاسدين والمجرمين والمنتفعين والقتلة الإرهابيين، الى صنم أخر، فيبدأ بخط قانونه ودستوره المرعب، القائم على القتل والانتقام، وحب الذات والأنانية، والسلطة المطلقة، وحب المال وعبادة الفرد، ونعود الى زمن ولى، فنفرح ونهلل بانتصارات "الشسمة" في ثورته المجيدة، فثقتنا بالمجهول قد تحمل قصصا مرعبة، رغم ان المجهول قد يكون اكثر رحمة من هذة اللحظات.
فرانكشتاين في بغداد، تطرح، بعيدا عن إسقاطات الواقع، حلا لا منطقيا لازمة نعيش احداثها يوميا، نجسد نحن أبطالها وشخوصها، فتعاضم الجروح وقسوتها تعبر بنا الى ضفة اخرى من اللاواقعية في البحث عن حلول حقيقية لهذة الدرامة اللامتناهية.
الأزمات التي خرجت من اجلها التظاهرات الصاخبة خلال الايام الفائتة، قد لا تنتج حلا فوريا للمعاناة، والتركيبة المعقدة التي خلقتها الأخطاء المتراكمة لطبقة سياسية أفسدت بجشعها الكعكة العراقية، فحولتها الى سفينة غارقة يحاول المتخمون القفز منها بأسرع وقت، أما البحث عن الحلول الحقيقة، فقد غدت حلقة مفرغة يدور في فلكها الجميع.
ان إفساد الأمة خلال عقود من الزمان، واستمرار هذا الافساد الى اليوم، سيجعل عملية الإصلاح صعبة لن تتم بتغيير الشخوص والقيادات، بل بمراجعة فكرية شاملة لاساليب كانت خاطئة في بناء المجتمع والدولة، ومحاولة تغيرها بقراءة واقعية لازمتنا الحالية وتحديد مكامن الفشل، ثم الشروع في مصالحة تامة مع الذات، تعقبها انطلاقة حقيقية جادة وصادقة.
اليوم، نحن لسنا بحاجة الى "الشسمة" الذي يحمل عصا سحرية لإعادة الحق بقوته وجبروته، بل الى مؤسسة نقية غير ملوثة بالفساد والطائفية والأنانية والتسلط، تقود المجتمع الى الطريق القويم وتطلق عجلة الإصلاح.



#فادي_كمال_يوسف (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دولة الملاهي وأمراء الحرب
- جمهورية الملك


المزيد.....




- ماذا نعرف عن صاروخ -أوريشنيك- الذي استخدمته روسيا لأول مرة ف ...
- زنازين في الطريق إلى القصر الرئاسي بالسنغال
- -خطوة مهمة-.. بايدن يشيد باتفاق كوب29
- الأمن الأردني يعلن مقتل مطلق النار في منطقة الرابية بعمان
- ارتفاع ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان وإطلاق مسيّرة بات ...
- إغلاق الطرق المؤدية للسفارة الإسرائيلية بعمّان بعد إطلاق نار ...
- قمة المناخ -كوب29-.. اتفاق بـ 300 مليار دولار وسط انتقادات
- دوي طلقات قرب سفارة إسرائيل في عمان.. والأمن الأردني يطوق مح ...
- كوب 29.. التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداع ...
- -كوب 29-.. تخصيص 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة لمواجهة ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فادي كمال يوسف - حوارات زمن الشسمة