مرض الفوضى يصيب العلم

مهند نهاد الريكاني

الحوار المتمدن-العدد: 4888 - 2015 / 8 / 6 - 14:14
المحور: الطب , والعلوم
    

الى وقت قريب كان علم الفيزياء الكلاسيكي يسير بهدوء ...
والعلماء الملاحدة مرتاحي البال قد افضوا بما عندهم ..
مضت 4 قرون و علماء الفيزياء يضعون القوانين التي تعكس ترابطا متكاملا بين مفهومي السبب والنتيجة..
عام 1960.. Lorenz (عالم الطقس) انشأ مجموعة او سلسلة معادلات للتنبوء بالطقس على الحاسوب .. وعندما اراد في عام 1961 ان يختبر هذه السلسلة استنادا الى العلم الكلاسيكي (المعطيات تقود للنتائج المتوقعه) حدث شيء غريب جدا!!
لاحظ انها قد تغيرت بشكل مختلف بدلا من تكرار نفس نتائج السلسلة .. والشيء الاغرب من هذا ان هذا التغير الضخم حدث بسبب عامل بسيط جدا وضئيله يمكن ان يهمل في الرياضيات والفيزياء التقليدية ولكنه ادى الى تغيرات ضخمه ... كان العلماء التقليديين السابقين لا يعيرون اهتماما بهذه الفروقات والارقام العشرية الضئيلة التي اصبحت تشكل بدايات التجارب .. هنا جلس Lorenz واخذ نفسا عميقا يحدق حولهُ مصابا بخيبة أمل وانتهى الى انه من المستحيل توقع الطقس بدقة ...
استنادا الى الفيزياء التقليدية ومفهوم السبب والنتيجة كان يعتقد انه يمكن وضع تنبؤ لاي نظام فيزياء بمعرفة الشروط الاولية للتوصل الي نتيجة حتمية ودقيقة .. ولكن مع اكتشاف Lorenz لـ chaos theory هزت هذه النظرية أركان الفيزياء الحتمية بشكل مخيف وحدث اضطراب علمي ..

ظن الملحدون انهم وصلوا الى مراحل متقدمة في فهم العالم مما يمكنهم من التنبؤ بصورة دقيقة ليلغوا به دور الله وفكرة مدبر الكون وجاءت اصغر الاشياء لتضرب فكرهم كما فعلت اصغر المخلوقات مع صحيفة قريش على الكعبة ... فبعد نظرية الـ chaos و butterfly effect اصاب الملحدون احباط بانهم بعيدين جدا عن فهم هذا العالم وبالتالي لايمكنهم السيطرة عليه والتنبؤ به والغاء دور الله .. ففكرة أن تضرب فراشه بجناحيها لتحدث تغييرا كبيرا في الطقس او احداث زوبعة شيء لا يمكن تخيله بعدما كانت هذه التأثيرات الضيئلة تهمل طيلة قرون مضت في الفيزياء الكلاسكية .. فاضطراب ضئيل جدا في مكان ما قد يؤدي الى كارثه في مكان اخر يجعل من عالمنا عالم غير متوقع ليصيب العلم بالاحباط .. هنا تواضع بعض الملحدين وجلس وادرك ان لاسبيل له ولا يمكنه تدبير الكون او باختصار انه ليس مركز هذا الكون.. هنا يأتي رب هذا الكون ليشير ويقول:- ( وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين ( 59 ) ) سورة الانعام .. نعم هو يعلمها لانه يعلم ان سقوط هذه الورقة تفضي الى تغيرات اخرى .. ان مفهوم هذا العالم عميق جدا اكبر من ان يحيط به مجموعه ملاحدة ..
اليوم خرجت هذه النظرية من اطار الرياضيات لتفتح ابواب اوسع للعلماء والابحاث بشكل هائل وتدخل الكثير من المجالات وتترتب عليها الكثير من النتائج وتضرب المذهب الحتمي لتجعل الامور ابعد عن التوقع ...
كان اكبر وابعد هدف للمذهب العلمي التجريبي القياسي هو الوصول لصيغة دقيقة يمكن من خلالها التنبؤ عن طريق معطيات معينة باستخدام التكنلوجيا ولكن مع الاسف ربما لن تكون مع الــ chaos ...

( وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) (85) الاسراء ..

#مهند_نهاد_الريكاني (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات