|
وقفة مع المصلح العظيم علي العلاق
محمد حسام الرشدي
الحوار المتمدن-العدد: 4888 - 2015 / 8 / 5 - 09:59
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في كلِّ مجتمعٍ يوجد بعض الشخصيات المهمة التي حفرت اسمها في ضمير الناس كمصلحين عملوا على تغيير الواقع وتحسينه واجتهدوا بكل ما يملكون من طاقاتٍ وفكر للسعي بمجتمعاتهم وأوطانهم نحو الأفضل. فغاندي مثلاً -والحديث هنا عن نموذج أعلى- كان اصلاحياً كبيراً، كذلك كان جمال الدين الأفغاني، ومارتن لوثر في ألمانيا، ومحمد أقبال في باكستان، وغيرهم الكثير من الأسماء التي لا يمكن لنا إلا أن نقدرها ونقف أمامها بكل احترام وتقدير.
أن تقديرنا واحترامنا للمصلحين نابع -برأيي- من سببين، فهم أولاً قد صنعوا فارقاً مهماً في مجتمعاتهم وكان لهم تأثير إيجابي كبير. وهم ثانياً دفعوا ثمن محاولاتهم الإصلاحية غالياً فكان أن فقد البعض منهم حياتهم -كغاندي مثلاً- أو ذاق ويلات السجن والتعذيب كنلسون مندلا، وقد عانوا -بشكل عام- من شظف العيش فعاش أغلبهم حياة الفقر والعوز.
أن ما دفعني للحديث عن الإصلاحيين لقاء للنائب عن دولة القانون علي العلاق في برنامج على قناة السومرية الفضائية، وكان مما جاء فيه أن "بعض الجهات العلمانية تحاول إسقاط الاسلاميين وتجربتهم الإصلاحية وتحميلهم كل الفشل الذي جرى في المرحلة السابقة”. ولأن العلاق شخصية مهمة -أصر في الانتخابات السابقة أن يكون تسلسله رقم واحد في قائمة دولة القانون في بابل لأنه -برأيه- أهم من فيها. أقول لأنه شخصية مهمة فقد فكرت أن أكتب بعض ما يدعم قوله الكريم.
مبدئياً، الصراع بين الإسلاميين والعلمانيين في العراق قديم، ومحاولة إسقاط كل تيار لمنافسهِ قديمة أيضاً، أحياناً بوسائل شريفة، وأحياناً بوسائل يعرفها علي العلاق جيداً.. ولكن ما استوقفني في هذا التصريح المهم -وغالباً ما تكون تصريحات العلاق مهمة- هو عبارة “وتجربتهم الإصلاحية” ولن نلتفت إلى ما جاء بعدها “ كل الفشل الذي جرى في المرحلة السابقة” فهنا سندخل في تناقض منطقي لا مجال لمناقشته هنا. الأفضل أن يكون حديثنا مقتصراً على التجربة الإصلاحية للإسلاميين في العراق مقتصرين على حزب الدعوة الإسلامي -حزب مصلحنا العظيم.
بعد سقوط الدكتاتورية في 2003، دخل الإسلام السياسي بقوة إلى العراق، وبعد محاولات عديدة نجح حزب الدعوة بالوصول إلى هرم السلطة في حكومة الجعفري أولاً، ثم حكومتي المالكي، وأخيراً حكومة العبادي، فكيف تحول العراق خلال هذهِ المدة إلى واحة خضراء في صحراء الشرق القاحلة؟! تسلم حزب الدعوة العراق كاملاً (18 محافظة) وهو الآن ببركات -التجربة الإصلاحية- 11 محافظة فقط، ولكن هذا ليس مهماً فالأهم الحفاظ على التجربة فبها ستعم البركة وقد نصير في يوم من الأيام 55 محافظة -لا أدري لماذا يذكرني الرقم (55) بالشيخ الإصلاحي خالد العطية. حول الوضع الأمني، نجحت التجربة الإصلاحية -ولأول مرة بالعالم- في أن تقلب المعادلة فجعلت الشعب يدافع عن الجيش -لا العكس كما هو معمول بهِ في الدول الفاشلة- لأن الإصلاحيين العظماء -بدهائهم وخبرتهم- لم يعملوا على بناء جيش نظامي قوي يحمي الشعب، وليس هذا عجزاً أو خللاً كم يتصور بعض العلمانيين الحمقى، وإنما كانت هذهِ خطة عبقرية لزيادة عدد الأيتام والأرامل، الذين سيكونون بوابتنا نحو الجنة فبتقديم العون والمساعدات لهم نكسب الآخرة بعد أن منحتنا التجربة الإصلاحية للسيد علي العلاق الدنيا بخيراتها.
يردد بعض المغرضين أن العراقيين ما زالوا بعد 12 عام التجربة الإصلاحية الإسلامية يعانون من نفس المشاكل: الكهرباء، الخدمات، البيروقراطية، الفساد الإداري والمالي رغم مليارات الدولارات المرصودة لحل هذهِ المشاكل. ولكن -لنكن منصفين- فسبب تردي الخدمات لم يكون بسبب خللٍ بالتجربة الإصلاحية لا سمح الله، وإنما بسبب استخدام الدولار في مشاريع إعادة الأعمار والبناء، والدولار -كما هو معروف- عملة علمانية كافرة، فما ذنب الإسلاميين هنا؟!
ألا يكفي أن من بركات التجربة الإصلاحية لحزب الدعوة الإسلامي ظهور طبقة غريبة من أصحاب الملايين لا يملكون أي مؤهل سوى أنهم أقارب لمسؤولين متنفذين، وهنا أرجو أن لا يساء فهم كلامي، فلا أقصد الحديث عن أبن أخت إصلاحينا المحترم، ولا جوقة النسباء والأقارب لزعيم الإصلاحيين نوري المالكي -معاذ الله أن أقصدهم.
من تجارب الإصلاحيين الإسلاميين تجربة “راهب حزب الدعوة” فلاح السوداني الذي تأمر عليه العلمانيين الكفار (لعنهم الله) وسرقوا أموالاً طائلة باسمه ثم اختطفوه ليسجنوه في فلة بأحد أحياء لندن تاركيه بين أنياب البؤس والفقر والعوز، ولأنه إصلاحي بالفطرة كصديقه علي العلاق فكر بطريقة يصلح فيها أحد الأندية الرياضية ولكن العلمانيين الإنكليز قبح الله وجوههم رفضوا منحه الفرصة ليقوم بدورهِ الإصلاحي، وكان رفضهم يستند إلى حجج واهية أسخف من أن نتطرق إليها، أخزاهم الله في الدنيا والأخرة.
وأخيراً.. هذهِ كانت لمحة سريعة عن التجربة الإصلاحية الإسلامية في العراق، وهي تجربة ناجحة بكل ما تحمله كلمة "النجاح" من معنى -في قاموس حزب الدعوة على الأقل.
#محمد_حسام_الرشدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المثقف الطائفي
-
جذور الثقافة الداعشية
-
هروب المثقف في العراق
-
عبد الباقي العمري أيقونة الموصل
-
هذيان عراقي
-
المُغيبون
-
وداعاً يا غابيتو
-
بعد عشرة سنواتٍ من الفشل الدولة المدنية هي البديل
-
الإسلاميين والعلمانيين ومستقبل العراق السياسي
-
فاوست يبيع نفسه من جديد..
-
يوتيوبيا حمودي
-
الغريب: نبيٌ وملعون
المزيد.....
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الثاني
-
الجنة الدولية للصليب الاحمر في خانيونس تتسلم الاسير الاسرائي
...
-
إطلاق نار على قوات إسرائيلية في سوريا وجبهة المقاومة الإسلام
...
-
تردد قناة طيور الجنة الجديد بجودة HD على جميع الأقمار الصناع
...
-
بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران
...
-
40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
-
حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق
...
-
أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|